خزعل الماجدي : الفيليون لا عجمٌ ولا كردٌ ولا عربٌ أصلهم نبط آراميون

الفيليون: لا عجمٌ ولا كردٌ ولا عربٌ

قدم الدكتور خزعل الماجدي في (لاهاي) في هولندا  المحاضرة السابعة عشر من سلسلة محاضراته عن وحدة حضارات العراق في 25 من شهر نيسان 2014 وكانت بعنوان ( الفيليون :لاعجمٌ ولاكردٌ ولاعربٌ بل نبط ٌ آراميون من سكان وادي الرافدين ) في النادي الثقافي المندائي في لاهاي .

Advertisements
Advertisements

وانقسمت المحاضرة الى ثلاثة أقسام أساسية هي جغرافيا وجود الفيليين وأصل كلمة فيلي، تاريخ  الفيليين في العراق، و المظاهر الحضارية لوجودهم في العراق.

ابتدأ المحاضر بتحديد جغرافيا الفيليين الواقعة في وادي حلوان شرق دجلة  ، وهو الوادي الذي يقع جنوب شرق سلسلة جبال زاغروس الفاصلة بين العراق وإيران  فيما يعرف ب (بيشت كوه) إي ظهر الجبل من نهر ديالى شمالاً حتى نهر الكرخة جنوباً ، وقد كانت جبال زاغروس تعرف ب (كور كو ) حيث احتفظت بالإسم السومري القديم لها وهو (كور كور) ، وأظهر خريطة واضحة لمعالم وادي حلوان  وهو الموطن القديم لأجداد الفيليين  من الآراميين والنبط .

الفيليون ليسو كرداً ولا عرباً ولاعجماً  بل هم نبط آراميون استعربوا بعد الإسلام مباشرة ، مثل بقية الآراميين والنبط في العراق ،  ثم استعجموا وأجبروا على موالاة الفرس قبل و بعد سقوط بغداد وظهور الدويلات والإمارات الفارسية في إيران واستكردوا الآن بسبب طلب الحماية والأمان من القوى الكردية التي جعلتهم تحت نفوذها ، لكنهم في الحقيقة جزء من شعوب وادي الرافدين القديمة وتشهد مناطق وجودهم عبر التاريخ القديم لوادي الرافدين بوجود إمارات آرامية ونبطية معروفة فمناطقهم مترعة بالآرامية المحيطة لاسيما في بدرة (بيت ذرايا) وبغيلة( بيت غلة) أو النعمانية وبعقوبة(بيت العقوبة) . وتذكر الباحثة السيدة لمياء الصافي بان (المناطق التي يقطنها الفيلية على الحدود بين إيران والعراق، تسمى تاريخياً (إقليم حلوان) التي ظلت دائما جزءاً من العراق. حيث ان هذه المنطقة جغرافياً هي إمتداد طبيعي لسهل بلاد النهرين.




أما مناطق تواجدهم الحالي فتمتد من (خانقين) وقصر (شيرين) ثم (بدرة) و(جصان) مع ما يحاكيها في (بشت كوه) وإنحداراً الى الجنوب تبدأ (الحلفاية) و(العمارة) و(هور الحويزة) مع ما يقابلها في (البسيتين)، الى الحد الذي تنقسم فيه العائلات علي جانبي الحدود. ثم تليها البصرة والمحمرة في مايدعوه عربستان (الأحواز أو خوزستان)، ولذلك دلالات في أن الحدود ليست بشرية بل سياسية تتغير بحسب الضروف ، لكنها تؤكد ان سكان شقي الحدود عراقيين وليس لهم صلة إنتماء فطري أو عاطفي بفارس . وقد أنصفت الفيلية تقسيمات الحدود الأولى لإتفاقيات (أرضروم) المتعددة المراحل بين العثمانيين وفارس، عندما جعلتهم من حصة العراق.

