المدنية ليست ضد الريف، فالريف يمتلك مقومات التمدن التي يأتي في مقدمتها الاستقرار الاقتصادي وبعدها تحرر الرجل والمرأة والتكافؤ بينهما، لذا من المؤلم جداً أن يهاجم كثير من العراقيين، أبناء المدن، ريف عراقهم مدعين انه صدر اليهم الجهل والتخلف والانغلاق. ومن يقترب من ريف العراق ويعرفه جيدا يدرك ان هناك قرى اكثر تحضرا من بعض المدن، فالمرأة تعمل الى جانب الرجل وهي شاعرة ومتحدثة وفريضة وصاحبة مواقف اجتماعية وسياسية مؤثرة ومستقلة اقتصاديا. كانت المرأة الريفية رياضية جميلة غير متحفظة في ازيائها فالشيلة البلبول تبدي حسن وشم عنقها وأناقة أقراطها، والأزياء القريبة من التحجب في الغالب تفرضها طبيعة عملها وخروجها الى بيئة حارة وشمس حارقة.
الريف ليس جاهلا، فهو المأوى الرحب الذي حمى مناضلي العراق الذين لجأوا اليها حين كانوا يقاومون الطاغية وجلاوزته، منه استمد النواب اجمل كلمات قصائده، ومن بين نخيله وقصبه صدحت أغاني العراق المليئة بالحب والحياة. نعم هناك تجهيل متعمد للعراق كله وليس للمدينة او الريف، ولكن وصولية المثقف وأنانيته واعتقاده انه محور الكون، وابتعاده عن لغة أهله أسهم بشكل عميق في تعزيز قوة الجهل وعدم الثقة بوجود بديل مضيء حقيقي يحب العراق..
ومن التعليقات على المادة نقرأ