السعودية تحاول إعادة سيناريو “الجهاد” الأفغانستاني في سوريا..وروسيا ترد فورا وتوجه تحذيرا شديدا
أزاميل/ متابعة: في محاولة لإعادة سيناريو أفغانستان، دعا 55 عالم دين سعودي في بيان صدر الثلاثاء الدول الإسلامية “لدعم المجاهدين” في سوريا و”سحب سفرائها من روسيا وإيران وقطع جميع العلاقات والتعاملات معهم” منددين بالتحالف الغربي- الروسي في سوريا.
واللافت ان جميع الاسماء لا يوجد بينها أجد من طبقة رجال الدين “شبه الرسميين” والمعروفين في المملكة،
ووصف نحو 55 عالم دين سعودي الدول الإسلامية بتقديم دعم عسكري لمقاتلي المعارضة السورية ضد “التحالف الغربي-الروسي” الذي يشن “حربا حقيقية ضد أهل السنة” في سوريا، وذلك بعد أسبوع على بدء موسكو غارات جوية في سوريا. وقال 55 عالم دين وداعية في بيان مشترك إن “المجاهدين في الشام اليوم يدافعون عن الأمة جميعها، فثقوا بهم ومدوا لهم يد العون المعنوي والمادي، العسكري والسياسي، فإنهم إن هُزموا -لا قدر الله ذلك- فالدور على باقي بلاد السنة واحدة إثر أخرى”.
وتابع البيان أن “الدور الأكبر في نصرة الشعب السوري يقع على كاهل الدول السنية المجاورة لسوريا، وعلى الدول التي أعلنت بقوة وصراحة وقوفها إلى جانب الشعب السوري وأنه لا مكان للقاتل في أي حل مقبل، وعلى رأس هذه الدول بلادنا المملكة العربية السعودية، وتركيا وقطر”.
وناشد الدعاة هذه الدول “اتخاذ مواقف عملية قوية نصرة لإخوانهم السوريين؛ مواقف تتحقق بها حماية الشام أرضا وشعبا من نفوذ الفرس والروس (…) ونطالب الدول الإسلامية -والعربية على وجه الخصوص- بسحب سفرائها من روسيا وإيران وقطع جميع العلاقات والتعاملات معهم”. وهاجم الدعاة في بيانهم الولايات المتحدة متهمين إياها بأنها تغض الطرف عن كل ما يجري في سوريا بما في ذلك التدخل العسكري الروسي الأخير. وقالوا إن “زعم أمريكا والغرب صداقة سوريا وشعبها ونزع شرعية بشار لم يعد ينطلي على أحد، فهم من منع الشعب السوري من امتلاك مضادات الطيران ليحمي نفسه، وهم من عطل حظر الطيران، وهم من عرقل المنطقة الآمنة في الشمال، ولولا رضاهم ما دخلت روسيا ولا بقي الأسد، وقد أرادوا خداع الشعوب بزعم التحالف لحرب داعش، وإنما هي خدعة، فلم يطل داعشا منهم إلا القليل”. وإذ ذكر الدعاة بغزو أفغانستان من قبل الاتحاد السوفياتي السابق اعتبروا أن “وريثته روسيا الصليبية الأرثوذكسية تغزو سوريا المسلمة لنصرة النظام النصيري وحمايته من السقوط (…) لقد أعلنها رؤساء كنيستكم الأرثوذكسية حرباً مقدسة صليبية”.
محاربة التدخل الروسي و”العتب” على محدودية التدخل الغربي !
والملاحظ في البيان أنه وحد بين التدخل الروسي والغربي، في محاولة حسب مراقبين للتوافق مع المبدأ الإسلامي بمحاربة جميع الكفار من اية جنسية كانت، لكن صدور هذا البيان تحديدا بعد التدخل الروسي يشير إلى أنه صدر خصيصا ضد روسيا، نظرا لأن التدخل الغربي سابق عليه، كما ان البيان وفي خطأ منهجي غفل عنه مصدروه “يعتب” على الدول الغربية لعدم مدها المعارضة الإسلامية في سوريا بالسلاح النوعي.
فيما اعتبر مراقب آخر أن غياب أسماء طبقة رجال الدين الكبار القريبين من مصادر القرار السعودي، يدل على وجودهم غير المرئي خلف القرار “فضلا عن ظلال الوجود الأميركي”، فمن غير المعقول ان يصدر البيان دون موافقتهم ومراجعتهم الدقيقة لكل كلمة فيه.
