ننشر أدناه نص “التسوية التاريخية” التي كشفت النقاب عنها صجيفة المدى في عددها 3771 الصادر بتاريخ 31 تشرين الاول الماضي، وتم تداولها بشكل واسع محلياً وعربياً، وفتحت باباً للجدل حول إمكانية بلورة رؤية وطنية عراقية لما بعد داعش.
وبحسب مصادر الصحيفة فان “التسوية” تحظى بشبه إجماع شيعي، وإن رئاسة التحالف الوطني الحالية تقوم بوضع اللمسات الاخيرة للتسوية بالشراكة مع الامم المتحدة.
وتعهدت بعثة الامم المتحدة في العراق (يونامي) بتقديم “جهة سياسية سُنية موحدة” للتوقيع على الوثيقة، والحصول على موافقة دول إقليمية سُنية.
وستلعب بعثة يونامي دور الطرف الضامن لتنفيذ بنود هذه “التسوية”، عبر تجميع مقترحات كل الاطراف العراقية لصياغة ورقة نهائية تقوم على حمايتها وتنفيذها. وتعهدت البعثة الأُممية، بحسب المصادر، بالتعامل مع اي طرف يهدد او يعرقل تنفيذها، كما تعهدت بالتحشيد الدولي لصالح المبادرة.
وانطلاقاً مع حرصها على اثارة جدل عقلاني، وخلق مناخات صحية للوصول الى مقاربات وطنية، تنشر (المدى) نص هذه المبادرة بعد ان نشرت سابقاً بعض بنودها.
التسوية الوطنيّة
مبادئ أساسيّة والتزامات أوليّة
مبادرة التحالف الوطني للتسوية الوطنيّة
بغداد 25/8/2016
مدخل التسوية
1. المبادرة تمثّل رؤية وإرادة قوى التحالف الوطني لتسوية وطنية تنتج مصالحة تاريخية عراقية.
2. الهدف من هذه المبادرة الحفاظ على العراق وتقويته كدولة مستقلة ذات سيادة وموحدة وفدرالية وديمقراطية تجمع كافة أبنائها ومكوناتها معا.
3. تلتزم قوى التحالف الوطني ببنود المبادرة بعد الاتفاق والمصادقة عليها.
4. تعتمد المبادرة على مبدأ التسوية التي تعني الالتزامات المتبادلة بين الأطراف العراقية الملتزمة بالعملية السياسية او الراغبة بالانخراط بها، وترفض مبدأ التنازل أحادي الجانب.
5. مسار التسوية الوطنية غير مرتبط بل هو مكمّل لمسارات المصالحات المجتمعية التي تُترجم على شكل أوامر وإجراءات وتشريعات تخدم المجتمع بكل طوائفه وقومياته، وهذا هو فعل الدولة بكل مؤسساتها التي قامت وستقوم به بغض النظر عن مسار التسوية الوطنية، فلا يعني تقديم الرؤى والشروع بالتفاوض للوصول الى تسوية وطنية ايقاف عجلة الدولة، بأن مبادرة التسوية الوطنية مسار ستراتيجي تستمر معه فاعليات ومسؤوليات ومهام وواجبات والتزامات الدولة تحققت التسوية السياسية التاريخية أم لم تتحقق.
هشام الهاشمي: التسوية التاريخية توقيتها سيء ومناورة للكبار ولن تقنع الأحزاب الشيعية الصاعدة
6. مسار المبادرة إطار وطني يشمل جميع المكونات العراقية العرقية والدينية والمجتمعية، ويمكن المضي به على مراحل ضمن إطار التسوية الوطنية الشاملة.
7. لا عودة ولا حوار ولا تسويات مع حزب البعث أو داعش أو أي كيان إرهابي او تكفيري او عنصري وتمثيل المكونات والاطراف العراقية يجب أن يخضع للقبول بالثوابت الواردة بهذه المبادرة.
8. تتعهد بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق بتقديم مساعيها السياسية الحميدة بما في ذلك تحشيد الدعم لعملية المصالحة الوطنية من خلال التيسير وتقديم النصح والدعم والمساعدة في تعزيز والدفع بهذه المبادرة للامام داخلياً وإقليمياً ودولياً.
التسوية الوطنيّة
أولاً/الأسماء المقترحة للمبادرة: التسوية الوطنية – التسوية التاريخية– المبادرة الوطنية للسلم وبناء الدولة.
