1 أستغرب دائما مضمون تغريداتنا العربية سواء في مواقع الصحف او على صفحات التواصل فهي بنسبة ساحقة مواقف “ستيريوتايب” تبنى فقط على اسس عنيفة، طاردة للآخر ورافضة له و كالعادة “شلع قلع”! . يدهشني بالفعل، هذا الإصرار على الرفض و”الفرح” بمواصلة الحرب على مسميات عمياء تضم داخلها شعوبا كاملة تعدادها بعشرات الملايين. مذهل هو غض النظر عن كل اختلافاتهم الفردية، هكذا وكانه حالة مرضية، والأمثلة كثيرة “شيعة، سنة، علويين، خوارج، الخ”
أصف هذه الظاهرة، بأنها حروب كلمات ومفاهيم وتصورات، لا حروب أراض أو ممتلكات أو ثروات. كم هو مثير للشفقة والألم الكذا ينطلق سيل هذه العبارات الجاهزة “والمحنطة” من أفواه الأغلبية الكاسحة عنيفا، حارا، ساديا في مطالبه، في خطاب يرفض حتى أي محاولة للدخول في التفاصيل، على الكل فقط الإقرار بما يقال، لا مساومة ولا تفاوض..والأهم لا شيء يقبل المراجعة ولا النظر بأي شكل كان، بل يجب طرد كل من يفكر في ذلك! 2 أمرنا عجيب..فلا أحد تقريبا يفكر بنهاية ما لصراعاتنا الدموية، وكأنها مطلوبة لذاتها، الكل مشغول فقط بمواصلة النزاع حتى تحقيق “النصر”! وليس مهما معنى النصر، المهم البطش بكل طريقة بالآخر، فلتحترق الدنيا يموت الأطفال، تهد المدن، تتوقف الاعمال، نكذب نسرق نزور نحتال كل هذا غير مهم، البطش بالآخر أهم..ولو كان الانتحار مطلوبا فلا بأس! ..أمرنا عجيب فعلا، وأكاد احسد الشيوخ على “عبقريتهم” هذه بقيادة الآلاف إلى حتفهم بكل هذا الهبل
ولكن: ما سر هذه القدرة العجيبة؟ أعتقد ان مصدر هذه الآلية العنيفة في التفكير و”التنافس” والتي لا تقبل الحوار، هو الخلافات الفقهية بين علماء الدين، منذ القرن الأول..والتي مازالت متواصلة حتى يومنا هذا، وهي خلافات كان سلاحها الفكري شبه الوحيد للبطش بالآخر هو الاحتكام للنصوص لحسم الجدل، وبسبب “بلاغية” هذه النصوص، لا يكشف بالطبع هذا الجدل-اللعبة إلا عن جدل جديد يسفر دائما في نهاياته المفتوحة عن تيارات ومذاهب (من الفعل ذهب) يطمح كل منها، فكرا وعملا، لهدفين دائما، وكلاهما “نفعي-وصولي”: . الاول هو الحفاظ على التيار او المذهب الجديد و”تعبئة اتباعه” ضد الآخرين. والثاني أن يواصل مهاجمة المذاهب الأخرى أملا بالاستيلاء على “ممتلكات” المذهب الآخر من جهة، والتشنيع عليه باستمرار “وبالأدلة” لتبرير نفسه أمام تابعيه من جهة اخرى.
المسالة بأكملها إذا تتعلق بالحفاظ على المكاسب، حصر السلطات بيد يضعة افراد وحمايتها من “شر” الآخرين الذين يجب إجراء جردة حساب معهم وتصنيفهم لفئات مثل “كفار، مشركين، مدلسين، وفي أحسن الأحوال مرتدين”. هنا يبدو النص الديني وكانه أصبح سلاحا وحيدا للبطش بالآخر وليس هدايته، سلاحا غير مباح لأحد كما يتصور الجميع، بل أنه سلاح شخصي خاص استولى عليه شيخ ما او بضعة شيوخ متحالفين. بصيغة أخرى، أصبح القرآن مثلا (كما الحال مع الحديث والمرويات وو) مشجبا مليئا بالأسلحة القاتلة أو الرحيمة على اختلافها، ويمكن لكل شيخ أو إمام أن يدخل إليه عند الحاجة ليختار منه ما يناسبه، للتعامل مع مختلف انواع المتغيرات التي تحصل في الواقع. أي ان الكتاب الذي نزل للناس جميعا أصبح مستودعا خاصا للعتاد والذخيرة، ويوضع على أبوابه اسم صاحب المشجب وصفته ووو ..وبالطبع فأن لكل شيخ مشجبه السماوي الخاص به، وكل اختلاف بينه وبين غيره يكمن فقط في “النظام المخزني” الذي يجريه لمحتويات المشجب من آيات وأحاديث. بناء عليه، بات الكتاب الذي أنزل لهداية الناس معتقلا ومن الاملاك الخاصة بهذا الشيخ او ذاك، ويجب وضع أسوار معززة بالحمايات والمسلحين لحمايتها من غزوات الشيوخ الآخرين! ويمكن لباحثين تصنيف انواع هذه المشاجب وأشكالها و”مذاهبها” الكبرى والصغرى !! 3 والسؤال المهم، ماذا فعلنا نحن الذين نرى انفسنا خارج هذا السعار الطائفي المذهبي، و”تجاراته” القاتلة؟ كيف لنا ان نكشف للناس هذا “النظام” القاتل الذي يسيرون عليه دون ان يشعروا؟ والأهم كيف نفضح من كان محسوبا علينا، وبات أحد خدم هذا النظام المرعب ومن أحقر أسلحته الفكرية والثقافية؟ سؤال صعب، لم يقدم له، وحسب علمي، أحد ..جوابا حتى الآن! البوست نشر قبل عام كامل مع الرابط https://www.facebook.com/mansour.nasser1/posts/1328941800450147 LikeShow more reactionsComment