أصل الدين

الرئيسية

النرجسية وأصل الدين .. وفيورباخ والدين

By nasser

November 30, 2017

– النرجسية و أصل الدين .

– النرجسية هى حب النفس بشكل مرضى و الأعلاء من شأنها و أصلها أسطورة يونانية ورد فيها أن نركسوس كان آية في الجمال وقد عشق نفسه حتى الموت عندما رأى وجهه في الماء .

– ما علاقة النرجسية بأصل الدين ؟ .

– يقول الفيلسوف هربرت سبنسر أن نقطة البداية فى الاديان تبعا للترتيب التاريخى هى الواقعة الأولية التى تتعدد فينتج عنها صور مختلفة لا نهاية لها ليست شيئا أخر سوى ما يسمية سبنسر بالقرين فالإنسان يرى على صفحة الماء صورتة أو قرينة و كذلك يرى نفسة فى الرؤيا كما يرى فيها صورة من الناس و مع أن هذا القرين يشبة الأصل فليس من الضرورى أن يكون مطابقا لة لأن أول ما يتجة إلية ذهن الإنسان أن يرى فى الأصل و القرين كائنين متميزين ثم ما مصير هذا القرين حين ينقشع النوم ؟ .

– فى الإنسان نزعة طبيعية أن هذا القرين لا يتلاشى كل ما فى الأمر أنة ينصرف ولعلة يظهر مرة أخرى فى جلم المستقبل حتى إذا حانت منية المرء سهل علية الاعتقاد بأن هذة الأنا الغامضة لا تزال باقية و أنها تظل كثيرا أو قليلا شبيهة بنفسة فهى إذن تشبة شبها بعيدا أو قريبا ذلك الكائن المرئى الذى كانت قرينة و من هنا نشأ الأعتقاد فى الأرواح و الكائنات الفائقة على الطبيعة و فى قوتها وتأثيرها على حياة الإنسان و هذ هو الأصل التاريخى للأديان فى نظر هربرت سبنسر والذى يلتقى فية مع الأبيقورية .

– ثم تفرغ بعدها عن هذا الأعتقاد للمعتقدات و الطقوس و النظم الكهنوتية و لكل كائن واقعى قرينة الذى يمكن أن يعتبرة روحا وقد أحتشدت الأرواح الدينا على مر الزمن تحت سلطان الأرواح العليا التى سميت الألهة ثم أنتهت هذة الالهة ذاتها إلى الخضوع لإلة واحد و قد سعى الإنسان إلى تمثل تلك القوى الفائقة على الطبيعة و التى جعلها قريبة و محبوبة منة فنشأت من هذة الرغبة الخرافات الدينية الميثولوجيا و الرقى و العبادات و النظم التى نمت حسب قانون التطور ذاتة إلى الحد الذى لم تعد تحتفظ فية لنفسها أحيانا إلا بأثار ضعيفة جدا من أصلها .

– و إذا فقدت هذة النظم بعد التطور الشديد لاعتقادات الناس اعتمادها على هدفها الأول فقد ظلت قائمة كرابطة اجتماعية و هى صفة بالغة الاهمية خلعها لتطور على هذة النظم و أصبحت الأديان من الان فصاعدا تمثل استمرار الجماعات و لذلك كان للأفراد مصلحة عظمى فى أحترامها .

– فيلسوف تانى و هو فيورباخ كان لية نفس الرأى بس بشكل تانى .

– إنّ الموضوع الحقيقي للإنسان، ليس شيئاً آخر سوى وجوده المتمظهر، الذي أصبح بالنسبة للإنسان موضوعاً واقعياً. ذلك هو فكر الإنسان، ذلك هو إلهه. وبقدر ما هناك قيمة للإنسان، ليس هناك حظوظ لإلهه. ووعي الإنسان حول الله، هو الوعي الذي يمتلكه حول ذاته. ومعرفة الإنسان للكائن المتعالي هي المعرفة التي يمتلكها عن وجوده. فمن خلال الإنسان نحكم على إلهه. فالدين حاضر بقوة داخل الوجود الإنساني، لكن بصور معكوسة.

