هل كان الرسول أميّا لا يقرأ ولا يكتب أم أنها “شبهة” اخترعها الفقهاء؟

طرح سؤال هو هل كان الرسول أميّا أي لا يقرأ ولا يكتب أم أنه وصف بذلك لكونه عربي وليس من اليهود، أو لأنه ينتسب لمكة وكانت تدعى أم القرى؟، وما سر اختلاف المذهب الشيعي الذي يقر بمعرفة الرسول بالقراءة والكتابة فيما يؤكد السنة العكس وفقا لقول دار الإفتاء المصرية بأن الرسول الكريم، كان لا يقرأ ولا يكتب لكي لا يتهم بقراءة كتب الأولين.

Advertisements

دار الإفتاء: الرسول كان لا يقرأ ولا يكتب

قالت دار الإفتاء المصرية، إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لُقِّبَ بالأميِّ، لأنه كان لا يقرأ ولا يكتب، وهذه صفة كان يتَّصف بها غالب العرب ،  في ذلك الوقت.

قال الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ﴾ [الجمعة: 2]، وفي “الصحيحين” عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يقول: «إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ، لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ».

لماذا سمى سيدنا محمد النبى الأمى؟..  دار الإفتاء تجيب
Advertisements

وأضافت دار الإفتاء المصرية ،عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك:”وهذه صفة ممدوحة في سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله سلم وليست صفة نقص، بل هذا من جملة معجزاته صلى الله عليه وآله وسلم؛ إذ كان الخطيب من العرب إذا ارتجل خطبة ثم أعادها فإنه لا بد أن يزيد فيها أو ينقص عنها بالقليل والكثير.

وكان صلى الله عليه وآله وسلم -مع كونه ما كان يكتب وما كان يقرأ- يتلو كتاب الله من غير زيادة ولا نقصان ولا تغيير، فكان ذلك من المعجزات، وإليه الإشارة بقوله تعالى: ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى﴾

وتابعت دارالإفتاء:”كما أنه صلى الله عليه وآله وسلم لو كان يحسن الخط والقراءة لصار متهمًا في أنه ربما طالع كتب الأولين فحصَّل هذه العلوم من تلك المطالعة، فلما أتى بهذا القرآن العظيم المشتمل على العلوم الكثيرة من غير تعلم ولا مطالعة، كان ذلك من المعجزات.

Advertisements

وهذا هو المراد من قوله تعالى: ﴿وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ﴾ [العنكبوت: 48

وأدناه رد يهاجم رجال الدين، وتليه ردود تؤيد جهل الرسول بالقراءة والكتابة

إطلاع الرسول على مجلة لقمان

أدناه نورد رواية تنفي ما روج له الكهنة من ان الرسول كان أميا وتثبت انه كان يقرأ ويكتب.

Advertisements

لا أود الإشارة إلى روايات تذكرها كتب التراث، فقد فعل هذا العشرات قبلي، لكني أشير إلى هذه فقط، لأنني رأيت أنها لم تحضى بالاهتمام.

ونص الرواية يقول إن سويد بن الصامت وكان شاعرًا لبيبًا، من سكان يثرب، يسميه قومه [الكامل] لجلده وشعره وشرفه ونسبه، جاء مكة حاجًا أو معتمرًا، فدعاه رسول الله إلى الإسلام، فقال: لعل الذي معك مثل الذي معى.

Advertisements

فقال له محمد (وما الذي معك؟)

قال: مجلة لقمان. قال: (اعرضها عليَّ). فعرضها،

فقال له الرسول بعد ان أطلع عليها (إن هذا لكلام حسن، والذي معى أفضل من هذا؛ قرآن أنزله الله تعالى عليّ، هو هدى ونور) ثم تلا عليه القرآن ودعاه إلى الإسلام

.

هذا اللقاء المهم ((لأنه مرتبط بنزول آيات تخص الحارث ابن سويد الذي أعدمه الرسول لاحقا)) والذي جرى في مكة بداية الدعوة “العلنية”، يؤشر لقضايا كثيرة مهمة جدا..

اولا عن معرفة الرسول بالقراءة والكتابة
وهو امر يعززه النص القرآني نفسه. لأن الآية تقول هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب .

