#محمدبنراشد :صدام كان مغيَّباً لا يفهم بالسياسة الدولية..اجتمعنا معا 5ساعات وخرج غاضبا 4 مرات!
أكد رئيس وزراء دولة الإمارات العربية المتحدة، حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد، بأن إسقاط الرئيس العراقي صدام حسين كان ميلادا للفوضى والإرهاب والطائفية في المنطقة، مؤكدا أن الخطاب الطائفي الشيعي أنتج خطابا مضادا سنيا، وفيما كشف أن المنطقة ليست على أجندته، لأنها هي الأجندة نفسها، شدد على أنه لا يستخدم مبادراته الإنسانية لأي غرض سياسي أو عائد اقتصادي، ولا يفرق في العطاء لأي أسباب دينية أو طائفية.
وقال محمد بن راشد، في حوار مع مجلة نيوزويك الأمريكية، نشرته الخميس، إن “بداية التدهور الكبير والفوضى في منطقتنا كانت مع غزو العراق، وحل جيشه”.
وأشار حاكم دبي والرجل القوي في الإمارات إلى أن الخطاب الطائفي الشيعي الذي أنتج خطابا مضادا سنيا قائلا: “فتح المجال لخطاب وجماعات طائفية إقصائية، ثم رد فعل تكفيري إرهابي، ثم فوضى تقودها أحزاب وجيوش صغيرة امتد تأثيرها لأكثر من مكان”.
وأضاف بن راشد: “كل من توقع الأخطاء التي وقع فيها صدام حسين، أدرك بعد غزو العراق أن مأساة هذا البلد العربي ستحدث أضرارا لكل المنطقة قد لا يمكن الخلاص من آثارها حتى بعد عشرات السنين”.
اجتمعت 5 ساعات مع صدام وخرج 4 مرات غاضبا ليعود ويطلب الشاي العراقي!
وتابع كنا نرى بوضوح في دولة الإمارات، وحسب المعطيات الدولية في ذلك الوقت والحسابات السياسية، أن المنطقة ستكون مقبلة على فوضى كبيرة إذا حصل الغزو، والقصة أنني ذهبت بنفسي لمقابلة صدام حسين قبل الغزو، لأنقل إليه الصورة بكل وضوح ودون مجاملات، ولأقدم له النصح من شخص محب للعراق وأهله وحريص على مستقبله واستقراره، وجلست مع صدام حسين نحو 5 ساعات..
كان اجتماعاً صريحاً ومشحوناً أيضاً، خرج خلاله صدام من الاجتماع 4 مرات غاضباً.. ثم يعود ويطلب الشاي العراقي ونكمل حديثنا.. أوضحت لصدام في ذلك الوقت أن التوازنات السياسية الدولية تتطلب تنازلات، وأن إنقاذ العراق يتطلب تنازلات، وأن الوقت هو وقت حكمة وليس وقت حرب، وأننا في دولة الإمارات مستعدون لتقديم دعم كامل له في حال تنازل للضغوط، ووصل إلى حل توافقي سلمي لإنقاذ العراق.
وكم تمنيت لو استمع صدام لنصح محبي العراق وأهله، لكان وفر على هذه المنطقة الكثير من المآسي والفوضى والتدهور التي أعقبت سقوط العراق.
صدام غير ملمّ بالسياسة الدولية ويستمع لنفسه فقط
وجوابا على سؤال عن سبب عدم سماع صدام لكم ولنصحكم؟ قال بن راشد “صدام حسين شخص عارف وعالم بشؤون بلده الداخلية، وقادر على إحداث توازن داخلي في العراق وقيادة تنمية لشعبه، ولكنه على الصعيد الخارجي لم يكن واقعياً مع الأسف، بل كان مغيَّباً إن صح التعبير، ولعل المحيطين به كانوا يصورون له الأمور بشكل مخالف للواقع تماماً، ولعل غزو الكويت مثلاً هو أكبر دليل على نوعية الأخطاء التي يمكن ارتكابها عندما لا تكون ملماً بالسياسة الدولية وغير مهتم بتوازناتها ولا واقعيتها. لم تكن لدى صدام واقعية سياسية في تعاملاته الدولية، ولعل ذلك بسبب المحيط المجامل له، حيث كان كمن يستمع لنفسه، ويتحدث مع نفسه، وهذا أحد أخطاء القادة العرب المشتركة مع الأسف الشديد، لم يكن لدى صدام رؤية واضحة حول الوضع العالمي في ذلك الوقت، ولم تكن لديه الحكمة الكافية للاستماع لنصيحة الأصدقاء، رحمه الله، ورحم الله شعب العراق وشعوب المنطقة.. تأخرت دولنا عشرات السنين بسبب أخطاء فردية.
