أزاميل/ متابعة: عدم الاستقرار في العالم وتمزق الدول وتفككها وانتشار الحروب الداخلية والنزاعات وانهيار انظمة المؤسسات وتحولها الى انظمة ميليشيات و عصابات سياسية, هذه هي التوجهات العامة السائدة في عالمنا و التي تنتشر مثل الوباء من بلد الى اخر. لماذا يحصل هذا؟
تهدف هذه الاستراتيجية الى تفكيك و تحويل الدول التي لديها موارد طبيعية الى بؤر للتوتر تنتشر فيها العصابات السياسية المتحاربة منقسمة على اسس عرقية وطائفية وقومية ودينية.
وتسيطر هذه الجماعات على مناطق واقاليم ضعيفة لا تمتلك اي منها القوة الكافية للسيطرة على الاقاليم الاخرى. فتضمن الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين سلامة شركاتها واستمرار تصدير الخامات وذلك عبر تواجد عسكري قليل لحماية هذه المنشآت وطرق الامداد.
بينما تغرق باقي اجزاء البلاد في الحرب ويعيش سكانها في فاقة يدفعهم غريزة البقاء الى الاحتماء بالميليشيات المتحاربة.
أما العصابات والمافيات السياسية الحاكمة في الاقاليم فان اي منهم لا ينبغي ان يشعر بالامان والقوة والاستقرار لكي يستسلموا كليا لما يطلب منهم ويلهثوا على شراء السلاح بالاموال القليلة التي يحصلون عليها من بيع الموارد الطبيعية في مناطقهم.
وهم بذلك يضمنون حماية هذه المنشآت وطرق الامداد للحصول على حصصهم من الدولارات التي سيشترون بها العتاد في حربهم ويدفعون رواتب مقاتليهم.
كانت الولايات المتحدة ودول اوروبا الغربية قد جربت هذا النموذج بنجاح في الكونغو منذ نهاية الستينات وحتى الان. ويبدو انها قد قررت تعميمها على العراق وسوريا وافغانستان والسودان والصومال وليبيا ونيجيريا ومن المفترض ان تنظم ايران والسعودية الى قائمة هذه الدول.
وتتضح من خلال الفيديو، شخصية المتحدث، وهو البروفسور ماكس مانويرن، عن معهد الدراسات الإستراتيجية الاميركي.
ويبدو ان هذا الباحث لم يعد يعمل في المعهد فليس من المعقول “منطقيا” ان يكشف كل هذه الاستراتيجيات الخطيرة وهو مازال باحثا رسميا فيه.
وادناه مقال نشر في آب 2014 حول الموضوع:
كل ما يجب أن تعرفه عن «حروب الجيل الرابع»: ماذا تعني؟ ولماذا يعتبرها السيسي «مؤامرة شيطانية»؟
أحمد الخطيب منذ 8 شهور، 26 أغسطس,2014
طَفت على سطح الجدل السياسي في مصر – مجددًا – نظرية عسكرية – أمريكية بالأساس – هي «حروب الجيل الرابع» بعد أن وصفها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في لقائه، الأحد الماضي، برؤساء التحرير والإعلاميين المصريين، بـ «المخطط الشيطاني».
ماذا تعني نظرية حروب الجيل الرابع؟
يعود تاريخ الحديث عن «الجيل الرابع من الحروب» إلى 25 عامًا مضوا، ورغم مرور النظرية بعدة تغييرات، إلا إنه يمكن تلخيصها في نقطة أساسية تقول:
ينقسم تاريخ الحروب – بحسب النظرية – إلى 4 أجيال: الجيل الأول – هذه المرة بتعبير معتز بالله عبد الفتاح، الإعلامي وأستاذ العلوم السياسية، في مقالٍ نشرته صحيفة الوطن المصرية– يقوم على «حشد الجنود والقوات… مثلما نشاهد في أفلام حروب المسلمين والكفار أو الفرس والروم… حروب الجيل الثاني حيث المدافع البدائية التي يتم فيها قتل وتدمير جيش العدو عن بعد، وقبل حدوث أي اشتباكات مباشرة… حروب الجيل الثالث التي أصبح فيها الاعتماد على التكنولوجيا والطائرات والدبابات والتجسس والمناورة العالية والسرعة الفائقة والهجوم من الخلف، بدلاً من المواجهة المباشرة والاستفادة من المعلومات التي توفرها الأقمار الاصطناعية».