Advertisements

Advertisements

أما في الجانب الإيراني فيقابل وادي حلوان إقليم لورستان:معنى اسمه (الجبل الذي تكسوه الغابات) وهو موضع في مضيق دربند في ايران ، وهي منطقة یعیش فیها  الأكراد والعرب والتركمان وكل هؤلاء يتكلمون اللغة اللرية التي هي بين الفارسية والكردية ويسمون قبائل اللور أو لر فی إيران ويعرفون فی العراق عادة باسم فيليين. یشمل لورستان فی ایران محافظات: لرستان، عيلام، کرمانشاه، خوزستان، چهارمحال وبختياري، کهگیلویه وبویر احمد وبعض مدن أخری. وفی العراق تقابله مناطق خانقين، مندلي، بدرة وجصان والكميت وبعض مناطق أخری يسكنها الفيليون .

ويبدو أن مصطلح فيلية لم يكن منشؤه من العراق بل كان من إيران عندما استعمله والي بشتكوه حسين خان عام 1600 اتخذ لنفسه لقب (فيلي) وأوصى أن ينقش على قبره، فكانت هذه المرة الأولى التي يطرح فيها هذا اللقب بعد ألف سنة تقريباً من الإسلام، ومنذ ذلك التاريخ ظهر اسم فيلي وهو تعديل لـ(فهلي) إذ قلبت الهاء ياءً وهو تغيير حتمي في تطور اللغات الإيرانية، وهذا حتماً أعطى لپشتكوه الخصوصية الفيلية.
وحسين خان أراد بإعادة اللقب التاريخي أن يعيد إلى الأذهان مجد الأجداد (الفهلويين) في المنطقة، ويرسم خارطة طموحة تضم المدن التي كانت تسمى (فهلة) لإحياء الطموح العرقي الجغرافي العريق للفيليين بإعادة بناء الدولة الفيلية الكبرى، غير أنه أراد أن يلعب لعبة سياسية أكثر من التفكير الجاد في فعل ذلك، والأصل القديم لمصطلح فيلي هو أن اللغات الايرانية الوسطى تعد في الواقع احدى الأشكال المتطورة عن الفارسية القديمة تم استخدامها في عهدين : عهد الإمبراطورية البارثية خلال (248 ق.م – 224 م) ثم في أيام الإمبراطورية الساسانية خلال (224–651 م)، غالبا ما يقترن اسم اللغة للفارسية الوسطى بتسمية  اللغة البهلوية  حيث كانت تكتب بكتابة تحمل نفس الاسم : الخط البهلوي، وهو نمط كتابة مقطعي مأخوذ من الأبجدية الآرامية، فيما كانت الفارسية القديمة تستعمل الخط المسماري السومري.وعرفت النصوص البهلوية من خلال نصوص الأفستا المكتوية بلغة فارسية وسطى وبخط آرامي.

Advertisements

وقد ناقش المحاضر في القسم الثاني  التاريخ القديم والوسيط والحديث والمعاصر للفيليين في العراق ، ورأى أن جذورالفيليين تمتد الى الإمارات والبيوت الآرامية في وسط العراق وشرق دجلة فقد كانت القبائل الآرامية تجوب الجنوب العراقي منذ “القرن الحادي عشر حتى القرن التاسع” ق.م

وفيما يلي أهم القبائل الآرامية الجنوبية (مع ملاحظة الحرف الأخير من اسم القبيلة يلفظ مضموماً أو يرفق به حرف الواو

Advertisements

{أوتُ، زوبُ، خاريلُ، لابديدُ، بوكودُ، بيكوبُ، خمران، أوبولُ، ليأتا، سوتُ، أحلامُ}

وظهرت بعض الإمارات الآرامية منذ القرنين العاشر والتاسع قبل الميلاد، وهي أقرب إلى الممالك مثل

(إمارة جمبول، إمارة يادبارد، إمارة يوقود، إمارة الليت، إمارة خيندار) وكانت أغلب هذه الإمارات تقع شرق منطقة بابل. وكانت الممالك الآرامية  الواسعة التي ظهرت منذ منتصف القرن التاسع قبل الميلاد على امتداد نهر الفرات ودجلة، وهي كما يلي: مملكة بيت داحور (عدين) ، مملكة بيت أمرخان ، مملكة بيت شيلان ، مملكة بيت شعال ، مملكة بيت ياكين ، مملكة بيت داكور، مملكة بيت لاراك ، مملكة بيت أموكان.

