تقترب تركيا من حقبة جديدة من تاريخها مع اقتراب موعد الاستفتاء المقرر لتحديد مصير التعديلات الدستورية في الأول من أبريل. وستعني هذه التعديلات ولادة الجمهورية الثانية ونهاية جمهورية أتاتورك كما عهدها الأتراك. لم تفلح محاولات المشاحنات والاعتراضات في شيء، تركيا وعلى الرغم من محاولات اللحظة الأخيرة تحت قبة البرلمان لإنقاذ نظامها السياسي، ماضية بثبات صوب طريقها الجديد.
ذلك الطريق سيعني ولادة الجمهورية الثانية، ونهاية جمهورية أتاتورك كما افتخر بها الأتراك منذ إقرار دستورهم في العام 1924.
فدستور أتاتورك بات اليوم، سببا من أسباب المصائب التي تهدد البلاد وأمنها. وذلك وفق تبريرات يطلقها أصحاب مشروع التعديلات الدستورية بقيادة رئيس البلاد، لإقرار ما يريدون.
تحت غطاء الديمقراطية وسقفها البرلماني، تمضي المعركة، حيث نجح أردوغان من خلال صفقة توافقية بين الحزب الحاكم وحزب الحركة القومية في كسب الأكثرية المطلوبة لتمرير المشروع إلى ضفة الاستفتاء الشعبي.
ضفة تضع السفينة التركية على شواطئ نظام رئاسي تنفيذي، دفة القيادة حينها ستغدو في قبضة ربان واحد حتى عام 2029 على أقل تقدير. وهي المدة التي سيسمح الدستور الجديد، في حال إقراره، لأردوغان بالبقاء في منصبه.
ماذا بعد ذلك العام البعيد؟
سؤال، يصعب التكهن به اليوم فالأمور المفصلية، وفق الدستور الجديد، ستكون مرهونة بخيارات وأهواء ورغبات الرئيس. والذي وفق تحذيرات المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان، سيغدو حينها، سلطانا لا رئيسا. https://www.youtube.com/watch?v=SwUH5ugyDhU نظريا، تبقى كلمة الفصل في يد الشارع، مع تحديد تاريخ الأول من شهر أبريل، موعدا للاستفتاء الشعبي الحاسم.
إلا أنه عمليا، الشارع ذاته الذي تحكمه القبضة الأمنية مع استمرار حالة الطوارئ وتمديدها وعدم انقطاع مسلسل الاعتقالات، منذ محاولة الانقلاب التي شهدتها البلاد. التعديلات المطروحة، تفسر للشارع الذي ألقيت عليه مهمة الاختيار، بأقلام الموالين لأردوغان وطموحاته.
تفسيرات قد لا تتوقف كثيرا عند حقائق مفصلية كتلك التي ستسمح بإلغاء منصب رئيس الوزراء وتحويل كامل صلاحياته لرئيس البلاد.
حزمة متماسكة من السلطة ستسمح للرئيس البقاء زعيما لحزبه وخوض انتخابات رئاسية وبرلمانية معا، كما تعطيه حق حل البرلمان متى يشاء، وحق تسمية أعضاء المحكمة الدستورية العليا ومجلس القضاء ووكلاء النيابة وذلك في حال سيطرة حزبه على ثلث مقاعد البرلمان، وهو شرط، يضمنه أردوغان بسهولة.
ولا يكتفي الدستور الجديد عند حدود محاباة الرئيس في منصبه بل ويحميه، بعد تخليه عن مقعده الرئاسي.
حيث ينص على ضرورة تصويت ثلثي أعضاء البرلمان على إحالة الرئيس للمحاكمة حتى بعد خروجه من الرئاسة. هذا إن خرج حيا وبقي ضريح أتاتورك مكانه.