عن الله و”عبيده”وأن الله ليس ثابتا ولا علاقة له بالدين بالضرورة كتب منصور الناصر.
قبل كل شيئ، من لديه فكرة مسبقة جاهزة عن الإله، فلا حاجة لأن يستمع أو يقرأ هذه الكلمات. فأنا هنا ساتحدث عن الإله الذي أفهمه.. بطريقتي.. ولا أطمح ان يتبعها أحد غيري. لست مبشرا ولا طامعا بأتباع يكررون قولي كالعبيد.لأن من يستعبد غيره، يستعبد نفسه قبل أن يستعبد غيره. يجعلها أداة للتسلط والكراهية لا فضاء مفتوحا للحرية.
الله فكرة وليس شخصا، ولا حتى كيانا أو كينونة، إنه فكرة حية في داخلنا، جزيرة نلجأ إليها في محيطات هذا العالمآخر منطقة نعثر فيها على الله، في دول وممالك الدين والكتب الدينية.لأنها تعتاش على ضمير ووجدان الإنسان الخائف أو المتأمل، وتبتزه في اعظم ثروة يمتلكها.
لا يمكن لإله صغيرا كان او كبيرا، قديما أو حديثا أن يوجد في أروقة الدين.
اخترقوا اسوار رجال الدين العالية وادخلوا إلى مناطقهم، أو حصونهم، لن تجدوا أحدا منهم يتحدث عن الله، إنه ليس محور اهتمامهم أبدا، نعم هو موجود كمفردة، كاسم يتردد، ولكن لكي يمارس عملا حدده له من يستعمله سلفا، ولا يجوز له أن يخرج عن خارج إطار اسمه. إنه بينهم تابع أشد تبعية من جميع التابعين الحقيقيين.
الله وجود، انفتاح، فيض.. تم حصره في زنزانة كلمة…
الآلهة لا توجد في معابد ولا بيوت ولا كتب، ولا حشود عمياء.. إنها توجد فقط في فضاء إيمان،
وهذا الإيمان لا يوجد في الخارج إنه هناك في الداخل، في حشاشة القلب وخلف شغافه الرقيق..
من يبحث عن الله حقا، لا يذكر حتى اسم الله!
بل أن الكافر به فقط هو الذي ينطق باسمه.
هكذا يقال: رأس الحكمة مخافة الله! فمنذ البداية وحتى الآن.. كان هذا شعار الكهنة المفضلولكن: ما الضير اذا قلنا: رأس الحكمة محبة الله؟
جوابي: الضير هو أن المحبة حريةأما الخوف فعبودية
..وهنا اعتقد ستسكب كل العبرات!أترك لكم وصفها وتعدادها
كيف نعثر على الإله؟
ولكن كيف نعثر على الله؟
الله ليس شيئا ولا حضورا ولا شخصاً ,ولا مكانا للعبادة,..الله هو الهواء.. الحياة نفسها.. ولكن ليس الحياة التي “نعيش”، إنما الحياة التي نراها ونشعر بها وهي تعيش، بما فيها حياتنا نفسها.
إنه الإحساس الفائق، التعالي عما انته فيه.. والتفرج عليه من الخارج..
إنه الانفصال عن الداخل، والسباحة حيث لا مكان ولا زمان.
لهذا مسكين ذلك الذي يقف ليصلي امام “ربه”.. إنه لا يصلي لإله الوجود إنما إله الجماعة. إنه إله السلطة، حيث القمع والعنف والخوف.
هذه ليست صلاة، إنها تعداد دوري للسجناء.
والويل لمن يغيب ويهرب من وجه رب الجماعة!
الطاعة والامتثال هو ما يطلبه السجانون، ومن يمتثل لابد له من التخلي عن ذاته لصالح جهة ما.
الله الذي يستحق اسمه، (نذكره باسمه هنا لأننا تعودنا الامتثال، ولا نفهم إلا بشرط قيوده!) لا يطلب من أحد أن يتخلى عن ذاته.. لأنه ذاته نفسها.. العميقة تحديدا، وليست المكتسبة.
