دين

هل حسمت الخلافات حول أصل كلمة جهنم في القرآن والإنجيل والتوراة؟ هيا لتعرف!

By nasser

December 15, 2021

لفظ (جهنم) في الكتاب المقدس ( 1 / 2) نبيل محمد حسن الكرخي بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة هذا المقال يخص مفردة اُطلقت على دار العقاب الأخروي وهي مفردة: (جهنّم) نستجير بالله الحليم الكريم منها. وقد ظهر لفظ “الجحيم” في الترجمات العربية للعهد الجديد ضمن الكتاب المقدس المسيحي ويقابله في طبعات بلغات أخرى ما يقابل كلمة (الجحيم) أو (الهاوية)، غير أن هناك طبعات بلغات متعددة استعملت لفظ (gehenna أو geenna أو geennu) بإختلاف اللغات المستخدمة لها بدلاً من كلمة الجحيم (hell) في مواضع معيّنة فيها، على اساس أنَّ هذا اللفظ مثبّت في المخطوطات اليونانية القديمة، حيث وردت فيها الكلمة اليونانية (γέεννα) وتلفظ (geenna) (gheh’-en-nah)[1]، وأيضاً في تلك المواضع استعملت النسخ والطبعات العربية لفظ (جهنّم).

ولكون هذا اللفظ غريب وغير معهود في التراث اليهودي، فقد احتار علماء المسيحية في البحث عن أصله اللغوي، الى أن بدأ بعض علماء المسيحية بتقديم نظرية لأصل هذا اللفظ، واختلفوا في كيفية تركيبه، فيقولون ان اصل اللفظ يعود الى أسم وادي قرب أورشليم كان مركزاً لعبادة الوثن “مولك” الذي كانوا يتقربون إليه بتقديم اولادهم له قرابين حيث يحرقونهم بالنار! ومن اجل هذه الممارسات الوثنية نجَّس الملك يوشيا ذلك المكان لكي لا يعبر أحد ابنه أو ابنته في النار لـ “مولك”، ثم أصبح يسمى وادي القتل. ويقال أنَّ نفايات المدينة وجثث المجرمين بعد إعدامهم كانت تلقى ثم تحرق فيه[2]!

وهذا كله ساعد على جعله نموذجاً لتسمية دار العقاب الأخروية بأسمه، بحسب رأيهم!! وأنَّ أسم ذلك الوادي الذي تحول الى أسم (جهنّم) قد ورد في العهد القديم أسم علم على مكان قرب أورشليم يدعى (وادي هنّوم)، وان لفظ وادي بالعبرية هو (جي)، فأصبح أسمه في العبرية (جي-هنوم) ثم تطور الى (جهنَّم)! إنَّ لفظ “جهنّم” يفترض به أنَّه من مختصات اللغة العربية، واختلف علماء اللغة العربية هل هو معرَّب أم هو لفظ عربي أصيل. ومهما يكن حاله فقد خلا الكتاب المقدس من ذكره كإسم لمكان العقاب الأخروي وكذلك خلا التراث المسيحي العربي من ذكره قبل ظهور الاسلام. وهذا الأسم “وادي ابن هنّوم” ورد في العهد القديم كإسم عَلَم لمكان قرب أورشليم، واما في العهد الجديد المكتوبة مخطوطاته باللغة اليونانية فقد ورد الاناجيل الإزائية منسوباً للمسيح (عليه السلام) انه نطق بلفظ (جيينّا) أو (جيهينّا) في اشارة الى دار العقاب الأخروي، فقال رجال الدين المسيحيون انَّه ماخوذ من أسم (وادي ابن هنوّم) الوارد في العهد القديم والذي يلفظ بالعبرية (جي بن هنّوم) فأصبح يلفظ (جيهينّا)! وشطبوا على كلمة (بن) وضيّعوها لسببين الأول أنهم لا يعرفون ما هو مصدر هذه الكلمة (γέεννα gehenna) التي ظهرت فجأة في بعض الاناجيل اليونانية الإزائية[3] ولم تعرفها رسائل بولس التي كُتِبَت قبلها! والثاني لتمرير شبهة ان الاسلام أخذ معارفه من اليهودية! وأن لفظ (جهنم) القرآني مأخوذ من (جي هنّوم) العبرية!

ومن الجدير بالذكر أن لفظ جهنّم قد ورد بألفاظ مقاربة في لغات أخرى كالأكدية والفرعونية، فقد قيل ان جهنم باللغة الكلدانية المتداولة حالياً هي: (گِهانَة) وتُنطقُ بالكاف المصرية[4]، وهو لفظ مقارب للفظ (جيهينّا) المذكور في الأناجيل الإزائية. وكتب الناصر لعماري انها في الفرعونية (شهنّم)، قال: (كتب المصريون القدماء كلمة جهنم حسب لسانهم القديم بصيغة (شَ – ان – امو)، مع رمز النار، ومعناها بحيرة النار أو بحر النار. وهي توجد كما اعتقد المصريون في عالم ما بعد الموت (الذي سمّوه الدوات). وقد رسم المصريون القدماء تلك الكلمة (شَ – ان – امو)، حسب قلمهم القديم بهذه الصورة كما جاءت في القاموس المصري[5] صفحة 720 وحسب تصور المصريين القدماء فإن الدوات كانت ايضا طبقات وفيها الدرك الاسفل، تماما كما هي جهنم في التصور الاسلامي. ولعل اللفظ القديم (شَ – إن – امّو) خففته الألسنة مع الزمن إلى لفظ مثل (شَ- هن – امّو) أو (شه- ن – امّو)، فظهر نطق الهاء (شهنمّو). ثم أُهمل نطق الواو (شهنمّ). فأصبح الحرف الأخير ميماً مشددة. وربما صعب على اللسان أن يقف على حرف مشدد، فانتقل التشديد إلى النون (شهنّم). و[كَفْرُ جَهَنَّم : قريةٌ بِمِصْرَ]، كما جاء في تاج العروس)[6].

وسيتم مناقشة هذا الموضوع عبر المحاور التالية: • جهنَّم في الفكر اليهودي. • بين “جهنّم” و”الجحيم” في الفكر المسيحي. • دار العقاب الأخروي في الأسفار اليهودية (العهد القديم). • دار العقاب الأخروي في الأسفار المسيحية (العهد الجديد). • الكتاب المقدس بين (وادي بن هنوم) و (جيهينّا). • الرؤية المسيحية للفظ (جهنَّم). • جهنّم في قواميس اللغة العربية. • لفظ (جيهينّا) في الطبعات الحديثة. • مفردة (جهنّم) في الطبعات العربية الحديثة للكتاب المقدّس. وملخّص ما توصلنا إليه أنَّ لفظ (جيينّا) أو (جيهينّا) الوارد في بعض نصوص العهد الجديد وهي نصوص مكتوبة باليونانية قد أربك علماء المسيحية ولم يجدون له اصلاً لغوياً محدداً فهو ليس لفظاً يونانياً ولا عبرياً، ولا لفظٌ مستخدم في الآرامية قبل ظهور المسيح، والارامية هي اللغة التي تحدَّث بها المسيح (عليه السلام)، بل هو لفظ آرامي جاء ذكره لأول مرّة على لسان المسيح (عليه السلام)، كما إنّ لفظ (جهنّم) هو لفظ قرآني لم يكن معروفاً في لغة العرب ايام الجاهليّة. ولذلك عمد رجال الدين المسيحيين للخروج من المأزق بالقول أنَّ كلمة (جيهينّا) مأخوذة من أسم وادي قرب القدس الشريف (أورشليم) هو وادي ابن هنّوم! وجهدوا لإيجاد المبررات التي تؤيد هذا الرأي والذي سنبيّن في مقالنا هذا، إنْ شاء الله، أنه رأيٌ مفبرك ولا يصمد أمام النقد. وأنَّ لفظ (جيينّا) أو (جيهينا) و(جهنّم) هما لفظان دينيان سماويان جاء الأول على لسان المسيح (عليه السلام) في رسالته السماوية والإنجيل السماوي حتماً تبعاً لذلك، وجاء الثاني في القرآن الكريم وأحاديث رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) في الإسلام الذي جاء رحمة للعالمين. ومن المحتمل جداً أنَّه جاء على لسان الأنبياء السابقين (صلوات الله عليهم) أيضاً.