وهي واضحة وتحسم الجدل والروايات التاريخية

وثانيا بمعنى كلمة قرآن غير العربية

فيما يخص أولا، أي الكتابة.. لنا أن نتساءل كيف يعقل ان تاجرا استلم تجارة زوجته خديجة طوال 15 سنة وقاد القوافل للتجارة مع الشام، ولا يجيد القراءة والكتابة التي من الممكن ان يتعلمها طفل بعمر ست سنوات وخلال عام واحد؟

ثم ان القرآن يؤكد في سورة البينة أن الرَسُول نفسه كان ((يتلو صحفا مطهرة، فيها كتب قيمة)) أي أنه كان يقرأ صحفا مطهرة من الباطل حسب الطبري

طبعا هناك حادثة صلح الحديبية التي كتب فيها الرسول اسمه بنفسه بعد أن رفض الامام علي حذف عبارة رسول الله

Advertisements

ولكن ما سر نشر حكاية أمية الرسول؟ أعتقد أن السر يكمن في محاولة رجال الدين التخلص دفعة واحدة من اتهامات قريش لمحمد بانه يستعين بصحف وكتب كانت لديه لنشر قرآنه وانها “أساطير الأولين” فكان الحل نفي معرفته بالقراءة والكتابة وحسم الأمر نهائيا.

مع أنهم يقولون وفقا لسيرته أنه كان يأمر أصحابه بتعلم القراءة والكتابة فكيف يأمر بالبر وينسى نفسه؟ كما أن طالب من أسرى قريش في معركة بدر يشير إلى أن الأسرى المكيينَ يتقنون القراءة والكتابة، مع انهم يقولون أن قريشًا كانت أمية لا تقرأ ولا تكتب!

طبعا انا لم أتطرق لمعنى كلمة أمي لأن البحث فيها معروف.. كما أن سورة نزلت لاحقا في المدينة وكانت خاصة بحكم لقمان المعروفة تاريخيا بين الشعوب القديمة في المنطقة أيضا باسم أحيقار.

يستند أكثر المفسرين لإثبات أمية الرسول إلى الآية “وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذًا لارتاب المبطلون» (العنكبوت، 48)،
والآية صريحة في نفي قراءة أو كتابة أي كتاب منزل سابق كصحف إبراهيم والزبور والتوراة والإنجيل ، بقرينة تتلو؛ والتلاوة ليست كالقراءة، فهي طريقة كانت معروفة في القراءة المنغمة التعبدية على طريقة الرهبان آنذاك.. ولو كان المقصود القراءة لاستخدمت الآية عبارة اقرأ.. علما أن كلمة قرآن التي أطلقت على القرآن ليست عربية، وتعني تحديدا قراءة الصلوات والأدعية الدينية.

الآية هكذا تثبت على العكس أن الرسول كان يقرأ ويكتب، لأن القرآن كان أصدق بكثير من المؤمنين به، ودافع عن رسوله بطريقة معقولة، ومنطقية، ورد تهمة اقتباسه من الكتب المقدسة السابقة عليه، بأن أحدا لم يره يوما يتلو كتابا مقدسا أو يخطه بيمينه، ولو كان الرسول لا يقرأ ولا يكتب فعلا، لكانت حجة دامغة اكثر بكثير.

الأكثر من هذا أن الرد بهذه الطريقة، كان يشير إلى معرفة الجميع بدراية الرسول الواسعة بعالم القراءة والكتابة، خاصة انه كان مسؤول حسابات زوجته خديجة لسنوات طويلة. فكيف كان يدير عملها دون تسجيل وتدقيق وإجراء حسابات ومراسلات وجرود إلخ.

الآية هكذا لم تنفِ القراءة والكتابة عنه إنما اطلاع الرسول على أي كتاب منزل من قبله أو النقل الخطي عنها.

