علقت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية على الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي، مشيرة إلى ان هذا الانسحاب قد غير قواعد اللعبة بالمنطقة وأن سوريا ستشهد قريبا حربا “إسرائيلية.إيرانية” يدعم فيها ترامب الجانب الإسرائيلي.
وقال المحلل العسكري بالصحيفة عاموس هرئيل، إن انسحاب ترامب من الاتفاق النووي “نذيرا بتغيير إستراتيجي في المنطقة يندمج مع التوتر الحالي والمباشر بين إسرائيل وإيران في سورية”.
وكتب “هرئيل” أن نتنياهو وترامب يتبنيان خطا موحدا في ثلاث قضايا مركزية: “الانسحاب من الاتفاق النووي، ودعم تغيير النظام في إيران، وصد التمركز العسكري الإيراني في سوريا”. وأن ترامب الذي يتبنى خطا صارما ضد المشروع النووي الإيراني، يبقي لإسرائيل مهمة الحرب على الإيرانيين في سورية، بينمات تفسر إدانته لما أسماه “دعم إيران للإرهاب” على أنه تغطية لعمليات الجيش الإسرائيلي في الشمال.
وأشار الكاتب إلى أن “ترامب” ينطلق من قاعدتين: الأولى إثبات التزامه بتعهداته الانتخابية، والثانية محو كل ما أنجزه سلفه، أوباما. ومن المنظور الإسرائيلي، فإن مستوى تماثل ودعم ترامب لإسرائيل عال، ولكن الاختبار الصعب هو فحص الخطوات المخطط لها والمنسقة مسبقا، ولم تُظهر الإدارة الأمريكية حتى اليوم “توجها محسوبا ومتتابعا”، رغم التنسيق الوثيق بين المؤسسات الأمنية والاستخبارية بين الطرفين.
وكتب أن “الواقع الإستراتيجي في سورية كان يصوغه في السنوات الأخيرة عاملان مركزيان: القتال المكثف الذي يخوضه المحور الشيعي والسني في سورية، والاتفاق النووي الذي امتنعت الولايات المتحدة في أعقابه عن كل مواجهة مباشرة مع إيران”. ويضيف أن “المعركة في سورية قد حسمت عمليا قبل بضعة شهور لصالح نظام الأسد وإيران والشيعة. وبدأ ترامب، يوم أمس، بتفكيك الأساس الثاني”ليخلص إلى أن “قواعد اللعبة تغيرت، وسيكون المكان الأول الذي يبدو فيه ذلك جليا في المواجهة بين إسرائيل وإيران في سورية”.
وفي السياق ذاته، كتب المحلل الإسرائيلي “بن كسبيت” في صحيفة “معاريف” العبرية أن ترامب قرأ يوم أمس “خلاصة خطاب رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، كلمة كلمة، ودون أي خطأ”. وكتب أن ترامب في مرحلة الأقوال، التي يفترض أن تليها مرحلة الأفعال، وهو مجال لم يجرب فيه ترامب بعد.
وأضاف “بن كسبيت” أن الاتفاق النووي ليس مأساويا إلى هذا الحد. ورغم أنه تجاهل المجالات غير النووية، ولم يغلق بشكل محكم ماذا سيحصل بعد، إلا أنه حقق أهدافه. وهذا ليس رأي باراك أوباما، وإنما رأي قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية المتعاقبين، فالاتفاق نزع من إيران كل اليورانيوم المخصب، وأبقى لديها كمية محدودة من أجهزة الطرد المركزي، ووضعها تحت رقابة صارمة، وأعاد برنامجها النووي سنة ونصف إلى الوراء، ثم تم تجميده هناك.
ووفقا لتقديراته، فإن السؤال الأهم هو “هل كانت خطوة ترامب بديلا أفضل لإسرائيل من مواصلة التماشي مع الاتفاق النووي؟ الواقع وحده في الشهور القريبة هو الذي سيجيب عن هذا السؤال. فذلك يتعلق بمتغيرات لا حصر لها: ماذا سيفعل الإيرانيون؟ هل سيؤثر ذلك على الجمهور الإيراني؟ ماذا سيفعل الأوروبيون والروس والصينيون؟ هل ستندلع الحرب؟”.
وأشار إلى أن الضغوط على إيران “لن تقود بالضرورة إلى تحرك شعبي لإسقاط النظام، حيث يمكن أن تدفع الإيرانيين للالتفاف حول قادتهم، وبالتالي فإن النتائج تكون عكس المطلوب من الخطوة الترامبية، حيث ستعزز قوة النظام الإيراني”.