جهنَّم في الفكر اليهودي: ذكر جورج مينوا في كتابه “تاريخ جهنَّم” إنَّ الجحيم كمكان للعقاب في العالم الآخر كان غائباً تماماً عن العهد القديم أقلُّه حتى القرن الثالث ق.م. أي حتى عصر متأخر حين كانت لكل الديانات الأخرى الأخرى مفاهيم راسخة عن جهنَّم! وإذ التفكير بإحتمال وجود عقوبات يفرضها الله على الأشرار بعد الموت قد بدأ يظهر إنطلاقاً من القرن الثالث قبل المسيح، وانَّ ذلك كان بتأثير من الحضارات الأخرى أكثر مما هو تطور داخلي للفكر اليهودي[7]. واستناداً الى أقدم أسفار التوراة يبدو ان كل شيء وكأنَّه ينتهي عند الموت، لأنه إذا كانت النفوس المفترض أن تذهب الى “الشيول” وهو كما جاء في المزمور 63 مكان موجود في اسافل الأرض، والفرق بينه وبين العدم زهيد جداً[8]. وكلمة شيوُل عبرانية موجودة بالمعنى نفسه في السريانية وتعني مقر النفوس بعد الموت[9].

ويتحدث جورج مينوا عن تدرج ظهور فكرة جهنَّم في العقيدة اليهودية، فبعد ان لم تكن تلك فكرة جهنَّم ظاهرة عندهم وكانوا يؤمنون ان النفوس تذهب الى الشيُول حيث الاشرار والأخيار يلاقون مصيراً واحداً، حيث ترقد النفوس في الغبار فاقدة الحركة والإحساس والوعي ولا امل لها بالقيامة[10]، وان الرب يعاقب الأشرار على الارض أي في الدنيا، اولاً بطريقة جماعية سامحاً بالاحتلال الاجنبي والسبي والطاعون والمجاعة ومهاجمة الحيوانات المفترسة، الى ان حلَّ عصر الأنبياء في القرن الثامن ق.م. فتحول العقاب في الفكر اليهودي فردياً وظل أرضياً بحتاً.

لكن العدالة ظلت، في الواقع متأصلة، وأصيب الأشرار بمصائب مختلفة، عملاً بشريعة العين بالعين والسن بالسن، والخطايا المعاقب عليها هي دينية طقسية وإجتماعية مثل عبادة الأصنام وإنتهاك المقدسات أو نصوص الشريعة الموسوية. وانَّ الخطوط الأولى لفكرة الجحيم بعد الموت متأخرة جداً، وفي سفر إشعياء فقرتان طالما اعتبرتا هكذا هما اشعياء (66: 15و16) و(66: 24)، ويعتبر التفسير المعاصر أنَّ لهذه العبارات معنى مادياً بحتاً ودنيوياً: إنَّ جثث أعداء إسرائيل ستتهرّأ وتأكلها الديدان، وهذه استعارة تعني الفساد، أو ستلتهمها النيران في وادي هِنُّوم خارج أورشليم. والنار هي مادية رمزية معاً تعني الغضب الإلهي الذي يهلك الكافرين، ويسأل مزمور (89: 46): (حتى متى يا رب تختبئ كل الاختباء؟ حتى متى يتقد كالنار غضبك؟)، والنار كأداة تطهير ذكرت في الكتاب المقدس 271 مرّة. والفكرة التي تطورت في عصر الأنبياء هي فكرة المسؤولية الشخصية، ويقول حزقيال في الفصل 18: “إنَّ الذي يخطيء هو الذي يموت. لا يتحمل الإبن خطأ الأب ولا الأب خطأ الإبن”.

ومع ذلك يجب إنتظار القرن الخامس لنرى إثارة مبدأ العدالة الثابتة بشيء من الخجل، وربما كان ذلك نتيجة للإحتلال الفارسي والإحتكاك بالزرادشتية وعقيدتها الأخروية! ويطرح سفر أيوب في نهاية القرن الخامس ق.م. قضية البار الذي تصيبه البلايا والشرير الذي ينعم بالنجاح وعند الموت يكون مصيرهما واحداً: يتمددان معاً على الغبار وتغطيهما الديدان. وفي القرن التالي يتحدث النبي يوئيل عن إمكانية دينونة في نهاية العالم تسبق فصل الأخيار عن الأشرار في سياق انقلابات كونية تستبق طريقة اسفار الرؤيا ولكنها ليست سوى رؤيا غامضة. وعزا جورج مينوا هذا التطور الى الاحتكاك بالعالم الهلينستي ابتداءاً من الفتح الاسكندري سنة 331ق.م

والاندماج في عالم البطالسة والسلوقيين يحركان هذا التفكير، حيث عبادة سيبيل أو الورفية التي تنافس العبادات الكبرى واعدة بالسعادة الأبدية لأتباعها ومنذرة بالخوف من دينونة محتملة للآخرين[11]. ويضيف، إنَّ العالم العبراني كان بطيئاً في قبول فكرة جهنم، ففي القرن الثالث ق.م. كان سفر الجامعة المتأثر بشدّة بالفلسفة اليونانية قد عبّر عن تشاؤمه بقوله، كما في (9: 2-6): (الكل على ما للكل. حادثة واحدة للصديق وللشرير، للصالح وللطاهر وللنجس، للذابح وللذي لا يذبح، كالصالح الخاطئ. الحالف كالذي يخاف الحلف. هذا أشر كل ما عمل تحت الشمس: أن حادثة واحدة للجميع. وأيضا قلب بني البشر ملآن من الشر، والحماقة في قلبهم وهم أحياء، وبعد ذلك يذهبون إلى الأموات لأنه من يستثنى ؟

لكل الأحياء يوجد رجاء، فإن الكلب الحي خير من الأسد الميت. لأن الأحياء يعلمون أنهم سيموتون، أما الموتى فلا يعلمون شيئا، وليس لهم أجر بعد لأن ذكرهم نسي. ومحبتهم وبغضتهم وحسدهم هلكت منذ زمان، ولا نصيب لهم بعد إلى الأبد، في كل ما عمل تحت الشمس)[12].

ثم ينتقل جورج مينوا الى القرن الثاني قبل الميلاد، الى سفر دانيال الذي تم تدوينة سنة 160 ق.م. والذي يتحدث للمرة الاولى وبوضوح عن جهنم أبديّة (12: 1و2): (وفي ذلك الوقت يقوم ميخائيل الرئيس العظيم القائم لبني شعبك، ويكون زمان ضيق لم يكن منذ كانت أمة إلى ذلك الوقت. وفي ذلك الوقت ينجى شعبك، كل من يوجد مكتوبا في السفر. وكثيرون من الراقدين في تراب الأرض يستيقظون، هؤلاء إلى الحياة الأبدية، وهؤلاء إلى العار للازدراء الأبدي).

غير ان فكرة جهنم هي ابعد من أن تلقى الاجماع: إذ نجد في سفر المكابيين الثاني، مثلاً، إنَّ العقاب الوحيد الذي اعلن لأنطيوخوس الرابع هو أرضي، حادثة، موت مرير، انحطاط تعيس. ونجد في السفر الأخير من العهد القديم أي سفر الحكمة المدوَّن في حدود السنة 59 ق.م. أنَّه لا يزال للقائمة الطويلة من العذابات التي تصيب الأشرار معنى أرضي، ونميّز في عصر المسيح استناداً الى ما يقول المؤرخ فلافيوس ثلاثة آراء مختلفة عند اليهود: فالصدُّوقيون الذين ينتمون الى الأوساط الأرستقراطية والكهنوتية يرون أن الموت الفردي شامل ولا وجود لجهنم.

