أزاميل/ متابعة الفيسبوك: أدناه شهادة حية أخرى بقلم الكاتب علي سام Ali Sam، تستحق التوثيق والتامل فيما جاء فيها ويكفي ان نشير إلى تعليق الكاتب المصري Massaad Abu Fajr مسعد ابو فجر الذي قام بمشاركتها لنعرف اهميتها وجاء فيها:
“عليّ السام: هذه التركيبة جعلتني اشعر إنني جزء من شيء أكبر مني. جزء من العراق الإسلامي. جزء من الخوف بأن تطرد من بلادك كما طرد اليهودي من قبلك او كما يسبى اليوم الازيدي”.
وادناه النص الكامل لهذه “الشهادة”
أن تولد كفرد ينتمي اهله الى دين لا يتجاوز تعداد اتباعه الستين الفا وان تولد في داخل بلد يعتمد على الهوية الدينية كالعراق شيء غير شخصيتي منذ اول وعي بالحياة. أهلي الذين ولدوا في جنوب العراق يتكلمون عن طفولة كان فيها شارع للصابئة أما انا فولدت في بغداد ولم يكن في منطقتنا بيت صابئي سوى بيتنا. في الابتدائية كانت معي طفلتان من الصابئة: فرح وسهى اما في المتوسطة والاعدادية والجامعة فلم اتعرف على صابئي واحد. هذه التركيبة جعلتني اشعر إنني جزء من شيء أكبر مني. جزء من العراق الإسلامي. جزء من الخوف بأن تطرد من بلادك كما طرد اليهودي من قبلك او كما يسبى اليوم الازيدي. بالطبع ليس هناك شخصية واحدة تتشكل بشكل واحد وربما شعوري كان ليكون مختلفا لو إنني ولدت في بلد علماني لا يعطي الانتماء العشائري والديني تلك الأهمية لكنني ولدت في عائلة معارضة للنظام العراقي فتعمقت غربتي وتعمق سؤالي. في المدرسة وانا اتعلم كره إسرائيل مع اقراني كنت اجدني وانا اسأل نفسي عن سبب كرهي لمجموعة دينية ولدت كما ولدتُ في دين لم نختره! كنت أحاول أن أتصور أفكاري لو إنني كنت قد ولدت يهوديا في إسرائيل. هل يا ترى كنت سأكره العراقيين امثالي ام إنني كنت سأحارب للبقاء دون ان اسأل عن حقي بالوجود في فلسطين؟ لم تنتهي الأسئلة حين وجدت نفسي مهاجرا يتمتع بحقوق أكثر مما كان يحلم في بلاده. استغربت لأنني لم التقي الى يومي هذا بسويدي او إنكليزي او نروجي او الماني سألني عن ديني واستغربت أكثر وانا اتعرف لأول مرة في حياتي على معنى ان تكون مواطنا متساويا بالحقوق وان تكون كرامتك أساس كرامة البلاد والسياسي الذي يمثلك. اليوم اجدني عاجزا عن أن اتعصب لنفسي او لديني او لبلدي. الخارطة الحالية والمستقبلة لا تهمني. لا يهمني ان يكون العراق او بعضا منه جزءا من بلاد فارس او إيران. ما يهمني هو الا يكون جزءا يحكمه ولي او امام يحكم باسم الله فيقتل الله في داخلي. فلتحكمني إيران دون ان تسألني عن ديني ودون ان تتدخل في اختياراتي الأخلاقية والفردية ودون ان تقلل من وجودي بإخضاعي لشريعة لا اعتقد بها. هذا بالطبع ليس ما تريده الحكومة الإيرانية ولهذا أجد نفسي قريبا من الإيراني الذي يبحث عن حريته فأسانده ويساندني في صراع مشترك من اجل الحق بالفردية والمواطنة في هذا العالم. لا يهمني ان حكمتني إسرائيل لكنني مهتم الى الابد بألا تكون إسرائيل التي تحكمني يهودية تفرق بيني وبين انسان مثلي على أساس خيار عبثي خلقنا أبناء وبنات اديان مختلفة. لا يهمني ان تحكمني أمريكا شريطة الا تنظر الي كفرد متخلف بسبب دينه او لونه. لا اريد من يحكم ان يحلم بأن يكون متحكما فأنا قادر تماما على التحكم بنفسي والتصرف بما يتناسب مع حبي للأرض والكائنات والبشرية وبكل تأكيد فأنا لا اريد من يفرق بيني وبين اختي وأخي من البشر على أساس انتماء او لون او دين او جنسية. هذه الأرض هي بيتي وبيت من خلقه الله في الجانب الاخر منها واقدامي وعلمي يعطينني ما يكفي للطواف حولها دون توقف او محدودية. انت اخي: يهوديا كنت ام مسيحيا ام ملحدا ام مسلما ام بوذي وانا لن اتفق يوما مع من يفرقنا عن بعضنا لأنه يريد ان يحكمك او يحكمني. هذا التاريخ من اول الحياة مرورا بالديناصورات وسومر والاهرامات وبابل هو تاريخنا نحن كبشرية وليس ليّ فيه أكثر مما لك فهو كالحب يعطي دون تحزب او هوية. انا عراقي وفارسي وسعودي وفرنسي وامريكي. انا بوذي ومسلم وهندوسي ومسيحي يشعر بالمسيح وانا مفكر حر ينتمي الى كل شيء دون ان يتعصب لانتمائه. ناسا جزء مني والفيزياء وعلوم الانسان ورقصه وشعوبه وخوفه وتطلعاته وفنه واحلامه واختلافاته-كل ذلك هو ملكك وملكي. لا أحد يملك هذه الأرض ولا أحد يملك الكون سوى خالقه ومن لا يملك الكل لا يملك الأجزاء. أنت يا صاحبي الذي لا ينتمي وطني. انت من يسقيني ومن يزرع الرز في الصين ليطعمني. انت اهلي بكل الوانك واشكالك ومعتقداتك. أختلف معك وتختلف معي لكنني يا صاحبي لن اقتلك من اجل من يريد ان يحكمك ويحكمني.