– “إنّ الدين هو الحلم، هو حلم الفكر الإنساني. ولكن حتى في الحلم فليس في العدم أو في السماء نوجد بل في إمبراطورية الواقع، والتعالي بالدين هو أساس نفي واقعية الإنسان.

– إنّ المسيح الديني، كما هو هذا الكائن الإنساني، الذي ليس إلا منتوجاً وموضوعاً للخيال الإنساني أو لخيال الإنسان. وبالتالي تمّ نفي كينونة الإنسان. إنّه التعالي الديني بالإنسان. إنّ الطبيعة الإنسانية تمّ نفيها بواسطة الثيولوجيا والسجالات الدينية .

– “إنّ الدين يفصل الإنسان عن ذاته. فالفاعلية وعفو الله ليس سوى فاعلية الله المستلب. الإنسان المستلب ليس إلا الإرادة الحرة، المؤولة لصالح كائن مختلف عنا.

– إنّ الله حسب فيورباخ هو: انعكاس للإنسان. إنّه انعكاس إنساني. والتساؤل حول جوهر الإنسان هو التساؤل حول جوهر الله. وهويّة الروح الإنسانية أو الوعي الإنساني مع الإلهية، حسب الهيجليين، ليست إلا هويّة الإنسان مع ذاته. فكلّ ثيولوجيا لها ماهيّة سيكولوجية (PSYCHOLOGIQUE) إنّها ألوهية فوق إنسانية، تضمن حقيقة إنسانية معكوسة. وفكرة الله هي تأويل للحياة، وتصور عن الطبيعة. واللاهوت هو تأليه للطبيعة (divinisation de la nature) من هنا يحاول فيورباخ البحث عن الطبيعة الحقيقية للدين. فالدين ليس إلا طريقة للإنسان للارتباط بذاته. إنّ الله هو ماهيّة أو جوهر الإنسان، مسقطاً على الذات الإنسانية من الخارج.

– لقد أصبحت الصفات الجوهرية للإنسان مثلاً: المعرفة والإرادة والقدرة والحرية، من صفات الله. ومعلولها ليس إلا قلباً للإنسان لوجوده، لصالح قوى مفارقة. الله علة كلّ شيء، وهو لا متناهٍ، وصفاته المؤنسنة هي فوق إنسانية وفوق طبيعية. من هنا حلل العلاقة بين الله والإنسان. وحسب فيورباخ فإنّ النزعة التشبيهية (l’anthropomorphisme) هي محاولة إعطاء الله صفات على غرار صفات الإنسان. والتنزيهية المطلقة ترفع الله إلى مقام المطلق المختلف بإطلاق عن الطبيعة والعالم، ولكنها تسقط كذلك في إلغاء استقلالية الإنسان. هكذا يكون فيورباخ قد انتقد أغلب التصورات حول الله، سواء كانت تشبيهية أو تنزيهية، ما دامت قد ركزت على ثنائية: الجوهر/الصفات، وعلى المطلق المتعالي، ولم ترَ الإنسان كائناً في ذاته ولذاته. من طبيعة الحال أنّ تاريخية ومادية فيورباخ واتجاهه الحسي تحدّد فهمه لما يسمّيه الفلسفة التأملية. وبالتالي إرادة تجاوز التعالي الإلهي، والتعالي بالإنسان، إلى الإنسان المحايث لوجوده الواقعي، أي لصفاته الفعلية والعملية.

– في هذه الفلسفات اللاهوتية، الإنسان أصبح خاضعاً لما هو فوق الإنسان المطلق للجوهر اللامتناهي، وليس مرتبطاً بذاته، بواقعه ثم بالآخرين. وكلمة الجوهر تختزل هذا النفي للإنسان، ممّا ألغى بعده الأنثربولوجي. فالثيولوجيا إذن هي البعد الخفي للإنثروبولوجيا وللفلسفة التأملية في آن واحد. وفلسفة المستقبل هي البحث عن هذا المفقود في الإنسان، الذي أصبح سجين الوهم والخيال، الذي تكرسه الثيولوجيا .

