بترايوس بـ”دماغ سعودي”:أنا مصلاوي وكنت أكبر شيوخ الموصل..وميليشيات الشيعة أنقذت بغداد لكنها أخطر من داعش!

الجنرال الأميركي في أول حوار يجريه مع صحيفة عربية: الأمير محمد بن نايف قضى على «القاعدة» في السعودية.. والأمير محمد بن سلمان حمى حدودها بالغارات الجوية

أكد الجنرال ديفيد بترايوس قائد القيادة الأميركية المركزية، السابق، في حوار مطول خص به «الشرق الأوسط»، أن دول التحالف لن تنشر قوات أجنبية، لا في العراق ولا في سوريا، قائلا «إنها مهمة العراقيين»، ودعا إلى ضرورة تشكيل قوات عربية سنّية على الأرض في سوريا.

وقال الجنرال بترايوس في حواره مع «الشرق الأوسط» إنه لا مكان في العالم لتنظيم داعش المتطرف، مؤكدا أن لا بشار الأسد (الرئيس السوري) ولا «داعش» يمكن أن يكونا جزءا من الحل في سوريا. وأكد وجود مستشارين من قوات «فيلق القدس» الإيراني في اليمن مشيرا إلى أن «إيران تريد تحويل الهلال الشيعي إلى نصف القمر بهدف السيطرة على المنطقة».

Advertisements
Advertisements

ورأى إيجابيات في الاتفاق النووي «المتوقع مع إيران، لكن تساءل ماذا سيحصل بعد فترة 10 أو 15 سنة خصوصا أن إيران بين ثلاث دول تعتبرها أميركا داعمة للإرهاب. وأبدى تفاؤلا ملحوظا بالقوة العربية المشتركة، ورأى أن العدو المشترك دفع كل دول مجلس التعاون الخليجي لدعم المملكة العربية السعودية، وكذلك فعلت مصر التي أثنى على رئيسها عبد الفتاح السيسي وعلى جيشها، كما أثنى على الجيش اللبناني الذي قال إنه تابع مواجهته للإرهابيين في معارك «نهر البارد» ولا يزال يتابع عملياته حتى الآن. ورأى أنه من حق السعودية المحافظة على حصتها في سوق النفط وتجنب فقدان زبائنها.

وتذكر بترايوس سنواته في العراق. ويقول: «كنا شيوخ أكبر قبيلة هناك». وأثنى على الجيش العراقي الذي دافع عن بلاده بشراسة، لكن القادة خذلوه.

وقال إنه وافق على إجراء هذه المقابلة المطولة لأهمية صحيفة العرب الدولية «الشرق الأوسط» وبسبب احترامه للمنطقة واهتمامه بها. وفي كل نقاط الحوار كان يشدد على وحدة العراق.. وقال «من يستطيع أن يقسّم ديالى أو الموصل أو بغداد حيث الاختلاط المذهبي أقوى من (القاعدة) و(داعش) و(الميليشيات الشيعية)». وعن هذه يعترف الجنرال بترايوس بأنها أنقذت بغداد، لكنها في المستقبل ستكون أخطر من «داعش» على وحدة العراق، إذا لم تعترف بالحكومة العراقية التي يجب أن تكون الكلمة الأخيرة لها.
استقبلني الجنرال بترايوس بقوله باللغة العربية: «أنا من بلاد الرافدين»، أسأله هل فعلا تعتبر نفسك من هناك؟.. يجيب: «نعم أنا من بلاد ما بين النهرين».
وهنا أجزاء من الحوار
 عندما غادرت بلاد ما بين النهرين، هل تركت جيشا مع إرادة للقتال؟ إذا كان ذلك صحيحًا فما الذي غيّر الوضع في العراق منذ «الصحوة»؟

– الجيش وقوات الأمن العراقية قاتلوا وماتوا من أجل بلادهم بأعداد كبيرة جدا خلال «الصحوة» وفي السنوات التي تلت، وبالتأكيد طوال السنين التي كنا فيها هناك ويستمرون بهذه المهمة.