ثانياً/ماذا نعني بالتسوية الوطنية: التسوية التي نستهدفها تعني: تسوية سياسية ومجتمعية وطنية تاريخية ترمي لعراق متعايش خالٍ من العنف والتبعية، وتنجز السلم الأهلي وتوفر البيئة المناسبة لبناء الدولة، وتشارك فيها كافة فئات المجتمع العراقي العرقية والدينية والمجتمعية بما فيها المرأة والشباب ومنظمات المجتمع المدني وتضع جميع الأطراف العراقية أمام التزامات متبادلة وضمانات ضمن سقوف زمنية محددة تلتزم بها الأطراف.
ثالثاً/ ضرورة التسوية: التسوية الوطنية العادلة والشاملة والمقبولة صيغة إنقاذية للعراق، وأنها الخيار الستراتيجي الأفضل لمجتمعنا ودولتنا، ليس فقط إنهاء الخلاف على قضايا الدولة بل تسعى لإعادة بناء الدولة لضمان استمرارها وتقويتها في وجه تحديات الإرهاب والتقسيم واللا أمن واللا عدالة واللا محاسبة واللا استقرار واللا تنمية والجريمة المنظمة والفساد والفوضى.
مقال: التسوية التاريخية اعتراف بالمشاكل وليست حلا لها فكيف يدعو لمدنية زعماء عشائر وطوائف؟
رابعاً/ التسوية مع مَن؟: تسعى قوى التحالف الوطني للتفاهم مع كل القوى الفاعلة في المجتمع العراقي على تنوعه سواء كانوا داخل أطر الدولة او العملية السياسية أو خارجها بما فيها الوجودات السياسية والدينية والمجتمعية والمعارضة والجماعات المسلحة ضمن سقف الدستور (استثناء حزب البعث وداعش وكل كيان إرهابي وتكفيري وعنصري)، باتجاه اتفاق تاريخي يُعقد مع ممثلي هذه الأطراف التي تمتلك المقبولية والملتزمة بمبادىء المبادرة، ويكون حسم تمثيلها بمشورة ممثلي التحالف الوطني.
خامساً/أسس التسوية: لضمان تسوية حقيقية ممكنة وراسخة ومورد قبول الجميعٍ لابد من الاستناد الى الأسس الآتية:
1- التسوية الشاملة وليس التنازل أحادي الجانب.
2- مبدأ اللاغالب واللامغلوب.
3- تصفير الأزمات بين الأطراف العراقية.
4- رفض استخدام العنف كورقة سياسية بتحقيق التسويات السياسية.
سادساً/المبادئ كثوابت للتسوية:
1. الإيمان والالتزام قولاً وفعلاً بوحدة العراق أرضاً وشعباً والحفاظ على سيادته واستقلال قراره وهويته ونظامه الديمقراطي البرلماني الفيدرالي ورفض تقسيمه تحت أي ظرف.
2. الالتزام بالدستور كمرجعية والعمل به دونما انتقائية والاستعداد لإجراء التعديلات الدستورية على وفق الآليات التي نص عليها الدستور ذاته، والاتفاق على عقد سياسي (تحت سقف الدستور) يوضح ويحسم القضايا الخلافية والمرحّلة والتنظيمية لشؤون الدولة التي يتم الاتفاق على ملفاتها.
3. الاعتراف الرسمي والملزم لجميع الأطراف بالعملية السياسية ومخرجاتها وما يستلزم ذلك من تبعات ومسؤوليات على شتى الصعد السياسية والقانونية والاقتصادية والثقافية والإعلامية والدينية، ورفض الابتزاز السياسي مهما كان نوعه. والاعتراف الملزم بنتائج الانتخابات الحرة النزيهة، والامتناع عن ممارسة الازدواجية في المواقف تجاه شرعية النظام السياسي العراقي (قدم بالحكم وقدم بالمعارضة) بما في ذلك وقف التحريض ضد شرعية النظام السياسي القائم داخليا وخارجيا. ، ورفض تجربة الحكم الدكتاتوري والإقصائي والتمييزي كنهج لإدارة الدولة في أي وقت من الأوقات، واحترام وصيانة حقوق الانسان ومجمل الحريات والحقوق السياسية والمدنية.
4. التزام العمل معاً لجميع الشركاء برفض ومحاربة الإرهاب وحماية البلد وشعبه، وعدم تغطيته سياسياً ودينياً، وضمان عدم توفير حاضنات للإرهاب والعمل على تفتيتها سياسياً ومجتمعياً لضمان عدم تكرار ولادة كيانات إرهابية جديدة. والإشادة بالدور الوطني لأبناء العراق والمرجعية الدينية والقوات الأمنية والمتطوعين من الحشد الشعبي وأبناء العشائر والبيشمركه في الدفاع عن حياض الوطن من إرهاب داعش.