ويعتقد الفرِّيسيون الذين يشكلون وسطاً تقيّاً متعبداً متفرعاً من الطبقات الوسطى أن هناك بكل تأكيد دينونة وعقاباً في العالم الآخر، وذلك في شكل عذابات، ولكن هذا المعتقد غير دقيق، ويختلط أحياناً بفكرة التقمّص. أما الأسينيُّون الذين ظهروا في القرن الثاني ق.م.

وكانوا يشكلون جماعة متفرقة وخاصة في الصحراء بالقرب من البحر الميت، فهم أكثر منهجية، وقد كتب المؤرخ يوسفيوس: (يؤمن هؤلاء الأسينيون أنفسهم أن الأنفس خلقت خالدة لكي تسعى الى الفضيلة وتبتعد عن الرذيلة، وان الصالحين حسنت حالهم في هذه الدنيا، لأملهم في أن يكونوا سعداء بعد الموت، وأن الأشرار الذين يتصوَّرون أن باستطاعتهم إخفاء سيئاتهم في هذا العالم سيكون عقابهم عليها في العالم الآخر عذاباً أبدياً).

فهل نشأ يوحنا المعمدان ويسوع المسيح في هذه الجماعات؟ إنَّ النقاش لا يزال يدور حول هذه المسألة، ولكن بعض الدلائل المحيِّرة كما أن بعض المقاطع من مخطوطات البحر الميت التي كُشِفَ محتواها شيئاً فشيئاً، تحمل على التفكير بهذا الأمر.

أمّا اليهودي الآرثوذكسي فيكوّن تصوره ببطء حول موضوع الجحيم[13].

إنَّ أدب اليهودية المنحول، أي الأسفار غير القانونية والتي لا توضع ضمن أسفار التناخ اليهودي أو العهد القديم المسيحي، هو الذي روّج أولاً موضوع الجحيم، ثم يذكر جورج مينوا نماذج من سفر اخنوخ الذي يعود تأريخه الى القرن الأول ق.م. وسفر مزامير سليمان ورؤيا باروخ اللذان يعود تأريخهما الى منتصف ونهاية القرن الأول ق.م. ثم يذكر سفر حسدراس (Esdras)[14] المكتوب في السبعينيات بعد المسيح، ثم يقول: (وكان الشعور السائد انطلاقاً من القرن الثاني أنه عند الموت اذهب النفس لتستقر في الجحيم (شْيولْ) في منازل منفصلة للصالحين وللأشرار بإنتظار الدينونة الأخيرة، عندئذٍ يذهب الأولون الى جنة عدن والآخرون الى جهنم، وهي مكان قائم في الغرب وقد جاء في التلمود أنّه مؤلف من سبعة منازل بعضها فوق بعض، تسيطر في جميعها نار قوتها في كل منزلة تزداد ستة أضعاف عن المنزلة التي فوقها، وعلاوة على النار هناك أهوال مختلفة: قاعات مظلمة تعج فيها العقارب وأخرى يضطر فيها المعذب الى التهام أعضائه)[15].

ويقول دكتور غالي: (ان حالة كل البشر ومصير كل البشر في العهد القديم هو الهاوية أي الجحيم في انتظار الخلاص ولهذا لم يتكلم كثيرا العهد القديم عن الملكوت ولكن تكلم عن رجاء الخلاص والخروج من الهاوية)[16]. ثم يقول: (وجود الاباء وكل من رقد على الرجاء في الهاوية هذا ليس ايمان كنيسه فقط ولكنه فكر كتابي واضح جدا فمثلا: سفر التكوين (37: 35): (فقام جميع بنيه وجميع بناته ليعزوه، فأبى أن يتعزى وقال: «إني أنزل إلى ابني نائحا إلى الهاوية». وبكى عليه أبوه). فيعقوب يقول انزل الي ابني الي الهاوية سفر التكوين (42: 38): (فقال: «لا ينزل ابني معكم، لأن أخاه قد مات، وهو وحده باق. فإن أصابته أذية في الطريق التي تذهبون فيها تنزلون شيبتي بحزن إلى الهاوية»). سفر الملوك الأول (2: 6): (فافعل حسب حكمتك ولا تدع شيبته تنحدر بسلام إلى الهاوية). سفر هوشع (13: 14): (من يد الهاوية أفديهم. من الموت أخلصهم. أين أوباؤك يا موت؟ أين شوكتك يا هاوية؟ تختفي الندامة عن عيني)[17].

يتضح مما سبق نقله ان فكرة جهنم تدرّجت في ظهورها في نصوص التراث اليهودي، ولا توجد إشارة في العهد القديم (التناخ[18]) ان جهنم هي في وادي ابن هنّوم قرب اورشليم. ولذلك فمن غير المعقول أن يتحدث المسيح عن جيينّا أو جيهينّا ويقصد المنطقة خارج اورشليم!

جهنّم في التلمود اليهودي: ينبغي اولاً ان نذكر بعض الملاحظات المهمة حول التلمود وأهمها ما يتعلّق بزمن كتابة التلمود، حيث يقول الدكتور فكري جواد عبد: (وظلت مسألة تحديد زمن كتابة التلمود مسألة غير متفق عليها حيث لم تتفق الآراء لحد الآن على زمن كتابته، الا أن الراجح أن الفقهاء والحاخامات اليهود لم يُألِّفوه في عصر واحد، وإنما قاموا بتأليفه جيلاً بعد جيل في عصور متباينة تجمعها وحدة الفكر والعقيدة، إذ جرت عليه في كل جيل تعديلات تلائم خصائص العصور وميزاتها وتطوراتها الى أن أدت هذه الزيادات في نهاية الأمر الى الخلل الظاهر والتناقض في بعض أجزائه، فمنعوا الاضافة إليه واصدروا الفتاوى بتحريمها. والتلمود ليس تلموداً واحداً وإنما هو تلمودان، التلمود الفلسطيني والتلمود البابلي)[19]. ويقول الحاخام إبراهام كوهن: (نشر “دافيد بومبرغ” النسخة الأولى الكاملة من التلمودين في وضعهما الحالي في البندين. نسخة التلمود البالي بين أعوام 1520-1523، والفلسطيني بين عامي 1523 و1524)[20]. اما بخصوص مخطوطات التلمود فيُقال أنَّه قد “بدأت عملية التنظيم المنهجي للتلمود قبل أن يظهر في صيغته النهائية في بداية القرن السادس الميلادي بعدة أجيال. وتعود أقدم المخطوطات القائمة اليوم من التلمود إلى القرن التاسع”[21]. ويقول د.محمد عبد الرحمن عريف[22]: (لقد طبعت بعض فصول تلمود بابل سنة 1484، إلا أن الطبعة الكاملة نشرت في البندقية فيما بين 1520 و1523. أما نسخة بازل، وطبعة أمستردام (1644 – 1648م) فلم تشوها كثيراً رغم خضوعهما للرقابة. والطبعة المعتمدة هي طبعة روما المنشورة في فيلنا سنة 1886 في عشرين مجلداً. وأحسن طبعة لتلمود بابل نشرها ستراك سنة 1912 عن نسخة أعدت في ميونيخ في أواسط القرن الرابع عشر. ويقول محرر دائرة المعارف اليهودية العامة: “إن أحد أهم الأسباب لعدم بقاء مخطوط كامل لـ(تلمود بابل) هو التعصب الديني المغالي للمسيحية في العصور الوسطى، الذي دفع الكثيرين الى إشعال النيران – أحياناً – في العربات المحمّلة بالتلمود المطبوع أو المخطوط”. كذلك فإن أول ترجمة كاملة لـ “تلمود بابل” نشرتها مطبعة سونكينو في لندن. وقد ترجم أبراهام كوهين كتاب “براخوت” إلى الإنجليزية سنة 1921. وظهرت كتب عدة تتناول ملخص تلمود بابل باللغات: اللاتينية والفرنسية والروسية والإيطالية واليديش، ولغات أخرى. وتقول دائرة المعارف اليهودية العامة: كل الطبعات الجديدة لـ”تلمود بابل” تشمل رسائل صغيرة عديدة أضيفت في آخر البحث الرابع (نيزيكين). وتلمود بابل يشمل 2500000 كلمة تقريباً، منها ثلاثون في المائة عن “الهاجاداه” أي القصص، والباقي “هلاكاه”، أي الأحكام)[23]. ويجدر ان نعرف انه ليس ما ورد في التلمود مقبول تأريخياً، فعلى سبيل المثال يبين الحاخام ابراهام كوهن انَّ هناك في التلمود ما هو “ليس صحيحاً تماماً” من قبيل جعل يهوذا بن شمعون بن غامايال المولود 135م تلميذا لأكيبا بن جوزيف المقتول سنة 132م[24]. وما قدمناه بخصوص زمن كتابة التلمود هو لبيان ان ورود لفظ (جهنَّم) فيه لا يبعد أنَّه لكون كاتب النص التلمودي كان متأثراً بالاسلام أو حتى بالمسيحية خصوصاً تأثره بالرأي المذكور فيها والقائل ان لفظ (جهنّم) ماخوذ من وادي هنّوم[25] (جي-هنّوم)! ويكشف الحاخام ابراهام كوهن (1887-1957)م ان هناك معتقداً يهودياً بأنَّ لجهنم ثلاثة أبواب احدها في الصحراء والثاني في البحر والثالث في وادي ابن هنّوم، يقول: (ما يقوله التلمود عن وجود أبواب جهنم. أبواب جهنم ثلاثة: احدهما في الصحراء والثاني في البحر والثالث في أورشليم. وبحسب تقليد آخر في وادي “بن هينّوم”، حيث يقع وسط نخلتين يتصاعد منه الدخان. هذا هو مدخل جهنم)[26]. وهذا يعني أنَّه من الممكن أن يستخدم أسم “وادي ابن هنّوم” استخداماً رمزياً كبابٍ للدخول في دار العقاب الأخروي (الجحيم أو الهاوية) من حيث أن باب الجحيم أو الهاوية تقع في ذلك الوادي! غير إننا لا نعلم هل إنَّ هذا المعتقد اليهودي نشأ قبل الإسلام أم بعده، لأنه لا يوجد لدينا مصدر يبين أن هذا المعتقد قديم في اليهودية ولا سيما أن الجحيم أو الهاوية في الفكر اليهودي هي عبارة عن وادي، وإنما جاء الإسلام بتعبير أنَّ لجهنّم أبواب كما في قوله تعالى في سورة الحجر: ((وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (43) لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ)). فالظاهر ان هذه الفكرة اليهودية الخاصة بأبواب جهنَّم متأثرة بالاسلام.

