كاريكاتير عن نظرية المؤامرة

لماذا اصبحت نظرية المؤامرة “أغنية” العالم العربي المفضلة؟

هل يمكن أن يكون زعيم داعش يهوديّا؟ هل الخميني في الواقع عميل بريطاني؟ وهل أُرسِلت سمكة القرش إلى مصر من قبل الموساد؟..كل هذه الأسئلة تتغذى على سردية نظرية المؤامرة التي تتغذى عليها الملايين، وتوفر لها إجابات عن اي شيء وكل شيء! 

Advertisements
Advertisements

هناك احتمال عندما تزورون مصر أن تسمعوا حكاية مزعجة بحسبها فإنّ سمكة القرش التي هاجمت سائحا على الشاطئ في شرم الشيخ كانت قد دُرّبت من قبل الموساد الإسرائيلي.
نظريات المؤامرة، بطبيعة الحال، ليست حصرية بالشرق الأوسط. فالناس في جميع أنحاء العالم قد تربّوا على قصص مثل “لم يهبط الإنسان على القمر أبدا” و”إلفيس ما زال حيّا”.
مع ذلك، لا يمكن أن ننفي بأنّ نظريات كهذه هي أكثر شعبية لدى العرب والفرس. وإليكم بعض النماذج:

  1. الدولة الإسلامية قد أُنشِئت من قبل الغرب.

    Advertisements

المؤامرات الكبرى في عالم الرياضة
هناك من يتحدث بأنّ إصابة نيمار كانت معدّة لمنع فوز البرازيل في كأس العالم، وأن محمد.

نظرية المؤامرة – أربع مؤامَرات إسرائيليّة.
يؤمن النّاس أنّ خلف الأحداث الكبيرة قوىً كبرى. وفي العصر الحديث، ليس هناك أسهل من اتّهام.

  1. الولايات المتحدة اتصلت بالإخوان المسلمين من أجل تدمير مصر. كان مرسي يخطّط لإعطاء كلّ شبه جزيرة سيناء لحماس.
  2. تعرض إحدى حلقات “عائلة سمبسمون” كيف أنّ الولايات المتحدة متّهمة بإشعال الربيع العربيّ.

  3. جلبت معاهدة السلام بين إسرائيل ومصر السرطان، التهاب الكبد وغيرها من الأمراض إلى الدولة العربية.

    Advertisements
  4. وضع هنري كيسنجر خطّة لطرد جميع المسيحيين من مصر عندما اندلعت الحرب الأهلية عام 1975.

  5. الأسرة السعودية المالكة هي في الواقع يهودية. وهكذا أيضًا القذافي والخليفة أبو بكر البغدادي، الذي اسمه الحقيقي هو شمعون إليوت.

  6. أعطت الولايات المتحدة الدفعة الأخيرة لصدام قبل غزو الكويت.

    Advertisements
  7. يحتوي مشروب الكوكا كولا والبيبسي على الخنزير والكحول.

  8. كان الخميني، قائد الثورة في إيران، في الواقع، عميلا بريطانيّا سرّيا.

    Advertisements
  9. اليهود هم المسؤولون عن مقتل كينيدي ولينكولن ويقفون وراء الثورة الفرنسيّة.

  10. قرش فقط؟ أرسل الموساد نسرًا للتجسّس على السعودية.

  11. خططت الولايات المتحدة وإسرائيل لأحداث الحادي عشر من أيلول.

عندما يتمّ تحليل نظريات المؤامرة هذه لأجزاء، يبدو أنّها تتبع نمطا معيّنا. في غالب الحالات، فهي تتعلّق بأحداث شهيرة، على سبيل المثال حادثة الحادي عشر من أيلول، صعود الإخوان المسلمين في مصر ومقتل كينيدي.
وهي تعرض أيضًا وجهة نظر مثنوية. وتميل إلى توجيه الاتهامات لإسرائيل و/أو إلى الغرب (يُوصف كلاهما بالشيطان الأكبر).
في المقابل، تلك في الواقع مجرّد نظريّات، نظريّات لا يمكن دائما دحضها بواسطة النظر أو التجربة، ممّا يزيد جدّا من صعوبة محاربة وجودها.

