العالم

نذر حرب أذرية-أرمينية وصراع نفوذ روسي ايراني تركي إسرائيلي

By nasser

September 28, 2020

لاحت نذر الحرب بين أذربيجان وأرمينيا اليوم الأحد مع اندلاع جولة عنيفة من التصعيد العسكري في إقليم ناغورني قره باغ المتنازع عليه، حيث سقط قتلى وجرحى من الجانبين، وأعلن الانفصاليون الأرمن حالة الحرب والتعبئة العامة بالإقليم وسط دعوات إقليمية ودولية لوقف القتال.

وأعلنت أذربيجان أن قواتها دخلت 6 قرى خاضعة لسيطرة الأرمن في الإقليم بعد ساعات من اندلاع المواجهات العنيفة عند خط التماس بين الجانبين.

وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الأذرية لوكالة الصحافة الفرنسية “حررنا 6 قرى، 5 منها في منطقة فيزولي وواحدة في جبرايل”.

وفي وقت سابق، أعلن أرايك أرتونيان رئيس الإدارة الأرمنية الانفصالية المسماة “جمهورية ناغورني قره باغ”، حالة الحرب والتعبئة العامة في جميع أراضي الإقليم.

وقال خلال جلسة طارئة للبرلمان في عاصمة الإقليم ستيباناكرت (خانكندي بحسب تسميتها الأذرية) إنه قرر إعلان الأحكام العرفية وتعبئة جميع الذكور القادرين على الخدمة العسكرية ممن تتجاوز أعمارهم 18 عاما.

وأضاف أن الجانب الأرمني لا يريد الحرب التي تستدرجه إليها أذربيجان حسب تعبيره، محملا الرئيس الأذري المسؤولية عن “الكارثة الإنسانية التي ستلحق بالمنطقة جراء الحرب”.

أردوغان: نقف بكل إمكانياتنا مع أذربيجان ضد أرمينيا

أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأحد، عن دعم بلاده لأذربيجان ضد أرمينيا، وسط تصاعد الاشتباكات العسكرية بينهما حول إقليم ناغورني قره باغ، المتنازع عليه بين البلدين.

وقال أردوغان إن “الشعب التركي يقف بكل إمكانياته إلى جانب شقيقه الأذربيجاني”، مضيفا أن “تركيا ستواصل تعزيز تضامنها مع الأشقاء الأذربيجانيين انطلاقا من مبدأ شعب واحد في دولتين”، وفقا لما نقلته وكالة أنباء “الأناضول” التركية الرسمية.

ودعا أردوغان إلى الوقوف بجانب أذربيجان، قائلا: “ندعو العالم بأسره للوقوف إلى جانب أذربيجان في كفاحها ضد الاحتلال والظلم الأرميني”، وأضاف أن “المجتمع الدولي لم يستطع إبداء الموقف اللازم حيال العدوان الاستفزازي لأرمينيا، واتبع مجددا معايير مزدوجة”.

مقتل عشرة جنود أرمينيين

وأعلنت السلطة الأرمنية مقتل 10 من العسكريين الأرمن على الأقل من قوات الإقليم نتيجة القصف الأذري، كما ذكر أرتونيان أن دمارا كبيرا لحق بمنشآت مدنية، وأشار إلى مقتل امرأة وطفلها جراء القصف.

وخاطب رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان شعبه قائلا “استعدوا للدفاع عن أرضنا المقدسة”. وكان قد أعلن في ساعة مبكرة من صباح اليوم، أن أذربيجان هاجمت مناطق مدنية في ناغورني قره باغ، ودعا الأرمن إلى الوقوف “بحزم خلف دولتنا وجيشنا… وسننتصر”.

أعنف اشتباكات منذ 2016

ووصفت هذه الاشتباكات بأنها أعنف قتال منذ عام 2016 في هذه المنطقة المتنازع عليها. وتخوض أرمينيا وأذربيجان نزاعا منذ عقود على ناغورني قره باغ الواقعة جنوب غرب أذربيجان، والتي سيطر عليها انفصاليون أرمنيون خلال حرب في التسعينيات أدت إلى مقتل 30 ألف شخص.اعلان

وفي خطاب متلفز للأمة، تعهد الرئيس الأذري إلهام علييف بالانتصار على القوات الأرمنية، وقال إن “قضيتنا عادلة وسننتصر”، مؤكدا أن “الجيش الأذري يقاتل على أرضه”.

وفي وقت سابق، أكدت الرئاسة الأذرية في بيان أن هناك “تقارير عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين والعسكريين”، نتيجة القصف الأرمني للمناطق السكنية المحاذية لخط وقف إطلاق النار.

تبادل الاتهامات

من جانبها، قالت وزارة الدفاع الأذرية في بيان إن الجيش الأرمني هو الذي بدأ “عملية استفزاز واسعة النطاق في ساعات الصباح الأولى، عبر إطلاق النيران بالأسلحة الخفيفة والثقيلة ضد مواقع أذرية عسكرية ومدنية”.