غير ان كوهن وهو يتحدث عن اسماء “جهنم” في اليهودية قال: )لقد اكتشفت في التورا سلسلة كاملة من الأسماء الدالة كما يُعتقد على مكان القصاص. تنطبق على جهنم سبعة أسماء: جوف [فصلى يونان الى الرب من جوف الحوت] (يونان 2:2) “أبادّون” (الخراب)، “فساد”، “هوة مرعبة”، “طين كريه”، “ظل الموت”، “عالم سفلي”، التعبير الأخيرهو تقليد عاد. ألا توجد أسماء أخرى أيضاً؟ يوجد مثلاً “جهنم جي”[27] التي تدل على واد سحيق حيث ينزل إليه الجميع بسبب شهواتهم وأطماعهم، و”توفت” [لأن توفَتَ مُعدّة من الأمس مهيأة للملك عقيمة واسعة ملؤها نار وحطب كثير ونسمة الرب كسيل من كبريت تضرمها] (إشعياء 33:30) سُمّيت هكذا لأنه يسقط فيها كل من يضيع بسبب أهوائه). استعمال فعل “النزول” “الهبوط” المطبق للدخول الى جهنم ينطبق على الاعتقاد الجماعي الذي يحدد هذه الإقامة تحت الأرض. بيد أنه يوجد تحديد آخر لمكان وجوده. “جهنم هي فوق قبة السماء”)[28]. فجعل من مفردة (الجوف) أسماً للجحيم، وكذلك ذكر اسم (جهنّم جي) أي (وادي جهنّم)، والظاهر انه ارتجل هذا النص بدون تمحيص، وإلا فإن عبارة سفر يونان (2:2) لا تتحدث عن دار العقاب الأخروي لكي يقال ان اسمه (الجوف)، وكذلك بالنسبة لأسم (جهنم جي) حيث يقولون ان مفردة (جي) هي جزء من اسم (جهنم) أي (جي-هنّوم) ولكنه التبس عليه الأمر فيما يبدو! وهو لم يذكر أي مصدر من الاسفار اليهودية ورد فيها اسم (جهنم) كإسم لدار العقاب الأخروي لأنه لا يوجد ذلك على الإطلاق. ومما يدل على ان الحاخام كوهن ارتجل هذا النص دون تمحيص هو انه جعل اسماء جهنم في الاسفار اليهودية التالي: جوف، الخراب، فساد، هوة مرعبة، طين كريه، ظل الموت، عالم سفلي، جهنم جي! ولكنه لم يذكر اسماء أخرى – سنذكر بعد قليل موضعها في الاسفار اليهودية – من قبيل: الجحيم، الهاوية، النار التي لا تطفأ، أرض الظلام، كومة نار وحطب مشتعلة بنفخة الرب.