وفي التاريخ الوسيط  انتشرت المسيحية  بسهولة بين الاراميين شرق العراق وكانت حلوان مقاطعة حضرية تابعة للكنيسة السريانية الشرقية ما بين قرني الثامن والثاني عشر وكانت  كشكر او كسكر لعلّها اقدم مدينة مسيحية في العراق حسب رواية مار ماري . يرجح ان كلمة كشكر تعني عامل الزرع . بنيت على شاطئ  دجلة في مجراه القديم جنوب العراق قرب بلدة الحّي المجاورة للكوت حيث تبعد عن بغداد جنوبا ً أكثر من ( 170 كم) . وكان موقعها شرق مدينة واسط التي بناها الحجاج بن يوسف الثقفي في مفتتح القرن الثامن ( 703 م ) من المرجح أن كشكر مدينة آرامية بنيت بقربها بلدة خسرو – سابور وكانت تسمى بيت كشكر اتي ايضا.

في معركة (القادسية) فتح جرير بن عبد الله البجلي حلوان عنوة، وافتتح هاشم بن عتبة ماسبذان (پشتکو) عنوة سنة (19هـ) وثار الاراميون  بعد الفتح فانتفضت ماسبذان بعد افتتاح هاشم إياها مما اضطر حذيفة بن اليمان إلى أن يعيد فتحها سنة 22هـ ، وهو يشي برفضهم الشكل الحربي الذي لاقوه، وربما عدَّوه اعتداءً واحتلالا لأراضيهم، وليس رفضاً للدين الإسلامي.

وبعد اضطهادهم من الأمويين وقفوا مع المعارضة بوصفهم من الشيعة. وقد اشتركوا في ثورة المختار وفي حركة والي سجستان عبد الرحمن بن الأشعث حيث أبدوا مقاومة ضارية لقوات الحجاج . و أخذ الفيليون أهميتهم في العصر العباسي الذي أعطى غير العرب أهمية مماثلة بفضل وجود غير العرب في وزارات العباسيين، وتخلَّص (عملياً) من العقدة العروبية منفتحاً على الأمم والشعوب .

ناقش المحاضر بالتفصيل أهم الإمارات الفيلية في العصر العباسي وكلها في إيران  وهي ( الإمارة الحسنوية ، إمارة بني عنان ، إمارة أتابكة اللور الكبير  وهي الإمارة الفضلوية ، إمارة أتابكة اللور الصغير وهي الإمارة الفيلية ، الإمارة الخورشيدية ).

ثم انتقل الى العصر الحديث حيث ظهر العثمانيون  ثم الصفيون والقاجاريون فقد مزقت صراعات الصفويين والعثمانيين الامارات الفيلية وجعلتها تتبع لها ،واتجه الفيليون الى العراق بدلا من ايران لتشكيل إماراتهم بسبب قوة الدولة الصفوية، ونشبت تحت ظل الصراعات المذهبية حروب كثيرة كاد الفيليون يفقدون هويتهم فيها وكذلك في صراعهم مع القاجاريين بعد الصفويين لحين مجيئ المملكة الايرانية البهلوية في ايران. وتأسيس المملكة العراقية مع بداية القرن العشرين.

وقد ظهرت في التاريخ الحديث إمارات فيلية جديدة وكلها في العراق وهي ( الإمارة النخودية ،الإمارة الديرية ، الإمارة الزندية). وذكر المحاضر أكثر من 25 شخصية فيلية ساهمت في إثراء التراث السياسي والديني والأدبي في العصرين الوسيط والحديث .