– إنّ الدين ليس له وعي بالنزعة الإنسانية الموجودة فيه، إنه ينفي أن يكون إنسانياً. من هنا ضرورة عصر جديد، يفتتح فيه الفكر الإنساني الجديد، فيه يكون الوعي بأنّ الله أو الوعي بالله، ليس إلا وعي الكائن النوعي، وهو الإنسان. وبالتالي تكون العلاقة مع الدين ليست علاقة نفي بل نقد، أيّ فصل للحقيقي عن الخاطئ. والحقيقة هي الوعي الأولي للإنسان بذاته. فالديانات مقدّسة لأنها هي تقاليد هذا الوعي البدائي.

– إنّ الوحي ليس إلا فعلاً أنتج من طرف الإنسان حول الإنسان. فقط أصبح المحدّد الفعلي للإنسان هو كائن أخر، هو إله. هكذا جعل الإنسان من الله وسيطاً بينه وبين ذاته، وطبيعته الخاصة. فالله عملياً هو شخصنة الرابط الموجود بين النوع والفرد، وبين الطبيعة الإنسانية .

– إنّ الاغتراب الديني هو تعبير عن صورة معكوسة للإنسان الذي فقد فعاليته، وأصبح يرى ذاته في الوجود الأسمى، المفارق أو فوق الطبيعي والإنساني. يقول فروم: يعتقد بعض الناس أنّ العودة إلى الدين هي الإجابة، لا بوصفها فعلاً من أفعال الإيمان، بل الهرب من شك لا سبيل إلى احتماله.

الثيولوجيا : ي دراسة منطقية منهجية تتعلق بالدين والروحانية والآلهة. يحاول علماء الإلهيات أن يحللوا منطقياً حجج وجود الإله أو الله الواحد عن طريق النقاش والمجادلة. يستخدم هذا العلم عادة لإضفاء معقولية وعقلانية على العقائد الدينية باختلافها. أو لتسهيل المقارنة بين كافة العقائد والشرائع.

الأنثروبولوجيا : هي علمُ الإنسان. اي الدراسة العلمية للإنسان، في الماضي والحاضر، الذي يُرسم ويُبنَى على المعرفة من العلوم الاجتماعية، وعلوم الحياة، والعلوم الإنسانية . ————————— المصادر : 1- العلم و الدين فى الفلسفة المعاصرة – إميل بوترو . 2- فلسفة الدين و الجدل اللاهوتى عند فيورباخ مؤسسة مؤمنون بلا حدود . فويرباخ والدين . ٢٣ تموز يوليو ٢٠١٧ فلسفةفويرباخ، دين

لا يسعني التوقف وأنا أقرأ لفويرباخ عن عقد مقارنة بين قصة أيوب في القرأن وفي اليهودية. فلو قمنا بنظرة فويرباخية للأديان سنجد أن أكثر الاديان قربا للإنسان هي الديانات الأغريقية واليهودية مثلا لأنها أقرب للطبيعة، وأكثر الأديان سببا في أغتراب الإنسان هي التي تضع ذلك الكائن الأعلى في موضع الإرادة المطلقة .. في الإسلام نتذكر نقاشات الأشاعرة والمعتزلة حول الشر وقدرة الإله عليه، والتي أنتهت بوقوع المعتزلة في التثنية لأنهم وضعوا الإنسان في مقابل الله وإرادته الخيرية المطلقة. وقد ذهب بعض المعتزلة حتى أن الله ليس بقادر على الشر. وذهبت ردود الأشاعرة لنظرية الكسب والتي أعتبرها جبرا مقنعا. وأنتهى الجدال في طريق مسدود لأن الله في الإسلام هو مطلق الإرادة، وإرادته لا تريد إلا الخير فقط. فكل ما يريده الله هو خير.

فالإسلام في نظري جعل الإنسان أكثر أغترابا لأنه يجعله يتنازل أكثر عن جوهريته، ويضع الكائن الأسمى صاحب القدرة المطلقة والإرادة المطلقة والتي لا ينتج عنها إلا الخير المطلق، كماهية لذلك الكائن، ثم يتم حذف جيمع النواقص والعيوب الإنسانية الأخرى. والتي تظل ملتصقه بالإنسان في النهاية.

