الرئيسية

أدونيس: لم يعد الإنسان بحاجة لخالق..نحتاج نيتشه فقد أصبح القطيع يحكم الراعي ويحرس حراسه!

By nasser

March 21, 2019

المصدر/ هسبريس/ نور الدين إكجان

قال الشاعر السوري أدونيس إن السؤال الذي يود أن يطرحه على السوسيولوجي الراحل عبد الكبير الخطيبي في الوقت الحالي هو، “هل سيدخل المسلمون العرب في القرن الواحد والعشرين بقوة الواقع الموضوعي مرحلة ما بعد الإسلام والعروبة على المستويين السياسي والثقافي، وذلك بعد أن اختزل البعض الإسلام في كونه مجرد سلطة وأدوات والبعض الآخر استسلم وأصبح تابعا للغير دون قدرة على الحوار؟”.

وأضاف أدونيس، في ندوة دولية نظمتها أكاديمية المملكة حول “عبد الكبير الخطيبي أي إرث ترك لنا”، مساء الأربعاء، ومن خلال ورقته وكانت بعنوان “تأسيس التساؤل ومساءلة التأسيس في الفكر العربي”،  أن “من ينتمون إلى عالم الوحدانية الإسلامية يجدون أنفسهم مقيدين من الناحية الشرعية والوضعية كذلك”، مشيرا إلى أنهم “يتحدثون عن الجنة بينما يتقلبون في النار”، وزاد: “نحن أمام غرب سياسي أعطيناه أنفسنا بعد أن انتهت وجبة المائدة الكبرى، وهي تناول بعضنا البعض”.

وأورد الشاعر السوري، في محاضرته المعنونة بـ”تأسيس التساؤل ومساءلة التأسيس في الفكر العربي”، أن “معطى الكفر أصبح منطفئا لدى المسيحية واليهودية، فيما ما يزال حاضرا بقوة في الإسلام، وهو ما يحتاج دراسة نفسية، وسيسيولوجيا وأنثروبولوجيا”، مشددا على أن “الفكر ينفي الدين”، مستشهدا ببيت أبي العلاء المعري، “اثنان أهل الأرض، ذو عقل بلا دين وآخر ديّن لا عقل له”، وزاد: “نحتاج نيتشه، فلم يعد من الممكن إطلاقا أن تستمر الصورة السائدة عن الإسلام والعرب”.

وأكد أدونيس، واسمه الحقيقي أحمد سعيد إسبير، أن “كل الشعراء العرب كانوا ضد الدين”، نافيا أن تكون للإنسان حاجة للخالق في الوقت الراهن؛ “فهو خالق نفسه بوضعه لعوالمه، أما بقاء الوضع بالشكل الحالي فيفضي إلى أن كل البشر موتى، والخالق هو الحي”، وزاد: “الوضع السائد لدى العرب هو النقل بدل العقل، والظلم بدل العدل، والوحدة والاقصاء بدل التعدد”.

وفي نصه الذي تلاه كمراسلة إلى الخطيبي، سجل أدونيس أن “القطيع هو المتحكم الآن؛ فهو من يحرس حراسه، والخيول هي من تمتطي فرسانها”، وأضاف قائلا: “يا عبد الكبير هل نرضخ وننحني كمثل الأسلاف؟”، لافتا إلى أن أمرَّ السجون هي تلك التي ليس لها جدران، مبديا رغبته في توجيه سؤال واحد إلى الله، “طرحه عليه إبليس ولم يقتله، بل دونه في القرآن”.

وأوضح أدونيس أن “الواقع العالي يبين بالملموس أن العرب يستعبدون باسم الله والدين والحرية، متسائلا بدوره “ما العمل؟ إنه ذاك السؤال الذي لم يجد له العالم جوابا، لكن الرد هو العمل في حد ذاته”، يقول صاحب ديوان أغاني مهيار الدمشقي.

وقال عبد الجليل الحجمري، أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية، إن “أكاديمية المملكة تتابع وتشرك مختلف المثقفين المغاربة”، مشيرا إلى أن “عبد الكبير الخطيبي إرث مشترك للجميع، وخصصت له ندوات على مدار ثلاثة أيام لتذكر فكره وشخصه”، وزاد: “اليوم لحظة بهيجة، خصوصا بحضور الشاعر أدونيس، مترجم كتاب الخطيبي: المغرب أفقا للفكر”.