لكن، منذ نهاية 2011 وحتى هجوم «داعش» العام الماضي، فإن الجيش لم يواصل تدريباته، بل صار يقف على نقاط التفتيش. القادة الذين أثبتوا أنفسهم خلال المعارك، حل محلهم وفي حالات كثيرة، موالون من مذهب محدد، كنت أنا شخصيا طردتهم خلال «الصحوة» قبل أن نقدم المساعدات العسكرية.

* من أبعد القادة؟

Advertisements

– الحكومة العراقية وسلسلة القيادة، ثم إن العرب السنّة الذين كانوا عادوا جزءًا من نسيج المجتمع خلال الصحوة وظلوا فاعلين أصيبوا بصدمة بعد أحداث أواخر عام 2011 و2012 عندما صدرت اتهامات كبيرة ضد شخصيات سنّية بارزة مثل نائب الرئيس طارق الهاشمي، وضد رافع العيساوي وزير المالية والنائب السابق لرئيس الحكومة نوري المالكي خلال «الصحوة».

* هل يمكننا القول إن كل تلك الاتهامات كانت من اختراع نوري المالكي؟

– ما أستطيع أن أؤكده، أننا راجعنا كل وثائقنا، ولم نجد شيئا يطال الدكتور رافع العيساوي، أما عن الآخرين فلا أستطيع أن أتكلم عن التفاصيل الأمنية وكانت كثيرة ربما قاموا بعمليات أمنية خلال تلك الفترة المضطربة هم وآخرون، قبل أن نحقق تقدمًا في «الصحوة».

Advertisements

كما تذكرين، إن «الصحوة» خففت العنف في العراق بنسبة 85 في المائة، ولاحقا أكثر. كان الهدف الرئيسي إعادة توحيد البلاد، وبالذات إعادة العرب السنّة إلى نسيج المجتمع العراقي، وإعطائهم الأسباب لدعم العراق والحكومة العراقية. أحب أن أشير إلى أننا لم نشترهم، احتجنا لستة أشهر من التفكير حول كيفية إعادة إدخالهم ومكافأتهم أيضا، بعد ذلك تسلمت الحكومة العراقية المسؤولية وتحطمت كل الوعود، لذلك كان هناك لدى الفئات السنّية شعور بالتهميش والخيانة خصوصا أنهم قاتلوا «القاعدة» في العراق، وقاتلوا المتمردين السنّة، غامروا بحياتهم، مات الكثير منهم ليكتشفوا أن الحكومة العراقية ليست مستعدة لدعمهم. وما حصل بحق السنّة، أدى إلى تهيئة أرض خصبة لنمو التطرف والتمرد من جديد. بعدها تنظيم القاعدة في العراق الذي كان تم تدميره في السنوات السابقة، اتجه نحو سوريا، استغل الحرب الأهلية ضد بشار الأسد، واستعاد قوة جديدة، صادر أسلحة جديدة ومعدات ووجد مصادر تمويل عبر تهريب النفط، والخطف والعمليات الإجرامية وفرض الخوّات والضرائب، ومن ثم عاد إلى العراق أولا إلى محافظة الأنبار وبعدها توجه نحو محافظة نينوى وعاصمتها الموصل.

* كيف تهاوى الجيش العراقي في الموصل، هل لأنه لم يتلق الأوامر من القادة أم لأن القادة عجزوا عن ذلك؟

Advertisements

– في بعض الحالات، هرب القادة قبل أفراد الجيش. الجنود العراقيون سيقاتلون ومستعدون للموت من أجل بلادهم، إنما يجب أن يشعروا بأن قيادتهم ستكون معهم، وأنه في حالات ما ستأتيهم الإمدادات، وأن حماية جوية متوفرة لهم، هم بحاجة إلى الشعور بأن ظهورهم محمية.

إذا رأيت قائدك يخرج من الباب الخلفي وأنت مستمر في القتال من دون أوامر، وليس هناك من وسيلة للإنقاذ ولم تتدرب منذ أكثر من ثلاث سنوات، للأسف سينهار كل شيء ولن يكون هذا مفاجئًا.

هل تعرفين أن الجنود في الرمادي، قاتلوا بشدة، «الفرقة الذهبية» و«الفرق الخاصة» كانوا هناك لأكثر من شهر يقاتلون ببسالة، لكنهم اضطروا للانسحاب. لم ينهاروا، تركوا أسلحة نعم، لكن عرفوا أن لا خطة هناك لإعادة تنظيمهم.