نلتقط طرف الخيط من معتز بالله عبد الفتاح لنذهب إلى ورقة بحثية قدّمها في العام 2005 الأكاديمي والعسكري الأمريكي أنطوليو إتشيفاريا، الذي شغل مناصب رفيعة في مؤسسات بحث وتدريب تابعة للجيش الأمريكي، بعنوان «حرب الجيل الرابع وأساطير أخرى»، وشرح فيها فكرة «الجيل الرابع» بأنها تعتمد على نوع من «التمرد» الذي تستخدم فيه مجموعات غير نظامية كل الوسائل التكنولوجية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية، بهدف إجبار العدو (قوة عسكرية نظامية) على التخلّي عن سياساته وأهدافه الاستراتيجية؛ تنتقل الحرب في هذه المرحلة من صراع مُسلح بين قوتين عسكريتين نظاميتين، إلى صراع بين «دولة» ومجموعات غير نظامية لا تستهدف تحطيم القوة العسكرية للدولة، بل إجبارها على الدخول في حالة من عدم الاستقرار وضعف السيطرة، والفشل في النهاية.
السيسي: «مصر تتعرض للجيل الرابع من الحروب، وهناك قنوات ومواقع إلكترونية جديدة تنفذ هذا المخطط الشيطاني. لا تستهدف هذه المخاطر نظام الحكم، ولكن تستهدف تدمير وطن ودولة ذات تاريخ عريق ينتظرها مستقبل مشرق».
النظرية حقيقة إذًا؛ فلماذا الاستهزاء بها؟
كما ذكرنا، يتناقل الحديث عن النظرية في الدوائر العسكرية الأمريكية منذ ثمانينات القرن الماضي، لكن ما كُتب في نقدها وبيان قصورها أكثر بكثير مما كُتب في دعم قدرتها على تفسير الواقع السياسي في العالم؛ لذا فقد تناولها الكثير من الكتَّاب ومستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي بالنقد.
يقول الدكتور أحمد عبد ربه، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، في مقالٍ نشرته صحيفة الشروق المصرية في أبريل الماضي، عرض فيه أصول النظرية، وحذَّر فيه من إسقاطها على الحالة المصرية:
«نظرية الجيل الرابع ما هي إلا تبرير للفشل المخابراتي والعسكري الأمريكي، وتعبير عن عدم الاعتراف بحقيقة تطور الفاعلين من غير الدول، وضعف قدرة الدولة على احتكار وسائل العنف التقليدية وغير التقليدية أمام عالم متعولم وشبكات علاقات بين فاعلين قادرة على تخطى الحدود التقليدية… تم ترديدها كما هي للتخلص من أي مظاهر تعددية وديمقراطية، والتخلص من الخصوم السياسيين والحركات الثورية». حروب الجيل الرابع.. ضد من؟
يبدو أن تعقيد الوضع المصري منذ قيام ثورة 25 يناير 2011، وتشابُك خيوطه، وتبادُل مواقع القوى الفاعلة فيه قربًا وبُعدًا عن السلطة، يدفع الكُتاب والإعلاميين، وبعدهم (أو قبلهم) صُناع القرار والسياسيين إلى تبنّي نظريات تبدو متماسكة وصالحة لتفسير الأوضاع في مصر، وتحمل قوالب جاهزة لتصنيف «الأخيار» و«الأشرار» بطريقة مُفرطة البساطة.
في الأيام الأخيرة، تناولت العديد من وسائل الإعلام المصرية القريبة من النظام الحالي نظرية «حروب الجيل الرابع» بالشرح والتحليل، والإسقاط على الواقع المصري لكشف «مؤامرات إسقاط الدولة المصرية» أو «خطط الطابور الخامس لإشاعة الفوضى».
لكن الطريف في الأمر إن اكتشاف النظرية (فجأة) لم يكُن بعد حديث الرئيس السيسي – مدير المخابرات الحربية سابقًا – عنها، بل تناوب على ذكرها الكُتاب والعسكريون، وحتى المجموعات السياسية الشبابية عدة مرات: الأولى في أول عام 2013 قبل عزل الرئيس السابق محمد مرسي، وفي ظل تنامي الاحتجاجات ضده وضد جماعة الإخوان المسلمين، ومرة ثانية في نهاية عام 2013 وبداية 2014، من مصادر على طرفي النقيض من لعبة السلطة والسياسة في مصر.