وذكر البيان أن النيران الأرمنية أوقعت خسائر في الأرواح بين المدنيين، وألحقت دمارا كبيرا بالبنية التحتية المدنية في عدد من القرى التي تعرضت لقصف عنيف.

وأوضح أن الجيش الأذري قرر إطلاق هجوم معاكس على طول خط الجبهة للرد على ما سماها الاستفزازات الأرمنية، من أجل حماية المدنيين في المنطقة. وأشار البيان إلى أن القوات الأذرية دمرت عددا من المرافق والمركبات العسكرية الأرمنية في عمق خط الجبهة، من بينها 12 منظومة صواريخ مضادة للطائرات من طراز “أوسا” (OSA).

وأقرت وزارة الدفاع الأذرية بأن الجيش الأرمني أسقط مروحية عسكرية لها قرب موقع “ترتر” بالإقليم، لكنها أكدت نجاة طاقم المروحية.

وكان الجانب الأرمني قد أعلن صباحا أن قواته أسقطت مروحيتين عسكريتين و3 طائرات مسيرة لأذربيجان، مشيرا إلى أن مواقعه في ناغورني قره باغ تتعرض في الأيام الأخيرة لهجمات جوية وصاروخية. وقالت السلطة الأرمنية في الإقليم إن الجيش الأذري بدأ صباح الأحد قصف خط التماس وأهدافا مدنية، بما في ذلك عاصمة الإقليم.

تفاعلات إقليمية ودولية

في غضون ذلك، وجّه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان انتقادات للجانب الأرمني، وقال إن أرمينيا هي أكبر تهديد للسلام والاستقرار في المنطقة.

وكذلك دان المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن ما وصفه بالاعتداء الأرمني على أذربيجان، وقال -في تغريدة على تويتر- إن هجوم أرمينيا على المدنيين في ناغورني قره باغ انتهك وقف إطلاق النار وأظهر مرة أخرى معارضتها للسلام والاستقرار، بحسب تعبيره.

ودعا قالن المجتمع الدولي إلى أن يوقف فورا “الاستفزاز الخطير” في قره باغ، كما عبر عن دعم تركيا الكامل لأذربيجان في ظل هذه الظروف.

وفي السياق نفسه، قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إن موقف أرمينيا “العدواني” يمثل أكبر عقبة أمام السلام والاستقرار في منطقة القوقاز، وإن عليها التراجع عما وصفه بالعدوان. وأضاف أن تركيا تدين الهجوم الأرمني وستقف إلى جانب الأذريين في الدفاع عن وحدة أراضيهم.

أما المتحدث باسم الخارجية التركية حامي أقصوي، فقال -في بيان- إن الهجوم الأرمني “انتهاك واضح للقانون الدولي”، وإن أرمينيا أثبتت بهذا الهجوم الذي سقط المدنيون ضحاياه أنها “أكبر عقبة أمام السلام والاستقرار في المنطقة”، بحسب تعبيره.

من جانب آخر، قالت روسيا إنها اتفقت مع تركيا على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار بين أرمينيا وأذربيجان.

وأوضحت الخارجية الروسية أن الوزير سيرغي لافروف أجرى اتصالا هاتفيا بنظيره التركي مولود جاويش أوغلو لبحث التصعيد في إقليم ناغورني قره باغ، وأكدت أن موسكو وأنقرة تدعوان لوقف التصعيد وتهدئة الأوضاع.

كما أجرى لافروف اتصالا بنظيره الأرمني زهراب مناتساكانيان أعرب فيه عن قلق روسيا الشديد بشأن التصعيد في الإقليم المتنازع عليه، ودعا إلى وقف فوري لإطلاق النار. وقالت الخارجية الروسية إن لافروف يجري اتصالات مكثفة مع أرمينيا وأذربيجان لاحتواء التصعيد.

من جهة أخرى، دعا رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال إلى وقف القتال بين الجانبين الأذري والأرمني.

وقال ميشال عبر تويتر “يتعين أن تتوقف التحركات العسكرية بشكل عاجل لمنع مزيد من التصعيد”، داعيا إلى “العودة فورا إلى المفاوضات دون شروط”.

المصدر : الجزيرة + وكالات

تعرف على تاريخ الصراع

بالرغم من أن المجتمع الدولي لا يزال يعتبر إقليم ناغورني قره باغ أرضاً تابعة لأذربيجان، ولم تعترف به أية دولة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، إلا أن أرمينيا تتعامل معه ككيان مستقل، وتنتشر القوات الأرمنية منذ فترة طويلة على أرضه.