عندما نواجه وضعا مثل هذا، يذكرنا أن العدو له دور. تذكري «داعش» كان بحالة الدفاع عن النفس، «أبعد عن الجدار حول بغداد، وعن محافظتي ديالى وصلاح الدين». لكن، لا يزال «داعش» يتمتع بقدرة عالية. أرسل مجموعات كبيرة من السيارات المفخخة، ولا يوجد جيش في العالم كله قادر على مواجهة هذه الموجة، إلا إذا كان يدرك أن قوة أخرى تتحرك لإنقاذه.

* هذا يعني أنك لا تزال تعتقد بالجيش العراقي، وليس بأن «الميليشيات الشيعية» ستتحول إلى الحرس الثوري العراقي؟

– أعتقد أنه من الواجب من أجل وحدة العراق ووحدة أراضيه، أن أي قوات أخرى، «الميليشيات الشيعية»، أو «الحرس الوطني السنّي»، أو الجيش العراقي، أو قوات الأمن العراقية، أو حرس الحدود، يجب أن تكون مرجعيتها الحكومة العراقية، ورئيس الوزراء العراقي المنتخب هو القائد الأعلى للجيش ومعه وزراء الدفاع والداخلية وهيئة القيادة.

«الميليشيات الشيعية» أنقذت بغداد ويجب الاعتراف لها بذلك، لكن القوة التي تحافظ على منطقة تم تطهيرها من «داعش» يجب أن تكون شرعية بنظر الناس، وأظن أن «الميليشيات الشيعية» تعرف أن أبناء الرمادي والموصل لن يرحبوا بها.

* عندما قال الرئيس باراك أوباما إنه ليس لديه استراتيجية للتغلب على «داعش» هل كان يلوم المؤسسة العسكرية لأنها لا تتجاوب معه، أم لأنه شعر بأن المؤسسة ليست في جو الحرب؟

– أعتقد أنه كان يقصد أن هناك قطعا إضافية تحتاجها الاستراتيجية، حيث أعلن فورًا أنه سيرسل 450 جنديا، وهناك تقارير أنه يدرس رفع العدد.

* لكن كما يقال، صار من الصعب إعادة النسيج العراقي، أو السوري، كما كانا في السابق. وهناك نظريات وأقاويل في العالم العربي أن كل الحدود المعروفة والمعترف بها ستتغير، وبعض الدول مثل العراق وسوريا سوف تتقسم وكأنه سيكون هناك مكان لقيام «داعش»، هل توافق على أي شيء من هذا؟

– إطلاقا. لا مكان في العالم العربي، أو في أي عالم لـ«داعش». إنها منظمة متطرفة، لا تقبل الآخرين الذين لا يرون العالم حسب وجهة نظرها، حتى من المسلمين. هذا ليس صراع حضارات، إنه صراع ضمن حضارة، وهناك صراع داخل العالم السنّي، وبكل تأكيد هناك اختلافات في العالم الشيعي، وبالطبع هناك اختلافات عرقية ومذهبية. وكما قلت مع بداية «الصحوة» عندما توليت قيادة العراق: الأمل ليس من دون أمل. وسيادة الأرض يمكن المحافظة عليها، إذا نجحت السياسة العراقية في تجميع العراق كدولة واحدة، تماما كما حصل خلال «الصحوة» واستمرت على هذا المنوال لسنوات بعد ذلك.

بالمناسبة إلى الذين يقولون إنه يجب تقسيم العراق، أسأل: أين سترسمون الحدود على الخريطة، ومن هو الذي سيفعل ذلك؟ ماذا سيحل بملايين العراقيين في المناطق المجاورة. ماذا سيحل بمحافظة ديالى مثلاً التي هي منقسمة بالتساوي تقريبا ما بين السنّة والشيعة وبعض الأكراد. ماذا سيحصل في بعض مناطق بغداد التي لا تزال متداخلة رغم كل التهجير العرقي من قبل «القاعدة» و«الميليشيات الشيعية». من الواضح أن «الميليشيات الشيعية» مع الوقت عليها أن تلبي الحكومة، ويجب جلبها إلى داخل هيكلية الدولة، لأن الحكومة العراقية يجب أن تحتكر وحدها استعمال القوة داخل حدودها.