بين جهنّم والجحيم في الفكر المسيحي: في الفكر المسيحي الآرثوذكسي ليس الجحيم مرادفاً لجهنّم، وعندهم تكون وظيفة الجحيم مختلفة فيما قبل صلب يسوع بحسب عقيدتهم، وبعد صلبه المزعوم! ففي (قاموس الكتاب المقدس | دائرة المعارف الكتابية المسيحية) نقرأ: (ينبغي أولًا التفرقة بين الجحيم وجهنم، فالجحيم كان هو مقر انتظار جميع البشر (أشرار وأبرار) بعد الموت، في انتظار المجيء الثاني والدينونة.. وبعد موت السيد المسيح نزل إلى الجحيم، وردَّ آدم وبنيه الأبرار إلى الفردوس.. وأصبح لاحقًا وحتى اليوم ونهاية العالم الجحيم هو مقر انتظار الموتى الأشرار فقط. أما مقر الأبرار بعد الموت فقد أصبح في الفردوس. وبعد الدينونة والحساب الأخير، ينتقل الأشرار إلى جهنم للعذاب الأبدي، والأبرار إلى الملكوت مع الله)[29]. فالجحيم عندهم مكان يذهب إليه جميع الموتى، وأما جهنّم فيذهي اليها من يعاقبه الله سبحانه بالنار والعذاب. المسيح يذهب الى الجحيم قبل قيامته: جاء في كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية: (632ـ إثباتات العهد الجديد الكثيرة التي أوردت أن يسوع “قام من الموتى” (1 كو 15 :20) تعني أن يسوع، قبل القيامة، أقام في مقر الأموات هذا هو المعنى الأول الذي أعطته الكرازة الرسولية لإنحدار يسوع إلى الجحيم: يسوع عرف الموت كسائر البشر والتحق بهم بنفسه في مقر الأموات. إلا أنه انحدر مخلصا، معلنا البشرى للنفوس التي كانت محتجزة فيه. 633 ـ مقر الأموات الذي انحدر إليه المسيح يدعوه الكتاب المقدس بالجحيم “الشيول أو الهداس” لأن الموجودين فيه محرومون من رؤية الله تلك حال جميع الأموات في انتظار الفادى، سواء كانوا أشرار أو أبرارا، وهذا لا يعنى أن مصيرهم واحدا، كما يبين ذلك يسوع في مثل لعازر المسكين الذي استقبل في “أحضان إبراهيم” “هذه النفوس القديسة التي كانت تنتظر المحرر في أحضان إبراهيم، هي التي اعتقها يسوع المسيح عندما انحدر إلى الجحيم” لم ينحدر يسوع إلى الجحيم لإنقاذ الهالكين، ولا للقضاء على جهنم الهلاك، بل لإعتاق الأبرار الذين سبقوا مجيئه .[30]( وهذه الفكرة، أي تواجد المسيح في الجحيم بعد موته وقبل قيامته التي يفترضون حدوثها، تثير إشكالات عديدة، ابرزها: أنَّه في عقيدة جميع المسيحيين بإختلاف مذاهبهم يكون المسيح له طبيعتان لاهوتية وناسوتية وانهما لا تنفصلان على الإطلاق ولا تمتزجان أيضاً! فإذا كان المسيح قد ذهب الى الجحيم بناسوته بعد موته على الصليب، فهذا يعني ان لاهوته أيضاً قد دخل الجحيم وبقي هناك من ليلة السبت الى فجر الاحد! فماذا يفعل لاهوت المسيح في الجحيم؟! وهل ترك المسيح شؤونه اللاهوتية وهو في الجحيم؟! ومن هو القيّوم على المخلوقات هل هي وظيفة الأب “الأقنوم الأول” دون الأقنوم الثاني وكيف يكون ذلك إذا كان المسيح هو الخالق بحسب عقيدتهم!؟! يقول القمص صليب حكيم: (أن الله مات بمعنى ولم يمت بمعنى آخر. فهو لم يمت بلاهوته ولكن انطبق عليه وضع الموت لاتحاده بجسد بشرى ذاق به الموت)[31]. ويقول تعليم مسيحي: (وهذه الطبيعة البشرية هي التي ماتت على الصليب. انفصلت فيها الروح عن الجسد، ولكن اللاهوت ظل متحدا بالروح، ومتحدًا بالجسد، وهو حي لا يموت. ….. ولأننا لا نفصل الطبيعتين، نسب الموت إلى المسيح كله. فالإنسان مثلا يأكل ويشرب. الجسد هو الذي يأكل، وليس الروح. والجسد هو الذي يشرب، وليس الروح. ومع ذلك نقول إن الإنسان هو الذي أكل وشرب، ولا نقول بالتحديد إن جسد الإنسان قد أكل. كذلك في الموت: روح الإنسان لا تموت بل تبقى حية بعد الموت[32]. ولكن الجسد هو الذي يموت بانفصاله عن الروح. ولا نقول إن جسد الإنسان وحده قد مات، بل نقول إن الإنسان قد مات (بانفصال روحه عن جسده). وكذلك في القيامة. إنها قيامة الجسد، لأن الروح لم تمت حتى تقوم. ومع ذلك نقول إن الإنسان قام من الأموات. الطبيعة البشرية -المتحدة بالإلهية- هي التي ماتت. ولكن طبيعة الله لا تموت. لو كان المسيح إلها فقط، غير متحد بطبيعة بشرية، فإن الموت كان خاصا بها. ونفس الوضع نقوله عن باقي النقاط. الله لا ينام، ونقول عنه في المزمور إنه “لا ينعس ولا ينام” (مز 120). و لكنه نام بطبيعته البشرية.. إلخ. ولكن طبيعته البشرية كانت متحدة بلاهوته اتحادًا كاملًا. فنسب ذلك أكل وشرب بطبيعته البشرية، تألم وتع[33] بطبيعته البشرية.. إلخ. ولكن طبيعته البشرية كانت متحدة بلاهوته اتحادًا كاملًا. أما عن عبارة “بكى يسوع” وباقي المشاعر البشرية. فنقول إن الطبيعة البشرية التي اتحد بها، كانت تشابهنا في كل شيء ما عدا الخطية. فلو كان بلا مشاعر، ما كان إنسانًا. ….. وهو سمى نفسه “ابن الإنسان” لأنه أخذ طبيعة الإنسان في كل شيء، ماعدا الميل إلى الخطية)[34]. هذا التعليم المسيحي يولِّد في ذهن المتلقي أنَّ للمسيح شخصيتين الاولى إلهية والثانية إنسانية، وهاتان الشخصيتان ليستا فقط (طبيعتان) كما تفهمها بعض المذاهب المسيحية (الآرثوذكسية والكاثوليكية والبروتستانتية) ، إذ هناك مذهب مسيحي آخر اعتبر هاتين الشخصيتين هما اقنومان أيضاً، كما إنّ للإله ثلاث شخصيات يسمونها ثلاث أقانيم، فمن يقبل ان يكون للإله ثلاثة شخصيات يسميها ثلاثة أقانيم لماذا لا يقبل أن يكون للمسيح أقنومان بعد ان يعترف ان له شخصيتين لاهوتية وناسوتية؟ فهؤلاء هم النساطرة يقولون أنَّ للمسيح أقنومين، وقد حكم عليهم الكاثوليك والآرثوذكس والبروتستانت بالهرطقة أي بالكفر لمجرّد أن هؤلاء الأخيرين لا يقبلون أن يطلقوا على شخصيتي المسيح أسم أقنومين كما يفعل النساطرة وإنما يفضلون أن يسمونهما طبيعتين!! وهذه الخلافات التي قد نجدها سطحية ويمكن للأجيال المسيحية الحالية تجاوزها طلباً للوحدة الدينية كما هي دعوات بعض المبشرين المسيحيين اليوم، تكشف عن طبيعة العقلية التي كانت تحكم البابوات والبطاركة والقساوسة والرهبان في العصور الماضية طيلة عشرين قرناً وفي مختلف مذاهبهم المتصارعة فيما بينها صراعاً فكرياً وتعصباً إجتماعياً وحتى الغزو والقتال وإقامة محاكم التفتيش ضد بعضهم البعض في احيان كثيرة! فأين هو “أقنوم الروح القدس” الذي زعموا أنه سيعزيهم ويقويهم ويرشدهم الى طريق الصواب[35]!!

