درس المتحضر وسفه المتخلف:لندن تختار باكستانيا أمه خياطة عمدة لها وعرب يسألون:سنّي أم شيعي؟

لندن تقدم درسا في المدنية والحضارة، درسا يصعب علينا فهمه، واكتشاف معناه، سنكتفي كالعادة بالدهشة بأنواعها المختلفة، لنعود بعدها “لشأننا” العظيم.

وكما هو الحال مع آلاف الدروس الحية التي نراها يوميا من حولنا، فلن يدفعنا هذا الأمر على الاغلب للتساؤل عن أوضاعنا “المشرفة” التي يذبح فيها بعضنا الآخر، فقط لأن دمه يحتوي على كريات دم شيعية او سنية او درزية او كردية الخ.

هو درس جديد لا أكثر، انتصار آخر لقيم التعايش..لكننا سرعان ما سنتناساه، ونضمه لمجموعاتنا الكاملة من الدروس “المملة” الأخرى، من حولنا ولا تثير فينا أي استجابة أو تساؤل أو حتى خجل، مثل اختراع موبايل جديد أو دواء جديد أو سيارة جديدة..

هكذا سنمرر الموضوع، نكتفي بالتفكير باحتواء هذا الدرس تلقفه من الخارج، استثماره و”اللعب” معه، ومطاردته كأي غنيمة،

وسنتساءل: عمدة لندن مسلم؟..ممتاز! سنحاول التقرب اليه اذا..قد يمنحنا امتيازات وفرص جديدة فهو مسلم مثلنا وسـ”يتفقهم” الأمر! ولكن هل تعرفون إن كان مسلم شيعي أو سني؟ .. حسنا سنذهب إلى تويتر فالموضوع مشتعل هناك، وقد كشف كثيرون عن “حقيقة” أصوله إن كانت مجوسية أم ناصبية!!

وكما يبدو أن هؤلاء في واد ولندن العظيمة، لندن العلم والأدب والحرية والتعددية، المتنوعة وحتى عمدتها، في واد آخر!

..

واليكم الخبر الذي يقول إن لندن انتخبت المسلم الباكستاني صديق خان، بسبب برنامجه السياسي والاقتصادي القوي الذي نال رضا البريطانيين. وخان، 45 عاما، هو نجل مهاجر باكستاني كان يعمل سائق حافلة ونشأ في سكن حكومي، متواضع مع امه الخياطة، حيث عمل في البداية محاميا في مجال حقوق الإنسان، قبل أن يصعد لمرتبة وزير في حكومة رئيس الوزراء السابق غوردون براون.

وقد ضجت مواقع التواصل الجماهيري بنبأ اختياره خان عمدة لها كأول عمدة مسلم لعاصمة الضباب ‫#‏لندن‬

مع (صادق خان)، انتصار آخر لقيم التعايش. انتصار للأصول حين لا تقيد المرء، وانتصار للديمقراطية التي تمنح الفرص على أساس المواطنة. سننشغل ما إذا كان اسم الرجل (صادق) أم (صدّيق) ونهمل الدرس..

وحصل خان على 44 % من الأصوات، مقابل 35 % لمنافسه المحافظ الثري زاك غولد بعد منافسة بين عشرة مرشحين آخرين والمنصب يعطيه صلاحيات كبيرة في تولي مهام النقل والشرطة والإسكان، وتعزيز التنمية الاقتصادية والتعليم والصحة.

واعتبر العديد من المسلمين في بريطانيا فوز صادق خان (45 عامًا)، دليلاً على التعددية الثقافية في بريطانيا.

وفي أول تعليق له قال خان: “أنا مسلم لندني بريطاني، من أصول باكستانية. هذه المدينة عظيمة. نحن لا نتقبل بعضنا فقط بل نختار بعضنا، ونحتضن بعضنا، ونحتفي ببعضنا.. وهذه إحدى أهم المزايا العظيمة للندن”. وهاجر والده في الستينيات إلى بريطانيا، ليعمل كسائق حافلة لمدة 25 عامًا، بينما والدته عملت في الخياطة، وعاشوا في حي فقير، وكان يشجِّع نادي ليفربول.

وأنهى خان دراسته في القانون في لندن، وأصبح أحد المحامين المهمين. وفي 2008 أصبح وزيرًا للنقل، وأول غربي يؤدي مناسك الحج وهو في منصبه دون أن يكترث لردة فعل المتعصبين وخصومه.

فيما كتب عبد الباري عطوان ‏abdelbariatwan ماذا لو هاجر صادق_خان الفائز بمنصب عمدة لندن الكبرى الى دولة عربية وخليجية بالذات؟ اليكم السيناريوهات المختلفة

وشهدت صفحات تويتر في دول الخليج ضجة كبرى لانتخابه واليكم تغريدات مختارة منها