وأضاف ان غياب أسمائهم يأتي للتأكيد على شبه رسمية البيان، مع إتاحة الفرصة للتراجع عنه دون اي إحراج، وفقا للمناورات السياسية المستقبلية، وتعليمات السلطات السياسية العليا.
يذكر ان الدعوة للجهاد في افغانستان جرت عام 1979 باتفاق سعودي مصري اميركي، وبرعاية المستشار الأميركي آنذاك بريجنسكي ومشاركة الملك الراحل فيصل وأنور السادات.
وكانت صحيفة “رأي اليوم” الألكترونية أكدت الثلاثاء، أن روسيا حذرت قطر والسعودية في خطاب سري من نتائج وخيمة في حالة ما إذا أقدمت على تزويد المعارضة السورية بمضادات للطيرانضد الطائرات الروسية، وحذرتها من مغبة تكرار سيناريو أفغانستان من تجنيد المتطرفين.
وأوضحت أن موسكو تتخوف من استغلال دول غربية الحملة العسكرية التي تشنها ضد الإرهابيين في الأراضي السورية وتزودهم عبر دول الخليج بأسلحة مضادة للطيران لاختبار مدى اعتراضها للطائرات المقاتلة الروسية، وكانت الدول الغربية قد جربت هذا التكتيك في حرب أفغانستان ضد الاتحاد السوفياتي، وعانى منه الجيش الأحمر حينئذ.
ولم تشر الصحيفة التي تتخذ غالبا مواقف سياسية مناهضة لدول الخليج إلى مصدر هذه المعلومات، وهل هي نتاج تحليل شخصي لأحد الصحفيين ام أنها نبأ حقيقي. وأضافت أن روسيا تتخذ إجراءات ردعية واحتياطية في آن واحد، فقد قررت فرض طوق بحري في السواحل السورية بدعم من سفن حربية صينية متواجدة في المنطقة ومنها حاملة للطائرات، فيما كان الإجراء الثاني تكثيف دوريات جوية مع الحدود السورية-التركية ويتعدى الى خرق المجال الجوي التركي في رسالة واضحة لأنقرة بالإحجام عن تمرير أسلحة للمعارضة.
واعتبرت الصحيفة ان “ليس من باب الصدفة قيام الطائرات الجوية الروسية بخرق الأجواء التركية مرتين أمس الاثنين واليوم الثلاثاء. وعسكريا، عندما يتكرر ما يبدو أنه خطئ، يصحب خطابا سياسيا وعسكريا واضحا”، مشددة على أن سلاح الجو التركي لم يتسامح السنة الماضية مع طائرة سورية خرقت أجواءه عن طريق الخطئ، لكنه يقف عاجزا أمام طائرات روسيا.
وقال دبلوماسي فرنسي مقيم في معهد واشنطن هو أوليفييه ديكوتينيي إن روسيا هي في وضع أفضل للاستفادة من دورها العسكري على الساحة الدبلوماسية، كما تبيّن من اجتماع بوتين المطوّل مع الرئيس أوباما في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو الأول من نوعه منذ بضع سنوات. وفي حين لا تزال إيران تُظهر موقف متحدي تجاه واشنطن وتتورط في مواجهة إقليمية مع المملكة العربية السعودية، أظهرت روسيا استعدادها للانخراط مع دول غربية وإقليمية حول الأوضاع في سوريا. وعلاوة على ذلك، قضى العديد من الضباط البعثيين العلمانيين – الذين يشكلون العمود الفقري للنظام السوري – الكثير من تدريباتهم المبكرة في الاتحاد السوفياتي (وكثيراً ما تزوجوا من نساء [روسيات])، لذلك فإنهم قد يفضلون مؤيديهم الروس على مناصريهم المرهقين من الجمهورية الإسلامية. وبالتالي، فمع كل الثناء (والارتياح) الذي ولّده التدخل في طهران، فإن وجود روسيا في سوريا (وإلى حد أقل في العراق) يشكل تحدياً لنفوذ إيران – سواء حول سير الحرب أو بشأن التوصل إلى تسوية نهائية، عندما قد تختلف المصالح الروسية والإيرانية.
ولم يصدر عن الرياض أي موقف رسمي من التدخل الجوي الذي بدأته روسيا في سوريا في 30 أيلول/سبتمبر، لكن السعودية وقعت مع سبع من دول التحالف الدولي ضد التنظيمات المتطرفة بيانا يدعو روسيا إلى التوقف “فورا” عن استهداف المعارضة السورية والسكان المدنيين والى “تركيز جهودها” على ضرب تنظيم “الدولة الإسلامية”. فرانس 24 / أ ف ب/وكالات