ومن المثير للاهتمام أنّ هذه النظريّات ليست شائعة في أوساط “الرعاع” فحسب. إذ تتبنّاها أيضًا شخصيات مثقّفة وسياسية شهيرة. على سبيل المثال؟
هناك الكثير من السياسيّين الذين ما زالوا يزعمون أنّ أحداث الحادي عشر من أيلول وُضعت ونُفّذت من قبل الولايات المتحدة. وفي هذا السياق، تلعب وسائل الإعلام دورا مهمّا.
فإنّها لا تُحضر فقط موقف الطرفين، وإنما تسمح أيضًا لكلّ نظرية غريبة أن تصل إلى جمهور واسع. هناك معضلات لم يتمّ حلّها مثل اغتيال رئيس الحكومة اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005، تنشئ شائعات ونظريات مؤامرة وتصبح بمثابة فخّ.

أداة سياسية؟

على الرغم من طابعها المثير للسخرية، تعتبر نظريات المؤامرة أداة سياسية وموشور عملي عندما يتم تحليل العلاقات بين الحكومات والمجتمعات في الشرق الأوسط. بالنسبة للمواطنين.
فإنّ هذه النظريات تعرض طريقة للتعبير عن إحباطهم من التعتيم على صنع القرار، ولكنها من الممكن أيضًا أن تتسبّب بحالات من تجاهل مظالم النظام. في نهاية اليوم، ترسم هذه النظريات القادة كضحايا أكثر من أن يكونوا منفّذين لمظالم. وهي أيضًا أداة ذات قيمة للسيطرة. وطريقة لدراسة ولاء الجمهور والتأكد من أنه ملتزم وموحّد ضدّ الأعداء الخارجيين. استخدم صدام حسين مثل هذه النظريات بمهارة كبيرة خلال حرب الخليج.

نظريات المؤامرة تتغذى على الجهل وعدم الفهم

وكثيرا ما تتغذّى نظريات المؤامرة هذه على الجهل، النابع من عدم فهم التاريخ. هذه الحالة هي نتيجة لأوجه القصور في الأنظمة التعليمية في تلك الدول نفسها. والتي يعبّر حتى زعماؤها عنها. ولكن لا تكون دائما الحالة كذلك؛ ففي الكثير من البلدان يخشى المواطنون من التعبير عن أفكارهم ويخترعون نظريات أو يعتقدون بها.
بحيث تعرض زعماءهم بشكل إيجابي، مهما كانت غريبة.

ويجب أن نأخذ بالحسبان أيضًا الجانب التاريخي. فقد عانت منطقة الشرق الأوسط من التدخّل الأجنبي الكبير على مدى التاريخ، والذي تضمّن بذاته مؤامرات؛ من سايكس بيكو وحتى أزمة السويس عام 1956. ولذلك فإنّ انعدام الثقة هو صفة مفهومة جدّا على ضوء حقيقة أنّ سكان المنطقة يتّهمون الغرب بتحطيم الوعود.

إنها نتيجة الأجواء البوليسية العربية

لقد نمت المجتمعات العربية على فكرة السرّية، ولذلك فإنّ مثل هذه الأنواع من النظريّات وُلدتْ من التشكّك تجاه السلطة، السياسيين والدولة؛ فالمواطن العربي معتاد على أن يكذبوا عليه.
وفي بعض الأحيان، يكون الواقع المؤسسي على درجة من التعقيد بحيث يصبح التوجّه إلى النظريّات المبسّطة أكثر سهولة ببساطة. في النهاية.
فقد نمت نظريّات المؤامرة أيضًا كتوجّه موحّد مع اختلاف الأيديولوجيّات – القومية العربية، والإسلامية، الشيوعية وغيرها – داخل المجتمعات المنقسمة بشكل منتظم. نظريات المؤامرة هي بمثابة حلم يؤدي إلى الشعور بالراحة لـ “الدماغ المحاصَر” لدى المواطنين العرب.

يستند هذا المقال إلى مقال نُشر في مدوّنة Your Middle East‏

نُشر هذا المقال لأول مرة في موقع “ميدل نيوز”

 

فما حقيقة المؤامرة؟..في تسويق نظرية المؤامرة!

هكذا نجد دائماً في الشرق الأوسط أن “كل ما يجري هو مؤامرة”.
إذا تنفست مؤامرة. إذا أبديت رأيك مؤامرة. إذا قلت “لا” مؤامرة.إذا اعتبرت أن هناك أمراً خاطئاً يجري واعترضت عليه مؤامرة.
إذا قلت إنك تريد إسقاط الأنظمة مؤامرة. إذا قلت إنك تريد العيش بحرية وكرامة، بعيداً عن الديكتاتوريات والقمع، مؤامرة. إذا قمت بنقد ديني مؤامرة. إذا وجدت علكة مرمية على الطريق مؤامرة. تظاهرات العراق مؤامرة. احتجاجات مصر مؤامرة. الاعتراض على النظام اللبناني مؤامرة. لا شيء في أذهان أسياد هذا الشرق وأتباعهم سوى مؤامرة. لا يريدون حرية سوى لهم، يرفضون اعتناق الناس الحرية. يريدون تعميم منطق “كمّ الأفواه”، عوضاً عن “منع السكوت”. أسكت لأن حديثك مؤامرة. اخضع لأنك لست أكبر من النظام. 