جهنّم في المسيحية: وجاء أيضاً في كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية: (4– جهنم: 1033- لا نستطيع ان نتحد بالله ما لم نختر بحرية ان نحبة ولكننا لا نستطيع ان نحب الله ونحن نرتكب خطايا ثقيلة ضد قريبنا او ضد انفسنا من لا يحب يثبت في الموت كل من يبغض اخاه فهو قاتل وتعلمون ان كل قاتل ليست له الحياة االبدية ثابتة فيه (1 يو 3 :14 – 15) ويحذرنا الرب اننا سنفصل عنه ان اهملنا لقاء الاحتياجات الخطيرة لدى الفقراء والاصاغر الذين هم اخوته الموت في الخطيئة المميتة دون التوبة عنها ودون تقبل محبة الله الرحيمة يعنى البقاء منفصلا عنه علي الدوام باختيارنا الحر وتلك الحالة من الاقصاء الذاتي عن الشركة مع الله ومع الطوبايين هي ما يدل علية بلفظة جهنم. 1034- يتكلم يسوع مرارا على جهنم النار التي لا تطفا المعدة للذين يرفضون حتى نهاية حياتهم ان يؤمنوا ويرتدوا وحيث يمكن ان يهلك النفس والجسد معا وينبئ يسوع بالفاظ خطيرة انه سوف يرسل ملائكته فيجمعون كل فاعلي الاثم ويلقونهم في اتون النار (متى 13 :41 -42) وانه سيعلن الحكم اذهبوا عني يا ملاعين الى النار الابدية (متى 25: 41). 1035- يؤكد تعليم الكنيسة وجود جهنم وابديتها ان نفوس الذين يموتون في حالة الخطيئة المميتة تهبط علي الفور بعد موتها الي الجحيم حيث تقاسي عذابات جهنم النار الابدية ويقوم عذاب جهنم الرئيسي في الانفصال الابدي عن الله الذي فيه وحده يستطيع الانسان الحصول على الحياة والسعادة اللذين خلق لاجلهما واليهما يتوق. 1036- ان تاكيدات الكتاب المقدس وتعاليم الكنيسة في موضوع جهنم هي دعوة الى المسؤولية التي يتوجب على الانسان ان يستخدم فيها حريته في سبيل مصيره الابدي وهي في الوقت عينه دعوة الى التوبة ادخلوا من الباب الضيق فانه واسع الباب ورحبه الطريق التي تؤدي الي الهلاك وكثيرون هم الذين ينتهجونها ما اضيق الباب وما احرج الطريق التي تؤدي الى الحياة وقليلون هم الذين يجدونها. متى (7: 13-14) اذ نجهل اليوم والساعة ينبغي عمال بوصية الرب ان نظل دوما متيقظين لكي يتاح لنا اذا ما انسلخ مجري حياتنا الارضية علي غير رجعة ان نقبل معه في العرس فنكون في عداد مباركي الله لا كالعبيد لاشرار الكسولين المفصولين عن الله للنار الابدية والظلمة في الخارج حيث يكون البكاء وصريف الاسنان. 1037- لا يحدد الله مسبقا مصير احد في جهنم بل هي لمن يكرة الله بملء ارادته (الخطيئة المميتة) ويثبت في هذا الكره حتى النهاية والكنيسة في الليترجيا الافخارستية وصلوات مؤمنيها اليومية تلتمس رحمة الله الذي لا يريد ان يهلك احد بل ان يقبل الجميع الى التوبة (2 بط 3: 9) هذه هي التقدمة التي نقربها لك نحن عبيدك وعائاتك كلها فاقبلها بعطفك اجعل السلام في حياتنا وانتشلنا من الهالك الابدي واقبلنا في عداد مختاريك)[36]. ثم يقول في موضع آخر: (1056ـ تتبعا لمثل المسيح، تحذر الكنيسة المؤمنين من تلك الحقيقة المحزنة والمؤسفة حقيقة الموت الابدي، المدعو أيضا “جهنم”. 1057 ـ يقوم عذاب جهنم الرئيسي فى الإنفصال الأبدي عن الله الذي فيه وحده يستطيع الانسان الحصول على الحياة والسعادة اللذين خلق لأجلهما وإليهما يتوق. 1058 ـ تصلي الكنيسة لكى لا يهلك أحد: “يارب، لا تسمح ان أنفصل أبدا عنك”. إن صح أن احدا لا يستطيع أن يخلص بنفسه، فصحيح أيضا أن “الله يريد ان جميع الناس يخلصون” (1 تي 2: 4) وأن “كل شىء ممكن” (متى 22:19) لديه. 2317 ـ “تؤمن الكنيسة المقدسة الرومانية وتعترف اعترافا ثابتا أن جميع الناس سوف يظهرون فى يوم الدينونة باجسادهم الخاصة أمام منبر المسيح، ليؤدوا حسابا عن أعمالهم”)[37].

وعن (جهنّم) نقرأ في (قاموس الكتاب المقدس | دائرة المعارف الكتابية المسيحية): (هي اللفظة الآرامية الكلمة العبرية “جهنوم” (وادي هنوم), وهذا التعبير الأخير يندر استخدامه في العهد القديم، لان الاسم الغالب هو “وادي بن هنوم” وليس ثمة أساس لافتراض أن “هنوم” هو شي آخر غير اسم علم، رغم ما يزعمه البعض من انه محرف عن اسم أحد الأوثان. ويظهر اسم “جهنم” في العهد الجديد 13 مرة (مت 5 : 22 و29 و30، 10: 28، 18: 9، 33: 15 و33 مرقس 9: 43 و45 و47 لو 12: 5 يع 3: 6 2بط 2: 4) وفي كل هذه المواضع تدل الكلمة على مكان العقاب الابدي للإشرار بالارتباط مع الدينونة النهائية. وترتبط جهنم بالنار كوسيلة العذاب فيها، وفيها يلقى الجسد والنفس معا. ….. ويجب عدم تفسير هذا على أساس أن العهد الجديد يتكلم مجازيا عن الحالة بعد الموت , فيما يتلعق بالجسد لانه باستمرار يفترض القيامة مسبقا. وقد أصبح ” وادي بن هنوم ” الاسم المميز لمكان العقاب النهائي لسببين: أولًا: لان ذلك الوادي كان مركزا لعبادة الوثن “مولك” الذي كانوا يقدمون أولادهم طعامًا للنار كمحرقات له (2 اخ 28: 3، 33: 6)[38]. ثانيًا: من اجل هذه الممارسات نجس الملك يوشيا ذلك المكان لكي لا يعبر أحد ابنه أو ابنته في النار لمولك” (2 مل 23: 10). ثم أصبح في النهاية مرتبطا في النبوات بالدينونة الآتية على الناس حتى انه سيسمى “وَادِي الْقَتْلِ” (إرميا 7: 32). كما أن حقيقة أن نفايات المدينة وجثث المجرمين بعد إعدامهم كانت تلقى هناك ثم تحرق قد ساعدت على جعل الاسم مرادفا لأفظع صور النجاسة. ولا يعلم طبوغرافيا موقع “وادي بن هنوم” فيقول البعض انه المنخفض الواقع في الجانب الجنوبي الغربي من أورشليم والمعروف بوادي الربابة ويقول آخرون انه الوادي الأوسط , ويرى غيرهم انه الوادي الشرقي)[39]. أنتهى.

وعن (الجَحِيم) نقرأ في (قاموس الكتاب المقدس | دائرة المعارف الكتابية المسيحية): (ينبغي أولًا التفرقة بين الجحيم وجهنم، فالجحيم كان هو مقر انتظار جميع البشر (أشرار وأبرار) بعد الموت، في انتظار المجيء الثاني والدينونة.. وبعد موت السيد المسيح نزل إلى الجحيم، وردَّ آدم وبنيه الأبرار إلى الفردوس.. وأصبح لاحقًا وحتى اليوم ونهاية العالم الجحيم هو مقر انتظار الموتى الأشرار فقط. أما مقر الأبرار بعد الموت فقد أصبح في الفردوس. وبعد الدينونة والحساب الأخير، ينتقل الأشرار إلى جهنم للعذاب الأبدي، والأبرار إلى الملكوت مع الله. وكلمة الجحيم يُقصَد بها معنيان:- (1) أو الهاوية، وكان هو مقر جميع الموتى. وهي ترجمة للكلمة العبرية شئول والكلمة اليونانية هاديس ᾍδης وقد فهم العبرانيون هذه الكلمة تارة كأنها قبر أو موت. وقد صورّ كتّاب الأسفار الجحيم كأنه مكان تحت الأرض (عد 16: 20 – 33 وحز 31: 14 – 17 وعا 9: 2) وله أبواب (اش 38: 10) وهو مكان مظلم مخيف سكانه يشعرون وكأنهم في وجود بليد جامد (2 صم 22: 6 ومز 6: 5) تذهب إليه نفوس الجميع (تك 37: 35)، ولا يمكن العودة منه إلى الأرض (1 صم 28: 8 – 19 وتث 11: 6)، (إلا بأمر الله نفسه وبهدف محدد كما ظهر موسى وإيليا على جبل التجلي مع المسيح)، وهو مكان عريان أمام الله (أي 26: 6). ويقول المرنم ان الله هناك (مز 139: 8) وان أرواح شعبه وحالتهم في ذلك المكان كانت تحت عينيه الساهرة. وهذا التعليم عن معرفة الله لشعبه بعد الموت وحضوره معهم ومحبته الدائمة لهم اشتمل على الغبطة للأبرار والويل للأشرار بعد الموت. وأصبح لهم مقران: الأبرار يكونون مع الرب، والأشرار يبعدون عن وجهه. وهذا التعليم أيضًا يتصل بتعليم قيامة الجسد والحياة الأبدية والمجد العتيد. وهذه كلها يذكرها العهد القديم كما في (أيوب 19: 25-27 ومز 16: 8-11 … إلخ. ودا 12: 2 و3). ويوجد أساس أيضًا لهذه التعاليم في انتقال أخنوخ واختطاف إيليا أما المسيح فقد أوضح كل الغموض حول هذه التعاليم لأنه أنار الخلود (2 تي 1: 10 ويو 14: 1 – 3 وفيلبي 1: 23). (2) ويوجد معنى ثان مأخوذ من اللفظ اليوناني جيئنه (متى 5: 22 و29 و30 ومرقس 9: 47 ولوقا 12: 5 ويعقوب 3: 6) وهذا بدوره مأخوذ من الكلمة العبرية جيهنوم أو وادي هنوم حيث كان يحرق الأطفال لمولك. …… ومن هذا العمل كان يشار إليه كرمز للخطية والويل حتى صار الاسم إشارة إلى مكان القصاص الأبدي (متى 18: 8 و9 ومرقس 9: 43) وأشار إليه بطرس في رسالته الثانية (2 بط 2: 4) بالطرح في جهنم. كما أن للكلمة جهنم اسمًا آخر عند الرومان والإغريق وهو كلمة ترتاروس مقر الويل وهو أسفل الهاوية)[40]. أنتهى