كل من يتخلى عنها لا يعرف الله، ولن يصل أبدا إلى أي حقيقة ولو وهما.
الذات والجوهر والله حزمة واحدة، لا تنفصل.. وظيفة الدين الشائع فرط وشائج هذه الحزمة، والمتاجرة بكل واحدة منها وحسب حاجات السلطة و”المطلوب”.
وبقائها موحدة، سيقفل حتما جميع أبواب المعابد والحكومات والأديان والكهان.
من هنا فإن فكرة العبادة بأي شكل وصفة غباء ..
الدين شيء والله شيء آخر
التقي العفيف هو الذي لا يسمح بالتفريط بحزمته الإلهية، لهذا هو لا يحتاج للصلاة، فلا أحد هناك لتصلي له ..فهو أنت وأنت هو.. ولكن ليس على طريقة الحلاج، بالضرورة.. إنما الطريقة التي يجدها كل واحد منها ووفقا ل”الطريق” أو “التاو” بالمصطلح الصيني، الذي يجد نفسه غارقا فيه.
ولأن الذوات لا نهائية، والطرق التي تسير فيها لا نهائية.. فمن المستحيل أن يوجد أي دين. الدين قوالب جاهزة، مخصصة للعجزة والأغبياء والمرابين،ولا وجود لإمكانية لنشوء أي حوار مع أَللهـ…ـك ليس لأن الله ليس شخصا فقط، بل لأنك أنت ايضا لست بشخص..
أنت ذاتٌ، تفردٌ، روحٌ.. ولا يوجد حوار بين روحين.. فلا وجود أصلا لروحين .. إنما روح واحدة.. وكل ما علينا أن تتعرف على بعضها أو تعود لبعضها..
هذه الرغبة هي ما نسميه حب او تعلق أو شغف، إحساس بالارتباط بشيء ما خارجنا (ليس فيزيائيا).. إنما حضوريا.
كل ما تفعله الأديان أنها توهم من تسميهم عبيدا، بأن الحزمة منفصلة.. أن الله في مكان وكل ذات منهم في مكان .. وأن على كل منها واجب العودة إلى “السراط”، وليس إعادة الاتصال..وهذا ليس أن تبوجود إمكانية للحوار، فالحوار يكون بين شخصين …
الأديان مشاريع استثمارية، خدمية بالضبط كما هو حال قطاع السياحة والمطاعم والفنادق، ووجدت أصلا، لكل من لا يجيد الطبخ ولا النفخ ولا النوم ولا السفر إلا بتوجيهات “الخبراء” و”المتخصصين”.
رجل الدين طباخ ماهر..للأكلات غير اللذيذة!
رجل الدين في الحقيقة طباخ ماهر، ولكن ليس للمأكولات اللذيذة، إنما الأفكار والأساطير المّرة..المشكلة أنه طباخ يجبر زبائنه على تناول طبخاته العجيبة، حتى تصبح غذائهم الوحيد الذي لا أشهى منه. !
وهذا طبيعي فهو لا يأكل غيرها، وفقد القدرة تماما على تذوق غيرها، ولو صرخ العالم كله، إعجابا بها!
مشكلة رجل الدين دائما، إنه لا يستطيع الاعتراف بوجود آخر.. ولا ذات ولا روح إلا الروح التي يتخيلها..
الجزء الثالث: أسطورة ليس كمثله شيء !
الفرق بين رجل دين وآخر، تكمن في قدرته على الابتكار، واختراع طريقة مبتكرة لسحق ذوات الآخرين، وجعلها، تابعة ذليلة مستحقرة له، وهذا لا يتحقق إلا باختراع الإله المناسب.
لهذا تجده يتصف بصفاته، فأعداءه هم أعداء الله! تخيلوا أن للإله الذي يزعم الكاهن انه خلق كل شيء بنفسه لديه أعداء!والأكثر غرابة أن يصدقه الجمهور.