Advertisements

* عندما سقطت الرمادي أخيرا، لم تسمح الحكومة للسنّة بالدخول إلى بغداد، ظلوا عالقين على الجسر قبل إرسالهم إلى كردستان. هذا يشعرنا بأن هناك نوعا من الكراهية ما بين السنّة والشيعة؟

– أعتقد أن الأمر كان مقلقًا، ومن حق العراقيين أن يشعروا بالقلق، كان هناك توضيح من الحكومة العراقية بأنهم متخوفون من وجود عناصر من «داعش» معهم.

* كانوا عجائز وأطفالا ونساء؟

– هذا صحيح، ويجب على الحكومة العراقية أن تعالج هذا وكذلك التحالف، لأن سقوط الرمادي كان ضربة استراتيجية مميزة. عمليًا العراق خسر مقر مقاطعة محافظة الأنبار، وخسر أيضا القاعدة العسكرية حيث مقر القيادة العسكرية للأنبار. إنها خسارة استراتيجية من حجم كبير، لأن السرد الذي كان سائدًا بأن «داعش» يتراجع ويخسر ولم يعد يحقق نجاحات، تشوه وظهر سطحيًا، ولذلك فإن كل الجهود يجب أن تنصب على إبعاد «داعش»، والعراقيون يفعلون ذلك، نشروا قوات، أظن بأنهم سيحيدون الفالوجة أولاً، لقد تحركوا من السامراء نزولاً باتجاه الجنوب الغربي لبحيرة «الثرثار» يجب أن تبذل الجهود لاعتقال أو قتل الإرهابيين الموجودين ضمن خلايا في المدن ويفجرون سيارات في بغداد والمدن الأخرى.

* هل يعني أنك تشجع أولاً على تحرير الأنبار قبل الموصل لأنها استراتيجيًا أهم؟

– أنا لست في موقع القيادة، الآن، لكن أرى أن التشديد يجب أن يكون حول استرجاع الفلوجة والرمادي.

* وماذا عن الموصل؟

– هناك خطة لذلك.

* هل يستطيع العراقيون استرجاع المحافظتين معًا؟

– أعتقد أنهم سيركزون على محافظة واحدة أولاً، ثم لا تنسي أن عليهم تحرير «بيجي» للوصول إلى الموصل، من بيجي عليهم الذهاب نحو الجبال، وبالتأكيد نحو حترة – خيارة وضواحي الموصل. في الواقع، الآن القوات العراقية وقوات البيشمركة نجحوا بتطويق الموصل قطعوا الطريق الأساسي الذي يأتي من سوريا إلى الموصل.

– نعرف ما حدث. نعرف أنهم حاولوا اعتقال الزعماء السياسيين للعرب السنّة، نعرف أن قوات الحكومة العراقية حاربت بالسلاح مظاهرة سنّية مسالمة. وضعوا هذه المشاهد على «يوتيوب»، وهذا ما أثار السنّة، وقد حدث هذا مرارًا. نعرف أن القادة الجيدين أبعدوا ليحل مكانهم مخلصون مذهبيون في بعض المناطق الأساسية مثل الموصل، ونعرف أن أفرادًا كثيرين كنت أصررت على طردهم في السابق، أعيدوا. ونعرف أن سلسلة القيادة كانت وظيفيا مختلة في الوقت الذي كان يجب أن تكون على كفاءة وفاعلية. وأيضا هجر القادة جيوشهم، وبعدها صار الانهيار معديًا.

Advertisements

أنا رأيت هذا في المعارك، عندما يلحظ العدو ذلك، يعتقد أن الطرف المقابل انهار، وهذا ما حدث في الموصل.

