أزاميل/ متابعة: قبل الهجوم السعودي على اليمن، نشرت هذه المقالة، وبغض النظر عن مدى اتفاقنا مع ماجاء فيها، إلا أنها تكشف جانبا من المأزق الذي وقعت فيه المملكة العربية السعودية، وهو المازق الذي لم يكن فيه ممكنا التواري بعد الآن خلف الآخرين، وخوضهم الحروب بالنيابة عنها.. المادة ادناه مهمة جدا.. وتشير إلى الوجوه الرئيسية التي “عمرت” حياتنا العربية والإسلامية .. أيما تعمير وعلى امتداد أربعة عقود من الزمن!
المفارقة ان بريجنسكي الصديق العريق للمملكة، كان يشعر بهذا المأزق الخطير. ولهذا حذر قبل أيام المملكة من التورط في اليمن، ولكن وكما يبدو، فأن حجم المأزق كان كبيرا جدا ولم تستطع المملكة هضمه أبدا، وللإطلاع على ماقاله بريجنسكي [button-red url=”http://azamil.com/?p=3905″ target=”_self” position=”left”]اضغط هنا [/button-red]
25 آذار , 2015 – سعود الفيصل يخسر ذراعه الأيمن بقلم حسن غندور
كنت قد كتبت في مقالٍ سابقٍ مقارنةً بين الثنائي سعود الفيصل – بندر بن سلطان والثنائي جواد ظريف – قاسم سليماني. وقد أردت من تلك المقارنة أن أشرح الفرق بين النموذجين وتأثير هذا الفرق على النتائج العائدة على بلديهما من خلال أداء كل من الثنائيّين.
ولأنّ الخارجية والحرب، وعلى الرغم من التناقض الكبير بين دبلوماسية الخارجية وقسوة الحرب، هما من أهم الأذرع المترابطة في جسم الدولة، وخصوصًا لدى الدول التي تمتلك أو تطمح لامتلاك نفوذٍ إقليمي، فالترابط العضوي بينهما يكاد يجعلهما أداتين في وظيفةٍ واحدة، يخدمان بعضيهما البعض من خلال تجيير إنجازيهما الواحد للآخر، فيكمل أحدهما الآخر ويتكاملان ببساطة، الميدان القوي يعزز القدرة التفاوضية والتفاوض القوي يُريح الميدان والعكس بالعكس.
في محاولةٍ لإسقاط النموذجين السعودي والإيراني على المشهد الإقليمي خلال الحقبة الحالية الحارة وما قبلها من تجاربٍ مرّ بها الثنائي المخضرم بندر والفيصل، نجد تمايزاً كبيراً في مقاربة التحديات بينهما وبين الثنائي ظريف – سليماني، على الرغم من عمق التجربة السعودية لكل من فيصل وبندر، والممتدة لأكثرمن عقودٍ أربعة لعبا خلالها أدواراً مهمة منذ انقلاب ضياء الحق في باكستان على علي بوتو وتحول باكستان باتجاه اليمين الاسلامي المتطرف الذي صدره الفيصل وبندر عبر الإرساليات الوهابية وقوافل شيوخها التي غزت باكستان وغيّرت معالمها،
والتي بدورها أثرت في أفغانستان وساهمت لاحقاً الأخيرة، أي أفغانستان، في لعب أهم الأدوار التي ساعدت بإنهاء الحرب البادرة بين الروس والأمريكيين، مروراً بدور بندر في حرب البوسنة والهرسك، وصولًا الى حرب الخليج الاولى ودور الثنائي في دعم صدام وحرب العراق والصحوات وحرب سوريا والاشتباك اللبناني السياسي الذي بدأ عقب اغتيال الحريري وما زال يدور فصولًا.
واليوم، استطاع ظريف أن يستثمر إنجازات سليماني في العراق وتعاونه مع الجيش السوري في سوريا ومساندته لحزب الله في لبنان خير استثمار مع الخماسية الدولية، في الوقت الذي بقيت فيه السياسة السعودية الخارجية تنتهج نفس الأسلوب في مقاربة أسلوبها للتعامل مع قضايا المنطقة والمتغيرات المستجدة دون الأخذ بعين الاعتبار هذه المتغيرات وآلية التكيف معها.