الله هو السيد اللا مرئي- المعلوم/المجهول،
هو ما أنت عليه.. كل ما في الأمر أنك لا تعرف الطريق إليه.. ولن تعرف أبدا الطريق إليه!
لماذا ؟ لأنه أنت ..فلا أحد يرى عيونه !!
نحن نرى انعكاس ما تراه عيوننا، وكما يقول كانط نحن لا نرى كما هو، إنما كما نريد، والسؤال من الذي يريد؟هنا يتوقف كانط ويجيب هذا يسمى النومين.. لا طاقة لنا به ولسنا مصممين أصلا لاكتشافه.. لذا لا أحد مطلقا يستطيع معرفته!
يقولون الله ليس كمثله شيء.. وهذا صحيح وإن كان هذا خطأ منطقي.. فأنت حين تميز شيئا بالغيرية فأنت تؤكد الشيئية وإلا ما الحاجة للمقارنة؟والكلام صحيحهو المطلق الثابت الذي لا يتغير ولا يتبدل .. الفرد القوي الذي لا نظير له. هو فكرة غير ثابتة
…الله تجربة كتجربة الحب، لا تقال ولا يمكن ان تقال.. إنها خارج اللغة.. وتفسد إن تحدثنا عنها.فكيف نؤمن بان الله أرسل لنا كلامه؟ هذا غير ممكناللغة أداة فاشلة بامتياز.. لا يمكن لإله ربع حقيقي أن يعتمد عليها..لا يمكن لإله أن يتحدث عن نفسه.. فليجرب أي إله أن يتحدث وستتهشم صورته فورا!يصبح واحدا منا.. فردا عاديا.. وهذا سر اختفاء الرهبان وكبار رجال الدين زالقديسينسرانيتهم وكلامهم الملغزانهم يسرقون فكرة الألوهية لهذا هم مزيفون.. مدعون وفي احسن احوالهم مغشوشون ملتاثون. الله كفرة لا تحدها معابد ..موجود في كل نسمة ريح كل مكان وزمان.
كيف هاجر الإله من الحجر إلى الكلمة؟
جعلوا من الله تمثالا وبنوا له معابد ندخلها لكي ننحني أمامه ..هذه ابتذال للفكرة واستثمار بشع لها.
وحين تطور هذا الاستثمار.. واختلف تجار الدين، قالوا التماثيل مرفوضة، فماذا فعلوا؟لم يطلقوا سراح الله من الحجر .. إنما وضعوه فيما أخطر وأصغر.. حجزوه في كلمة.. ثم وضعوه في آية مقدسة.. واحتفظوا بها في رؤوسهم ! وهذا ما حدث في الكنائس والمعابد والجوامع ..جعلوا الله كلمة معتقلة فارغة من المعنى والويل لمن يحاول التقرب لها!
أصبحت الفكرة سلاحا يذبح باسمها الناس ويكفرون ويشردون !
تحول الله إلى كائن يقيم في السماء وعلينا أن نتوسل له ليل نهار لكي يمنحنا الخير والصحة والبركات والآخرة السعيدة في العالم الآخرهذه الصورة وحدها كفيلة بأن ليحد بها الملحدون فأنكروا وجود الله .لكنهم وكما يبدو انطلت عليهم اللعبة.. فقد صدقوا وجود علاقة بين الدين الشائع والله كفكرة عظيمة.المتدينون على خطأ … والملحدون على خطأ …يجب أن يتحرر الجميع ..وقبلهم الله نفسه من الخاطفين ..ولنتذكر الله لا نعرفه بالتوسل والصلاة والدعاء.. إنما بالوعي والمعرفة والتأمل.. فبهم وحدهم نعرف الطريق …
الصلاة حوار بين طرفين. كلاهما موجودان داخلك.. ولكنهما مشبعان بسر الكون والوجود كله ..وهذا التشبع داخله كنوز من المعاني ..ادخل فقط وتذوق طعمها وتلذذ بمتعة البحث عنها واكتشافها.
