المنهج الاستقرائي

دين

ما الفرق بين المنهج الاستقرائي والاستنباطي؟

By nasser

December 17, 2016

يمكن القول إن البحث في مسألة الفرق بين المنهج الاستقرائي والاستنباطي. هو بحث في صراع خاضته عشرات الشعوب والأديان والفلسفات طوال 25 قرنا حول المعاني والحقائق والأفكار وطرق تحصيلها.

هو صراع بين تصورين ورؤيتيتن للحقائق والوقائع والوجود. وكان يعبر على مدى التاريخ عن شخصية وثقافة كل امة من الأمم. وطالما شنت الأمم حروبا فيما بينها بناء على “تصوراتها” الاستقرائية أو الاستنباطية. وهذا يعود إلى طبيعة كل منهج من المنهجين. وصعوبة التوحيد بينهما في جميع الأحوال. ويمكن اختصار القول فيهما بأن المنهج الاستقرائي هو نمط من التفكير يقوم على “يقينية” التجربة. أي المدرك الحسي “وليس العقلي أو النقلي”، بينما المنهج الاستنباطي يستمد يقينه من علاقات المقدمات. أي يجب أن يحرص الباحث على عدم وجود أي تناقض بين النتائج والمقدمات.

تعريف الاستقراء

يمكن تعريف الاستقراء على أنه “عملية ملاحظة الظواهر وتجميع البيانات عنها للتوصل إلى مبادىء عامة وعلاقات كلية”.  (الرفاعي، 1998، ص 83). وكلمة استقراء هي ترجمة لكلمة يونانية Enay Wyn ومعناها يقود. والمقصود بها هو قيادة العقل للقيام بعمل يؤدي إلى الوصول لمبدأ أو قانون يتحكم في الجزئيات التي تخضع لادراكنا الحسي. (بوحوش والذنيبات، 1998). ولقد استخدم علماء الحضارة الأوربية الحديثة المنهج الاستقرائي في تحقيق تقدمهم الحضاري. ولقد استخدمه المسلمون قديما، فقد استخدمه ابن الهيثم وغيرة من علماء المسلمين في كتاباتهم.

وفي المنهج الاستقرائي ينتقل الباحث من الجزء إلى الكل. أو من الخاص إلى العام حيث يبدأ الباحث بالتعرف على الجزئيات ثم يقوم بتعميم النتائج على الكل. ويشمل الدليل الاستقرائي الاستنتاج العلمي القائم على أساس الملاحظة والاستنتاج العلمي. القائم على التجربة بالمفهوم الحديث للملاحظة والتجربة (الرفاعي، 1998).

نوعا الاستقراء

ولقد قسم أرسطو الاستقراء إلى نوعين: الاستقراء الكامل والاستقراء الناقص ( بوحوش والذنيبات؛ الرفاعي، 1998).

الاستقراء الكامل:

هو استقراء يقيني يقوم على ملاحظة جميع مفردات الظاهرة موضع البحث لإصدار الحكم الكلي على مفردات الظاهرة. وهذا يبدو غير عملي من الناحية الواقعية لما يتطلبه الاستقراء الكامل من القيام بملاحظة كافة عناصر الظاهرة. وهناك من يعتبر الاستقراء الكامل استنباطا لأنه لا يسير من الخاص إلى العام بل تأتي النتيجة مساوية للمقدمة.

الاستقراء الناقص:

وهو استقراء غير يقيني حيث يقوم الباحث بدراسة بعض مفردات الظاهرة دراسة شاملة. ثم يقوم بتعميم النتائج على الكل، فالباحث ينتقل من المعلوم إلى المجهول.

مثال ذلك زيادة الكمية المطلوبة على سلعة معينة، مع ثبات العرض يؤدي إلى ارتفاع سعر السلعة. ومن هذه الملاحظة وصلنا إلى قانون الطلب.

مثال آخر كل منشأة صناعية تم ملاحظتها وتطبق الفكر الإداري الاستراتيجي تتمتع بمركز تنافسي قوي. لذلك فان المؤسسات التي تتمتع بمركز تنافسي قوي تطبق الفكر الإداري الاستراتيجي.

نلاحظ من المثال السابق أن الاستقراء يبدأ بسؤال أو مشكلة. ثم يقوم الباحث بأخذ عينة ممثلة من المنشآت المدروسة ثم يقوم بالدراسة الميدانية عليها. وما تم التوصل إليه من نتائج يتم تعميمها على كل المنشآت.

والاستقراء الناقص هو المنهج الذي يستند إليه العلم. وهو الأسلوب الذي ساعد بشكل كبير بناء الحضارة الكونية الحديثة.

والآن سنرى الفرق بين المنهج الاستقرائي والاستنباطي

3 . 4. 2: الاستنباط Deduction :

وهو الاستدلال الذي ينتقل من الكل إلى الجزء أو من العام إلى الخاص.

والاستنباط يبدأ أو يستند إلى مسلمات أو نظريات ثم يستنبط منها ما ينطبق على الجزء المبحوث. من هنا نرى أن ما يصدق على الكل يصدق على الجزء.

والاستنباط يمر بثلاث خطوات، وهي المقدمة المنطقية الكبرى، والمقدمة المنطقية الصغرى، والنتيجة.

مثال

لو كان لدينا مبدأ عام في الإدارة يقول أن كل المنشآت التي تطبق الفكر الإداري الاستراتيجي تتمتع بقدرة تنافسية عالية (مقدمة منطقية كبرى).

وكانت منشأة (العودة) تطبق الفكر الإداري الاستراتيجي (مقدمة منطقية صغرى)، إذن، منشأة (العودة) تتمتع بقدرة تنافسية عالية.

والمقدمة المنطقية الكبرى هي عبارة عن مبدأ عام والذي يعتقد بصحته (من المسلمات). والمقدمة المنطقية الصغرى وهي المبدأ الخاص أو الظاهرة المبحوثة والتي تنطبق مع المسلمات العامة.

والتوصل إلى النتيجة يتم عبر سلسلة من المقارنات والقياسات والربط المنطقي بين المقدمتين.

ومن الانتقادات الموجهة إلى المنهج الاستنباطي هو أن النتائج التي يتم التوصل إليها لا تخرج عن حدود المقدمتين. فإذا بدأ الباحث بمقدمة غير صحيحة فمن المؤكد أن ينتهي إلى نتيجة غير صحيحة.

وبسبب الانتقادات الموجهة إلى أسلوبي الاستنباط والاستقراء حول مدى دقتهما. استلزم الأمر المزج بين الأسلوبين للوصول إلى العلم والمعرفة الدقيقة.

وهذا الأسلوب الجديد سمي بالمنهج العلمي الحديث (الرفاعي، 1998).