ازاميل/ متابعة: نشرت صحيفة لوموند الفرنسية تقريرا حول مخاوف السعودية من تزايد النفوذ الإيراني، وقالت إن إيران تمثل الهاجس الأكبر للقصر السعودي، بسبب سعيها لبسط سيطرتها على عدة أجزاء من منطقة الشرق الأوسط، مع قرب التوصل لاتفاق نهائي مع الغرب حول الملف النووي الإيراني.
وقالت الصحيفة، إن الكابوس الذي يراود ملك السعودية كل ليلة، يتمثل في تمكن إيران من فرض نفسها كقوة إقليمية، من خلال خروجها من وضع العزلة الدولية، واكتسابها للتقنية النووية المتطورة وكسر أغلال العقوبات الاقتصادية.
وأضافت الصحيفة أن شبح الامبراطورية الفارسية القديمة، التي تحولت إلى دولة دينية تسعى لتصدير “نموذجها الثوري”، أصبح يخيم على الإمارات والممالك الموجودة في الخليج، بسبب سعي إيران لتصدير ما تسميه بـ”النموذج الثوري”.
ورأت أن أول شيء تخشاه المملكة العربي السعودية، هو أن الاتفاق النووي النهائي المنتظر توقيعه بحلول الصيف، سيؤدي لتطبيع العلاقات بين طهران وواشنطن، وهو ما دفع بالمملكة “للإسراع بشحذ أسلحتها ومراجعة علاقاتها، وترتيب أولوياتها، والسعي لتجميع القوى الإقليمية والدولية حولها”.
وأشارت الصحيفة في هذا السياق إلى الاستقبال الحار الذي حظي به الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، أول زعيم أوروبي تتم دعوته، لحضور القمة الإستثنائية لمجلس التعاون الخليجي التي اختتمت الثلاثاء. فبعد خلافات عديدة مع قطر خلال السنوات الماضية، تسعى المملكة لتنويع تحالفاتها واستعادة موقعها كقائدة للدول السنية.
ورأت الصحيفة أن الملك سلمان بن عبد العزيز، بدافع الخوف من صعود الحركات المتشددة والهيمنة الإيرانية، قرر تشذيب الفريق الحاكم وتقليص عدد أعضائه، وقام بتعيين ابن شقيقه، محمد بن نايف (55 عاما)، وليا للعهد، وابنه محمد بن سلمان، كولي لولي العهد. كما قرر إطلاق عمليات عسكرية في اليمن لكبح جماح المتمردين الحوثيين، الذين تعتبرهم المملكة أداة تسعى من خلالها إيران لتحقيق طموحاتها الإقليمية.
وقالت الصحيفة إن سعي الملك لبناء علاقات قوية مع فرنسا يهدف إلى دفع هذه الأخيرة لاتخاذ مواقف حازمة أثناء المفاوضات النهائية المرتقبة حول النووي الإيراني، والمطالبة بالإطاحة بالنظام السوري الذي أصبح يستمد وجوده من الدعم الإيراني، كما أن استضافة هولاند في أعمال القمة الخليجية، تمثل رسالة أنيقة ومضمونة الوصول للبيت الأبيض ترسلها الرياض، للتعبير عن استيائها من إصرار باراك أوباما على التوصل لاتفاق مع إيران.
ورأت الصحيفة أن باريس تأمل في حصد مكاسب اقتصادية هامة من هذا التقارب الفرنسي السعودي، خاصة بعد نجاحها في إبرام صفقة بيع 24 طائرة رافال لقطر، ولكنها استدركت بالقول إنه لا يجب تناسي الدور المحوري للولايات المتحدة في المنطقة، فرغم أن واشنطن حصلت على الاستقلال في مجال الطاقة، فإنها تبقى الحليف الأول للرياض، لأنها تضطلع بحماية أمن المملكة والسواحل الغربية للخليج العربي، كما أنها تبقى مورّد السلاح رقم واحد والشريك الاقتصادي الأهم لدول المنطقة.
وأشارت إلى أن قادة دول مجلس التعاون الخليجي سيتواجدون خلال الأسبوع المقبل في “منتجع كامب ديفد”، بدعوة من الرئيس أوباما، لعقد قمة غير رسمية، حيث أن القادة الخليجيين اقتنعوا بأن توقيع الاتفاق النووي النهائي مع إيران بات أمرا واقعا لا مفر منه، ولذلك يريدون في المقابل ضمانات من الولايات المتحدة حول تواصل دعمها لقدراتهم الدفاعية لردع الخطر الإيراني.
وأضافت في السياق ذاته أن السعوديين شرعوا منذ مدة في مناقشة عقود جديدة وضخمة لشراء أسلحة أمريكية، لأنهم يسعون لتعزيز ترسانتهم الدفاعية، تحسبا لتزايد قوة المارد الإيراني مع فك العزلة المفروضة عليه.
وفي الختام، رأت الصحيفة أن هذا التسابق نحو التسلح وعقد التحالفات، يجعل الحديث عن السلام والاستقرار مجرد خيال، في شرق أوسط أصبح يعج بالأسلحة والانقسامات.
المصدر: عربي21 – يحيى بوناب