وفي التاريخ المعاصر الذي يبدأ بعد الحرب العالمية الأولى في القرن العشرين يذكر المحاضر ظهور الدولة البهلوية الحديثة وهي المملكة الإيرانية ومدى تأثيرها في انعاش وظهور مصطلح فيلي الذي أنعشه اسمها وسلالة بهلوي التي دامت من عام 1925 الى 1979 .وذكر نضال الفيلية ضد حكم الدولة البهلوية مستشهداً بما فعلته المرأة الفيلية (قدم خير ) وهي بنت الأمير قند القلاوندي من اللر التي  ثارت على شاه إيران رضا بهلوي بعدما قتلَ قادة لرستان غيلة، اذ استدعاهم للحوار بشأن ضربهم باستمرار قوافله التي تمرّ عبر لرستان. وقد ظنَّ أن اللر أصبحت بلا قادة وقيادة، فتفاجأ بثورة لرستان الشاملة تقودها الأميرة قدم خير وقد لبست ثياب زوجها وأصبحت القائد الأوحد لشعبها.
استطاعت قدم خير تحقيق انتصارات واضحة على الجيش الإيراني بالكر والفر، وطهَّرت أراضي كثيرة من لرستان، إلا أنها أدركت النقص الكبير في أسلحتها ومعداتها للاستمرار، فراسلت القائد الكردي الشيخ محمود الحفيد الذي كان يعدَّ العدة ليكون ملك كردستان اذ ثار في السليمانية وكفري وتوغل خمسين ميلا في كردستان الإيرانية، فاعتذر بأنه يجاهد الانكليز ولا يستطيع مساعدتها، وقيل غير ذلك.
أصبحت قدم خير أسطورة فأضيف إليها الكثير، ويذكر أن صورها طبعت على الجداريات ونسجت على البسط ولم يخلُ بيت فيلي من صورة لها في بغداد وغيرها في النصف الأول من القرن الماضي. وسبب تعظيمها أنها بقابلياتها البسيطة وأتباعها القليلين أعلنت الحرب على ملك لدولة كبيرة معترف بها وبقوتها عالمياً، ولأنها كانت شجاعة بقرارها الحرب بلا تردد أو تخاذل حين سمعت بمقتل قادة لرستان. وقد أشبَعت قدم خير بثورتها النهم البطولي الذي يعيشه الواقع الفيلي ، وقيل إنها بقيت تقاتل حتى إطلاق آخر رصاصة على الشاه. ثم القي القبض عليها وقتلت بشدِّها على بغل هائج كما رآها شاهد عيان.
وفي العراق المعاصر وتحديداً في العهد الملكي كان لهم اثر طيب في ثورة العشرين، واشتهرت (شانه) من قضاء الحي بدعمها المادي للثورة، كما استعان شيخ عشيرة آل عباس بني حِسَن (خادم آل غازي) أحد قادة الثورة بوالي پشتکو (غلام رضا خان) وشيوخ الفيلية في بدرة وجصان لإمداده بالمال والسلاح فأمدوه.

ومع ثورة تموز عام 1958 شهدت أوضاع الفيليين استقراراً وازدهاراً حيث استطاعوا في العهد الجمهوري الأول من تأسيس الثانوية الأهلية الفيلية بعد أن كانوا قد أسسوا المدرسة الإبتدائية الفيلية سنة 1946 والتي كان مديرها مهدي حسين التي أعيرت خدماته من مدير مدرسة رسمية إلى مدير مدرسة أهلية

Advertisements

وكانت مقاومة الفيليين للانقلابيين عام 1963 في ملحمة  ضارية للحفاظ على الجمهورية من السقوط ، واشتهرت البطلة (أم فؤاد) لتكون رمزاً في البطولة الوطنية الفيلية فما عانوه من مصادرة وتهجير وظلم وقتل، يعود إلى منحهم الجنسية العراقية المنقوصة عام 1924، مما جعلهم مؤشرين لدى الحكومات العراقية المتعاقبة.

أما الإجراءت التعسفية ضدهم من قبل النظام البائد لصدام حسين منذ عام 1968 فقد تمثلت بما يلي:

1 ـ التهميش الكلي لوجودهم ودورهم في العراق.

2 ـ محاصرتهم اقتصادياً وتضييق الخناق على التجار وأصحاب الثروة منهم واستغلال السلطة لابتزازهم .

3 ـ حرمان سوادهم الأعظم لا سيما أهل القرى والأرياف من أبسط الخدمات العامة .

4 ـ الحيلولة بشتى الوسائل لحرمان ابنائهم من تواصل التعليم بل ومنع المتفوقين منهم عن انتخاب بعض الاختصاصات المهمة كالهندسة والطب والدراسات العسكرية .

5 ـ اعمال سياسة التخويف والترهيب والعنف والنبذ في التعامل معهم عموماً.

6 ـ الاستخدام البشع لمسألة انكار هويتهم العراقية لغرض طردهم القهري من وطنهم وديارهم وبهذا العنوان أبعدت مئات الآلاف من عوائلهم إلى ايران .

7 ـ افتعال التهم المختلفة كالخيانة والانتماء إلى أحزاب معارضة وغيرها لزج اكبر عدد من شبابهم في السجون .