5. الإدانة الصريحة والواضحة لسياسات النظام البعثي الصدامي كجرائم الإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والإعدامات والاغتيالات بحق مراجع وعلماء ورجال الدين والنخب الوطنية، وجرائم استخدام الأسلحة المحرمة دولياً وتجفيف الأهوار وعمليات التهجير القسري والتغيير الديموغرافي وقوانين القمع والتجريم ذات الأثر الرجعي بحق الحركة الإسلامية والوطنية. وتحميل حزب البعث جميع التبعات القانونية لما جرى طيلة فترة حكمه من سياسات طائفية وعنصرية وقمعية ضد أبناء الشعب العراقي من الشيعة والكرد والسنة والتركمان وباقي أبناء الأقليات ومعالجة آثار هذه السياسات. وتتولى الأمم المتحدة مشروعا لتنشيط الذاكرة بجرائم النظام السابق والاهتمام بضحاياه.
6. ترسيخ دولة المؤسسات الوطنية واصلاحها من خلال: مؤسسات دستورية فاعلة وراسخة، واعتماد الفصل الحقيقي بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية مع ضمان حيويتها ومهنيتها وسيادة سلطاتها الاختصاصية، وتبني اقتصاد حر ومتعدد، وتمكين مجتمع مدني قوي وناشط، واعتماد نظام تعليم حديث متطور وإعلام حر ومسؤول وحياة ثقافية مدنية نشطة. ومراعاة الضوابط الوطنية والمهنية والنزاهة والكفاءة في اختيار قيادات البلاد المدنية والعسكرية واعتماد مبدأ الشفافية في إدارة ملفات الدولة على تنوعها.
7. رفض جميع أشكال التغيير الديمغرافي التي مارسها النظام البعثي الصدامي، ومعالجة جميع آثار التغيير الديمغرافي سابقاً ولاحقاً، والعمل على عودة النازحين والمهجرين الى ديارهم والسعي لعودة التلاحم المجتمعي المحلي لمختلف مناطق العراق، والعمل على إعادة إعمار المناطق التي تعرضت للدمار بفعل الإرهاب الداعشي والحرب عليها.
8. الالتزام الفعلي بضرورة التوزيع العادل للثروات على أساس النسب السكانية للمحافظات. والالتزام بأنَّ النفط والغاز ملك لجميع العراقيين مع مراعاة المحافظات المنتجة وإنصاف المحافظات التي حرمت باجحاف طوال فترة النظام السابق.، واعتبار المياه والأنهر والبحيرات والسدود والآثار والمواقع الآثارية ثروة وطنية لجميع العراقيين ويمنع أي تصرف يضر بمصلحة الشعب العراقي داخلياً وخارجياً.
9. الالتزام بقيم التعايش والتسامح والتآخي وقبول الآخر والانتماء الوطني ونبذ العنف واللا تسامح والتآمر والعدوان في حل المشكلات المجتمعية والسياسية واعتماد الحوار والآليات الديمقراطية والقانونية لإدارة الخلاف وتحقيق المصالح بعيداً عن الاحتكام الى السلاح.
10.إدانة ورفض نهج التكفير والتخوين بحق أي من مكونات المجتمع العراقي. وتجريم أشكال التحريض الطائفي والتمييز العنصري والتطهير العرقي، وتجريم ومحاربة الارهاب والعنف والفساد الذي يستهدف العراقيين ومؤسسات الدولة وعدم إضفاء الشرعية أو المشروعية من قبل جميع الأطراف على تلك الأعمال وترسيخ ذلك تشريعياً.
11. سيادة القانون وحصر السلاح بيد الدولة وعدم السماح بوجود كيانات مسلحة أو ميليشيات خارج إطار الدولة، ومواجهة الخارجين على القانون دونما تمييز، ومحاسبة المتهاونين والمقصرين بمن في ذلك منتسبو القوات الأمنية وفقاً للقانون، وإقرار قانون خدمة العلم، وضمان قيام مجتمع مسالم يسوده القانون ويقوم على أساس من العدل والتكافؤ والمساواة واحترام الخصوصيات الدينية والمذهبية والثقافية لجميع مواطني الدولة.
12. العمل الجاد لتحرير الدولة وكل مؤسساتها من نظام المحاصصة العرقية الطائفية التمييزية إلى نظام الاستحقاق السياسي لضمان قيام دولة المواطنة ولتعزيز سيادة القانون والعدالة وتكافؤ الفرص والتزام المشاركة والمساءلة اشتراطات جوهرية لاحترام ورسوخ مؤسسة الدولة.
13. العمل على توزيع الصلاحيات وتطبيق اللامركزية التي من شأنها ان تنظم العلاقة بين الحكومة الاتحادية والاقاليم والمحافظات على وفق النظام الفيدرالي بما يحفظ وحدة العراق ورفض تقسيمه.
