الحب في الأفلام والأغنيات وسر فشل العلاقات العاطفية

لندن ـ دلال جويد
كثيرا ما نتساءل عن فشل بعض العلاقات العاطفية وانطفائها بسرعة البرق مع انها كانت متوهجة عامرة بالجنون والشغف والقصائد والأغنيات، أيعقل ان كل هذا كان ادعاء او كذبا أو غشا من أحد الشريكين؟
ربما لو فكرنا بعيدا عن تعصبنا لأحد طرفي العلاقة لأدركنا أن الاحلام والتوقعات تختلف كثيرا عن الواقع وأننا غالبا ما نرسم صورة للشريك ونرغب ان يكون هو بمقاساتها ناسين او متناسين أن الاخر هو انسان مستقل ومختلف عن توقعاتنا وربما لا ينسجم معها، لذا فأن اول الانكسارات تبدأ بخيبة التوقع التي تواجهنا بعد تجاوز مرحلة الدهشة الاولى والشغف الاول، اذا اننا نصطدم بكثير من التصرفات التي لا تناسب توقعاتنا وتوقعنا بحالة من الغضب وربما الندم من اختيارنا.
في الحقيقة ما ينبغي أن نتذكره دائما أن الحياة في الواقع لا تشبه القصائد ولا الاغنيات، وكثيرا ما سمعت أحد المقربين يردد ساخرا: الأفلام وقصائد الحب والأغنيات جعلت المرأة بعيدة عن الواقع تنتظر أن تكون بطلة فيلم عاطفي ينتهي دائما بعناق وسعادة. وعلى الرغم من أني ارد هذه التهمة بأنها مبالغة بحق المرأة لكنني لا انكر أن الميديا بشتى أنواعها اثرت تأُثيرا كبيرا في مستوى توقعاتنا ومتطلباتنا من شريك العمر، مع أن الشعراء انفسهم يعيشون حياة مختلفة عن كتاباتهم وهم في الغالب يشتغلون على المتخيل في الشريك لا على الحقيقي، فالشاعر حالم كبير، وهو كذلك مزاجي ونزق وبالنتيجة فهو لا يأكل قصائده ولا يتدفأ بها في حياته الواقعية، لذا اعتقد أننا يجب أن نكف عن التفكير بعلاقاتنا كما لو أنها قصيدة او فيلما سينمائيا، وربما ينبغي أن نعمل بجد من أجل سعادتنا ولا نكتفي بالاحلام.

وهذا الكلام تؤكده الدراسات الحديثة فالباحث الامريكي “بريستون ني” يضع عشرة أسباب لفشل العلاقة بين الشريكين منها اختلاف التوقعات بين الشريكين فليس من السهل المشي في رحلة الحياة الطويلة معا حين تختلف توقعات الزوجين في العلاقة فيكون تخطيط الحياة معتمدا على جزئية “ما أريد” وليس “ما نريد” وهذا الامر يمكن أن ينسحب على الامور المادية والعاطفة والجنس والمصالح المشتركة او المختلفة بين الطرفين.
ومن المؤكد أن اختلاف التوقعات يرافقه اختلاف الاولويات، فهناك من يجد أن الأسرة والأطفال والبيت هم الأولوية في الحياة، بينما يرى آخرون أن الحياة متعددة الجوانب ولا يمكن أن تقتصر على العلاقة بشخص أو أشخاص محددين ـ وهذا الامر لا يقلل من شأن العاطفة أو التعلق بالآخر عند هولاء الاشخاص وإنما يمثل وجهة نظر أو فلسفة حياة تختلف من شخص إلى آخر، وهو الأمر الذي قد يؤدي أحيانا إلى فشل العلاقة لأن عدم الاتفاق على تلك الاولويات يسبب مشاكل مستمرة وغضب يمكن أن يعبر عنه بوقته أحيانا، ويمكن أن يتفاقم حتى يجتاح كل ما عداه.
واختلاف التوقعات او اختلاف صورة الشريك عن ما فكرنا أو خططنا لها يمكن أن تقدم مشكلة أخرى تكون من أخطر أسباب فشل العلاقة بين الشريكين كما يراها الدكتور جون جوتمان من جامعة واشنطن، وهو خبير في العلاقات الزوجية، إذ أنه توصل بعد أكثر من عشرين عاما من البحث، إلى أن أخطر مؤشر للطلاق هو عندما تظهر عند أحد أو كلا الشريكين تصرفات الازدراء اتجاه الاخر، فهو عكس الاحترام وغالبا ما يتم التعبير عنه، عن طريق الحكم السلبي أو النقد، أو التهكم فيما يتعلق بقيمة الفرد. فالازدراء يعمل مثل السم – لأنه يدمر صحة ورفاه العلاقة الرومانسية.
و تساهم النرجسية بشكل كبير في تكوين الازدراء حين تسير جنبا إلى جنب مع خيبة التوقعات بالآخر، حيث يعرف مركز بحوث مايو كلينك النرجسية بأنها نوع من الاضطراب العقلي يصيب بعض الأشخاص فيولد لديهم شعورا بأهميتهم الخاصة وحاجة عميقة للإعجاب، وكثيرا ما يكون سبب النرجسية عدم وجود الألفة الحقيقية في العلاقة فهي تشمل عقدة التفوق،التكلف بتقديم الصورة الشخصية للمجتمع، والشعور بالاستحقاق أكثر من الشريك إضافة إلى الغرور والأنانية الشديدة والمشاعر السلبية، وهو أمر يؤدي إلى إساءة العلاقة بالشريك وتكرار سوء المعاملة اللفظي والعاطفي والجسدي.
وكل تلك النتائج والاسباب المتشابكة تشير إلى وجهة واحدة وهي ما الذي نريده من العلاقة وما الذي يريده الشريك؟ فحين تكون الأهداف واحدة ينبغي أن تبذل الجهود لتحقيقها، فالعلاقات لا تفشل اذا ما بذل الطرفان جهدت حقيقيا لانجاحها بدلا من البحث عن أعذار تبرر الفشل وتنتظر من الآخرين التعاطف والمساندة من دون أن نعترف بأننا أخطأنا في تفصيل ما وعلينا أن نبحث عن الخطأ ونصححه إذا كنا فعلا متمسكين بالشريك ونحبه كما في الافلام والأغنيات.

Advertisements
Advertisements

شاهد أيضاً

ما الذي يجعلنا نقع كالعميان في الحب؟ علماء يقولون فتش عن الهرمونات!

اكتشف العلماء، على مدى أبحاث امتدت 20 عاماً، 4 مراحل بيولوجية مميزة للعشق وهي ما أطلقوا …