8 ـ مصادرة أموال المبعدين منهم ، المنقولة وغير المنقولة خلافاً للقانون والتفنن في الصاق التهم بالتجار وأصحاب المال واخراجهم من العراق فور القاء القبض عليهم من غير سابق انذار للاستحواذ على ممتلكاتهم .

9 ـ تهجير من تبقى منهم من بيوتهم وأملاكهم وتوزيع ممتلكاتهم على عشائر عربية لغرض تعريب مناطقهم

Advertisements

في الرابع من نيسان عام  1980 شنت سلطة النظام السابق حملة ضد الكرد الفيلية بحجة تبعيتهم الايرانية وقامت بتهجير الاف العائلات الى ايران، وأبعدتهم من مؤسسات الدولة المهمة والحساسة، وقامت بإعدام عدد غير قليل من الكفاءات العلمية وزج الشباب المثقف من طلبة الجامعات في السجون واعدامهم جماعياً بدون محاكمات كما تمت مصادرة ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة وانتزعت عنهم الجنسية العراقية في اكبر محاولة شهدها العراق لاستئصال هذه الشريحة..

تصفية الفيليين أوسع عمليات تهجير قذرة شملت نصف مليون مواطن فيلي ، حيث تم وضعهم في شاحنات مكشوفة والانطلاق بهم نحو الحدود مع إيران لإلقائهم وسط حقول الألغام. فيما تم احتجاز الشباب من أبناء المهجرين في السجون الرهيبة في عمق الصحراء والذين طالتهم يد الغدر وتمت تصفيتهم جسدياً بعد قضائهم سنين طويلة في سجون النظام. فيما تم مصادرة كل أموالهم وممتلكاتهم وعقاراتهم ولم يسمح لهم بأخذ أكثر من الملابس التي يرتدونها ، أما من تبقى منهم فقد جرى ترحيلهم من مدنهم عبر التهجير القسري إلى وسط وجنوب العراق إلى مدن الرمادي والسماوة والكوت والحلة ، فيما محقت أسماء مدنهم وقراهم وقصباتهم وشطبت أسماؤهم من سجلات النفوس لعام 1957 .

وبعد سقوط النظام السابق في التاسع من نيسان 2003 عادت اعداد كبيرة من عائلات الفيلية الى العراق، بعد سنوات طويلة قضوها في المهجر. البعض عاد للاستقرار في البلاد بعد معاناة الغربة القاسية، فيما فضل اخرون الاستقرار في بلد المهجر لكنهم عادوا للمطالبة بحقوقهم المغتصبة وإعادة جنسيتهم العراقية التي انتزعت منهم بالقوة. وهناك جملة معوقات يواجهونها اثناء مراجعاتهم الى الدوائر وتسببت بتلكؤ ترويج بعض معاملاتهم، مؤكدا ان الفيليين يشعرون بغبن كبير لاعتقادهم ان (المجرمين) منحوا حقوقهم بينما ما زالت الضحية تبحث عن حقوقها .

إن الكثير من الانصاف قد تحقق لهم بعد عشر سنوات من اسقاط النظام. ويؤكد ان عليهم ان يكونوا واقعيين في ان الواقع السياسي المعقد الذي مر به العراق عبر عقود والمشاكل السياسية التي حدثت بعد التغيير لا يمكن خلالها ان يتمكن الفيليون جميعاً من إسترجاع كامل حقوقهم بين ليلة وضحاها  وتؤكد وزارة حقوق الانسان انه لم يجرِ انصاف كل الفئات التي تضررت من قبل النظام السابق بشكل كامل، وان تحقق منها الكثير بعد عام  2003 .

إن مؤسسات العدالة الانتقالية فعلت الكثير كمؤسسة السجناء ومؤسسة الشهداء وهيئة دعاوى الملكية، كما صدرت قرارت مهمة بحقهم ابرزها استرجاع هويتهم العراقية التي اسقطها عنهم النظام السابق.

ورأى المحاضر أن  الكثير من الفيليين ، حالياً ،  اختار الانتساب ، قسراً، للأكراد أملاً في نيل حقوق افضل ، ولكي يرموا منهم صفة او تهمة كونهم عجم التي الصقت بهم ظلماً .وقد اصبح اغلب نخبهم في هذا الخيار وأصبح وضعهم القسري الكردي محط سؤال دائم؟

كم رأى  أن بعضهم يتخذ  من الطابع المذهبي الشيعي هوية نهائية لهم . وهو مايضيع خصوصيتهم أيضا.