والذي يحسم الامر قوله تعالى: «وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تُمْلى عليه بُكرة وأصيلا * قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض إنه كان غفورا رحيما» (الفرقان 5، 6)، وتتضمن الاتهام نفسه تقريبا، فإسناد الفعل اكتتب يعود للرسول مباشرة ودون أي لبس، وهو اتهام ما كان ممكنا لو أن خصومه في مكة يعرفون أن لا يقرأ ولا يكتب، لأن سيرتهم حينها ستصبح على كل لسان!
كما أن الرد لم ينف “قدرته” على الكتابة، ولا حتى “فعل” الكتابة، بل اكتفى بالتأكيد على إنه الطلب منه أن يبين لهم أنه منزل من الله، ولعلهم حكموا على القرآن بالأسْطَرة لأنهم لم يقرؤوه من قبلُ فظنوا أنه أساطير الأولين اكتتبها.

وهناك حجة اخرى تقول إنه لم يكتب بنفسه الرسائل والمعاهدات، ولا أعرف أين المشكلة في هذا؟ الرسول كان قائدا لدولة كبيرة ولديه عشرات الخدم والكتاب والمرافقين، ولا حاجة لأن يكتب كل شيء بنفسه.
تخيلوا فقط وجود عشرات الكتاب للوحي. في مجتمع قيل لنا إنه جاهلي!.

أما حجة الحديث الصحيح وهو ( إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا يعني مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين) رواه البخاري، 1814، ومسلم 1080. فهو يشير إلى مسألة دخول الشهر القمري الهلالي، فلم تكن للعرب آنذاك سجلات لحركة الأفلاك والأجرام السماوية، لهذا كانوا يعتمدون على الرؤية الظاهرة، وما زلنا على ذلك.

الأمر الثاني: يتعلق بمعنى كلمة قرآن ويبدو لي حسب آراء جديدة انها تدل على أن أي كلام إلهي يعد قرآنا.. سواء كان جملة او آية او مزمورا أو سورة او صحفا وبغض النظر عن نزوله على محمد أو غيره.. وهذا المعنى خطير جدا لأنه يغير الكثير الكثير من المسلمات المتوارثة.

Advertisements

لا أسعى لأن أذهب بعيدا في إثبات شيء عبر الطريقة المعهودة بإيراد الاحاديث والمصادر ووو.. فهناك متخصصون فيها.. انما أريد الإشارة إلى حجم الدجل الذي نقله لنا كتاب السير والأحاديث ولصالح حكام عصرهم .في موضوع هامشي.

فلنا أن نتصور حجم الأكاذيب التي روجوا لها وأصبحت حقائق راسخة بين الملايين، وهي في الحقيقة لا تسيء لسمعتهم فقط، بل للدين ككل بل والرسول الكريم نفسه.

مم يخاف رجال الدين؟

والآن ماذا يدل خوف رجال الدين من ذكر الحقائق الدينية كما هي؟

  1. هذا دليل دامغ على أنهم أصحاب حرفة لا دين، وأن إيمانهم به شكلي، وكل هدفهم الحفاظ على مكاسبهم، والتغطية على أية ثغرة من الممكن أن تشتغل ضد “دينهم”.
  2. أن السبب ربما لا يتعلق بالكذب في موضوع أمية الرسول، إنما في دورها بتعزيز منظومة الأكاذيب المرتبطة، بها، وهي أحبولة دائرية، لأنك حين تشكك برواية رقم 2، يتحججون بالرد عليها بالرواية رقم 7 و 9 .. وحين تثبت بطلان الرواية 7 يردون عليك بالرواية رقم 2 أو 8 والحقيقة أن أغلب الروايات إما غير حقيقية أو مبالغ فيها و”ملعوب” فيها. والغاية حتى وإن كانت الحيلة مكشوفة، تشتيت الانتباه وإدخال الخصم، في جدل دائري لا ينتهي أبدا.  
  3. هناك احتمال آخر: وهو أنهم كانوا لا يحبذون نشر ثقافة القراءة والكتابة بين العامة، فكان أفضل حل هو جعلهم يقتدون بأمية الرسول، ولا يطلبون التعلم، وما يعنيه ذلك، من إطلاع واسع على كتب الفقهاء والمحدثين، وجعل علمهم خاصا بحفنة صغيرة من رجال الدين.
  4. إن نفي القراءة أو الكتابة عنه لكي لا يقال إن القرآن من تأليفه، تتعارض مع قولهم باستحالة أن يكون القرآن مصدرا بشريا، وكلا القولين يعود لهم. كما أنهم زعموا بأن قريش لم تتهم محمدا بتأليف القرآن ونقلت عنهم قولهم: إنه يعلو ولا يُعْلَى عليه، وأن فيه لحلاوة وطلاوة!
  5. هل يليق بأتباع الرسول أن ينزلوه منزلة الذين لا يقرؤون ولا يكتبون، وقد ذكر في القرآن ألفاظ القراءة والكتابة ومرادفاتها كثيرًا، ويكفي أن أشير إلى أن الله تعالى نسب فعل الكتابة إلى نفسه في آيات كثيرة «كتبنا» وإلى أنه أقسم بالقلم وبما يسطرون قبل وصف أخلاق الرسول عليه السلام في مطلع سورة القلم؛ ليُعْلَمَ أن هذا الكتاب أنزل على خير معلَّمٍ ومعلِّمٍ.

