أزاميل/ متابعة: الحياة مع الهاتف الذكي..هذا هو عنوان الشريط الرائع الذي انتشر مؤخرا بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي في شرقي آسيا، وهو عمل فني مبتكر وعميق في دلالاته ورصده لظاهرة باتت تشكل جزءا مهما من حياة الإنسان اليومية في جميع انحاء العالم.
وبصورة تثير الكثير من التساؤلات عن مدى تأثيرها ثقافيا واجتماعيا على المدى القريب والبعيد.
هكذا أحرز هذا الفيلم الكارتون الياباني حول الضرر الناجم عن الهواتف الذكية شعبية لا سوابق لها بين مستخدمي الإنترنت.
أصبحت شخصيات لا تقدر على تصور حياتها من دون الأجهزة الذكية أبطالا لهذا الفيلم. تابع أكثر من ثمانية ملايين شخص هذا الفيديو خلال ثلاثة أيام.
يبدأ فيلم الكارتون هذا بمشهد رجل يسير منشغلا بشاشة هاتفه الذكي دون النظر الى ما يجري حوله ، فيصطدم بعمود إضاءة، ثم بإمرأة عابرة سبيل صدفة فيسقط عنها بعض ثيابها . ثم يؤدي الولع الزائد بالأجهزة الذكية المحمولة إلى وقوع حادث مؤسف في مصنع. ثم تدور أحداث الفيلم في عيادة طبيب يزرق إبرة الحقنة في عنق المريض خطأ، لأنه كان في هذا الوقت أيضا ينظر إلى شاشة هاتفه الذكي.
ينتهي الفيديو بكارثة عالمية نجا منها واحد من العلماء أغلق نفسه في مقصورة صغيرة محكمة السد لفترة جريان تجربة كيميائية أدت إلى وقوع تلك الكارثة. أما العالم المذكور فقبل أن يختنق يلحق أن يرسل عددا من الرسائل النصية عبر هاتفه الذكي.
وهناك أضرار صحية ونفسية ايضا
ربما لا يختلف اثنان على أن ما نقضيه من ساعات في تسمير أنظارنا على شاشة الهاتف الذكي أو ضرب مفاتيحه ليس مزعجا فحسب بل يمكن ان يشكل خطرا على صحتنا أيضا. ومع تزايد اعتمادنا على الهاتف الذكي الذي نرجع اليه كل دقيقة لمتابعة أحدث المستجدات تزداد مخاطره الصحية أيضا.
وتقول الجمعية البريطانية لتقويم العمود الفقري ان هوسنا بالهاتف الذكي أدى الى ارتفاع عدد الشباب الذين يتعرضون الى مشاكل صحية في الظهر. لأن الوقت الذي نمضيه منحنين على شاشة الهاتف يمكن ان يسلط ضغطا على الفقرات.
وبسبب نمط الحياة الذي تقوم التكنولوجيا بدور مركزي فيه فان 54 في المئة من الشباب في عمر 16 الى 24 سنة يعانون آلاما في الظهر ، أو بزيادة قدرها 60 في المئة على عددهم في عام 2014. ولكن آلام الظهر ليست المشكلة الصحية الوحيدة الناجمة عن الادمان على الهاتف الذكي بل هناك مخاطر أخرى نستعرضها أدناه.
الحوادث
إذا كنتَ مستغرقا في النظر الى هاتفك الذكي فانك تعرض نفسك الى خطر الاصطدام بعمود كهربائي أو التعثر أو التعرض الى حادث حتى أخطر.
وتوصل باحثون في جامعة كارنغي ميلون الأميركية الى ان نشاط الدماغ يقل بنسبة 37 في المئة عند السائقين الذين يستمعون الى مكالمة على هاتفهم الخلوي أثناء قيادة السيارة.
واكتشفت دراسة أجرتها جامعة واشنطن ان احتمالات تجاهل الاشارات الضوئية أو عدم الانتباه لحركة السير قبل عبور الشارع تزيد أربع مرات بين الذين يكتبون رسائل نصية أثناء المشي.