منذ اتفاق وقف إطلاق النار عام 1994، لم تتوقف الاشتباكات قط بين أذربيجان وأرمينيا،

وما يثير القلق في هذا النزاع التاريخي، أن أية دولة سوفياتية سابقة حاولت خلال السنوات القليلة الماضية توطيد علاقاتها مع الغرب خسرت أراض مهمة لمصلحة روسيا، فجورجيا خسرت أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية حين سعت للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) عام 2008،

النزاع لا يشمل الأرمن والأذريين فقط، بل يتجاوزهما إلى الأتراك والروس والولايات المتحدة وإيران والاتحاد الأوروبي وإسرائيل،

روسيا

خشية عدوها التاريخي “تركيا”، أبرمت أرمينيا مع روسيا تحالفاً طويل الأمد لبقاء القواعد العسكرية الروسية على أراضيها،

تعدّ أرمينيا بالنسبة إلى موسكو حليفاً اقتصادياً واستراتيجياً مهماً، ويبلغ حجم الاستثمارات أربعة بلايين دولار، أي ما يقارب 40 في المئة من حجم الاستثمارات الأجنبية في أرمينيا، وتسيطر روسيا على العديد من المؤسسات ذات الأهمية الحيوية في البلاد، إضافة إلى وجود القاعدة العسكرية الروسية في يريفان.

ويملك الكرملين نفوذاً أكبر في أرمينيا يختلف عن غالب جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة، بسبب وجوده العسكري الكبير فيها وسيطرته على أبرز مرافق الطاقة والبنى التحتية الأخرى لديها.

إيران

حيث لها حدود مع أرمينيا وأذربيجان وتقع على مقربة من خطوط الاحتكاك، ومع أن خلفيتها الإسلامية شيعية مشتركة مع أذربيجان، لكن ليس لطهران عموماً أي تضامن خاص مع هذا البلد، وبالرغم من أن طهران حرصت منذ بدء الصراع على الظهور في المشهد كوسيط محايد بين الطرفين، إلا أن الحقيقة تعكس بوضوح كيف تميل إيران نحو أرمينيا وتفضلها على أذربيجان، وقد لا يبدو أن باستطاعة إيران وأرمينيا أن تكونا شريكتين، ومع ذلك فالواقع يشير إلى أن علاقات طهران بيريفان تعتبر أقوى من تلك التي تربطها بكثير من الدول الإسلامية المجاورة.

وتشعر كل من تركيا وأذربيجان بالقلق من الشراكة الأرمنية – الإيرانية، ومصالح تركيا وأذربيجان في مجال الطاقة تضع كل منهما على النقيض مع إيران.

وفي السياق ذاته، فإن من شأن العلاقات الأرمنية – الإيرانية التأثير في المصالح الاقتصادية لروسيا، مع ملاحظة أن المصالح القومية الإيرانية دوماً تتعارض مع المصالح القومية الروسية.

تركيا

تقف تركيا مع أذربيجان لأسباب تاريخية ودينية وعرقية واقتصادية، وتعلن أنقرة موقفها بوضوح، بوقوفها الكامل إلى جانب “شقيقتها” أذربيجان لاستعادة “أراضيها المحتلة”، على عكس بقية الأطراف التي تعلن حيادها في هذا النزاع، بينما تدعم هذا الطرف أو ذاك، من تحت الطاولة، حيث تشهد الجمهوريتان أذربيجان وأرمينيا، نزاعاً منذ القرن الماضي حول إقليم “ناغورني قره باغ”، وهو جيب أذربيجاني تقطنه غالبية أرمينية.

وفي عام 1993 وبعد خمس سنوات من الحرب، سيطر الأرمن على “منطقة آمنة” داخل أراضي أذربيجان تقع بين ناغورني قره باغ وأرمينيا، تبلغ مساحتها نحو 8 آلاف كيلومتر مربع، أي نحو 20 في المئة من مساحة أذربيجان.

إسرائيل

يوجد تحالف قوي بين أذربيجان وإسرائيل، ومع وصول حكومة جديدة إلى السلطة في أرمينيا ظهرت كذلك تحركات لتعزيز علاقات يريفان مع تل أبيب، إذ بات ذلك يعتبر بأنه أمر مهم للغاية لمواجهة النفوذ الأذربيجاني هناك، إلا أنها لا تستطيع أن تمضي بعيداً في هذا الاتجاه خشية استفزاز طهران.

وتعتبر إسرائيل من أبرز الأطراف التي تزود أذربيجان بالسلاح،

واشنطن والاتحاد الأوروبي

تجري باستمرار “مجموعة مينسك” التي تضم دبلوماسيين من فرنسا وروسيا والولايات المتحدة وساطة في محادثات حول النزاع بشأن المنطقة، لكن المحادثات تراوح مكانها منذ التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار عام 1994، وقامت واشنطن في فترات مختلفة بمحاولات لتقريب وجهات النظر بين باكو ويريفان، إلا أن معظمها باء بالفشل.