ويرى المحاضر أن الحل هو في البحث عميقاً في خصوصيتهم الفيلية وجعل تراثهم القومي والروحي هوية لهم قائمة بذاتها.

في القسم الثالث والأخير  قدم المحاضرة نبذة عن المظاهر الحضارية للفيليين ومساهماتهم في العراق المعاصر بشكل خاص  حيث ناقش وضعهم السياسي وأبرز الوجوه السياسية التي ظهرت  منهم مثل (عزيز الحاج ، حبيب محمد كريم ، أبو كاطع ، الشيخ محمد سعيد النعماني ، عادل مراد ، زكية حقي ، مجيد جعفر ، عبد اللطيف الحاج والدتور نوري المرادي  وغيرهم ) ، ولعل من ابرز الشخصيات البعثية الفيلية هو علي صالح السعدي الذي عرف بميله الشديد للعنف .

ومن كتلهم الساسية الحالية كتلة فيليون وكتلة العهد الفيلية والإتحاد الديمقراطي الكوردي الفيلي وغيرها.

أما المظهر الإجتماعي فيتميز بخصالهم الإجتماعية  التي  عرفت عنهم كطيف  مسالم وحيوي ومبدع وماعرف عنهم  من سرعة اندماجه بالحياة المدنية العراقية، والتصاق اهله بالمناخات العربية ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا، وخصوصا في بغداد.. بحيث لا تجد احدا منهم يتكلم بلغته  الأصلية الا ما ندر في مناطق الحدود أو في القرى النائية. ويمتلك الفيليون العراقيون تراثا موحدا له خصوصيته،.. وباستطاعة العراقيين أن يميّزوا جملة من التقاليد والخصال التي يعيش عليها هذا الطيف المسالم الذي يقف العمل في مقدمة قيمه، ثم المصداقية، ثم النظام والدقة.. وقبل هذا وذاك الإبداع من جانب والإخلاص سواء للوطن أو لروح الجماعة.. فضلا عن التحمّل والصبر، و لهم ميراث قديم من الألعاب الشعبية مثلا عمره ألف سنة  .

Advertisements

وفي المجال الاجتماعي أسس مجموعة من التجار والمثقفين الفيليين عام 1946 (جمعية المدارس الفيلية) التي أنشأت مدرسة ابتدائية وثانوية لأبناء الطائفة في بغداد ولغيرهم ، وقد تخرج منهما الكثيرون كرداً وعرباً وتركماناً ومسيحيين ساهموا في الحياة العامة في مختلف المجالات . و قد قام بالتدريس فيها خيرة المعلمين والمدرسين من مختلف القوميات والطوائف العراقية . منهم القائد الشيوعي سلام عادل والقاص غائب طعمة فرمان، وكاتب البحث هذا ، فقد عمل مدرساً ثم مديراً لثانوية الفيلية المسائية في بغداد حتى تاميمها 1974. ومن الذين تولوا إدارة الابتدائية المرحوم (شهاب أحمد) الطبيب الذي مات في المانيا قبل سنوات، والمرحوم الاستاذ (سلمان رستم) ، أما الثانوية فقد تولى إدارتها المحامي المعروف المرحوم عالم الاثار (حسين محمد علي الصيواني) . ومنْ بين الشخصيات الكردية الفيلية والذي دخل ذاكرة التاريخ العراقي في القرن العشرين فكتب عنه المؤرخون هو (ابراهيم عبدكه) الفتوة والذي نسمّي أمثاله (الشقاوة) بلهجتنا العراقية. وعدد المحاضر صفات المرأة الفيلية وماتمتاز به من جمال وقوة شخصية ، وكذلك عدد أكثر من 25 قبيلة فيلية مهمة في العراق وأهم شخصياتها . وتناول رجال الاعمال الفيليين مثل حافظ القاضي والمحامي عبد الهادي محمد باقر وغيرهم.

