لماذا غاب اردوغان.. وحضر السيسي لقمة الرياض الاسلامية الامريكية؟ ومن سينضم لعضوية “الناتو” الاسلامي الجديد ومن سيقاطع؟ وكيف ستكون خريطة الحرب الطائفية المتوقعة؟ عبد الباري عطوان اذا كان الصراع بين المرجعيتين الشيعيتين النجف الاشرف وقمم قد خف في الفترة الاخيرة، بسبب النفوذ الايراني القوي في العراق، فان نظيره بين المرجعيات السنية الرئيسية الثلاث مع والازهر واسطنبول ما زال متأججا، وان كان بشكل غير معلن، ويأخذ طابعا سياسيا، واعلان نوع من “الهدن” الظرفية. قمة الرياض السنية الترامبية التي انعقدت يوم الاحد الماضي في العاصمة السعودية الرياض بحضور ممثلين عن 52 دولة اسلامية من بينهم حفنة قليلة من الزعماء، عكست بطريقة او باخرى هذا الصراع، وان كانت قد اتفقت، وبشكل علني، على ادانة ايران باعبتارها مصدر الارهاب عدم الاستقرار في المنطقة، وضرورة التصدي لها والميليشيات التي تمولها وتدعمها في العراق وسورية واليمن ولبنان وفلسطين المحتلة.
كان هناك امران يلفتان الانظار في هذه القمة التي اكدت، اتفقنا او اختلفنا معها، زعامة المملكة العربية السعودية وقيادتها، للعالم الاسلامي الذي يضم مليار ونصف المليار مسلم، والشق السني منه على وجه الخصوص: الاول: غياب الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وايفاده وزير خارجيته، وليس رئيس وزرائه، السيد مولود جاويش اوغلو، لرئاسة الوفد، رغم العلاقات القوية المفترضة بين السعودية وتركيا. الثاني: حضور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي تزعمت بلاده العالمين العربي الاسلامي لعقود بحكم ثقلها السياسي والوطني، واحتضانها لامبراطوريتها (الايوبية والفاطمية، والمملوكية على سبيل المثال)، ووجود مرجعية الازهر العلمية ذات الثقل الديني. الرئيس عبد الفتاح السيسي تردد في حضور هذه القمة التي دعا اليها العاهل السعودي، ويبدو ان القيادة السعودية احست بهذا التردد، ولذلك اوفدت اليه وزيرا من الدرجة الثانية حاملا اليه الدعوى، وليس وزير الخارجية السيد عادل الجبير، او احد الامراء الكبار، وسبب هذا التردد انه لا يريد تتويج السعودية زعيمة للعالم الاسلامي، مضافا الى ذلك انه لا يريد تبني مشروعها الخاص في اشهار سيف العداء لايران والطائفة الاسلامية الشيعية، وخوضها حروبها، اي السعودية، الحالية في اليمن وسورية، والمستقبلية في العراق وايران. نقطة التحول التي غيرت موقف الرئيس السيسي، المكالمة الهاتفية التي اجراها معه الرئيس ترامب، قبل انعقاد القمة بأيام، تطالبه بالحضور، وتعده بزيارة خاصة الى القاهرة لاحقا، دون تحديد اي موعد. الرئيس السيسي، ومعه معظم المصريين يتمتعون بحالة من الكبرياء الوطني عنوانها ريادة مصر وزعامتها وتفوقها، ومكانتها الاقليمية المتميزة، وادرك باراك اوباما هذه الحقيقة عندما اختار القاهرة محطته الرئيسية كمنبر لمخاطبة العالم الاسلامي، وهو ما لم يفعله ترامب الذي فضل بريق الذهب، والصفقات المالية الضخمة (460 مليار دولار).
وضع الرئيس اردوغان، او بالاحرى مقاطعته الشخصية لحضور قمة الرياض الاسلامية تبدو مختلفة، وتعكس موقفا ذات طابع سياسي وشخصي في آن، فالرئيس اردوغان عاد لتوه من زيارة فاشلة من واشنطن لم يحقق من خلالها اي من اهدافة في منع امريكا من اعتماد الاكراد كحليف استراتيجي، وعدم تقديم اي اسلحة لهم بالتالي تمهد لاقامة دولتهم في شمال سورية، كما انه لم يجد اي تجاوب لمطالبه بتسليم الداعية التركي فتح الله غولن الذي يتهمه بالوقوف خلف الاتقلاب العسكري الاخير. اللقاء الذي جرى بين الرئيسين اردوغان وترامب في البيت الابيض كان صداميا ومتوترا، ولم يستغرق غير 22 دقيقة، والمؤتمر الصحافي الذي انعقد بعده كان فاترا ولدقائق معدودة ايضا، ووصف ملعقون سياسيون اتراك هذه الزيارة بأنها كانت الاسوأ في تاريخ العلاقات التركية الامريكية.