وكتب أن “كل السيناريوهات الواردة هي نظرية. وفي الأسابيع القريبة سيتضح ما إذا كان ترامب يدعم أقواله بالأفعال، وما إذا كان الانسحاب من الاتفاق سيؤدي إلى سياسة صارمة أكثر على الأرض وإشارات واضحة لطهران بأنها إذا ما حاولت رفع رأسها وتهاجم إسرائيل، أو التوجه نحو النووي، فإن ترامب سيصدر تعليمات للجيش الأميركي بالعمل؟ وبحسب الطاقم الجديد الذي أحاط ترامب نفسه به، جون بولتون ومايك بومبيو، فإن هذا الاحتمال سيكون عاليا، ولكن ذلك لم يحصل بعد..”.
——\ نشرت صحيفة “ميدل إيست” البريطانية تقريرا مطولا عن ما يمكن أن تفعله إيران تجاه الخطوة الأمريكية بإلغاء الاتفاق النووي من جهة واحدة.
وقالت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته “عربي21” إنه “من خلال الإعلان عن انسحاب الولايات المتحدة من الصفقة النووية الإيرانية، والمعروفة باسم خطة العمل المشتركة الشاملة أو JCPOA ، جلب ترامب أكبر فرحة إلى معسكرات اليمين المتطرف في كلا من إسرائيل وإيران”.
وأضافت أنه “بينما أشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ ” القرار الشجاع” الذي اتخذه ترامب، ملأ المتشددون الإيرانيون وسائل الإعلام الخاصة بهم بتعليقات عبروا فيها عن بهجتهم بالقرار ومهاجمين الرئيس الإيراني حسن روحاني ووزير الخارجية جواد ظريف على ثقتهم في الشيطان الأكبر”.
عقوبات قاسية
واستند ترامب في قراره على عقيدة نتنياهو وهي ” أصلحه أو الغيه تماما” وبقيامه بذلك، انتهك بوضوح القانون الدول بخرق اتفاق دولي أقره مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ووقع ترامب مذكرة تحفز إعادة فرض جزء من العقوبات ذات الصلة النووية التي تم التنازل عنها منذ يناير 2016 في غضون 90 يوما، بحسب الصحيفة.
وقال ترامب إن إعادة فرض العقوبات القاسية – وخاصة تلك التي تستهدف قطاعات البنوك والطاقة الإيرانية – ستحدث في غضون 180 يوما.
وأشارت الصحيفة إلى أن “إيران الآن عالقة تماما في مكان وعر، فمن ناحية، هدد مسؤولون إيرانيون رفيعوا المستوى بمن فيهم الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي، مرارا وتكرارا بأنه إذا تخلت الولايات المتحدة عن الإتفاق فإن إيران ستتبعها”.
وكتب خامنئي في رسالة مفتوحة إلى روحاني ” أي عقوبات تفرضها الدول المعارضة في المفاوضات ( النووية) تحت أي ذريعة بما في ذلك الأعذار المزيفة المتكررة لدعم الإرهاب أو حقوق الإنسان” سوف تبطل هذا الإتفاق، وقال خامنئي في مناسبة أخرى ” إذا ما قامت الولايات المتحدة بتمزيق الإتفاق، فإننا سوف نحرقه”.
وفي ضوء هذه التصريحات وتصريحات أخرى مماثلة، فإن الركود في التحرك للرد على ترامب سيكون محرجا وضربة في وجه القائد وغيره من المسؤولين. من ناحية أخرى، يعاني الإقتصاد الإيراني من ركود عميق، ويتجه مسار العملة الإيرانية ” الريال” نحو الأسفل.
وخسر الريال أكثر من نصف قيمته منذ أكتوبر، ولذلك لا تريد إيران أن تكون معزولة في ظل الضغوطات الإقتصادية الهائلة. ومع ذلك فإن أي رد فعل جدي من جانب إيران والذي يمكن أن يعتبر انتهاكا للإتفاقية النووية قد يعرضها للخطر بتدمير العلاقة الإيرانية مع الإتحاد الأوروبي، حيث أن الإتحاد الأوروبي أنه سيبقى في الإتفاق على الرغم من خروج الولايات المتحدة.
وكما نوقش في مكان آخر، اسرائيل وترامب ومستشاريه يعتمدون على استمرار الإحتجاجات التي وقعت في وقت سابق من هذا العام في 80 مدينة إيرانية تقريبا، والتي كانت تغذيها الصعوبات الإقتصادية إلى حد كبير.
خيارات إيران
وتقول الصحيفة البريطانية إنه “قد تختار إيران اطلاق المادة 36 من خطة العمل المشتركة الشاملة وتقديم شكوى إلى اللجنة المشتركة، التي تضم ممثلين من إيران والإتحاد الأوروبي ودول الـ P5 +1،( الصين، وفرنسا، وألمانيا، وروسيا والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة)، إذا لم يحل هذا الإجراء المسألة، فيمكن لإيران إحالة المسألة إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة”.