تفاصيل خطيرة يكشفها الشيخ محمد بن زايد عن موافقة صدام على مبادرة الإمارات
قال لي القذافي: أنا قمت بثورة شعبية وانت قمت بثورة اقتصادية..فلنتعاون إذا!
وضاف “التقيت أيضا بمعمر القذافي بخيمته المشهورة، فقال لي إنه قام بثورة شعبية، وأنا قمت بثورة اقتصادية، ولا بد أن نعمل معا، وتمنيت في ذلك الحديث أن أعطيه بعض النصح في القيام بالثورات الاقتصادية وتحسين حياة الشعوب، لكنه هو من كان يحدثني عن تفاصيل ثورتنا الاقتصادية في دبي والإمارات وعن أهمية الأنظمة الإدارية الحديثة، وعما يميز اقتصادنا المنفتح، وغير ذلك، كان معمر القذافي كمن يتحدث إلى نفسه أيضا، لم يكن يريد الاستماع لنصح أحد أو الاستفادة من تجربة أحد، وهذه أحد أهم الأخطاء التي يقع فيها بعض القادة، وهو ألا يكون عندهم التواضع الكافي للاستماع لرأي صديق، أو متخصص، أو عالم، أو غيرهم.
بن راشد:من كان يصدق قبل 10 سنوات أن “أبل” ستكون اكبر من شركات نفطية عمرها 100 عام!
وقال محمد بن راشد إن منطقة الخليج العربي غير قابلة للتجزئة، فهي إما أن تنهض معا وإما أن يلحق التردي كل أعضائها، وهو يقولها بصراحته الصادقة: “المنطقة اليوم كما نراها على محك تاريخي، وعند مفترق طرق حضاري، أما أن تستعيد حضارتها وتستأنف ريادتها، وإما أن تكون منطقة غير صالحة للسكن.
وعن المستقبل الاقتصادي للمنطقة، قال محمد بن راشد، “لست محللا اقتصاديا، ويمكنكم بالتأكيد الحصول على إجابة أفضل من المتخصصين، ولكن ما أعرفه من خلال خبرتي أنه من الخطأ الكبير أن تعتمد الحكومات على ما يقوله المحللون الاقتصاديون ومتابعو الأسواق الدولية وأصحاب التقارير المسؤولة عن المؤشرات فقط، الاقتصاد العالمي خلال الأعوام العشرة المقبلة هو غير الاقتصاد العالمي خلال العشرة السابقة”.
وأضاف “مهمة الحكومات هي التنبؤ بهذا المستقبل، والاستعداد له، ليس المهم هو تقلب الأسواق الاقتصادية الحالية، المهم هو ما القطاعات التي ستقود اقتصاد العالم خلال السنوات المقبلة، حتى نكون ضمن هذه القطاعات من اليوم، من كان يظن قبل 10 سنوات مثلا أن شركة مثل أبل سيبلغ حجمها أكبر من شركات نفط عمرها أكثر من 100 سنة”.