تقول في لبنان: أين المال العام والإصلاحات ومحاربة الهدر والفساد. فيُقال لك مؤامرة بحق العهد وسيده ولبنان. إذن، اخرس أيها المتحدث، كي لا تتورّط في مؤامرة وتُسجن. في العراق لا يرى كثر سكان العشوائيات المعدومة، ولا يريدون الاقتناع بأن حق هؤلاء في العيش بكرامة وإنسانية أكبر من الولايات المتحدة وإيران والحشد الشعبي وبروتوكولات حكماء صهيون.
كله مؤامرة، يا رفاق. في المقابل، المؤامرة هي في سطوة إيران والولايات المتحدة على العراق. المؤامرة هي في وجود هذه الأنظمة المدمّرة للشعوب وتقدّمها.
المؤامرة هي في تسويق نظريات المؤامرة.
ما هذه المؤامرات التي يسرق منها أبناء الأنظمة وآباؤها الشعب وحريته ويكدّسون أموالهم في حساباتٍ تمتد من سويسرا إلى جزر الكاريبي؟
ما هذه المؤامرة التي يُمنع فيها الناس من الحصول على أبسط حقوقهم البديهية من طبابة وتعليم وغذاء وحريات؟
المؤامرة، يا سادة، هي أنتم بالذات، القابعون على كراسيكم باسم الشعب، وتعملون على تدجينه وجعله عبداً مأموراً لكم. المؤامرة هي التصرّف بأموال الشعب وثروات البلاد ونهبها وتقسيمها حصصاً لكم. المؤامرة هي في إفساح المجال لأنفسكم لتعطوا أمراً بقتل الناس وسجنهم. المؤامرة هي أنكم تركتم بلادكم مستباحة شرقاً وغرباً كي ترقصوا على عروشٍ مصنوعة من الجماجم. لا يُعقل أنه، في مثل هذا الزمن من تاريخ البشرية، هناك من يريد استعباد الناس باسم الأيديولوجيات الدينية والسياسية، مطيحاً حقّ حصولهم على الحياة الحقيقية، تحديداً تحت شعار “في المستقبل سيكون كل شيء لكم”، بينما رأينا المستقبل في ماضينا القريب والبعيد، من المعتقلات والزنازين، إلى الهجرة والتهجير واللجوء، إلى الموت على قارعة الطريق، لأن القانون لم يوجد ليحمينا، بل ليحمي طغاةً أو مشاريع طغاة.
من المستحيل الاعتقاد أنه، في مثل هذا الزمن، هناك من يشكّك بربّ أسرةٍ خرج سعياً وراء حاجته وحاجة أولاده، ليُقتل في شوارع بغداد. من المعيب أن الموت لاحق كل من قال “أريد حرية، ولدي رأي مغاير لكم”. من المؤلم أن ترى أحزاباً ومليشيات وفرقاً عسكرية مخصّصة فقط لقمعك، لا لحمايتك كمواطن في بلد عربي. إنه البؤس إن تفشى. إنها العبودية، ولا شيء غيرها.
وكل من يدافع عن العبودية هو عبدٌ، بصورةٍ أو بأخرى. من المؤسف أن القاعدة الأساسية في معظم البلاد العربية هي “اسكت كي لا تُقتل أو تُعتقل أو تُحاكم”. لا أرى الحكمة في وجود فمٍ ينطق وعقلٍ يفكر، فقط لمنع الإنسان من الكلام والتفكير.
وإلا كان يجب أن تحرمنا الطبيعة من ذلك. في العراق شعبٌ خرج لينال حقه. في لبنان شعبٌ يستحق الحصول على حقه. في سورية شعبٌ يستحق أن يعيش بكرامة.
في مصر شعبٌ يستحق أن يقول لا. في الدول الخليجية قاطبة شعبٌ يستحق أن يرفض ما يُفرض عليه. لا شيء أهم من الإنسان، ونظريات المؤامرة مرضٌ سياسيٌّ مزمن، عليها أن تسقط كي لا يسقط إنساننا في هذا الشرق.