أزاميل/ متابعة وقراءة خبرية:
أمر مفروغ منه أن تعد دولا مثل إيران والسعودية وتركيا، اليوم، من أكبر القوى الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط، ووفق منطق القوة يتضح جليا، أن هذه الدول تخوض صراعا فيما بينها لتوسيع نفوذها والحفاظ عليه في الوقت نفسه، وهنا تصبح الاختلافات الآيديولوجية فيما بينها فرسا لا بد من امتطائها لتبرير “منطق” كل منها السياسي، وتغذية عدوانيتها تجاه بعضها البعض، وإن لم توجد خلافات آيديويلوجية كبيرة مثل حالتي السعودية وتركيا، فلا بد من خلقها عنوة وبأي طريقة، وهو ما حصل فعلا بينهما.
وعلى إثر تولي ملك جديد مهمة عرش السعودية، يصبح الرأي الإيراني في هذا “التغيير” الملكي الأبيض، ضروريا، فقد ذكرت مصادر إيرانية أنها ترى أن عهد الملك سلمان سيشهد صعودا متزايدا للتيار السلفي فيها بشكل يسمح لتصعيد أكبر في الصراع بينهما تحت لافتة الخلاف العقائدي “الشيعي- السني” ووفق مبرراته “الشرعية”.
فقد اعتبرت واجهات إعلامية محسوبة على الحرس الثوري الإيراني أن سيطرة الحوثيين على اليمن، نسف محاولات الرئيس حسن روحاني لتحسين مستوى العلاقات مع السعودية، مبينة أن وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز ومجيء الملك سلمان شكل عاملا مضافا لتردي مستوى هذه العلاقات.
وذكر موقع “شفاف” الإلكتروني في تقرير له، أن عهد الملك سلمان سوف يشهد صعودا متزايدا للتيار السلفي لمواجهة الشيعة وإيران، ومن أهم الأماكن التي من الأرجح أن تتحرك صوبها السعودية هي اليمن وسوريا والعراق ولبنان، حيث إن لدى إيران تواجدا وانتشارا في هذه البلدان العربية.
ولفت التقرير إلى أن موقف السديريين المتشدد في نظام الحكم السعودي تجاه إيران، ومجيء الملك سلمان، سوف يسهم في تصعيد جديد بين السعودية وإيران في المنطقة، حيث تتصاعد وتيرة الخلافات بين البلدين في ضوء التحولات السياسية في كل من سوريا والعراق ولبنان واليمن.
ووصف التقرير المرحلة القادمة للعلاقات بين البلدين بالساخنة، التي ستشهد تشنجات على أكثر من صعيد، مبينا أن تاريخ الصراع السعودي — الإيراني والعلاقات بين البلدين يؤكد فرضية المواجهة بين الرياض وطهران في الفترة المقبلة.
وشدد التقرير على أن الأزمة السورية تمثل أكبر قضية معقدة ومطروحة بين البلدين، بسبب النزاع الإيراني ـ السعودي في سوريا، مضيفا أن “الأحداث في سوريا شجعت السعودية على التدخل لدعم المعارضة المسلحة، لإضعاف إيران وحلفائها في سوريا”.
وتطرق التقرير إلى أن تعيين محمد بن نايف وليا لولي العهد، يشكل تحديا آخر في تحسين العلاقات بين طهران والرياض، وقال “من المعروف أن بن نايف لديه علاقات واسعة مع الجماعات الإسلامية في المنطقة، بسبب المناصب الأمنية التي تقلّدها في السعودية، وهذه المعرفة والارتباط مع هذه الجماعات سوف تزيد حدة الخشونة في تعامل الرياض مع طهران، بسبب دعم بن نايف للجماعات الإسلامية المناهضة لإيران في المنطقة، وخصوصا في سوريا، وسوف ترفع السعودية سقف مطالبها، ولن تقتنع فقط بإسقاط بشار الأسد، بل تسعى لتحجيم النفود الإيراني”.
وبدورها تدعم طهران جماعات وأحزاب في المنطقة، بدءا من العراق وانتهاء باليمن ولبنان، بهدف تكريس النفوذ الإيراني، في المنطقة.
يشار إلى أن الملك سلمان بن عبد العزيز كان قد خلال ترؤسه مجلس الوزراء للمرة الاولى بعد توليه العرش أن “بلاده مدركة لمسوؤلياتها الجسام”، وانها ”لن تحيد عن السير في النهج نفسه الذي سنه الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، وسار عليه من بعده ابناؤه الملوك”
فيما نقل عادل الطريفي وزير الاعلام الجديد عن الملك السعودي قوله “ان توجهات وسياسات المملكة على الساحات العربية والاسلامية والدولية نهج متواصل ومستمر، واضاف “نحن عازمون على مواصلة العمل الجاد والدؤوب من اجل خدمة الاسلام وتحقيق الخير لشعبنا العربي النبيل ودعم القضايا العربية والاسلامية، والاسهام في ترسيخ الامن والسلم الدوليين والنمو الاقتصادي العالمي”.
وهذه في مجمله كلام دبلوماسي عام، فصفاض ولا يبوح بالمطلق باي بشيء ذي قيمة عما يدور تحت الطاولة، او في الغرف السرية، فما هو معنى هذا الدعم؟ هو هو في استمرار دعم المتطرفين “السنة” في ساحات سوريا والعراق وفلسطين وليبيا ومصر، واليمن ايضا؟، ما هو نوع هذا الدعم،بالمال والسلاح، ومواصلة السير في طريق محاربة النظام السوري واسقاطه، الذي دمر المنطقة وأنتج وحشا وشبه دولة اسمها داعش، أسوأ بمراحل من نظام الأسد نفسه؟
فهل تغيرت الأهداف وباتت قضية محاربة “الدولة الاسلامية” أكثر أهمية والأهم خطورة على وجود “المملكة” نفسه، وهل سيستمر دعم مصر السيسي نكاية بالقطريين والأتراك؟
أسئلة كثيرة تبحث عن اجوبة دقيقة لها، لكن ما يبدو واضحا حتى الآن ان جميع صراعات النفوذ هذه بين جميع الأقطاب الثلاثة، لم تسفر إلا عن فشل ذريع، وخراب شامل دفعت ثمنه، دما وخرابا، شعوب المنطقة العربية من بغداد إلى طرابلس الغرب، ومرورا بدمشق وبيروت وصنعاء، وهو خراب مرشح وهذا هو الاسوأ لأن يستمر بالتصاعد والانتشار أيضا، ليس خارج حصون “مملكتي” السعودية وتركيا كما جرت العادة سابقا، بل داخل أسوارهم نفسها.