لماذا صمت القرضاوي والعريفي على مأساة اللاجئين ولايطالبون باستيعابهم ألسنا أولى بهم من “الصليبيين”؟
تساءل الكاتب عبد الباري عطوان في مقال له في “الرأي اليوم” عن سبب صمت علماء كالقرضاوي والعريفي والعودة والعرعور على مأساة اللاجئين السوريين، لافتا إلى المفارقة الكبرى بأن دولا عربية خليجية صدعت رؤوسنا عبر امبراطورياتها الاعلامية والتلفزيونية الجبارة بدعمها للشعب السوري، وانفقت مليارات الدولارات على تسليح معارضته، لم تبادر وتستقبل لاجئا سوريا واحدا رغم انهم في غالبيتهم العظمى من السنة السوريين، بل أغلقت حدودها في وجههم، واشاحت بوجهها الى الناحية الاخرى.
واضاف أن هذا الموقف من الدول العربية الغنية هذه يتناقض كليا مع قيم العروبة والاسلام والمروءة والرحمة”، مشيرا بالمقارنة إلى أن دولا عربية فقيرة مثل الاردن ولبنان ومصر، استقبلت مئات الآلاف من هؤلاء، بل الملايين وفتحت صدرها لهم، ونسي الإشارة إلى ان هناك اعدادا هائلة أيضا من السوريين في العراق.
وانتقد عطوان في رد لاذع أحد الدعاة ولم يذكر اسمه الذي أعرب عن مخاوفه من ان استقبال ميركل التي تتزعم حزبا مسيحيا للاجئين قد يعرضهم لمحاولات “التنصير”، قائلا “شكرا لهذا الداعية على مشاعره الطيبة هذه، لكن نسأله سؤالا محددا وهو، لماذا لم تحافظ دولته على اسلام هؤلاء وعقيدتهم، وتفتح ابوابها لهم، أليست اولى بهم من المانيا او بريطانيا او فرنسا او النمسا؟”.
واشار إلى القصص المرعبة عن رجال خليجيين كانوا كـ”الذئاب الهرمة، المتخمة جيوبها بالمال، يحومون حول المخيم مع سماسرة اللحم البشري بحثا عن فتاة قاصر لشرائها، بغرض متعة محرمة بلباس شرعي مزور، وهناك العشرات من التقارير والافلام الوثائقية التي تؤكد ما نقول”.
واتهم حكام دول الخليج بانهم حولوا الصبايا السوريات الى سبايا، فيما يشتركون بالمجازر ويصبون الزيت على نار الازمة، ليس حرصا على الشعب السوري، بل للثأر من رئيس سوري وصفهم بأشباه الرجال “لتورطهم في مخططات تفتيت هذه الامة وتقسيمها على اسس طائفية تحت ذرائع متعددة”.
وانتقد عطوان شيوخا مثل القرضاوي والعريفي والسديس والعودة والعرعور الذين شاهدوا اطفال سوريا وامهاتهم جثثا تقذفهم امواج البحر، ان نسمع او نقرأ فتاوى لهم تلزم الدول التي يقيمون فيها بايواء هؤلاء الضحايا، وتنتصر لهم ولمعاناتهم، مثلما انتصروا لهم في وجه النظام، ودعوا الى الجهاد من اجل انقاذهم”.
واضاف لكن هؤلاء صمتوا صمت القبور، وما زالوا”، متسائلا لماذا؟ اليسوا مسلمين؟ اليسوا من ابناء المذهب السني؟”
وقارن عطوان بين الغرب “الكافر” الذي يقدم الاعانات والتعليم والطبابة لهؤلاء “الارهابيين” المسلمين، بينما الدول العربية، والخليجية منها بالذات، الغنية المتخمة خزائنها، لا تسمح للمقيمين فيها من العرب والمسلمين، بالطبابة في مستشفياتها، او الدراسة في مدارسها او جامعاتها”، ثم تساءل “كيف ستستقبل المهاجرين السوريين؟”
ولفت إلى أن دول الخليج لا تريدون هؤلاء المهاجرين في بلادهم فقط بل تتدخل في بلدانهم، وترسل الاسلحة والاموال لتدميرها”، وخاطبهم قائلا “إذا كنتم لا تريدون اكرام وفادة هؤلاء اللاجئين، نرجوكم ان تكفوا شركم عنهم، فمن يريد مساعدة السوريين في الداخل لا يمكن ان يتخلى عنهم في الخارج”.