ووفقا للمفكر المصري نصر حامد ابو زيد فإن كلمة قرآن مأخوذة من القري وتعني الرحم بالعربية .. وأما وصف الأمي فهو ينطبق على كل شخص من خارج ملّة اليهود..

المشكلة أن رجال الدين وأتباعهم لديهم الف وجه.. ومع هذا يدعون جميعا أنهم يؤمنون بوجه واحد!.. ولو صدقوا لأعلنوا على الملأ ان الرسل لم يكن أميا بمعنى القراءة والكتابة ولن يفعلوا.

فإذا كانوا لا يجرأون على مراجعة مسالة واحدة، هم الذين خلقوها، فكيف نتوقع منهم مراجعة ما لا يحصى من الإشكالات والمشاكل التي تعاني منها مجتمعاتنا الإسلامية؟

رد أخر: الرسول تعلم الكتابة لاحقا

وحسب موقع إسلام ويب فقد رد على السؤال التالي بأن الرسول محمد كان أميا في بداية نزول الوحي عليه ثم تعلم القراءة والكتابة فلماذا نقول دائما إن الرسول أمي ونفخر بذلك، فهل تخشون أن نقول إنه ربما نشك أنه كتب القرآن أنا لا أظن إطلاقا أن الرسول أمي لا يعرف القراءة أو الكتابة لقد علم الرسل الأنبياء فهل وقف الأمر عند الرسول محمد عليه أفضل السلام؟

وكان الجوالب كالتالي: بعث الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أمِّيًّا لا يعرف القراءة ولا الكتابة، لقوله تعالى: وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ [العنكبوت:48].

وكونه عليه الصلاة والسلام أمِّيًّا يعد معجزة من معجزاته الدالة على صدقه، وأن ما جاء به من عند الله تعالى لا من عند نفسه، قال تعالى: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ [الجمعة:2].


وقال تعالى: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ [آل عمران:164].
ولو كان عليه الصلاة والسلام قارئاً كاتبًا لادَّعى المشركون أن ما جاء به من اختراعه ومن بنيات أفكاره.


وقد اختلف أهل العلم – رحمهم الله – هل تعلَّم النبي صلى الله عليه وسلم القراءة والكتابة بعد نزول الوحي أو لا ؟ فمنهم من قال: إنه تعلَّم ذلك، فذكر القرطبي في تفسيره نقلاً عن النقاش في تفسيره عن الشعبي أنه قال: ما مات النبي صلى عليه وسلم حتى كتب. ، وأسند أيضا حديث أبي كبشة السلولي مضمنه أنه صلى الله عليه وسلم قرأ صحيفة لـ عيينه بن حصن وأخبر بمعناها، وضعَّف ذلك ابن عطية.

Advertisements

حادثة الحديبية

واستدلوا أيضا بما رواه مسلم من حديث البراء في صلح الحديبية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـ عليٍّ : اكْتُبِ الشّرْطَ بَيْنَنَا. بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ. هَذَا مَا قَاضَىَ عَلَيْهِ مُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِ” فَقَالَ لَهُ الْمُشْرِكُونَ: لَوْ نَعْلَمُ أَنّكَ رَسُولُ اللّهِ تَابَعْنَاكَ، وَلَكِنِ اكْتُبْ: مُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ.

