قال الرئيس التركي رجب أردوغان، السبت، إن العملية العسكرية في عفرين “بدأت فعليا على الأرض”، وأعلن أن هدف جيشه المقبل سيكون مدينة منبج التي تسيطر عليها القوات الكردية. واعتبر أردوغان، في تصريحات نقلتها عنه وكالة أنباء الأناضول، أن “تركيا لن تكون في أمان ما دامت سوريا غير آمنة”. ولم يوفر الرئيس التركي الفرصة في التذكير بالدولة العثمانية، حيث قال إن “وجودنا في هذه الجغرافيا منذ 1000 عام، هو بفضل شجاعتنا وصبرنا، ولن نتوانى عن القيام بمسؤولياتنا”.
وتعتبر أنقرة القوات الكردية المنتشرة شمالي سوريا، امتدادا لمتمردي حزب العمال الكردستاني الذين يقاتلون تركيا، وتعهدت بمهاجمتهم وحشدت القوات والدبابات على الحدود.
وتسعى تركيا بقيادة أردوغان إلى منع الأكراد من إقامة إقليم حكم ذاتي في شمال سوريا، وهو السبب الحقيقي وراء الحملات التي يشنها هناك.
وتستعين أنقرة في عمليتها العسكرية بمقاتلين من المعارضة السورية شاركوا في عملية “درع الفرات”، وقد وصلت 20 حافلة تقل مقاتلين منهم إلى ولاية هاتاي جنوبي تركيا
كما وصلت إلى هاتاي 10 حافلات أخرى تقل عناصر من القوات الخاصة في الجيش التركي، وأقام الجيش التركي مزيداً من التحصينات لمواقعه الحدودية المتاخمة لعفرين التي يسيطر عليها المسلحون الأكراد.
بدأت المدفعية التركية قصفها على منطقة عفرين التي يقطنها الأكراد في أقصى شمال غربي سوريا، السبت، فيما يبدو بداية لعملية عسكرية جديدة لتنفيذ وعيد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان “بسحق” القوات الكردية هناك، بذريعة وجود صلة ما مع متمردين أكراد تصنفهم تركيا كجماعة إرهابية. وهزت سلسلة انفجارات مناطق عدة في عفرين بريف حلب شمال غربي سوريا، السبت، وقالت مصادر متطابقة إن الانفجارات ناجمة عن قصف للقوات التركية على تلك المناطق التي تتمركز فيها قوات كردية.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن القصف استهدف منطقتي جنديرس ودير بلوط، بالإضافة إلى أماكن أخرى في منطقة عفرين التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية.
وذكر المرصد أن القصف تسبب بأضرار مادية، بدون ورود معلومات عن خسائر بشرية حتى الآن.
وقالت وحدات حماية الشعب الكردية إن القوات التركية داخل سوريا أطلقت قذائف على عفرين، السبت، لكن لم يصب أحد بسوء.
ودخلت القوات التركية إدلب قرب حلب قبل 3 أشهر، بعد اتفاق مع روسيا وإيران، تحاول بموجبه الدول الثلاث خفض حدة القتال بين القوات الموالية للحكومة السورية ومسلحي المعارضة في أكبر جزء لا يزال خاضعا لسيطرة المعارضة في سوريا.
وقال أردوغان، السبت، إن التوغل العسكري التركي في محافظة إدلب شمالي سوريا “سيسحق” القوات الكردية المسلحة التي تسيطر على منطقة عفرين المجاورة.
وكانت تركيا شرعت عام 2016 في هجومها العسكري (درع الفرات) في شمالي سوريا بحجة محاربة داعش، لكنها وجهت أغلب عملياتها القتالية ضد القوات الكردية بهدف منعها من إقامة كيان متصل على حدودها الجنوبية.
ضد الأكراد
وتركيا داعم كبير للمعارضة التي تقاتل لإطاحة الرئيس السوري بشار الأسد، لكنها منزعجة من القوات الكردية، إذ تقول أنقرة إن لها صلة بالفصائل الكردية المسلحة التي تقاتل في جنوب شرقي تركيا.
وانتقدت أنقرة الولايات المتحدة لتسليحها وحدات حماية الشعب الكردية والمقاتلين العرب في قوات سوريا الديمقراطية، التي طردت مسلحي داعش من الرقة وأجزاء أخرى من سوريا.
ومن شأن الخطوات التركية التي تتذرع بمحاربة الإرهاب، من وجهة نظر أنقرة، الإضرار بجهود مكافحة الإرهاب في المنطقة، عبر تربصها واستهدافها لمكونات قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة والتي حققت نجاحات كبيرة ضد تنظيم داعش وكانت سببا رئيسيا لدحره في مناطق عدة.