وأضاف الحجمري أن “الخطيبي كاتب استثنائي، والواقع يبرز الحاجة إليه، حيث يتميز فكره بالراهنية والإبداع الخالد”، مشددا على أن “اللقاء هو من أجل الوفاء والاحتفاء بالثقافة المغربية”، وزاد: “هوية الإنسان ليست واحدة منغلقة مضادة للآخر، لكنها انعكاس مشترك، وتتكون من قوى مختلفة تنطلق من الطبيعة والتاريخ”.

وأردف أمين السر الدائم أن “أعمال الخطيبي حاضرة بجميع اللغات، ونصوصه مبنية على الاستعارة الحاذقة والتحليل والنقد”، مستعرضا بعضا من رسالة نعي الملك محمد السادس للمفكر الخطيبي، التي اعتبر فيها المرحوم “رائدا في نهوض الجامعة المغربية”.

وقد استطاع الناقد والسوسيولوجي المغربي عبد الكبير الخطيبي (1938 – 2009) اقتحام ميادين معرفية متعدّدة والاشتباك مع الأسئلة الكبرى، تتعلق بالتراث الفلسفي والهوية وصورة المثقف وأنثربولوجيا الجسد وتمظهرات الحداثة.

تجاور عمله البحثي والفكري مع إبداعاته في الرواية والشعر، فترك أكثر من عشرين مؤلّفاً من بينها: “الكُتّاب المغاربة من عهد الحماية إلى 1965″، و”تجليات الأجنبي في الأدب الفرنسي”، و”الفرنكوفونية واللغات الأدبية”، و”الاسم العربي الجريح”، و”الجسد الشرقي”.

“عبد الكبير الخطيبي: أي إرث ترك لنا؟” هو عنوان الندوة التي تنظّمها “أكاديمية المملكة المغربية” في الرباط عند السادسة من مساء اليوم الأربعاء، وتتواصل لثلاثة أيام بمشاركة باحثين وأكاديميين من النمسا وفرنسا واليابان وتونس وسورية إلى جانب المغرب.

يناقش المشاركون أربعة محاور أساسية، هي: اللغات والتخييل والنقد الأدبي والقيام بذلك عبر لغات الكتابة التي ولدت وتغذّت ونمت استناداً إلى مرآة مزدوجة للمزاج الطبيعي والإكراهات التاريخية، والأخلاقيات والتبادل من خلال حضور الجسد وغيابه الذي تؤسس حالات الحركة فيه التنقل باعتباره مبدأ يقوّض سلسلة من المقولات الجوفاء من قبيل المركز والهامش.

ومحور التاريخ والحداثة أيضاً، وهو أساس التوتر الإبداعي الذي تتنازعه قوى متضاربة، والصورة والأثر والنقش عبر بحث النظرة الجديدة التي كان يمتلكها الخطيبي للسوسيولوجيا المغربية.

يهدف المؤتمر إلى “تقديم قراءات تنهل من تداخل المعارف ومن التقاطعات بين المبدعين، وأن تغطي الاستكشافات مختلف الحقول الفكرية التي كان الكاتب يتحرّك ضمنها من سيميولوجيا العلامة والصورة إلى المقالة مروراً بالشعر والرواية والنقد الأدبي”، بحسب بيان المنظّمين.

من بين الأوراق المشاركة: “تأسيس التساؤل ومساءلة التأسيس في الفكر العربي” لـ أدونيس، و”تصوّر الفنان في سلك الدكتوراه” لـ فرانيسي كلودان، و”لغة تنكر ذاتها: الكتابة البوليغرافية عند عبد الكبير الخطيبي” لـ لوسي ماكنوس، و”الذات منطلقاً للحوار مع الآخر” كتابة السيرة الذاتية في تصور عبد الكبير الخطيبي” لـ مارتين-ماثيو جوب، و”الخطيبي والكونية” لـ عبد السلام بنعبد العالي، و”عبد الكبير الخطيبي: أخي وصديقي، بين العاطفي والفكري” لـ غيثة الخياط.

إلى جانب: “مفارقات المآل” و”قلق المعنى” لـ آسية بلحبيب، و”الخطيبي وقضية التسامح” لـ محمد الشيخ، و”العقل واللاعقل في الإسلام في تصوّر الخطيبي” لـ فتحي بن سلامة، و”برهان الشاعر: احتفاء بالخطيبي” لـ نبيل الجبار، و”الخطيبي مفكر الاختلاف” لـ أحمد بوكوس، و”الخطيبي والتحليل التفسي” لـ جليل بناني، و”الخطيبي والثقافة اليابانية” لـ ناو سوادا، و”علاقة الخطيبي باليابان” لـ روني دوسيكاتي، و”تلقي الخطيبي في تونس والعالم العربي” لـ رجاء بن سلامة، و”مسار مقاوم سلمي” لـ مصطفى بن الشيخ.