لعلّ أحد أهم أسباب تراكم الخسائر السعودية في المنطقة هو تشبثها بنفس النمطية الفوقية في التعاطي والمستمدة من الفهم الخاطئ بأنّ المال النفطي ممكن أن يشتري كل شيء، فبدأت تخسر أوراقها يومًا بعد يوم، وبدلًا من تغيير النظرة والمفاهيم ذهبت الى المكابرة والتعنت واختارت المواجهة العنفية المباشرة تحريضاً وغير المباشرة ترهيباً وتآمراً.
إنّ انتصار كل من الجيش السوري وحزب الله في القصير شكل النكسة الثانية للسياسة السعودية بعد النكسة الاولى التي تمثلت بطرد صبيّها الأرعن سعد الحريري من لجنة الحكم في لبنان مطلع العام 2011، حيث شكل هذا الانتصار نقطة تحوّلٍ لمسار الاشتباك بين قوى الممانعة والغرب، والغرب هنا كان أكثر مرونةً في تلقّف هذا التحول، بعكس المملكة التي ظلّت تغرد خارج السرب الى أن توفي الملك عبدالله وجاء الملك سلمان الذي أطاح بأغلب فريق الملك الراحل لتثبيت حكمه ومنعه من الاهتزاز، فكان من جملة من طار، اليد اليمنى والعقل العسكري التخريبي للفيصل، ومذاك، بدأ التضعضع في صفوف الجماعات والأداوت التكفيرية التي كان يرعاها ويموّلها ويديرها من العراق الى سوريا، تغيّر المشهد بالكامل، وأصبح سعود الفيصل ذئباً بلا أنياب.
خسرت المملكة أغلب اوراق القوة وتحوّلت ورقة التطرف من اداة تخدمها الى خطر يهدد كيانها
في الأيام الماضية سعت الرياض الى جمع اليمنيين في كنفها لكي يتحاوروا ولكي لا تخسر الورقة اليمنية بالكامل ففشلت، وشكّل فشلها سقوطاً آخر للدبلوماسية السعودية، ولو كان بندر موجوداً لأدار الهادي ورجاله والقاعدة وإرهابييها بشكلٍ أفضل مما يديره المبعوث الأممي المشبوه جمال بن عمر، مما قد يسمح له بإطالة أمد الأزمة في اليمن للتمكن من ترتيب حربٍ أهلية فيها تحقق له إبقاء اليد على البلاد.
وبالأمس، قام الفيصل بإعلاء صوته مهدداً بإرسال ما يسمى درع الجزيرة الى اليمن، ناسياً أو متناسياً نتائج المواجهة الخاسرة التي قادها الامير خالد بن سلطان عام 2007 مع الحوثيين، ليرد الحوثيون عليه سريعاً باجتياح مدينة تعز ومدينة لحج والضالع فتضاف الى المحافظات الاخرى التي أصبحت في أيدي اللجان الثورية المتحالفة مع الحوثيين والجيش اليمني.
وباستثاء عدن التي أصبحت قاب قوسين أو أدنى من سيطرة اللجان عليها، لم يبقَ إلّا محافظتا الشبوة وحضرموت خارج سيطرة تلك اللجان في اليمن وبعض المناطق المقفرة في محافظة المهرة ذات الطابع الصحراوي.
لقد خسرت المملكة اغلب اوراق القوة، وتحوّلت ورقة التطرف الديني التي لطالما استخدمتها من اداة تخدمها الى خطر يهدد كيانها بعدما انفلتت من عقالها، وغياب العقل التخريبي لبندر بن سلطان شلّ قدراتها على فرض المعادلات مما جعل الفيصل نمراً من ورق وجسداً مبتور الساعدين. لقد آن الأوان لكي تعيد المملكة حساباتها وللمرة الأخيرة، فالمتغيّر الإقليمي والدولي لا يستطيع انتظار من كان بالفهم بطيئاً، ومن وضع في ميزان حساباته أنّ رضى الأسياد في الغرب… أنفعُ وأبقى.