وبالتالي إذا كان هذا ما سيحدث، فلن تستطيع الولايات المتحدة فقط استخدام حق النقض ضد أي قرار، ولكن سيكون لديها أيضا أسباب لتعليق التزامتها بموجب الإتفاقية النووية، وهذا الخيار محفوف بالمخاطر بدرجة كبيرة بالنسبة لإيران.
وقالت الصحيفة إنه “يمكن لإيران أن تختار إعادة تشغيل جزء من برنامجها النووي الذي تحظره خطة العمل المشتركة الشاملة JCPOA ، على سبيل المثال، بعد خطاب ترامب مباشرة، أمر روحاني منظمة الطاقة الذرية الإيرانية (AEOI) أن تكون مستعدة لإستئناف الإثراء النووي على المستوى الصناعي، وقال ردا على قرار ترامب ” لقد أمرت (AEOI) بالمضي قدما مع تجهيز الإستعدادات الكافية لإستئناف التخصيب على المستوى الصناعي دون أي حدود””.
وتقول “ميدل إيست آي” إنه إذا قامت إيران بممارسة هذا الخيار، فإنها ستلغي أي فرصة للتعاون الإقتصادي مع الإتحاد الأوروبي.
وعلى الرغم من خطاب روحاني، فإن إيران لن تقوم بتجريب هذا الخيار على الأقل ليس في هذه المرحلة المبكرة.
ويمنح البروتوكول الإضافي الذي قبلته إيران بموجب الإتفاق، مفتشين من الوكالة الدولية للطاقة الذرية القدرة على إجراء عمليات تفتيش شاملة ومفاجئة لمواقع إيران النووية، الخروج من هذا البروتوكول يشكل انتهاكا للصفقة وسيثني الإتحاد الأوروبي عن الإنحياز مع إيران ضد ترامب.
وقد صرح الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني مؤخرا أن إيران قد تنسحب من معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية إذا ما عرقل ترامب الصفقة النووية، ولكن هذا الأمر مستبعد جدا.
وحتى عندما عاشت إيران في ظل أشد العقوبات قسوة من عام 2005 إلى 2015 ، فإنها لم تنسحب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية . هذا على الرغم من أن البلاد كانت على حافة الحرب مع الولايات المتحدة وإسرائيل وكانت ليست موقعه على معاهدة عدم الإنتشار.
“تكتيكات البلطجة الأمريكية”
ويمكن لإيران أيضا أن تختار زيادة اختبار صواريخها التسيارية. على النقيض من ادعاءات الأمريكيين، فإن برنامج الصواريخ التسيارية الإيرانية لا ينتهك قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231، الذي صادق عليه خطة العمل المشتركة الشاملة، بغض النظر عن ذلك، يمكن لهذا الخيار أن يثير الغضب بشكل كبير في الولايات المتحدة والإحباط في أوروبا.
وقالت الصحيفة إنه “في حين قد تجري إيران عدة اختبارات للرد على تكتيكات الأمريكيين البلطجية، لكنها لن تزيد من نطاق صواريخها، لماذا؟ لأن إيران تدرك جيدا أن مثل هذه الخطوة قد تؤدي إلى صراع عسكري”.
“إذا ما الإجراء الذي ستتخذه إيران؟ في الوقت الراهن لا شيء، وقد أكد وزير الخارجية جواد ظريف بالفعل هذه النقطة. وأضاف ” ردا على الإنتهاكات المستمرة للولايات المتحدة والإنسحاب الغير مشروع من الصفقة النووية، كما أوعز بذلك الرئيس روحاني، سأقوم بجهود دبلوماسية لدراسة ما إذا كان بقاؤنا مشتركين في برنامج العمل الشامل يمكن أن يضمن منافع كاملة لإيران، وستحدد النتيجة ردنا”. تقول الصحيفة.
وتضيف: “أولوية إيران هي بيع النفط، فمنذ كانون الثاني/ يناير 2016، تضاعفت صادرات إيران من النفط الخام إلى 2.6 مليون برميل في اليوم في شهر نيسان ( أبريل)، مقارنة بـ 1.5 مليون برميل في اليوم في عام 2016 وكانت هذه الزيادة مسيرة بشكل كبير إلى المصافي في الإتحاد الأوروبي”.
وأشارت إلى أنه “إذا لم يستطع الأوروبيون إقناع ترامب بالإمتناع عن إعادة فرض العقوبات – التي يمكن أن تحدث جزئيا في 4 أغسطس و 4 نوفمبر – ونتيجة لذلك فإن صادرات إيران النفطية قد تنخفض بشكل كبير في الوقت الذي يصاب فيه نظامها المصرفي بالشلل، فإن إيران سوف تمارس واحدة أو مجموعة من الخيارات المذكورة أعلاه”.
وعلى هذه الخلفية فإن رياح الحرب والتي بدأت تهب منذ عدة أسابيع في سوريا بين إيران وإسرائيل، أدت إلى رفع مستوى عدم اليقين في المنطقة.