عَشرُ نِقاطٍ رئيسيّة وَردَت في مُقابَلة الأمير محمد بن سلمان الأخطر مع مَجلّة “أتلانتك” تُلَخِّص استراتيجيّته المُقبِلة.. لماذا لم يُوَجِّه كَلِمَةً سَيّئةً واحِدة للإسرائيليين واعْتَرَفَ بحُقوقِهم التاريخيّة ولم يَذكُر الدَّولة الفِلسطينيّة مُطلَقًا؟ وهَل سَتكون خُطوَتُه المُقبِلة بعد العَودة من جَولَتِه الأمريكيّة تَولِّي العَرش؟ ولماذا بادَر الملك سلمان للتَّصحيح بِسُرعة؟
ثامِنًا: أنكَرَ أيَّ دَعمٍ ماليّ سُعوديّ للإرهابيين ومُنظّماتِهم المُتطرِّفة، ولكنّه اعترف أن بعض الشخصيّات السعوديّة في المملكة مَوّلَت بعض هذهِ الجَماعات، دون أن يُحدِّدها.
ـ تاسِعًا: رفض رَفضًا مُطلقًا الإجابة على أسئلة تتناول حَمله الفساد تَفصيليًّا، أو الحَديث عن ثَروتِه وشِرائِه يَختًا بقيمة نِصف مِليار دولار، وقال للصحافيّة نورا أو دونيل عندما سألته عن هذا اليَخت “بعَصبيّة” لافِتة أنّه يُريد الاحتفاظ بالأُمور التي تتعلّق بِحياتِه الشخصيّة لنَفسِه، وأكّد أنّه رَجلٌ ثَريٌّ، وأنّه ليس مانديلا أو غاندي.
ـ عاشِرًا: خَصَّ الإمام علي خامنئي بالهُجوم الأكثر شَراسَة، بل ربّما الوحيد في هذهِ المُقابَلة، عندما قال أنّه أخطر من هتلر، فهتلر حاوَل غَزو أوروبا واحتلالها، وخامنئي يُريد غَزو العالم كُلّه، ويجب وقفه، وعدم تِكرار خَطأ تَجاهُل طُموحات هتلر الذي ارتكبه الأوروبيّون.
***
ما يُمكِن استخلاصه من هذهِ النُّقاط العَشر وغيرِها من إجابات لوليّ العَهد السعوديّ في هذهِ المُقابَلة، أنّه يُخطِّط لتَحالُفٍ مُستقبليّ مع إسرائيل في إطار “مِحور اعتدال” عربيّ يَتصدّى لإيران وبِدَعمّ من الولايات المتحدة الأمريكيّة، والاعتماد عليها كشَريكٍ اقتصاديٍّ مُستقبليّ، وتَعزيز المَصالِح المُشترَكِة معها، ولكن في إطار سلام عادِل، ودون أن يَتطرّق مُطلَقًا إلى مُبادَرة السَّلام العَربيّة التي هِي في الأساس طَبعة سُعوديّة، وشُروطِها.
الاعتراف بالإرث التَّاريخي لليَهود وحَقّهم في إقامة دولتهم على جُزء من هذا الإرث، أي على أرض فِلسطين، تَطوُّر خَطير جِدًّا، لأنّه يعني أيضًا الاعتراف بحُقوق هؤلاء في أراضٍ عربيّةٍ أُخرى في خيبر واليمن ومِصر والمغرب والجزيرة العربيّة، وقد يَدفَع بتبرير ليس بالعَودة واستعادة هذهِ الأراضي وإنّما مَطالِبهم بالتَّعويض عن ألف وخمسمائة عام مُنذ طَردِهم من الجزيرة العربيّة، وحَقِّهم في ثرواتِها النفطيّة وغير النفطيّة بالتَّالي، فهؤلاء مِثلما ثَبُت بالتَّجربة التفاوضيّة مَعهم، لا يتنازلون عن أيِّ أرضٍ احتلّوها ويُطالِبون بالمَزيد دائِمًا، ويتبعون سِياسة المَراحِل.
صحيح أن العاهِل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز سارعَ بالتَّأكيد على مَوقِف المملكة المُؤيِّد لقِيام دولة فِلسطينيّة مُستقلّة عاصِمتها القُدس المُحتلّة، في “تصحيح” لما وَرد على لِسان وَليّ عَهدِه من تَصريحاتٍ حول “حَق” الإسرائيليين في أن تكون لهم أرضهم، وذلك في اتّصالٍ هاتفيّ جَرى اليَوْمْ مع الرئيس دونالد ترامب، ولكن الضَّرر قد وَقَع، والأمير بن سلمان هو الحاكِم الفِعلي في الرِّياض.
الأمير بن سلمان يسير في حَقل ألغام، وربّما يُفيد التَّأكيد بأنّه لم يُراهِن أي زَعيم عربي على الإسرائيليين، ويُقدِّم التَّنازلات لَهُم، إلا وَدَفع ثَمنًا غالِيًا، وما زال هُناك مُتَّسَعٌ من الوَقت للتأمُّل والمُراجَعة.. ونَكتفي بهذا القَدر.