فَأَمَرَ عَلِيّاً أَنْ يَمْحَاهَا. فَقَالَ عَلِيّ: لاَ، وَاللّهِ! لاَ أَمْحَاهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: “أَرِنِي مَكَانَهَا” فَأَرَاهُ مَكَانَهَا، فَمَحَاهَا.

وَكَتَبَ “ابْنُ عَبْدِ اللّهِ.
قالوا: وقد رواه البخاري بأظهر من هذا فقال: فاخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب فكتب. ، وزاد في طريق أخرى: ولا يحسن أن يكتب. فقال جماعة من العلماء: بجواز ذلك عليه وأنه كتب بيده. 

منهم السمناني والباجي ورأوا أن ذلك غير قادح في كونه أمِّيًّا ولا معارضاً لقوله تعالى: وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ [العنكبوت:48]، ولا بقوله “: إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب. 

بل رأوه زيادة في معجزاته واستظهارا على صدقه وصحة رسالته، وذلك أنه كتب من غير تعلم لكتابة ولا تعاطٍ لأسبابها، وإنما أجرى الله تعالى على يده وقلمه حركات كانت عنها خطوط مفهومها ابن عبد الله لمن قرأها، فكان ذلك خارقاً للعادة.

كما أنه عليه السلام عَلِمَ عِلْمَ الأولين والآخرين من غير اكتساب ولا تعلُّم، فكان ذلك أبلغ في معجزاته وأعظم في فضائله ولا يزول عنه اسم الأمي بذلك، ولذلك قال الراوي عنه في هذه الحالة: ولا يحسن أن يكتب. فبقي عليه اسم الأمي مع كونه قال: كتب.


وقال بعض أهل العلم: إنه صلى الله عليه وسلم ما كتب ولا حرفاً واحداً، وإنما أمر من يكتب، وكذلك ما قرأ ولا تهجَّى.
قالوا: وكتابته مناقضه لكونه أمِّيًّا لا يكتب، ونكونه أمِّيًّا في أمة أمية قامت الحجة وأفحم الجاحدون وانحسمت الشبهة، فكيف يُطلِقُ الله تعالى يده فيكتب وتكون آية؟ وإنما الآية ألاَّ يكتب، والمعجزات يستحيل أن يدفع بعضها بعضاً، وإنما معنى كتب وأخذ القلم: أي أمر من يكتب به من كتابه، وكان من كتبة الوحي بين يديه صلى الله عليه وسلم ستة وعشرون كاتباً.


ورجَّح هذا القول القرطبي في تفسيره. وعلى كلا القولين فوصفه بالأمِّيِّ لكونه من معجزاته عليه الصلاة والسلام، فإن لم يكن كتب فالأمِّيَّة وصف ملازم له عليه الصلاة والسلام حتى مات، وإن كان كتب فوصفه بالأمِّيِّ باعتبار ما كان ويبقى متصفاً بهذا الوصف لكونه من معجزاته الباهرة، ولكونه بُعثَ في أمةٍ أميةٍ لا تقرأُ ولا تكتبُ، فناسب أن يكون أمِّيًّا مثلهم لتقطع الشبهة.

الرأي الشيعي

السؤال: الكلام في قدرة النبي (صلى الله عليه وآله) على القراءة والكتابةبسمه تعالىما معنى ان يكتب لهما الرسول(صلى الله عليه وآله) في التراب ورسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يكتب ؟
أرجو التوضيح