وقال الأنبا بيشوي: (كلمة “جهنم”هي كلمة عبرية أصلها “جيهِنوم” أي “وادي هنوم”وهو وادٍ عميق ضيق يقع في جنوب أورشليم حيث قدم اليهود أولادهم للإله مولك على نحو ما فعل الوثنيون، ولذلك أمر الملك يوشيا “لكي لا يعبر أحد ابنه أو ابنته في النار لمولك” (2مل23: 10). كان تمثال الإله مولك النحاسي المجوف يتم إيقاد النار بداخله حتى يحمى معدنه إلى درجة الاحمرار. ثم يقدم الآباء أبناءهم كضحايا للإله مولك، فيضع الكهنة الوثنيون الأطفال الصغار على يدي التمثال المحمية بالنار مع عمل أصوات طبول وأصوات صراخ الكهنة أو أناشيد عبادتهم الوثنية للتغطية على صوت صراخ الأطفال الذين تشويهم نار ذراعي الإله مولك بصورة بشعة. وهكذا نرى كيف استعبد الشيطان البشر وماذا يفعل الإنسان بغواية إبليس حينما يفقد إنسانيته. ولقد أصبح هذا الوادي بعد ذلك هو المكان المرفوض من المدينة وفيه كانت تُلقى أجساد المجرمين[41]، وجثث الحيوانات، وجميع أنواع القاذورات التي يرعى فيها الدود وتشتعل فيها النار[42]. وبسبب عمقه وضيقه والنار والدخان المتصاعد منه، صار رمزًا لمكان عقاب الأشرار في المستقبل. وحيث إن النار[43] كانت تميِّز المكان لذلك دُعي نار جهنم. ولقد وردت كلمة جهنم في العهد الجديد إحدى عشرة مرة وذلك في أناجيل متى ومرقس ولوقا وفي رسالة يعقوب الرسول وفي رسالة بطرس الرسول الثانية. فقد قال السيد المسيح: “من قال (لأخيه) يا أحمق يكون مستوجب نار جهنم” (مت5: 22). “إن كانت عينك اليمنى تعثرك فاقلعها وألقها عنك. لأنه خير لك أن يهلك أحد أعضائك ولا يُلقى جسدك كله في جهنم. وإن كانت يدك اليمنى تعثرك فاقطعها وألقها عنك. لأنه خير لك أن يهلك أحد أعضائك ولا يلقى جسدك كله في جهنم” (مت5: 29، 30). كما قال: “لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ولكن النفس لا يقدرون أن يقتلوها. بل خافوا بالحري من الذي يقدر أن يهلك النفس والجسد كليهما في جهنم” (مت10: 28). وبذلك أوضح السيد المسيح أن عذاب جهنم سوف يشمل الجسد والروح معًا بقوله “كليهما في جهنم”ووبّخ السيد المسيح الكتبة والفريسيين قائلًا: “ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تطوفون البحر والبر لتكسبوا دخيلًا واحدًا. ومتى حصل تصنعونه ابنًا لجهنم أكثر منكم مضاعفًا” (مت 23: 15). وكذلك قال لهم: “أيها الحيات أولاد الأفاعي كيف تهربون من دينونة جهنم؟” (مت23: 33). جهنم النار الأبدية: أوضح السيد المسيح أن في جهنم سوف تكون النار الأبدية حيث الدود الذي لا يموت والنار التي لا تطفأ مثلما كان الحال في وادي هنوم (جيهِنوم)[44] فقال: “خير لك أن تدخل الحياة أقطع من أن تكون لك يدان وتمضي إلى جهنم إلى النار التي لا تطفأ. حيث دودهم لا يموت والنار لا تطفأ” (مر9: 43،44). وشرح يوحنا الرسول في سفر الرؤيا عذاب الذين يسجدون للوحش ويخضعون لسلطان إبليس فقال “إن كان أحد يسجد للوحش ولصورته ويقبل سمته على جبهته أو على يده، فهو أيضًا سيشرب من خمر غضب الله المصبوب صرفًا في كأس غضبه ويعذَب بنار وكبريت أمام الملائكة القديسين وأمام الخروف. ويصعد دخان عذابهم إلى أبد الآبدين” (رؤ14: 9-11). وبهذا أوضح أن العذاب هو أبدي. وكتب أيضًا عن دينونة الوحش والنبي الكذاب “فقبض على الوحش والنبي الكذاب معه الصانع قدامه الآيات التي بها أضل الذين قَبِلوا سمة الوحش والذين سجدوا لصورته وطُرح الاثنان حيَّين إلى بحيرة النار المتقدة بالكبريت” (رؤ19: 20). وكتب عن دينونة الأموات في اليوم الأخير “ورأيت الأموات صغارًا وكبارًا واقفين أمام الله وانفتحت أسفار وانفتح سفر آخر هو سفر الحياة، ودين الأموات مما هو مكتوب في الأسفار بحسب أعمالهم، …… ، وسلّم البحر الأموات الذين فيه وسلّم الموت والهاوية الأموات الذين فيهما ودينوا كل واحد بحسب أعماله. وطرح الموت والهاوية في بحيرة النار. هذا هو الموت الثاني. وكل من لم يوجد مكتوبًا في سفر الحياة طُرح في بحيرة النار” (رؤ20: 12-15). وكتب عن أنواع الخطاة الذين سوف يذهبون إلى العذاب الأبدي فقال: “وأما الخائفون وغير المؤمنين والرجسون والقاتلون والزناة والسحرة وعبدة الأوثان وجميع الكذبة فنصيبهم في البحيرة المتقدة بنار وكبريت الذي هو الموت الثاني” (رؤ21: 8). وأوضح السيد المسيح أن العذاب سوف يكون في النار الأبدية المعدة لإبليس وللملائكة الأشرار “ثم يقول أيضًا للذين عن اليسار اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته” (مت25: 41). “فيمضي هؤلاء إلى عذاب أبدي” (مت25: 46))[45]. انتهى ولنا الملاحظات التالية على مجمل ما ورد في النصوص آنفاً: 1) الملك آحاز الذي اشاروا الى انه احرق ابناءه بالنار كما في سفر الاخبار الثاني (28: 3) قد عاش في القرن الثامن ق.م. حيث تولى السلطة سنة 735ق.م.[46]وفي ايامه غزا الاشوريون مملكة اسرائيل الشمالية. وكذلك فعل الملك منسى كما في سفر الاخبار الثاني (33: 6) وهو قد تولى السلطة سنة 697 ق.م أي القرن السابع ق.م. 2) الملك يوشيا الذي اشاروا اليه انه نجّس وادي ابن هنّوم لكي لا يعبر أحد ابنه أو ابنته في النار لمولك، كما في الملوك الثاني (23: 10)، قد تولى السلطة حوالي سنة 640 ق.م. 3) النبوءة في ارميا (7: 32) تتحدث عن تغيير اسم (وادي بن هنّوم) وانه سيصبح مقبرة، حيث تقول: (لذلك ها أيام تأتي، يقول الرب، ولا يسمى بعد توفة ولا وادي ابن هنوم، بل وادي القتل. ويدفنون في توفة حتى لا يكون موضع)، بينما علماء المسيحية يخالفون هذه النبوءة ويقولون ان اسم هذا الوادي (جي-هنّوم) استمر حتى ان اليهود ومن خلالهم المسيح اصبحوا يستخدمونه كرمز للعذاب! فمن نصدّق نبوءة ارميا النبي أم قساوسة المسيحيين!! علماً أنَّ أرميا اصبح نبياً حوالي سنة 627ق.م. 4) لم نعثر في الكتاب المقدس كله ما يؤيد هذا النص الذي اورده الأنبا بيشوي ونقلناه آنفاً: (وفيه كانت تُلقى أجساد المجرمين، وجثث الحيوانات، وجميع أنواع القاذورات التي يرعى فيها الدود وتشتعل فيها النار)! وهل المقصود أنها تلقى بدون دفن؟! أم المقصود انها كانت تدفن هناك وبذلك يكون وادي ابن هنّوم مجرد مقبرة للمجرمين! 5) لا يبيّن رجال الدين المسيحيين كيف ان النار كانت تبقى متقدّة في وادي ابن هنّوم؟! وما هو وقود هذه النار التي زعموا أنها كانت متقدة فيه؟! وإلّا فما هو الدليل على ان النار في وادي ابن هنّوم لم تكن تُطفأ؟! … إنهم يتحدثون عنها وكأنها قصة فنطازيّة! 6) نقلنا آنفاً إنَّ “قاموس الكتاب المقدس | دائرة المعارف الكتابية المسيحية” تذكر ورود أسم جهنم في العهد الجديد (13) مرّة، بينما الأنبا بيشوي يذكر ورودها (11) مرّة فقط! وهذا الإختلاف يعود لإعتماد احدهما على الطبعات الحديثة التي تتصَّف بالترجمة بالمعنى دون الترجمة الحرفية! وسنذكر بعد قليل ما يتعلق بورود مفردة (جهنم) في رسالة بطرس الثانية (4:2) ونبين أنها ليست مفردة أصيلة في هذا الموضع وإنما ذُكِرَتْ فيه بالمعنى وليس لكونها ترجمة حرفيّة! 7) من المواضيع التي اثارتها النصوص آنفأً، وهي ليست من صميم موضوع بحثنا هنا ولا بأس بالإشارة اليها للفائدة: تتحدث النصوص آنفاً إنَّ عذاب جهنم يكون من جهتين، العذاب الرئيسي هو بالانفصال عن الله تبارك وتعالى، وان النار هي وسيلة العذاب في جهنّم. بخلاف بعض المبشرين المسيحيين الذين يجحدون في محاضراتهم أن يكون هناك عذاب بالنار في جهنّم بإعتبار أن ذلك يتعارض مع كون “الله محبّة”! وهذا يبرز تناقضاً في التعاليم المسيحية الموجهة لعامة المسيحيين! وأيضاً تتحدّث النصوص آنفاً عن إنَّ العذاب في جهنّم يكون بالجسد والروح، بخلاف بعض النصوص المسيحية الأخرى التي تتحدّث عن إنَّ الانسان يتنعم في الآخرة بروحه فقط بدون وجود الجسد ولذلك فهو لا يحتاج الى ممارسة الجنس في النعيم، في محاولة منهم لمعارضة ما جاء به الاسلام من وجود نعمة الحور العين في الآخرة. فلماذا في الدين المسيحي يكون العذاب بالروح والجسد معاً بينما النعيم بالروح فقط!!