عندها ستدرك سر هذا الكون …. يكتسي كل شيء حولك بهالة تشع حياة وحبوراتستطيع عندها أن تعذر الجهلة على جهلهم.. تتفهم ظروفهم..ولكن لا تنسى ان تدافع عنهم. فهم سجناء ومساكين
اعطف عليهم وحاول أن تأخذ بيدهم كما يراعي الطبيب مرضاه. بأدب ودون تجريح كما يفعل الكهنة الذين يقرون اتباعهم ليل نهار. لكي يزيدوهم ذلا وإحساسا بالذنب والامتهان والضعة وقلة الشأن.
وهذا هو الفرق بين المتنور والاعمى . …فالإنسان العبد ليس إنسانا حقيقيا لا هو ولا إلههأنه مغيب مسحور كما يقول ماكس فيبرنائم وغارق بالأحلام ….أحلامه هي زنزانته وتمنعه من ان يخرج منها ليرى حقيقة أمره
إن كنت غير واع بنفسك فكيف تفهم نفوس الأخرين؟شاهد النور داخلك ….لا مفر عندها ستراه في كل شيء …الله معتقل ويجب تحريره من عقدنا النفسية والدينية.يجب ان نجعل الهنا حرار في ان يفعل ما يراه مناسبا له ولنا
الاله الثابت أسطورة
ولو صح هذا فلماذا ندعو له ؟ (التفاصيل في الفيديو)
فكرة الله وفكرة الموت
طوال التاريخ، كان الإنسان مرعوبا من “فكرة” الموت.. ولحل المشكلة أقنع الإنسان نفسه أنه لن يفنى وسيبقى بعد الموت، ولكن من يستطيع تحمل وزر هذه المسؤولية؟الجواب: لا أحد !
إنها مسؤولية هائلة، لن نجد غبيا واحدا مستعدا لترشيح نفسه لها.
المشكلة ازدادت وطأتها، بـ”تواتر” الموت غير الطبيعي، مثل عمليات الغزو والقتل من قبل الآخرين، والحوادث غير المتوقعة. ومع الزمن لم تعد حقيقة الموت فجأة، تتعلق بمصير الشخص الذي مات، إنما بمصير عائلته وأقرب الناس إليه.محاولات “العلاج” كانت كثيرة كما يبدو من الآثار والأساطير القديمة.ولكن لم يجر حل المشكلة بطريقة “مقبولة” وشبه مستديمة، إلا بعد آلاف السنين. فكان لكل شعب أسلوبه الخاص، في معالجتها، ومعظمها اختارت كائنا طالما ظهر في الأحلام ولحظات اليقظة بل وحتى الوعي، وهو يوبخ ويلوم الإنسان، على كل شيء يفعله.عندها شعر الإنسان بأنه ليس وحيدا إنما هناك من يتحدث معه، ويسدد خطاه.وبسبب وجود هذا الرفيق الدائم (وهو النفس اللوامة)، ظهرت فكرة الإله.. والتي من ابرز صفاتها أنها تستقبل الميتالله هو الذي سيتم تنفيذ فقرات هذه الصفقة استناداً إلى اعتقاده بوجود الله الذي سيتحمل نتيجة موت الإنسان مثلما تحمل سبب خلقه وحياته . وهذه هي أحد أهم الأسباب التي أوجدت الدين . في كتابي الذي ذكرته (مثولوجيا الخلود ) تجد في صفحته الأولى هذه العبارة (يقول الكاتب الإسبانى ميجيل دي أونامونو : كنت أتحدث إلى فلاح ذات يوم واقترحت علية فرض وجود إله يحكم فى الارض وفى السماء، كما أقترحت عليه أيضا عدم خلود الأرواح وأنه لن يكون بعث ولا نشور بالمعنى التقليدى المعروف، ففجأنى الفلاح قائلا : وما فائدة وجود الله إذن؟ ).