أحب أن أقول إنني مصلاوي (قالها بالعربية) أمضيت أول سنة لي في العراق في نينوى، كنت قريبا من أبناء الموصل، المدينة المتعددة الطوائف والمذاهب، فيها السنّة والشيعة والأكراد والشبك والمسيحيون. إنها مكان تاريخي، وأن تري «داعش» يحطم كل تلك الحضارات في حترا وسنجار أمر مأساوي. لقد ضحينا معًا، وتذكرين أن عدد القوات والشرطة العراقية الذين ماتوا وضحوا وهم يدافعون من أجل وطنهم في الجزء الأخير من «الصحوة» يفوق بأضعاف عدد ضحايا الحلفاء.
لاً أم عاجلاً سيقوم بعمليات داخل أميركا؟

– «داعش» أوحى بعمليات إرهابية ضد أميركا، وضد حلفائها في أوروبا وضد شركائها في منطقة الخليج. تذكرين تكساس، وبالطبع سافر أفراد من كل الدول للقتال في صفوف «داعش» والجاذب المغناطيسي هو بشار الأسد، الرجل الذي قضى على مظاهرة سلمية سنّية بالعنف. قتل ما يزيد على 250 ألف سوري، عدة ملايين تهجروا خارج البلاد، وملايين أخرى داخلها، وتم تدمير البنى التحتية لأجزاء كبيرة من سوريا. إنه الأداة الرئيسية للتجنيد، هو الذي يدفع الكثير من الأفراد إلى الانضمام إلى «داعش»…

* تعليقًا على ما قلت، رأى بعض المراقبين أن السعودية في توجهها النفطي تفكر بروسيا وإيران؟

– ما يهم السعودية هو أن تضخ النفط بكثرة للحصول على عائدات عالية، وأن تحافظ على حصتها في السوق. مرت بهذه التجربة سابقًا، وافقت بطلب من أعضاء منظمة «أوبك» على تخفيض إنتاجها، بالمقابل زاد أعضاء آخرون في «أوبك» الضخ وسيطروا على السوق. ولم تستطع السعودية استرجاع ذلك، وفي وقت تستورد الولايات المتحدة أقل كمية لأنها تنتج أكثر وتحصل أيضا على النفط من كندا، فإن من حق السعودية أن تحافظ على زبائنها في العالم.

* يقال إن أكبر خطر يهدد أسعار النفط وإمداداته هو الفوضى في الشرق الأوسط، يضاف إليها تردد الغرب في التدخل؟

– أولاً لا أرى ترددًا غربيًا في التدخل بعد تشكيل التحالف العسكري.

* والملاحظ أن الغرب يأخذ وقتًا طويلاً..
– صار أمرا ثابتا في المنطقة والعالم أن إيران تريد أن تحول الهلال الشيعي إلى نصف القمر. وهدفها هو السيطرة على المنطقة. إنها تعمل بطريقة ملحوظة جدًا في سوريا، و«قوات القدس» تدعم الميليشيات الشيعية في العراق باستثناء جماعة مقتدى الصدر، إنها تدعم حزب الله اللبناني، في الماضي دعمت «حماس»، واليوم تدعم «الحوثيين» في اليمن وهذا تطور خطير جدًا. كان هناك وضع حساس من المشاركة في السلطة في اليمن بين السنّة والشيعة، مع العلم أن شيعة اليمن مختلفون عن الشيعة الإيرانيين، لكن مع هذا دعمتهم إيران، وهذا تم التحقق منه وإثباته؛ إذ يوجد مستشارون من «قوات القدس» في اليمن، ومن الخطر أن نرى ذلك يتحول إلى حرب أهلية بحيث يصبح من الصعب التحكم بالأوضاع كما الحال في سوريا والعراق وليبيا والآن اليمن، لأن المتطرفين يستغلون الوضع. وفي اليمن، أعتقد أن أخطر فرع لـ«القاعدة في العالم»، هو «قاعدة شبه الجزيرة العربية» حيث إبراهيم العسيري، الماهر بصنع القنابل والملتوي عقليا الذي أرسل شقيقه لتفجير نائب وزير الداخلية السعودي آنذاك الأمير محمد بن نايف (ولي العهد السعودي) ونشكر الله لأنه ظل حيًا. محمد بن نايف بطل حقيقي في السعودية حيث قاد المعركة التي هزمت «القاعدة» هناك، والآن يعالج أخطارًا جديدة متمثلة في «داعش» الذي يريد أن يأتي بالإرهاب والعنف إلى السعودية. لذلك، فإن التطور في اليمن خطير جدًا فـ«القاعدة» أطلقت سراح إرهابيين من السجن، وهي تمدد بصماتها، وللأسف اضطرت حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى المغادرة، والآن نرى الوضع الصعب جدًا. يمكن للمفاوضات الحالية في جنيف أن تعيد بعض ترتيبات لاقتسام السلطة كما في السابق، حيث كان هناك سلام في إحدى أفقر الدول في العالم. وهذا يشكل مشكلة كبيرة للسعودية.