14. تعزيز وتيسير الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والحكم الرشيد والشفافية مع إيلاء اهتمام خاص لمحاربة الفساد (بما في ذلك المحسوبية السياسية والمحاصصة والمحاباة) والعمل على بناء وتقوية مؤسسات الدولة والحكم على المستويين المركزي والمحلي.
15. اللجوء الى الوسائل السلمية والقانونية للتعبير عن الرأي والتداول السلمي للسلطة والمطالبة بالحقوق المشروعة لجميع أفراد ومكونات الدولة وإدانة ومحاربة أي شكل من أشكال التعبير المسلح والعنفي عن المطالب.
16. صيانة الدم العراقي بغضّ النظر عن دينه وطائفته وقوميته وإثنيته. والالتزام العلني والفعلي باحترام المعتقدات الدينية والمذهبية لجميع العراقيين، وعدم المساس بالمرجعية الدينية والرموز الدينية الأخرى، وحماية العتبات المقدسة وجميع دور العبادة وعموم شعائر العراقيين. والالتزام بإعادة صياغة المناهج التربوية والتعليمية بما يضمن إزالة مناهج التكفير والإقصاء والكراهية بحق الإنسان مطلق الإنسان، والتزام العملية التعليمية بتعرّف العراقيين على رموزهم ومعتقداتهم وتراثهم الديني والثقافي والتاريخي كجزء من خصوصيتهم دونما إلغاء أو وصاية أو تحيّز أو عدوانية أو مصادرة للآخر بما لا يضر بوحدة التعليم الوطني وبما يرسّخ التآخي والتعايش وقبول الآخر وإشاعة القيم المدنية.
17. التزام جميع الأطراف العراقية بالدفاع عن مصالح العراق العليا ووحدته وسيادته إزاء التدخلات الخارجية. وتلتزم الأطراف بإبعاد العراق عن ساحات الصراع الإقليمي والدولي وعدم تدويل ملفاته، وأن تُحدد علاقاته ومصالحه مع دول الجوار والعالم في ضوء تبنيها ودعمها لمشروع التسوية الوطنية .
سابعاً/خطة التسوية:
1- الانتهاء من إعداد أوراق المبادرات لجميع مكونات الدولة التي تمثل رؤيتهم للتسوية السياسية بمساعدة اليونامي وبما يتوافق مع مبادئ هذه المبادرة.
2-تساعد بعثة الامم المتحدة لمساعدة العراق على تحديد وحسم التمثيل الرسمي لممثلي جميع المكونات والاطراف العراقية بما يرضي كافة الاطراف، وتتعامل الامم المتحدة مع الجهات المعرقلة لهذه التسوية على وفق السياقات المعمول بها أمميا.
3-تقوم بعثة الامم المتحدة لمساعدة العراق بمشورة الحكومة العراقية وممثلي التحالف الوطني وباقي الاطراف العراقية بتقديم ستراتيجية تفصيلية للتسوية الوطنية التاريخية في ضوء المبادرات التي تقدّمت بها الأطراف العراقية، بما فيها إعداد خطة تفاوضية ذات سقوف زمنية محددة للدخول بمشغل تفاوضي تفصيلي لجميع المبادرات باشراف الأمم المتحدة.
4-تحدد الخطة المجالات التي سيتم اتخاذها لبناء الثقة بين الاطراف العراقية التي ستشتمل على القضايا الآتية: الضمانات والنازحين والمعتقلين والتشريعات والعدالة الانتقالية والجرائم التاريخية ومشروع/مركز التوثيق وسيادة القانون والتعديلات الدستورية وشكل وهوية الدولة والامن والسلاح وإصلاح القطاع الامني والإعلام والاتصالات بالاضافة الى اي قضية تتفق عليها الاطراف العراقية.
5-تطرح بعثة الامم المتحدة لمساعدة العراق الصيغة النهائية للتسوية الوطنية وتكون ملزمة لجميع الأطراف العراقية ويتم إقرارها في مجلس النواب والحكومة بعد مباركة المرجعيات الدينية ودعم وضمان المنظمات والمؤسسات الدولية والإقليمية وفي مقدمتها جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي وستعمل بعثة الامم المتحدة لمساعدة العراق على تحشيد الدعم اللازم من الدول الاقليمية المجاورة لإنجاح خطة التسوية الوطنية المتفق عليها.
6- تتعهد الأمم المتحدة بدعم الحكومة والاطراف العراقية المنخرطة في التسوية الوطنية لتنفيذ هذه التسوية وتمارس كافة صلاحياتها لتعزيز وحماية التسوية تجاه أي طرف يفشلها أو يعرقلها أو يهدد تنفيذ بنودها بما في ذلك الأطراف العراقية ودول الجوار الإقليمي.