وفي المظهر الديني تحدث عن دينهم الإسلامي وتشيعهم الأصيل العريق  ، وفي المظهر الثقافي تحدث عن اللغة الفيلية التي رأى أنها  ليس لها تراث كتابي بل هي لغة شفاهية. فالفيلية في العراق عادة يستخدمون اللغة العربية كلغة ثقافة، أما مقابلهم من (اللور) في ايران فيستخدمون الفارسية. وباتفاق الباحثين تعتبر الفيلية لغة مستقلة تماماً عن اللغات الكردية، وهي أقرب الى الفارسية، بالاضافة الى الكثير من التأثيرات القادمة من العربية واللهجة العراقية بالذات.

وفي مجال الثقافة ذكر العالم اللغوي الدكتور كامل البصير والأديب المبدع عبد المجيد لطفي والمثقف الشهير الدكتور علي باباخان  والأستاذين الدكتور سامي قربان والدكتور شهاب احمد ، ومن المثقفين أيضاً الباحثة الدكتورة منيرة أوميد الاستاذة الجامعية في بريطانيا ومديرة مركز جلجامش للدراسات والبحوث الكردية وبيستون للدراسات الفيلية. وفي الأدب ذكر الشاعر بلند الحيدري والشاعر حسين مردان و الشاعر والكاتب عبد الستار نور علي  وزاهد محمد والشاعر جليل حيدر و رياض النعماني  والروائي والشاعر برهان شاوي و الشاعر الكبير جميل صدقي الزهاوي ، القاص عبد المجيد لطفي، الباحث والاستاذ الجامعي المرحوم الدكتور كامل البصير ، الشاعر بلند الحيدري، الروائي (غائب طعمة فرمان) ، الشاعر زاهد محمد ، الشاعر جليل حيدر، الشاعر والصحفي عباس البدري ، المذيع المعروف المرحوم رشدي عبد الصاحب و الدكتور البروفيسور عدنان عباس، وشاعر الأغنية العراقية سيف الدين ولائي وغيرهم.

ومن أهل الأقتصاد السيد عبد علي محمد والعلوم الجيولوجية نظيرة اسماعيل . وفي الطب ذكر الدكتور جمال مراد والدكتور جعفر محمد كريم والدكتور شهاب عزيز . وفي الغناء ذكر حسين خيوكة ورضا علي وجاسم الخياط ورضا الخياط وجلال خورشيد وفاضل رشيد وجعفر حسن وحسين السعدي  ، وفي الموسيقى ذكر الموسيقار سلمان شكر ومحمود شكر والموسيقار نصير شمّة . وفي التمثيل ذكر سليم البصري وجاسم محمد علي حسين الفيلي وفرهاد حسن والكاتب المسرحي حيدر الحيدر والمخرج المسرحي حسين حيدري  والأخوة جوزي ،  وفي الفن التشكيلي ذكر الرسام اسماعيل الخياط وماجد شاليار والنحات حسين مايخان والفنان المبدع علي المندلاوي .

وتميز الفيليون بحبهم وتميزهم في مجال الرياضة  ومنهم الرباع عبد الواحد عزيز وعزيز عباس و جلال عبد الرحمن حارس مرمى الفريق الوطني العراقي. وكذلك اللاعب شاكرعلي لاعب نادي الطلبة والأخوين اللاعبين محمود أسد وصمد أسد لاعبي المنتخب العراقيوكذلك المرحوم محمد علي قنبر لاعب منتخب العراق بكرة القدم ومدرب نادي الفيليةالرياضي. وكذلك مدربنادي الشرطة المرحوم عبد كاظم.

على مدى حوالي 100 سلايد ضوئي عرض الدكتور خزعل الماجدي محاضرته وحشدها بالكثير من المعلومات والصور المناسبة ، وناقش الحاضرون المحاضر وأغنوا ماجاء به ، وأعلن عن  المحاضرة القادمة في 20  من شهرحزيران  والتي ستكون (الأحوازيون: العراقيون العرب في إيران ).

تراكم عليهم غبار هذه اللغات فحجب هويتهم

شاهد أيضاً

خارطة العراق

تعرف على تغيرات العراق الديموغرافية بسبب الصراعات الطائفية بين مكوناته القومية والدينية

كيف تغير الصراعات الطائفية ديموغرافية العراق باستمرار؟ ساسة بوست/ خالد بن الشريف تتغير ديموغرافية المناطق …