وسبب الأغتراب هو أنه يعتقد فويرباخ أن الإنسان فد خلق الله على صورته الجوهرية ويبدو الأثنان متباعدان عن التماثل لأن هناك تنافرا بين طبيعة الإنسان الفعلية وطبيعتة الجوهرية أو المثالية والأخيرة لا الأولى هي التي تنعكس في فكرة الله. ونقد فويرباخ هو نقد للماهية وليس للوجود. بمعنى أنه لم ينكر وجود إله ولكنه ينكر تلك الماهية التي يسقطها الإنسان على الإله لأن تلك الماهية هي طبيعة الإنسان ذاته في شكل مثالي. مما يسبب نوعا من الأغتراب.

قصه أيوب في التوراة والقرأن توضح ذلك التطور في الأديان لجعل الكائن الأسمى أكثر تسلطا. وحذف كل الصفات السيئة، والنواقص، والعيوب. وجعل الدين أكثر تحكما عن طريق نبذ الشك والإذعان المطلق للإرادة.

قصة أيوب في التوراة .

تذكر جينيفر مايكل هيكت في كتابها تاريخ الشك، في جزء الشك اليهودي. قصة أيوب. فتقول كان أيوب رجلا نزيها مستقيما . كان تقيا وكريما وشفوقا. ونتيجة لذلك كان موفقا للغاية. وكانت له أسرة رائعة، امرأة صالحة، وسبعة أبناء وثلاث بنات، وعبيد كثيرون وأرض كبيرة وقطعان من الماشية، حتى إنه من أعظم أبناء المشرق. أطعم الجياع واعتنى باليتامي ورحب بأبناء السبيل، ولم يقصر في تأدية حقوقهم. وتبدأ المأساة حين الله وهو يراقب أيوب أمام الشيطان بورع الرجل الصالح. استهان الشيطانبهذا القول، وأخبر الله أن ازدهار أعمال أيوب هو الذي يبقيه ورعا. أصر الله أن أيوب سيظل مستقيما حتى من دون بركاته، وأطلق يد الشيطان في تجربة بغيضة.

وفي واحد من أكثر مشاهد الكتاب المقدس وحشية وبراعة، يرسل الله رسولا إلي أيوب فيخبره أن بني سبأ سرقوا بقره وحميره واحتزوا أعناق عبيده في الحقل، وفيما هو يتكلم أقبل رسول أخر ليقول إن نارا سقطت من السماء فأحرقت خراف أيوب ورعاتها. وأقبل ثالث حالما أنهي الثاني كلامه وأخبره هذه المرة أن الكلدانيين سرقوا الجمال وقتلوا من تبقى من عبيده. وأخيرا ومرة أخرى قبل أن ينهي الرسول كلامه، يظهر رسول أخر يخبره بأن ريحا عاتية هبت من الجبال، وأطاحب بالبيت الذي كانت تقام فيه مأدبة تضم بنيه كبارا وصغارا، فماتوا جميعا. وكان رد أيوب أن شق ثوبه وجز شعر رأسه وخر ساجداوهو يقول، الرب أعطى والرب أخذ تبارك اسم الرب. احتمل أيوب مصابه وأتكل على الله.

حين يسأل الله الشيطان بعد إن كان قد أقتنع ، يتملص الشيطان قائلا نجا بجلده، كل ما يملكه الإنسان يبذله عن نفسه، أي أن أيوب يتعهد أن أيوب سيجدف بالله حين يصيبه أذى في جسده، وهكذا يملاء الشيطان جسد أيوب بالجرب من باطن قدمه حتى أعلى قدمية. ويبقي أيوب على ثباته. حتي يأتيه ثلاثة من الأتقياء وعندما يرونه لا يعرفونه من كثره المصائب، حينها يقول لهم أنه يا ليته كان ميتا الأن، أو لقى حتفه في المهد. ومنذ تلك اللحظة تُظهر قصة أيوب في الكتاب المقدس كيف أن أيوب اطلق الإتهامات إتجاه الإله. والأعتراضات فيشبه الإله بالجبار، والقاسي، ومتقلب الأطوار. ثم تكتمل القصة باللقاء الشهير بين أيوب والرب، ودفاع الرب عن نفسه الغير مقنه وتباهيه بقدرته. فقصة أيوب تعتبر من قصص أوائل الشكاك. وهي تظهر الإله كما هو في التوراة بالمظهر القاسي، الجبار، الفظ، اللامبالي.

