ازاميل/ متابعة/عن http://www.dw.de/:
في الحرب على داعش في العراق تُسمع قعقة سلاح الجميع فيما يغيب صوت سلاح الجيش الوطني عن المعركة. رسميا يعدُّ هذا الجيش نحو مليون مقاتل تحت السلاح، لكن استعداده للحرب سياسيا ولوجستيا وقتاليا بات اليوم موضع سؤال. يتساءل أغلب المهتمين بالحرب على داعش عن دور الجيش العراقي في هذه الحرب، ولماذا يبدو حضوره متواضعا ؟ الصحفي الألماني شتيفان بوخن، المتخصص بشؤون الشرق الأوسط في لقاء مع DW وفي معرض إجابته عن هذا السؤال، أعرب عن اعتقاده أنّ الجيش العراقي غير مؤهل لمواجهة داعش، مبيّنا “أنّ القسط الأكبر في المواجهة مع داعش يتولاه السلاح الجوي العائد للولايات المتحدة والحلفاء أولا، وقوات البيشمركة وحزب العمال الكردستاني التركي ثانيا – وبرز دور هذا الحزب في منطقة سنجار- والميلشيات الشيعية العراقية التي حققت بعض الإنجازات ثالثا”.
” الفضائيون” جزء من المشكلة
جيش العراق الذي خاض كل حروب صدام على مدى 3 عقود ما زال جيش المليون، لكن كثيرين ضمن هذا الرقم يقعون تحت وصف ساخر مرير يتندّر به العراقيون هو “الفضائيون”. ويعنون بذلك، عناصر مسجلة رسمياً في الجيش، مرتبطة بعقود عمل مؤقتة في الغالب، وتتقاضى مستحقات مالية تتقاسمها مع قادتها وضباطها بمختلف المستويات كـ (رشاوى)، مقابل أن تغيب عن الميدان والمعسكر بشكل دائم. أو أسماء لأشخاص وهميين يُسجلون بمستمسكات مزورة وتذهب مستحقاتهم المالية إلى قيادات عسكرية بعينها، فهو جيش فضائي وهمي إذن. رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي كشف بنفسه في نوفمبر/ تشرين الثاني 2014 عن وجود 50 ألف جندي فضائي وهمي وأعلن إلغاء درجاتهم. سبقت ذلك فضيحة عن صفقة أسلحة مع روسيا بقيمة 5 مليارات دولار عام 2012. كل هذا يضع قدرات الجيش العراقي، بل حتى حقيقة وجوده كقوة فاعلة على الأرض، موضع سؤال. وفي هذا السياق يقول الخبير العسكري د. مهند العزاوي مدير مركز صقر للدراسات الإستراتيجية “هناك هشاشة في بناء هذا الجيش قبل أن تدخل داعش إلى الموصل، هشاشة تدريبية وهشاشة في العقيدة العسكرية”، ومضى العزاوي إلى القول “إن تنوع العقائد التدريبية يخلق مشكلة أخرى. ولا ننسى مشكلة الفساد، وما يسمى الجنود الفضائيين والوهميين، علاوة على التسليح غير المنضبط والأعتدة الفاسدة، وهذه بعض من الأسباب التي أدت إلى سقوط نحو نصف العراق (تحت سلطة داعش)”.
هيكل قيادة الجيش العراقي الذي أنشئ في 6 كانون الثاني/ يناير 1921 يحاكي هيكل الجيش البريطاني، وهكذا فإن قيادات الجيش وفيالقه وفرقه تتبع رئاسة أركان الجيش. بعد 2003 وحلّ الجيش، ثم إعادة تشكيله، أُعيد هذا التنظيم وأعيدت رئاسة أركان الجيش، لكنها بقيت معطلة عن العمل، حيث ارتبطت قيادة الجيش بما يسمى بمكتب القائد العام للقوات المسلحة (ويتولى هذا المنصب رئيس الحكومة بنفسه). وإلى ذلك أشار الخبير مهند العزاوي “هذا المكتب أحد أسباب الخلل العسكري، وقد قام رئيس الحكومة الحالي حيدر العبادي بإلغائه بعد أن أدرك خطورة دوره”.
جيش غير مُتفق على هويته
في الجانب الآخر من تحليل مشكلة الجيش العراقي، يلحظ المراقب بسهولة، أنه تنظيم يفتقر إلى اتفاق العراقيين على هويته، وعن ذلك يقول شتيفان بوخن “هو جيش لا يحظى بدعم شعبي وسياسي يؤهله لتمثيل كل ألوان الطيف العراقي. وهناك دوائر واسعة من أهل السنة في العراق تعتبر أنّ الحكومة العراقية وجيشها تمثل مصالح الشيعة في العراق حصراً”.
ويشيع في العراق مصطلح “الاحتقان والتخندق الطائفي”، ويتحدث المختصون غالبا عن عجز الجيش الحالي عن الخروج عن حدود هذا المصطلح، وهذا يشكل تحدياً سياسياً خطيراً يواجه رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي، الذي يحاول أن يعيد بناء قوات خفيفة سريعة ليزج بها في “معركة تحرير الموصل”، وهو ما أشار إليه الخبير العسكري مهند العزاوي، إلا أنّه لفت الأنظار إلى ما يراه سبباً مباشراً لضعف الجيش وتشتت قواته مشيراً بالقول” العقل العسكري المخطط في العراق غائب، وأهل مكة أدرى بشعابها. المشكلة هنا أن كلّ الخبرة العسكرية قد جرى استنزافها، وجرى تفكيك القوات المسلحة ومطاردة العقول والإمكانات التي تقود الجيش. وهكذا فقد رست السفينة العسكرية على بعض الأشخاص الذين لم يمتلكوا خبرة الميدان”.