– لقد كرر رئيس الولايات المتحدة أنه لن يسمح لإيران بأن تمتلك أسلحة نووية، وأستطيع أن أؤكد لك أن القدرات العسكرية لتحويل كلماته إلى أفعال جاهزة، المسرح تم إعداده إذا اضطررنا، صحيح أنه ليس بالنتيجة المفضلة، لكن الرئيس كان واضحًا، لم يكن ما قاله مجرد كلمات في مؤتمر صحافي، إنما التزام صارم ومحدد وواضح.

* بعض التقارير الفرنسية أشارت إلى أن التحالف نجح في اختراق «داعش»، هل نصدق هذا؟

– مع أنني لست في ذلك العالم الآن، إلا أن الكل يسعى لذلك، ولهذا هناك وحدات من عدة حكومات، قائمة لفعل هذا الشيء.

Advertisements

* روسيا لا تبني قدرات عسكرية هجومية في الخارج لكنها فقط ترد على التهديدات الأمنية للتوسع الأميركي على حدودها.

– من قال هذا؟

* الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هل يجب أن نصدقه أو كما قال أيضا إن روسيا والولايات المتحدة شركاء في قضايا عدة؟

– مما لا شك فيه أن هناك مصالح مشتركة بين روسيا والولايات المتحدة منها مثلاً محاربة التطرف والإرهاب في دول آسيا الوسطى بما فيها أفغانستان، بحيث لا يمر هؤلاء عبر تركمنستان، وأوزبكستان، وطاجيكستان، وقيرغيزستان، وكازاخستان، باتجاه روسيا.

من الواضح أنه من مصلحة الجميع أن لا تنجح صناعة المخدرات غير الشرعية بأن ترسل نتاجها كالهيروين إلى روسيا ومواطنيها، وأيضا من المصالح المشتركة رؤية دول آسيا الوسطى مزدهرة وهناك مصالح مشتركة أخرى.

* وفي الشرق الأوسط؟

– الهدف طبعًا الاستقرار، ولا أعتقد أن روسيا تحتفل لأن حروبًا أهلية كثيرة مشتعلة في الشرق الأوسط خصوصًا حيث لها مصلحة مثل سوريا. لكن، هذا لا يمنع من القول إن ما وقع في أوكرانيا غير مقبول، ولا يمكن أن نسمح لدولة بأن تغزو جاراتها وقد أكد هذا الموقف قادة أوروبا، والولايات المتحدة والحلف الأطلسي بتثبيتهم المقاطعة ودراسة خيارات أخرى وتأكيد إصرارهم على دعم أوكرانيا ماليًا بعشرات المليارات. يريدون أن تدرك روسيا أن خرق قواعد إجراءات ما بعد الحرب الباردة عمل مدمر غير بناء وحاليًا تدفع ثمن هذا، إنها تستعمل احتياطيها، بعض الشركات لم يعد باستطاعتها الاستدانة لإيفاء ديونها، الاقتصاد في حالة انكماش، وبصراحة الناس بدأوا يعانون بسبب هذا. إلى متى سيسمح بوتين باستمرار المعاناة، وهل يمكن إجراء مفاوضات صريحة وواضحة تعترف بمصالح روسيا في أوضاع جيرانها، إنما تعترف أيضا بأن غزو هؤلاء الجيران غير مقبول.

* مثل دول البلطيق؟

– كلا، إطلاقا، إن دول البلطيق أعضاء في الحلف الأطلسي.

* هل يستطيع الحلف الدفاع عن هذه الدول الصغيرة؟

– بكل تأكيد. قبل يومين التقيت الأمين العام للحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ وليس هناك أدنى شك حول عزم الحلف على تطبيق الفصل الخامس.