قصة أيوب في الإسلام.

تفاصيل القصة

قصة النبي أيوب عليه السلام جاءت في سورة الأنبياء على النحو التالي: {وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين * فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين} (الأنبياء:83-84).

وجاءت في سورة (ص) وفق التالي: {واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب *اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب *ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى لأولي الألباب} (ص:41-43).

يخبرنا تعالى عن عبده ورسوله أيوب عليه السلام، وما كان ابتلاه به من الضر في جسده، وماله، وولده، حتى لم يبق من جسده مغرز إبرة سليماً سوى قلبه، ولم يبق له من حال الدنيا شيء يستعين به على مرضه وما هو فيه، غير أن زوجته حفظت ودَّه؛ لإيمانها بالله ورسوله، فكانت تخدم الناس بالأجرة، وتطعمه، وتخدمه نحواً من ثماني عشرة سنة. وقد كان رفضه القريب والبعيد، سوى زوجته رضي الله عنها، فإنها كانت لا تفارقه صباحاً ولا مساء إلا لخدمة الناس ثم ما تلبث أن تعود لخدمته ورعايته والقيام على شأنه. ولما طال عليه الأمر، واشتد به الحال، وانتهى القدر المقدور، وتم الأجل المحدد تضرع أيوب إلى ربه قائلاً: {أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين}، وفي الآية الأخرى، قال: {رب إني مسني الشيطان بنصب وعذاب}، فعند ذلك استجاب له أرحم الراحمين، وأمره أن يقوم من مقامه، وأن يضرب الأرض برجله، ففعل، فأنبع الله عيناً، وأمره أن يغتسل منها، فأذهب جميع ما كان في بدنه من الأذى، ثم أمره فضرب الأرض في مكان آخر، فأنبع له عيناً أخرى، وأمره أن يشرب منها، فأذهبت ما كان في باطنه من السوء، وتكاملت العافية ظاهراً وباطناً؛ ولهذا قال تعالى: {اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب}.

تجد القصة في الإسلام تدعو الشخص للصبر في السراء والضراء، والإلتجاء للإله لأنه حكيم دائما، وخير مطلق. أما القصة في اليهودية فهي تصور شك أيوب العميق، وتصور صفات الرب باللامبالاة، والتسلط، والقهر. ثم نجد ذلك النزوع لحذف كل تلك الصفات السيئة، أو أوجه القصور، أو العيوب في التصورات المتطورة للإله.

تطور الدين لشكل بتعبير إيريك فروم (تسلطي) .

يعد تعريف الدين الذي يورده معجم أكسفورد حين يحاول تعريف الدين من حيث هو كذلك – يعد بالأحرى تعريفا دقيقا للدين التسلطي، إذ يقول: الدين هو اعتراف الإنسان بقوة عليا غير منظورة تتحكم في مصيره، ولها عليه حق الطاعة والتبجيل والعبادة.

وهذا يوضع التأكيد على الاعتراف بأن الإنسان تحكمه قوة عليا خارج نفسه، بيد أن هذا وحده لا يؤلف الدين التسلطي. فما يجعله ذلك هو فكرة أن هذه القوة بسبب السيطرة التي تمارسها (جديرة) بالطاعة والتبجيل والعبادة. وقد وضعت كلمة جديرة بين أقواس لأنها تبين ان سبب العبادة والطاعة والتبجيل لا يكمن في صفات الإله الأخلاقية، في الحب أو العدل، وإنما في أن لها السيطرة، أي السلطان على الإنسان. كما انها تبين أيضا أن للقوة العليا الحق في ارغام الإنسان على عبادتها، وأن التقصير في التبجيل والطاعة يعد اثما.

