هل جربت هذه الحالة التي تستغرق فيها في العمل أو المذاكرة، حتى تفقد الانتباه لكل ما يجري حولك، ويصبح عقلك منغمسًا تمامًا فيما تفعله؟ وعندما تنهي تتعجب من الوقت الكثير الذي مضى دون أن تشعر؟
هل تعرف هؤلاء الرياضيون الذين يؤدون الألعاب الخطرة؟ إنها أيضا لحظة الاستغراق، حينما يزيد تدفق الأدرنالين ويصبحون في قمة التركيز، ولا يشعرون بالخطر حولهم.
في تلك الحالة تحديدًا التي تفقد فيها إحساسك بنفسك وبالزمن، تصبح في أكثر لحظاتك إنتاجًا وإبداعًا.
هذه الحالة المثالية واحدة من أهم التجارب التي يختبرها الإنسان، والتي نستطيع بلوغها بالتحفييز الذاتي، ثم الإرادة والتركيز، وعدم التشتت بين مهام كثيرة.
إذا كنت تتعلم ذاتيًا أو تريد تحقيق أعلى إنتاجية أثناء المذاكرة.. فتخيل كم الاستفادة التي تحصل عليها عندما تستغرق تمامًا في التعلّم.
التحفيز الذاتي عندما تتعلّم الشيء الذي تحبه ستظل دائماً مُتحمّساً له ولديك الشغف الذي يدفعك للمواصلة والانغماس التام في المذاكرة، لأنك ستشعر بمتعة التعلّم، ولن تكتفي منه أبداً.
هذا يعني أن تمتلك القدرة على التوجيه الذاتي والسيطرة على نفسك، ووضع هدف واضح تسعى إليه.
يقول دانيال بينك في كتابة “القيادة”:
أنت بحاجة لأن تشعر أن ما تقوم به مهم وله قيمة كبيرة. فكّر مع نفسك لماذا تتعلّم شيئًا جديدًا؟ هل تتبع شغفك؟ أم هو مجرد شيء أُجبرت على تعلّمه.
أهداف واضحة عندما يكون لك هدف واضح، ستشعر أن كل مجهود تبذله في التعلّم هو خطوة نحو تحقيق الهدف. وبالتالي لن يصيبك الملل لأنك تعرف دائماً الخطوة التالية، وترى أمامك الهدف يتحقق شيئًا فشيئًا، وستعرف جيداً في كل مرحلة المهارات التي تريد تطويرها لبلوغ ذلك الهدف.
قسّم الهدف الكبير إلى عدة أهداف صغيرة، حتى تبقيك دائمًا في الاتجاه الصحيح، فرؤية التطوّر الذي تحققه في كل مرحلة، سيساعدك على التركيز على الخطوة التالية والانغماس فيها تمامًا لأنك تعرف نتيجتها المثمرة. المتابعة الفورية الأهداف الواضحة تجعلنا نعرف ما الذي نريده بالضبط، أما المتابعة الدائمة، فهي تُعرِّفنا هل نسعى للهدف بطريقة صحيحة؟ وكيف نبذل أفضل ما بوسعنا؟
المتعلمون ذاتيا بحاجة دائمة للمتابعة والتقييم. هل تسير على الخطة التي وضعتها؟ هل النتيجة التي وصلت إليها غير كافية؟ ماذا ستفعل إذًا لتحسين مستواك؟
أشياء مثل الاختبارات الصغيرة أو استذكار ما تعلمته أو حل المسائل، ستخبرك هل تسير في الطريق الصحيح، بدلًا من أن يضيع مجهودك دون جدوي. كيف تختار ما ستدرسه؟ إذا كنت تتعلم ذاتيًا، فستجد الكثير من المواد المتاحة والتي تحتار بينها. اختيار مادة سهلة للغاية سيصيبك بالملل والتشتت، ولكن المادة الصعبة كذلك سترهقك كثيراً وقد تنفرك من التعليم، وتشعرك بالإحباط وخيبة الأمل.
المعادلة الصعبة هي أن تكون المواد التعليمية مناسبة لمستوانا وفيها شيء من التحدي لتنمية مهاراتنا، لا أكثر من ذلك ولا أقل.