القلق
إمكانية التواصل المستمر عن طريق الهاتف الذكي يمكن ان تجعلنا أكثر شعورا بالعزلة بدلا من ان تجعلنا أكثر ارتباطا بالعالم. فالشباب الذين يمضون 11 ساعة يوميا في النظر الى شاشات هواتفهم الذكية يتوقعون تحديثات متواصلة من اصدقائهم ويمكن ان يثير توقفها لبعض الوقت هواجس وقلقا عند الشاب.
ونقلت صحيفة الديلي تلغراف عن الطبيب النفسي المختص بالادمان على التكنولوجيا ريتشارد غراهام قوله ان شعورا مخيفا ينتاب الشاب بأن الآخر يتجاهله.
البدانة
يقول الاستشاري المختص بطب العظام جونثان ديرنغ المتحدث باسم الجمعية الملكية للجراحين في ادنبرة ان الثورة التكنولوجية أسفرت عن تناقص النشاط البدني وزيادة البدانة التي تُعد رابع أكبر سبب للوفاة في العالم.
فالبريد الالكتروني والهاتف الذكي أصبحا بديلا عن الزيارات واللقاءات المباشرة. وحذر ديرنغ من ان “الخمول يؤدي الى البدانة ويعني زيادة كبيرة في خطر الاصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية”.
الكآبة
تقول جولي لين ايفنز المختصة بالعلاج النفسي للأطفال انها إبان التسعينات كانت تتعامل مع محاولة أو محاولتي انتحار في السنة ولكنها الآن تواجه أربع محاولات انتحار في الشهر.
وتتهم ايفنز الهاتف الذكي بالمسؤولية عن هذه الزيادة قائلة انه يسمح للمراهق بأن يحمل عالما من التنمر الالكتروني أينما يذهب.
وأشارت الى وجود “غرف دردشة صعبة ومواقع مؤذية ذاتيا ومواقع تسبب النحافة المرضية ومواقع اباحية وعالم كامل من الأماكن المظلمة”.
ونقلت صحيفة الديلي تلغراف عن ايفنز قولها “نحن في الحياة الواقعية نتنقل مع أطفالنا وعندما يكونون مرتبطين عن طريق هواتفهم الذكية بالشبكة فانهم يتنقلون عادة بمفردهم”.
النوم
أكثر من 60 في المئة ممن أعمارهم بين 18 و29 عاما يأخذون هواتفهم الذكية معهم الى الفراش ولكن دراسات وجدت ان التعرض ساعتين فقط للشاشات المضيئة يمكن ان يؤدي الى كبح هورمون الميلاتونين واضطراب النوم.
ويقول البروفيسور كيفن مورغان مدير وحدة أبحاث النوم في جامعة لوفورو البريطانية ان التحفيز الفكري الذي يسببه الهاتف في ساعة متأخرة من الليل يجعل من الصعب الاسترخاء.
وأضاف ان النظر الى الشاشة يؤدي الى نشاط فكري يختلف تماما عن قراءة كتاب لأنه يضعنا في حالة من التيقظ هي آخر ما نريده قبل ان نأوي الى الفراش.
العلاقات
تراجع المهارات الاجتماعية أيضا بسبب الوقت الذي نمضيه في التركيز على هاتفنا الذكي بدلا من الاهتمام بمن حولنا. ويتضح هذا على الأخص بين الأطفال الذين يتجاهلهم آباؤهم المهووسون بهواتفهم.
وتقول الطبية المختصة بنمو الأطفال جيني راديسكي ان الأطفال يتعلمون بمراقبتنا كيف نتحادث وكيف نقرأ تعابير الآخرين على وجوههم. وإذا لم يحدث هذا تفوت على الأطفال مراحل مهمة في نموهم.
قوة التركيز
من المستبعد ان تُنهي قراءة هذا التقرير إذا كنتَ على الهاتف الخلوي حيث تستطيع بنقرة ان تشاهد شريط فيديو مؤثر عن طفل مع كلبه هنا أو صور أصدقائك هناك.
وتوصلت دراسات الى ان الهاتف الذكي يضعف قوة تركيزنا بدرجة كبيرة ويجعلنا أقل كفاءة بكثير في إنجاز وظائفنا ، لا سيما أعمالنا الصعبة والشائكة. ومجرد وجود الهاتف الذكي يلهي بما فيه الكفاية لتخريب تركيزنا الذهني.