ويخشى مراقبون أن تؤدي التدخلات العسكرية التركية في الشمال السوري إلى صراعات قومية وعرقية كون الدافع الرئيسي لأنقرة من تحركاتها موجه ضد القومية الكردية.
.. وكانت نشرت صحيفة “يني شفق” التركية تقريرا، تحدثت فيه عن التطورات المتسارعة خلال الساعات الأخيرة قبيل انطلاق العملية العسكرية التركية المرتقبة في عفرين.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته “عربي21″، إن انطلاق العملية العسكرية أصبح مسألة وقت، حيث ما زال للجهود الدبلوماسية المكثفة الأفضلية على الحراك العسكري، في الوقت الذي تمركزت فيه قوات الجيش التركي في محيط عفرين والمناطق المطلة عليها.
والجدير بالذكر أن تركيا أوقفت عملية درع الفرات، بعدما استطاعت قواتها تطهير مدينة الباب من عناصر تنظيم الدولة. ولذلك، تعدّ عملية عفرين العسكرية امتدادا واستكمالا لعملية درع الفرات.
وأضافت الصحيفة أن عفرين، الواقعة بين هاتاي وإدلب وحلب وأعزاز وكلز، تخضع حاليا لسيطرة واحتلال حزب العمال الكردستاني. وقد قام الجيش التركي بحشد ترسانته العسكرية في محيط هذه المنطقة، حيث تم توجيه العربات المصفحة والآليات العسكرية نحو مدينة كلز.
وكشفت الصحيفة عن حدوث تطورات ساخنة في جبهة عفرين، تمثلت في قيام الجيش التركي باستهداف بعض الأهداف لحزب العمال الكردستاني في عفرين، كرد على إطلاق نار وصواريخ من هناك. كما أنّ التحليق المكثف لطائرات الاستطلاع لا يزال مستمرا، في حين تمركزت الآليات العسكرية والدبابات في مناطق مطلة على عفرين، وستكون جاهزة لشن هجمات على العديد من الأهداف التي رصدتها أجهزة الاستخبارات التركية.
وأكدت الصحيفة أن العديد من عناصر القوات الخاصة التركية انتقلوا إلى ولاية هاتاي، التي تطل على عفرين من المنطقة الشمالية الغربية، فيما توجهت عناصر أخرى إلى مدينة الريحانية المطلة على عفرين من المنطقة الجنوبية الغربية.
ومن المتوقع أن تُنفذ العملية العسكرية من عدة جهات في آن واحد. في الأثناء، لا تزال التحضيرات المكثفة للقوات التركية المتواجدة في منطقة درع الفرات مستمرة، كما أنه من المرجح أيضا مشاركة قوات المعارضة السورية في هذه الحملة العسكرية.
وأوضحت الصحيفة أن قوات المعارضة السورية ستدخل إلى عفرين انطلاقا من مدينة أعزاز التي تسيطر عليها، وسيقدم الجيش التركي كل الدعم اللازم للجيش السوري الحر، كما فعل خلال عملية درع الفرات. تجدر الإشارة إلى أن عدد المقاتلين التابعين للجيش السوري الحر يبلغ حوالي 20 ألف مقاتل.
وأشارت الصحيفة إلى أنه من المتوقع أن تنطلق العملية العسكرية على عدة جبهات بصفة متزامنة، من خلال قصف جوي يستهدف الأهداف الرئيسية في عفرين. وستشهد العملية مشاركة قوات خاصة تركية في تنفيذ مهمات خاصة وخاطفة، قد تكون من خلال الإنزال الجوي، أو التسلل إلى داخل عفرين، ويتبعها دخول القوات البرية.
وبشأن التطورات المتسارعة الحاصلة في عفرين، بعد إعلان تركيا عن قرب بدء العملية العسكرية، نقلت الصحيفة عن مصادر استخباراتية قولها إنها رصدت تحركات وخروج للمدنيين من عفرين، نحو مناطق في شمال حلب تسيطر عليها قوات النظام السوري. في المقابل، أجبرت عناصر حزب العمال الكردستاني الكثير من العائلات على البقاء في مساكنهم وبيوتهم المتواجدة على مداخل المدينة وحدودها، كي يستخدموهم كدروع بشرية.
وأوردت الصحيفة على لسان رئيس الحراك الشعبي المناهض لحزب الاتحاد الديمقراطي، قحطان عبد الجبار، قوله إن الأكراد والتركمان والعرب في المنطقة يكرهون حزب العمال الكردستاني، ولم يعد بإمكانهم تحمل المزيد من أذاه. لذلك، يدعو الجميع هناك للجيش التركي كي ينتصر في هذه المعركة.
وفي الختام، أكدت الصحيفة أن الحملة العسكرية التركية مهمة، حيث إنها تعد الآن مسألة وجودية بالنسبة لتركيا؛ للحفاظ على أمنها القومي من التهديدات القادمة من خلف الحدود.