وذكر عطوان بتجربة بعض العراقيين الذين لجأوا الى السعودية، بعد حرب 1991 المأساوية حين وضعوا في مخيم رفحة وسط الصحراء، وسط حراسة مشددة، وجرى منعهم من مغادرتها لاكثر من خمس سنوات، لأنهم عراقيون، ودفعت السلطات السعودية مئات الملايين من الدولارات لمنظمات الامم المتحدة الخاصة بشؤون اللاجئين لاستيعابهم في دول اوروبية مثل السويد والنرويج وكندا، ولم تسمح لواحد منهم بالبقاء في المملكة”.
واكد عطوان ان العرب هم من قدم ابشع الامثلة في العنصرية، وليس هؤلاء الاوروبيين، الذين تعاطفوا مع هذا اللاجيء السوري الفار بحياته، ويحمل اطفاله على اكتافه، ولم يسأله عما اذا كان سني او شيعي او اسماعيلي او علوي او مسلم او مسيحي، لانه يتعامل معه كانسان فقط وبحاجة للمساعدة.
وخلص عطوان إلى ان كل هذه المواقف تتسم بالازدواجية والنفاق ولم يعد الجواب صعبا على سبب تطرف الشباب المسلم وانضمامه الى “الدولة الاسلامية” و”القاعدة” وغيرها ويفجر نفسه هنا وهناك.
وتعد هذه المقالة الحادة من عطوان واحدة من اقسى ما كتبه ضد دول الخليج، خاصة وانها اتت في لحظة يعيش فيها الخليجيون شعوبا وحكومات في حالة حرج شديد من الضجة العالمية المثارة حاليا على اوضاع النازحين السوريين والعراقيين الفارين باتجاه اوروبا، واستقبال “الكفار” حسب الوصف الديني لهم من قبل قطاع عريض من سكان الخليج.
وقد انصب اهتمام عطوان على اللاجئين السوريين من “السنة” الذين دعمتهم دول الخليج ضد نظام بشار، غير أنه غفل عن ذكر ما تعرضت له المحافظات العراقية السنية هي ايضا من دمار شبه كامل على يد تنظيم داعش، ولم تبادر بالوقوف إلى جانب القادة العراقيين السنة الذين حرضتهم منذ البداية على الانتفاضة ضد “الحكومة الشيعية” في العراق، وكانت النتيجة تهجير الملايين من سكان العراق السنة الذين وقعوا بين مطرقة داعش من جهة وسندان القوى الشيعية المسلحة في العراق والمدعومة من قبل “عدوة الخليجيين” إيران.
ويرى مراقبون ان عدم اهتمام دول الخليج بما يجري في مناطقها الشمالية يرجع إلى انها تفرغت استراتيجيا وحتى ماليا من مهمة محاربة إيران عبر ما تقوم به داعش وفقا لمبدأ فرق تسد، وترك المعارك بينهما مشتعلة واستنزاف قواهما بغض النظر عن المعاناة التي يتكبدها سكان هذه المناطق من جراء ذلك، فضلا عن الحرص على عدم ضرب تنظيم داعش ضربات مميتة عبر التحالف الدولي لضمان استمرار عملية استنزاف قوى وثروات شعوب إيران والعراق وسوريا ولينان.
مقطع من كلمة للأسد وصف فيها حكام الخليج للمرة الثانية بانصاف الرجال عام 2011
وادناه النص الكامل للمقال