شركة مثل “أوبر” هي الأكبر عالمياً في مجال النقل، وهي لا تمتلك أية سيارات أو سائقين، وقيمتها تتجاوز 50 مليار دولار، وعمرها سنوات عدة فقط
هل تعرف أن متوسط عمر الشركات في قائمة الخمسمئة شركة الأكبر عالمياً كان 75 عاماً، أما اليوم، وفي عالم سريع التغير والتفاعل، فإن متوسط أعمار الشركات في هذه القائمة هو 15 عاماً فقط
الاقتصاد العالمي يمر بطفرات اقتصادية لابد من الانتباه لها والبناء عليها.. إذا لم تنتبه الحكومات لذلك ستظل متخلفة عن غيرها.. اليوم مثلاً الأصول غير المرئية أهم من الأصول المرئية.. هل تعلم أن 80% من أصول الشركات الخمسمئة الأكبر عالمياً هي في أصولها غير المرئية كالأبحاث والدراسات والاختراعات، و20% لأصولها المادية، وقبل 40 سنة فقط كانت النسبة بالعكس تماماً
وليس سراً أن حكومات أميركا وأوروبا تصرف مجتمعة سنوياً أكثر من 250 مليار دولار من الأموال الحكومية على الأبحاث والتطوير لتبقى في مواقع الريادة العالمية. بل إن دولة مثل بريطانيا تصرف من ميزانيتها سنوياً على البنية التحتية غير المرئية كاستحداث الأنظمة والتدريب والأبحاث والتطوير أكثر مما تصرفه على البنية التحتية المرئية من شوارع وأنفاق ومبانٍ وغيرها.
لابد يا أخي أن تدرك حكوماتنا العربية هذه الحقائق الاقتصادية الرئيسة التي غيرت وستغير اقتصاد العالم بشكل مستمر.. هذه الحقائق أهم بكثير من التقارير التحليلية اليومية، لأنها تجعل الحكومات قادرة على الاستعداد للمستقبل، بدل أن تأتي أجيال جديدة تُفاجأ بواقع جديد لا تستطيع التكيف معه، ولا تمتلك أدواته ومهاراته، ولا تحسن العمل في بيئته، ومن ثم تظل دولنا خارج السباق الحضاري.
واكد بن راشد “اليوم جزء كبير مما نصنعه في دولة الإمارات هو بناء نموذج ناجح للمنطقة.. نموذج تستطيع أي دولة أو شعب أن يتبناه.. نموذج يقوم على التسامح والانفتاح، وعلى التعايش المشترك، وعلى مجموعة كبيرة من الأنظمة الاقتصادية والإدارية المتطورة التي توفر جودة حياة للجميع.. نموذج يقوم على دعم الشباب، وإعطائهم فرصة لبناء أوطانهم.. نموذج أيضاً يقوم على تمكين المرأة بشكل كامل، واستغلال طاقاتها الكامنة دون أي تحجيم أو تعطيل لنصف المجتمع، وما نفعله في دولة الإمارات هو بناء نموذج من داخل المنطقة يصلح للتطبيق في المنطقة بكل تعقيداتها وتداخلاتها وتاريخها وإرثها الثقافي والسياسي والاجتماعي، ونتمنى الاستفادة من هذا النموذج، وأبوابنا مفتوحة لإخواننا العرب للبناء عليه.
وقال بن راشد أيضا بأن المنطقة ليست على أجندته، لكنها نفسها الأجندة وعمله والكثير من مبادراته، وقال: “من يعرفني ويعرف تاريخي يعلم بأني لا استخدم مبادراتي الإنسانية لأي غرض سياسي أو عائد اقتصادي، ولا نفرق في العطاء لأي أسباب دينية أو طائفية أو عرقية أو غيرها”.
وكان الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد ابوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، كشف عن موافقة الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين على مبادرة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الخاصة بتنحيه عن الحكم.وعن قبول الاميركيين ايضا بتمكينه من الخروج الآمن من الاراضي العراقية،لكن اطرافا في الجامعة العربية احبطت المبادرة التي لو اقرت لجنبت العراق الحرب وما يجري الان من اراقة دماء.
ورد ذلك في فيلم وثائقي بثته قناة “العربية” على ثلاثة اجزاء حمل اسم “زايد حكيم العرب” رد خلاله سمو الشيخ محمد بن زايد على سؤال لمعد الفيلم سعد السيلاوي ان كان صدام وافق بالفعل على المبادرة الاماراتية بالقول: “نعم وافق”، مشيرا إلى أن المبادرة لو تمت وتوفر الدعم لها من قبل الاطراف المختلفة في القمة العربية (في شرم الشيخ العام 2003) لكانت الصورة اليوم ليست كما نراها في واقع الارض العراقية: قتل ودمار وتفجير.