Advertisements

اتفاق الدفاع الجماعي، ولهذا تستمر التمارين مع القوات الأميركية كالتي تجري في بولونيا، ويجري درس إعادة نشر معدات وموارد الحلف، إنما يجب أن نكون صريحين ونعترف بأن لروسيا مصالح تاريخية في أوكرانيا والإبحار في البحر الأسود، وفي شبه جزيرة القرم. يجب أن نعترف بذلك وأن ندير مفاوضات جادة وصريحة مع روسيا حول هذا. لكن لن نقبل بالتدخل الروسي أو بالتحريض على العنف.

* هناك في الإدارة الأميركية من يقول إنها قررت إدارة ظهرها للشرق الأوسط..

– لا أرى كيف يكون هذا ونحن نرى آلاف القوات في العراق، عشرات الآلاف في منطقة القيادة المركزية..

* والآن تريد إنشاء قاعدة جوية في أشبيلية في إسبانيا لدعم مهمات ضد «داعش» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟

– هناك الكثير من المبادرات، قد يقول البعض إن التحالف يمكنه أن يفعل أكثر، بالطبع بعد سقوط الرمادي يجب أن نعيد دراسة الاستراتيجية، وما المصادر التي نحتاجها لتطبيق تلك الاستراتيجية والأهم نشر مستشارين من التحالف مع الألوية، إلخ.. ومضاعفة الجهود في بغداد «مركز الجاذبية»، حيث يجب أن يكون لدينا الهيكلية الصحيحة والعمل مع الدبلوماسيين هناك. أتذكر الآن الشراكة التي كان من حظي التمتع بها مع السفير الأميركي ريان كروكر، بالطبع الوضع الآن مختلف إذ ليس هناك 165 ألف جندي أميركي، لقد كنا شيوخ أكبر قبيلة في العراق. لكن يبقى للولايات المتحدة نفوذ واسع ولا تزال تعتبر وسيطا صادقًا تفكر بمصلحة كل العراقيين بمن فيهم الأكراد وكل الأقليات

* ألا ترى كردستان مشكلة؟

– أعتقد في يوم من الأيام سنرى ذلك، لكن القادة الأكراد يقيمون العلاقات مع بغداد حتى لو أنها غير مثالية، وكل طرف يعتقد أن الطرف الآخر لم يف بوعوده. قد تكون حكومة كردستان راجعت المواقف عندما منعت تركيا البشمركة من العبور لمساعدة كوباني. هذا خرق الثقة بين الطرفين، وأدركت القيادة الكردية أنها في حاجة إلى علاقة مع بغداد حتى وهي تحاول تحقيق علاقات أفضل مع أنقرة التي تأثرت بكوباني.

* هل تجاوب الحلف الأطلسي مع تركيا؟

– نشر صواريخ «باتريوت» الدفاعية، حصل تنسيق في برامج أخرى، وهناك محادثات مستمرة حول نشاطات مشتركة.

* إردوغان متهم بفتح حدوده لـ«داعش»؟

– كل الدول في المنطقة أدركت ضرورة دحر «داعش»، التنظيم تطور مع الأيام. أكرر من جديد من أجل دحر «داعش» وتحقيق الهدف المطلوب بغض النظر عما هو، يجب المساعدة في تشكيل قوات عربية سنّية معتدلة على الأرض. نستطيع أن ندعم ذلك بالطريقة نفسها التي دعمنا بها الأكراد في «كوباني» وما زلنا ندعمهم في مواقع أخرى.

Advertisements

* وتدعمون المعارضة السورية؟

– نعم هذا معروف، ندعم المعارضة السياسية والعسكرية لكنها أخذت وقتًا طويلاً. طبعًا هناك من يجادل بأن نسبة الدعم كانت كافية، لكن نتائج المعارك لا تشير إلى ذلك. الآن هناك أحد أفضل ضباط الجنرالات في الجيش الأميركي الجنرال مايكل فاغاتا قائد العمليات الخاصة في القيادة المركزية، يشرف على تدريب القوات السورية، وإلى جانبه ضابط بثلاث نجوم الملازم جيمس كيري يشرف على العمليات ضد «داعش» في العراق.