والعنصر الجوهري في الدين التسلطي وفي التجربة الدينية التسلطية هو الاستسلام لقوة تعلو على الإنسان. والفضيلة الأساسية في هذا النمط من الدين هي الطاعة، والخطئية الكبرى هي العصيان. وكما يتصور لإله على انه شامل القدرة، محيط علما بكل شئ، فكذلك يتصور الإنسان على أنه عاجز، تافة الشأن. ولا يشعر بالقوة ألا بمقدار ما يكتسب من فضل الإله ومعونته عن طريق الاستسلام التام، والإذعان لسلطة قوية التي يستطيع بها الإنسان أن يهرب من شعوره بالوحدة والمحدودية. وفي فعل الاستسلام يفقد استقلاله وتكاملة بوصفه فردا، ولكنه يكتسب الشعور بانه قوة مهيبة تحميه، بحيث يصبح جزءا منها.

فالإله اليهودي على صورة الطبيعة لا مبالي، وقاس، وشرير، ومتقلب المزاج. يقول فويرباخ أن كل الصفات الإلهية هي أساسا صفات الطبيعة ثم أتخذت طابعا ميتافيزيقيا مجردا، فينسى الإنسان أصل الآلهة في الطبيعة ثم يضيف على الإله صفات لا إنسانية ليميزه عن نفسه. ونجد في ذلك المقال نموذج لتطور الأديان الإبراهيمية من تلك الصورة الأولى إلي صورة الإرادة المطلقة للإله الإسلامي.. والتي تتصف بالحكمة ولا تريد إلا الخير فقط. وتحول النزعة الشكية الأولى إلي تسلطية وطاعة عمياء للإرادة فقط. فأيوب في التوراة متمرد وفي الإسلام خانع ومستسلم للإرادة. مما ينتج عنه زيادة الأغتراب الإنساني، لأن ذلك يجعل الإنسان يتنازل أكثر عن طبيعته الجوهرية لصالح تلك الإرادة المطلقة المتحكمة في كل شئ. فلكي تدخل في رحمته لابد أن تخضع لإرادته. فلا مجال للشك إلا لو رجعت لحظيرة الإيمان مرة أخرى، وإلا فسيتم نفيك من تلك الإرادة المطلقة

الاغتراب الديني عند فويرباخ.

ليس في استطاعة الإنسان أن يموضع الطبيعة إلا عن طريق تمييز نفسه عنها ويمكن أن يعود إلي ذاته ويتأمل ماهيته. فهما هي الماهية؟ إنها العقل، الإرادة، القلب. فقوة التفكير، قوة الإرادة (إله الإسلام)، قوة القلب (إله المسيحية) تخص الإنسان الكامل. إن العقل والإرادة والحب متحدة مها تؤلف ماهية الإنسان. وفضلا عن ذلك، لو أننا تصورنا أيا من هذه الكمالات الثلاثة في ذاتها، فإننا نتصورها من حيث إنها لا محدودة. فنحن لا نتصور قوة التفكير مثلا من حيث إنها موجودة في ذاتها مقتصرة على هذا الموضوع أو ذاك، ولو تصورنا الكمالات الثلاثة من حيث إنها لا متناهية. ستكون لدينا فكرة الله، بوصفها معرفة لا متناهية، وإرادة لا متناهية، وحبا لا متناهيا. وبذلك فإن مذهب التوحيد هو، على الأقل عندما يتصف الله بصفات ألخاقية، نتيجة إسقاط الإنسان ماهيته الخاصة التي ترتفع إلي ما حد له. إن الماهية الإلهية ليست شيئا سوى ماهية الإنسان، أو بطريقة أفضل إنها ماهية الإنسان عندما يتخلص من تحديدات الفرد، أعني الإنسان الجسماني الفعلي المتموضع والمؤلة من حيث إنه موجود مستقل يتيمز عن الإنسان نفسه.