بيروت/ (رويترز): قال المرصد السوري لحقوق الإنسان السبت إن الحكومة السورية تستعد للتقدم صوب الرقة معقل تنظيم الدولة الإسلامية في الوقت الذي واصلت فيه الطائرات الروسية المتحالفة مع النظام السوري قصف بلدات واقعة تحت سيطرة المعارضة شمالي حلب.
والتقدم صوب الرقة سيمنح الحكومة السورية من جديد موطئ قدم في المحافظة لأول مرة منذ عام 2014 وقد يستهدف استباق أي خطوة من جانب المملكة العربية السعودية لإرسال قوات برية لمحاربة مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد في سوريا.
وتمضي روسيا قدما في حملتها الجوية المستمرة منذ أربعة شهور دعما للرئيس السوري بشار الأسد قبل اتفاق القوى الكبرى أمس الجمعة على “وقف الأعمال القتالية” في سوريا. ومن المقرر أن يسري الاتفاق في غضون أسبوع.
وأعلن الجيش السوري السيطرة على مزيد من الأراضي في شمال حلب حيث دعم حزب الله اللبناني المتحالف معه تقدمه وكذلك مقاتلون إيرانيون قطعوا طريق الإمداد الرئيسي لمقاتلي المعارضة من تركيا إلى مناطق واقعة تحت سيطرة المعارضة في حلب.
وإذا استعاد الجيش السوري حلب وأغلق الحدود مع تركيا فستوجه دمشق ضربة ساحقة للمقاتلين الذين كانوا يحققون تقدما إلى أن تدخلت روسيا في سبتمبر أيلول الماضي دعما لحكم الأسد ولتمهيد الطريق أمام التقدم الحالي.
واتفاق وقف الأعمال القتالية ليس هدنة رسمية إذ لم توقع عليه الأطراف المتحاربة وهي الحكومة السورية ومقاتلو المعارضة الذين يسعون للإطاحة بالأسد في الحرب المندلعة منذ خمسة أعوام وأسفرت عن سقوط 250 ألف قتيل.
وقالت روسيا إنها ستواصل قصف تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة التي تقاتل في العديد من المناطق في غرب سوريا قوات الحكومة مع مقاتلي المعارضة الذين تعتبرهم دول غربية معتدلين.
وقال المرصد إن قوات الحكومة على بعد بضعة كيلومترات من الحدود الإقليمية للرقة بعد تحقيق تقدم سريع شرقا على طول طريق سريع صحراوي في الأيام القليلة الماضية من إثريا. ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من الجيش السوري.
ولم يكن للحكومة السورية موطئ قدم في محافظة الرقة منذ أن سيطر مسلحو الدولة الإسلامية على قاعدة الطبقة الجوية في عام 2014. وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان لرويترز إن قوات الحكومة على الحدود الإقليمية للرقة.
ويستهدف كل من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والحكومة السورية المدعومة جوا من روسيا تنظيم الدولة الإسلامية -وهدفه الرئيسي هو توسيع دولة “الخلافة” وليس الإطاحة بالأسد وإصلاح سوريا- في حملتين منفصلتين.
وقالت الدول الخليجية التي تريد رحيل الأسد إنها ستكون مستعدة لإرسال قوات ضمن أي هجوم بري تقوده الولايات المتحدة ضد الدولة الإسلامية. وقال وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر أمس الجمعة إنه يتوقع أن ترسل السعودية والإمارات العربية المتحدة قوات خاصة للمساعدة في استعادة الرقة.
وفيما قد يكون ردا على هذه التصريحات قال رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف السبت إنه ليس هناك داع لإخافة الجميع بعملية برية في سوريا.
وكانت الحكومة السورية قالت إنها ستحارب أي وجود لقوات أجنبية في البلاد دون موافقة.
- ضربات جوية في جلب
قال عادل الجبير وزير الخارجية السعودي في مقابلة نشرت السبت إن تدخل الجيش الروسي لن يساعد الأسد على البقاء في السلطة.
وأضاف لصحيفة (سود دويتشه تسايتونج) الألمانية “لن يكون هناك بشار الأسد في المستقبل.”
وجذبت الحرب الأهلية في سوريا المندلعة منذ عام 2011 معظم القوى الإقليمية والعالمية مما تسبب في أسوأ حالة طوارئ إنسانية في العالم كما أدت إلى تجنيد جهاديين من أنحاء العالم.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية أمس الجمعة إن الأسد “واهم” إذا كان يعتقد أن هناك حلا عسكريا للحرب في سوريا.
وقال اثنان من قادة مقاتلي المعارضة في سوريا لرويترز أمس إن مقاتلي المعارضة السوريين حصلوا على كميات جيدة من صواريخ جراد من داعميهم الأجانب خلال الأيام الأخيرة لمساعدتهم على التصدي لهجوم تنفذه الحكومة السورية في حلب بدعم من روسيا.
وتزود القوى الأجنبية المعارضة للأسد بما في ذلك السعودية وتركيا مقاتلي جماعات المعارضة بأسلحة عبر مركز عمليات مقره تركيا.
وتلقت بعض هذه الجماعات تدريبا عسكريا أشرفت عليه وكالة المخابرات المركزية الأمريكية. وأصبح مقاتلو هذه الجماعات هدفا بشكل منتظم للضربات الجوية الروسية.
وقال المرصد إن الطائرات الحربية الروسية نفذت 12 غارة على الأقل لبلدات واقعة تحت سيطرة المعارضة شمالي حلب أثناء الليل أمس الجمعة واليوم السبت.
وقال الجيش في وقت متأخر من مساء أمس إنه سيطر على ثلاث مناطق إلى الشمال الغربي من حلب وهو تقدم أكده المرصد السوري لحقوق الإنسان.
ودعا رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس روسيا اليوم السبت لوقف قصف المدنيين في سوريا قائلا إن ذلك أمر ضروري من أجل تحقيق السلام في البلاد.
وأضاف في كلمة في مؤتمر للأمن في ميونيخ “فرنسا تحترم روسيا ومصالحها… ولكننا نعلم أنه من أجل إيجاد الطريق نحو السلام من جديد ينبغي أن يتوقف القصف الروسي للمدنيين.”
واتهم وزير الخارجية الأمريكي جون كيري روسيا اليوم السبت بضرب جماعات المعارضة الشرعية والمدنيين في الحملة العسكرية التي تشنها في سوريا وقال إن على موسكو أن تغير أهدافها كي تحترم اتفاق وقف إطلاق النار الذي أبرم أمس.
وتابع في مؤتمر أمني في ميونيخ “حتى الآن استهدفت الغالبية العظمى من الهجمات الروسية جماعات المعارضة الشرعية. ولكي تلتزم روسيا بالاتفاق الذي أبرمته يجب أن تتغير عمليات الاستهداف الروسية.”
واتهم روسيا بإسقاط ما سماها “بالقنابل الحمقاء” في سوريا التي ليس لديها هدف محدد قائلا إن ذلك أدى إلى قتل مدنيين.
وتنفي روسيا استهداف المدنيين. وقال ميدفيديف اليوم إن ذلك ببساطة غير صحيح.
وأضاف في المؤتمر الأمني في ميونيخ بعد لحظات من تصريح فالس “لا يوجد دليل على أننا نقصف مدنيين على الرغم من أن الجميع يتهموننا بذلك.”
وتابع “روسيا لا تحاول تحقيق أغراض سرية في سوريا.. بل نحاول أن نحمي مصالحنا الوطنية وحسب.” وأشار إلى أن موسكو تريد منع المتشددين من الوصول إلى روسيا.