* هل شعرت بالحزن أو الغضب عندما رأيت الأسلحة الأميركية الحديثة بين أيدي «داعش»؟

– أنا لا أعرف من سلم هذه الأسلحة، وليس من مفاجأة أن بعض الأسلحة التي توفرت لبعض العناصر انتهت بين أيدي عناصر أخرى. أنا لا أعرف كيف حدث ذلك، هل سرقوها؟ هل هناك سوق سوداء، إنما الأمر مقلق.

* أي حياة تفضل أكثر، العسكرية أم المدنية ومن يعطي الأوامر اليوم للجنرال؟

– الكثير من الناس أعطوني أوامر في السابق والكثير اليوم أيضا. على كلٍ أشعر بالفخر كوني خدمت 37 سنة في الجيش الأميركي وفي مواقع قيادية منذ تفجيرات نيويورك 2001، وآخر ست مهمات لي كانت قيادية منها ثلاث في العراق وواحدة في أفغانستان وقبل ذلك أمضيت سنة في البوسنة.

وكان لي حظ أن أكون مديرًا لـ«سي آي إيه» لمدة سنة وأحببت ذلك الموقع، ومن حظي الآن أن أكون مع شركة (KKR) لأنني اكتشفت تحديات جديدة لأنها تحلل الأوضاع السياسية وأجواء الاستثمار. في السنة الماضية قمنا بأول استثمار في أفريقيا (إثيوبيا)، والبلقان (مقرنا بلغراد) وأول استثمار في المكسيك. في الأشهر الماضية زرت المنطقة عدة مرات وكنت في أغلب الدول الخليجية باستثناء البحرين، كما زرت إسرائيل وكردستان العراق، وأخيرًا الهند وسنغافورة وكندا. أشعر أنني محظوظ أن أفعل هذا إلى جانب الحياة الأكاديمية، كما ألقي المحاضرات وألتزم بمساعدة قدامى المحاربين.

بروفايل

* يمكن القول إن الجنرال ديفيد بترايوس غني عن التعريف.

تعود أصوله إلى هولندا، هاجرت عائلة والده سيكستوس بترايوس مع بداية الحرب العالمية الثانية إلى الولايات المتحدة، ومن والده استمد الجنرال العزيمة الفولاذية، برع في التخصص في العلاقات الدولية (جامعة وودرو ويلسون) ولاحقا بدأ يتسلق السلم العسكري ليخدم في البوسنة في عداد قوة تحقيق الاستقرار التابعة للحلف الأطلسي. كتب أطروحته عن مكافحة العصيان في فيتنام، وعام 2003 قاد الفرقة المحمولة جوا (101) في بغداد، ومن ثم في الموصل، وعام 2007 خلف الجنرال جورج كايسي في قيادة القوات المتعددة الجنسيات في العراق. وضع خطة أطلق عليها لاحقا «عقيدة بترايوس». كسب العقول والقلوب وقاد «الصحوة»، أعاد سنّة العراق إلى قلب العراق فساعدوه في القضاء على «القاعدة». بعد دوره التاريخي في العراق تسلم قيادة «القيادة الأميركية المركزية» التي تنسق العمليات العسكرية الأميركية في العالم كله. بعدها صار مديرا لـ«سي آي إيه» ليغادر بعد سنة إلى العالم المدني بما فيه من تحديات جديدة ودقيقة.

يروي أنه منذ شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي صار شريكا في شركة (KKR) (كولبرغ كرافيس وروبرتس)، وهي شركة استثمار عالمية تدير 100 مليار دولار فيما يزيد على 100 شركة في العالم، وتوظف نحو مليون شخص ومقرها الرئيسي نيويورك. إلى جانب هذا فإن الجنرال بترايوس أستاذ زائر في «سيتي يونيفيرستي» في نيويورك، حيث يدير ندوة «عقد شمال أميركا المقبل» وأستاذ (ويدني) (Widney) في جامعة جنوب كاليفورنيا وزميل متقدم في جامعة هارفارد.

Advertisements

شاهد أيضاً

ذبح 50 شخصا في ملعب كرة قدم شمال موزمبيق على يد ” مسلحين إسلاميين”

Advertisements Advertisements قام مسلحون يعتقد أنهم ينتمون لتنظيم “أهل السنة والجماعة” بقتل  اكثر خمسين شخصا …