هادي جلو مرعي
ألقى الشيخ حسن روحاني رئيس جمهورية إيران الإسلامية كلمة وجهها الى الشعب بعد دقائق على إعلان الإتفاق النووي بين القوى الست الكبرى وإيران في العاصمة النمساوية فيينا، وتحدث فيه عن الرحلة المضنية والصمود والكفاح الذي واجهه الفريق المفاوض الذي لم يتنازل عن حق طهران في إمتلاك التقنية النووية، وكان يفاوض الغرب بموقف حازم ودون تردد، وكان مصرا على حقوق الشعب الإيراني حيث لم يسمح المفاوضون الإيرانيون لأنفسهم أن يعبروا عن رؤية خاصة، أو طموح شخصي وهم يظهرون في وسائل الإعلام المختلفة وتسلط عليهم الأضواء ليكونوا نجوما مبهرة طوال أشهر مضنية من التفاوض الصعب، وكانوا مصرين على دورهم الوحيد كونهم ممثلين للشعب الإيراني، وليس لحزب، ولا لقوة سياسية، ولا لطائفة ليستخلصوا عصارة تلك الجهود بإتفاق الأقوياء كما وصفه الخبير السعودي جمال خاشقجي.
قال روحاني بصراحة موجها الخطاب الى الشعب الإيراني، إن أصواتكم في الإنتخابات لم تذهب في الوجهة الخاطئة، بل كانت سببا في تشكيل حكومة قوية دافعت عن حقكم وحصلت عليه وضمنته، ولم تتنازل قيد أنملة عن الحقوق الإيرانية كافة، وأثبتت إن الصعوبات والتحديات لايمكن أن تكون سببا في الفشل والتراجع وإنها قد تكون محفزة لتحقيق مكاسب أكبر بمجرد الإصرار على الموقف والصمود المستمر والمطاولة وقراءة الخصوم جيدا، وهو ماحصل بالفعل، فقد كان الوفد الإيراني في كل مراحل التفاوض أشبه بفريق باحثين، أو دارسين يستخلصون نتائج أبحاث علمية مستمرة، بينما ظهر مفاوضوهم الأوربيون كمعجبين، أو طامحين للتعلم فكانت الفرق التفاوضية الست العالمية تهب لفريق تفاوضي واحد مالم يقدمه هو، بل ماكان يستخلصه من نتائج تستحق التقدير، حيث ظهر الإيرانيون وهم يواجهون العالم كله ليحصلوا منه على إعتراف بحق لم يكن أحد مستعدا للإعتراف به لولا صبر وجلد وصمود المفاوض الإيراني.
كثر تساءلوا بعد سماعهم لأخبار نتائج المفاوضات النووية، ومانتج عنها من إتفاق تاريخي عن العرب ودورهم ووجودهم ومستقبلهم، وكانت مقدمة برامج في قناة فضائية عربية تسأل إعلاميا عربيا معروفا ينتمي لدولة عربية تصرف المليارات لوقف ماتسميه المد الإيراني عن التجاهل الغربي للعرب، بينما هم يدفعون المئات من المليارات كل سنة لشراء أسلحة من الدول الكبرى التي كانت تفاوض طهران وإتفقت معها في النهاية، وحتى إنها لم تكلف نفسها تقديم ورقة الإتفاق للدول العربية على غرار مافعلت مع إسرائيل؟ وكان رده، إن العالم لايعترف إلا بالأقوياء، فالإيرانيون أخذوا، وربما منحوا شيئا، بينما تعود العرب أن يعطوا دون أن يحصلوا على شئ سوى الأوهام، وتوقيع الصفقات المذلة، والحصول على حماية من عدو غير موجود على الخارطة.
العرب تضيع أصواتهم ولايحصلون على شئ، بينما ينجح الآخرون.