ستحتاج لأن تعرف كيف تختار المواد التي تُمكّنك من التعلّم وتحقيق الهدف، ولكنها ليست بالسهولة التي لا تبذل معها أي مجهود ولا تطوّر من مهاراتك أو تتعلم شيئًا جديدًا، فمهاراتنا تتطور بالتحديات وحل الصعوبات وتعلم الأشياء الجديدة علينا، بشرط أن نضع أنفسنا في المستوى الذي يمكننا من مواجهة هذا التحدي، وتكون لدينا الإمكانيات التي تساعدنا على أخذ الخطوة التالية. المخاطرة عندما يأتي الأمر للتعلّم، لا يجب أن تخاف من المجهول، لأن الخوف قد يوقفنا عن المحاولة أو يجعلنا حريصين للغاية ولا نأخذ خطوة للأمام.
لكن بعض الشعور بالخوف قد يكون مفيدًا، ويساعدك على الاستمرار وعدم التكاسل، مثل الخوف مثل الامتحانات، أو رغبتك في تعلم المزيد والمزيد حتى تقبل في هذه الوظيفة، وخوفك من الفشل أو عدم تحقيقك حلمك. لكن لابد أن يكون بالنسبة الصحية التي تدفعك للأمام، وليس الخوف المرضي الذي يعطلك. التعلّم بالحواس إذا أردت تعليمًا فعالًا يجب ألا تعتمد على عيناك وأذنك فقط، عندما تستخدم جميع حواسك في التعلم، وتدخله في حياتك وعاداتك اليومية.
إذا كنت تتعلم اللغة لا تكتفِ بالقراءة والاستماع، مارسها بالتحدث والكتابة، إذا كنت تتعلم مبادئ الرياضيات، لا تكتفِ بحل المسائل، بل استخدم القواعد الرياضية في تعاملاتك اليومية، عند شرائك للطعام أو في المواصلات. وإذا كنت تتعلم التاريخ تناقش فيه مع أصدقائك كأنك تستذكر ما تعلمته.. وهكذا.
هذا سيجعل التعلم عملية طبيعية تمارسها كل وقت، وليس أثناء الجلوس أمام الكتاب أو الكورسات فحسب. وأخيراً حتى تصل لهذه الحالة من التركيز يجب أن يكون التعلّم ممتعًا، مثل تلك الأوقات التي تستغرق فيها في قراءة كتاب ولا تسطيع تركه من يديك حتى تنهيه تمامًا. فكّر في عملية التعلم وكأنها لعبتك المفضلة، إذا كنت تتعلم ذاتيًا فلديك ميّزة هنا، لأنك ستتبع شغفك وتختار التخصصات التي تحبها بالفعل ولست مجبرًا عليها، فالفضول والشغف بالتعلّم سيدفعك تلقائيًا للتركيز وعدم الشعور بالملل أو التشتت.
أما إذا فكرت في التعلّم كعملية مُرهِقة فلن تستطيع الإنتاج بنفس الكفاءة. ولا مانع أيضًا من الاستعانة بالوسائل التي تزيد تركيزك، إذا كنت تستمع لموسيقى تساعدك على الاستغراق أو تقسّم وقت دراستك بطريقة معينة، أو أيًا كانت الوسيلة فهي تختلف من شخص لآخر.
هناك أيضا أشياء عامة تمارسها في حياتك اليومية لزيادة قدرة الدماغ على التركيز، مثل تناول الأطعمة الصحية كالفواكه والمكسرات والشوكولاته الداكنة، وعدم الإكثار من النشويات والسكريات لأنها تحدث خللاً في مستويات السكر بالدم، وبالتالي تضعف قدرتك على التركيز لفترة طويلة.
أيضًا الراحة تعتبر جزءًا هامًا من العمل أو المذاكرة. لا تهمل أخذ فترات قصيرة من الراحة خلال المذاكرة، لأنها مهمة ليستعيد الدماغ نشاطه، واستيعاب المعلومات بشكل أفضل، تمامًا كما إذا كنت تمارس لعبة رياضية، فالمجهود المتواصل لن يفيدك على الإطلاق. منقول من أراجيك