أزاميل/ متابعة/ دوت مصر: فتحت مجددا أزمة إعلان تنظيم “داعش” ذبحه لمصريين أقباط، كان قد احتجزهم مؤخرا في ليبيا، مساء الأحد، ملف الضغوط الخارجية والداخلية التي تتعرض لها مصر، من حين لآخر، مع كل أزمة تصيبها، حيث تطلعنا وسائل الإعلام دائما عن استعدادات مصرية لتدخل عسكري محتمل على إثر تلك الأزمات.
تلك المطالبات التي تصفها السلطات المصرية، دائما بالمستفزة، تزعم أن الدور المصري لا يقل أهمية عن نظيره الأردني الذي شن ضربات جوية على إثر مقتل الطيار الأردني، معاذ الكساسبة، حرقا على يد “داعش”، وأنها لا تقل أهمية عن سائر دول التحالف الدولي ضد التنظيم، والذي أعلنت مصر عن مشاركتها فيه معلوماتيا فقط.
وعلى الجانب الآخر، تطلعنا السلطات المصرية، دائما برفضها القاطع للتدخل العسكري لحل أزمات دول الربيع العربي، سواء في سوريا أو اليمن أو ليبيا، وأن شعوب تلك الدول هي من تحدد مصيرها، ومع استمرار تعرض المصالح المصرية للخطر في تلك الدول، فإن تساؤلات تدور حول تدخل عسكري محتمل لمصر يحمي مصالحها.
استمرار مسلسل اختطاف المصريين في ليبيا، وخاصة الأقباط منهم، ونشر التنظيم الإرهابي لـ”داعش” فيديو يصور ذبحهم لـ21 مصريا، سلط الضوء من جديد حول اتهامات للحكومة المصرية بالتقاعس تجاه وضعهم في ليبيا، وعدم القدرة على حمايتهم، حيث تجددت المطالبات بأهمية إجلائهم من هناك، والتدخل العسكري للقضاء على التنظيم.
مدير مركز الدراسات الإستراتجية بالقوات المسلحة السابق، أحمد عبدالحليم، أكد استحالة وجود تدخل عسكري مصري في ليبيا، لافتا إلى أن هناك اتجاها لاستنفاذ قوة الجيش المصري في حروب ليس للدولة مصلحة بها.
وشدد عبدالحليم على أن مصر اتخذت القرار الصائب بالاتجاه نحو إجلاء المصريين الراغبين في العودة إلى بلادهم عن ليبيا.
وكان وزير الخارجية، سامح شكري، أكد في مؤتمر صحفي، عقده السبت، بوزارة الخارجية، أن مصر لن تتخذ قرارا بالتدخل العسكري في ليبيا في ظل أي ضغوط دون دراسات وتقييم دقيق للوضع هناك، وطبقا لما تصل إليه القيادة المصرية من خلال مؤسساتها العاملة في هذا النطاق، مشددا على أن القرارات التي تتخذها مصر مبنية على المصلحة العامة وليست انفعالية، ولا تتم تحت أي ضغوط، لافتا إلى أن الأعمال العسكرية تتم بحسابات دقيقة وفق ظروف وأطر مناسبة وتأخذ في الاعتبار جميع المتغيرات.
اليمن
مخاوف مصرية أثيرت مؤخرا على إثر سيطرة الحوثيين وتمددهم في اتجاه السيطرة على باب المندب، بما يؤثر بشكل مباشر على المصالح المصرية في قناة السويس، كما يمثل تهديدا دوليا لجميع السفن المارة من خلال المضيق.
وشدد مدير مركز الدراسات الإستراتيجية بالقوات المسلحة السابق، على أن مصر ليست الوحيدة صاحبة المصالح في باب المندب، وذلك من الناحية التجارية، لافتا إلى أن المستفيد الأول هي الدول العظمى المتمثلة في أمريكا وروسيا وبريطانيا وفرنسا.
وأكد أن مصر لا يمكنها التدخل الفردي حال السيطرة على باب المندب، متوقعا تدخل جماعي للقوى الدولية المتضررة من تلك السيطرة، حيث تتواجد قوات بحرية دولية من أمريكا وفرنسا وبريطانيا وكندا، ودول أخرى تتمركز في المنطقة لحماية المضيق، منعا لتأثر حركة الملاحة الدولية، بما يؤثر سلبا على التجارة العالمية.
التصريحات الرسمية المصرية تفيد بأن الدولة لن تقبل بأي تهديد لمصالحها، وهو ما أكده رئيس مجلس الوزراء، إبراهيم محلب، قائلا: “إن مصر قادرة على الرد بالطريقة التي تراها مناسبة”.
وعلى الجانب الآخر، أكد السفير المصري في اليمن، لـ”دوت مصر”، أن هناك تنسيقا مصريا عربيا لتأمين المصالح العربية في باب المندب من سيطرة محتملة للحوثيين.
التحالف الدولي ضد “داعش”
وفيما يتعلق بالدور المصري في التحالف الدولي لمواجهة تنظيم “داعش”، وتكهنات حول تطوره من كونه معلوماتيا، ليشمل تدخلا عسكريا، بعد تأثر مصر بالتنظيم الإرهابي بشكل مباشر، سواء من خلال العمليات الإرهابية في سيناء، أو ما شهدته الفترة الأخيرة من اختطاف مصريين وتعرضهم للقتل في ليبيا.
ومن جانبه، أكد وكيل جهاز الأمن الوطني الأسبق، فؤاد علام، أنه لا يمكن التوقع بإمكانية اتخاذ مصر قرارا بالمشاركة عسكريا في التحالف الدولي ضد “داعش”، مشددا على أن تلك المسألة تتطلب حسابات دقيقة، لافتا إلى أن مصر لن تتوانِ في اتخاذ أي قرار إذا ما تعرضت لأي تهديد مباشر لمصالحها أو أبنائها.
وأشار إلى أن الدور الأهم الواقع على عاتق مصر هو التعاون مع الدول العربية لمعالجة الأفكار المتطرفة لتلك التنظيمات الإرهابية.
وكان تنظيم “داعش” أعلن، ذبح 21 مصريا قبطيا يحتجزهم في ليبيا، ونشر فيديو للمختطفين في ملابس الإعدام البرتقالية.
فيما وجه الرئيس عبدالفتاح السيسي، في كلمة بثها التليفزيون المصري، ردا على مذبحة تنظيم داعش، أن مصر ودول العالم تواجه معركة شرسة في مواجهة تتنظيمات إرهابية تتبنى فكرا متطرف، مشيرا إلى أنه قد آن الأوان التعامل معها، متابعا أن هذه الأعمال لن تنال من عزيمتنا، وأن مصر التي هزمت الإرهاب من قبل قادرة على دحضه، وأنها لا تدافع عن نفسها فقط، وإنما تدافع عن الإنسانية بأكلملها، مشددا على أنها تحتفظ بحق الرد للقصاص من هؤلاء القتلة المجرمين.
وأضاف أنه دعا مجلس الدفاع الوطني للانعقاد للتباحث حول الإجراءات المقرر اتخاذها، كما كلف الحكومة باتخاذ جميع الإجراءات للتخفيف عن أسر الضحايا، والتنفيذ الصارم لقرار منع السفر إلى ليبيا، وكذلك أجهزة الدولة باتخاذ جميع التسهيلات لعودة المصريين إلى أرض الوطن.