الجواب:الاخ علي المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الشائع عند البعض أن النبي (صلى الله عليه وآله) امي بمعنى عدم قدرته على الكتابة وعدم معرفته بها، لكن المسألة فيها اختلاف.
فيرى البعض قدرته على الكتابه والقراءة ويستدل بعدة أدلة: منها: انه قد سأل البعض أبا جعفر الجواد (ع): لم سمي النبي صلى الله عليه وآله الامي؟ قال: (ما يقول الناس؟) قلت له: جعلت فداك يزعمون انما سمي النبي (صلى الله عليه وآله) الامي لانه لم يكتب, فقال: (كذبوا عليهم لعنة الله , انى يكون ذلك والله تبارك وتعالى يقول في محكم كتابه: (هو الذي بعث في الاميين رسولاً منهم يتلو عليهم ءاياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة)، فكيف كان يعلمهم مالا يحسن، والله لقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقرأ ويكتب باثنين وسبعين أو بثلاثة وسبعين لساناً وإنما سمي الامي لأنه كان من أهل مكة ومكة من أمهات القرى وذلك قول الله تعالى في كتابه: (( ولتنذر ام القرى ومن حولها ))
وقد يستدل على عدم قدرة الرسول (صلى الله عليه وآله) على القراءة والكتابه بقوله تعالى: (( وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك اذا لارتاب المبطلون )) (العنكبوت). وقد رد على ذلك: بأن المراد بالآية نفي العادة والممارسة لا نفي القدرة، فان المراد: ما كان من عادتك قبل نزول القرآن ان تقرأ كتاباً ولا كان من عادتك ان تخط كتاباً أو تكتبه أو ما كنت تمارس قراءة كتب الاديان السابقة، وهو يكفي في نفي الارتياب واثبات صحة القرآن وعدم كونه تلفيقاً من كتب السابقين (أنظر أسماء الرسول المصطفى ج1 ص311.)

ويستدل أيضاً القائل بعدم قدرة النبي (صلى الله عليه وآله) على القراءة والكتابه بقوله تعالى: (( الذين يتبعون النبي الامي الذي يجدونه مكتوبا عندهم… )) (الاعراف:157)، وبقوله تعالى: (( فامنوا بالله ورسوله النبي الامي الذي يؤمن بالله… )) (الاعراف:158).

Advertisements


وهناك من يفصل، فيرى أن النبي(صلى الله عليه وآله) غير قادر على القراءة والكتابه قبل بزوغ دعوته وهو قادر على القراءة بعد بزوغ دعوته، ويستدل على ذلك برواية عن أبي عبد الله (عليه السلام) انه قال: (كان مما منَّ الله على نبيه (صلى الله عليه وآله) انه كان امياً لا يكتب ويقرأ الكتاب) ويرجع ذلك الى أيام نبوته وعهد رسالته بقرينة قوله: (كان مما من الله عز وجل به على نبيه).
والذين يرون بهذين الرأيين والتي يجتمع فيها عدم قدرة النبي(صلى الله عليه وآله) على الكتابة بعد البعثة يردون هذه الرواية المذكور فيها ان النبي(صلى الله عليه وآله) كان يكتب لهما في التراب بانها رواية ضعيفة السند ،لاجل الحسن بن عباس بن الحريش الذي ضعفه النجاشي والغضائري. أما الذي يرى الرأي الأول وهو قدرة النبي (صلى الله عليه وآله) على القرآءة والكتابة، فلا تعارض بين قولهم وتلك الرواية، بل يمكن أن تكون الرواية شاهداً على صحة قولهم.

ودمتم في رعاية الله


محمدتعليق على الجواب (1)السلام عليكم وتقبل الله اعمالكم
اذا نفينا امية النبي الاعظم (ص) وقلنا انه (ص) كان يجيد القراءة والكتابة فهل في ذلك ادنى تأثير على الوجه المنير في معجزته وهي انه امي لم يقف على معلم ولم يذهب الى مدرسة ومع هذا جاء بنظم ومعارف وتشريعات يستحيل صدورها ممن هو على شاكلة (ص) ؟؟الجواب:الأخ محمد المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


حتى لو ثبت قدرة النبي (صلى الله عليه وآله) على القراءة والكتابة فإن ذلك لا يقلل من إعجاز القرآن لأنه لا يتطرق الاحتمال إلى أن ما جاء به النبي (صلى الله عليه وآله) من نظم عجيب وكلام بليغ هو من عند الأقوام السابقة أو من الأديان السالفة بل الكل أدرك أن ما جاء به النبي (صلى الله عليه وآله) هو شيء جديد يختلف عما سمعوه سابقاً من كلام السابقين بل تحدي القرآن للإتيان بمثله لوحده, وعجز الجميع كافٍ لأن يكون هو كلام يفوق كل كلام سابق أو لاحق.
ودمتم في رعاية الله

شاهد أيضاً

الدين هو المؤامرة والشيطان هو المصمم الذكي ج1

أعلن المفكر منصور الناصر في عنوان رئيس لمقال له عن اكتشاف حقيقة الدين..كما نشر فيديو …