دار العقاب الأخروي في نصوص الأسفار اليهودية (العهد القديم): أبرز لفظ ورد في الأسفار اليهودية التي يسميها المسيحيون بالعهد القديم، فيما يخص المكان الذي يُعاقب فيع الانسان المسيء بعد موته، هو في العبرية لفظ (شاؤل ، שׁאל שׁאול ، she’ôl)، وفي اليونانية لفظ (هاديس ، ᾅδης ، hadēs)[47]. وهما بمعنى الهاوية أو الجحيم. و”استخدم لفظ هاديس كثيرا في الاسفار القانونية الثانية للعهد القديم تقريبا 23 مرة[48]. وفيما يلي بعض النصوص التي تتحدث عن دار العقاب الأخروي في الأسفار القانونية الأولى للعهد القديم (التناخ اليهودي) وهي وفقاً لترجمة (سميث-فاندايك) العربية: • سفر التكوين (37: 35): (فقام جميع بنيه وجميع بناته ليعزوه، فأبى أن يتعزى وقال: «إني أنزل إلى ابني نائحا إلى الهاوية». وبكى عليه أبوه). • سفر التكوين (42: 38): (فقال: «لا ينزل ابني معكم، لأن أخاه قد مات، وهو وحده باق. فإن أصابته أذية في الطريق التي تذهبون فيها تنزلون شيبتي بحزن إلى الهاوية»). • سفر العدد (16: 30): (ولكن ان ابتدع الرب بدعة و فتحت الارض فاها وابتلعتهم وكل ما لهم فهبطوا احياء الى الهاوية فتعلمون ان هؤلاء القوم قد ازدروا بالرب). • سفر التثنية (32: 22): (إنه قد اشتعلت نار بغضبي فتتقد إلى الهاوية السفلى، وتأكل الأرض وغلتها، وتحرق أسس الجبال). • سفر صموئيل الأول (2: 6): (الرب يميت ويحيي. يهبط إلى الهاوية ويصعد). • سفر الملوك الأول (2: 6): (فافعل حسب حكمتك ولا تدع شيبته تنحدر بسلام إلى الهاوية). • سفر هوشع (13: 14): (من يد الهاوية أفديهم. من الموت أخلصهم. أين أوباؤك يا موت؟ أين شوكتك يا هاوية؟ تختفي الندامة عن عيني) • سفر أيوب (10: 21و22): (قبل أن أذهب ولا أعود. إلى أرض ظلمة وظل الموت، أرض ظلام مثل دجى ظل الموت وبلا ترتيب، وإشراقها كالدجى). • سفر ايوب (11: 8): (هو أعلى من السماوات، فماذا عساك أن تفعل؟ أعمق من الهاوية، فماذا تدري؟). • سفر أيوب (15: 23): (تائه هو لأجل الخبز حيثما يجده، ويعلم أن يوم الظلمة مهيأ بين يديه). • سفر طوبيا (13: 2): (لأنك تجرح وتشفي وتحدر إلى الجحيم وتصعد منه، وليس من يفر من يدك). • سفر المزامير (6: 5): (لأنه ليس في الموت ذكرك. في الهاوية من يحمدك؟). • سفر المزامير (94: 17): (لولا أن الرب معيني، لسكنت نفسي سريعا أرض السكوت). • سفر أشعياء (14: 15): (لكنك انحدرت إلى الهاوية، إلى أسافل الجب). • سفر أشعياء (28 : 18): (ويمحى عهدكم مع الموت، ولا يثبت ميثاقكم مع الهاوية. السوط الجارف إذا عبر تكونون له للدوس). • سفر أشعياء (30: 33): (لأن «تفتة» مرتبة منذ الأمس، مهيأة هي أيضا للملك، عميقة واسعة، كومتها نار وحطب بكثرة. نفخة الرب كنهر كبريت توقدها). • سفر أشعياء (33: 14): (ارتعب في صهيون الخطاة. أخذت الرعدة المنافقين: «من منا يسكن في نار آكلة؟ من منا يسكن في وقائد أبدية؟»). • سفر أشعياء (42: 7و8): (لتفتح عيون العمي، لتخرج من الحبس المأسورين، من بيت السجن الجالسين في الظلمة. أنا الرب هذا اسمي، ومجدي لا أعطيه لآخر، ولا تسبيحي للمنحوتات). • سفر أشعياء (66: 15و16): (لأنه هوذا الرب بالنار يأتي، ومركباته كزوبعة ليرد بحمو غضبه، وزجره بلهيب نار. لأن الرب بالنار يعاقب وبسيفه على كل بشر، ويكثر قتلى الرب). • سفر اشعياء (24:66): (ويخرجون ويرون جثث الناس الذين عصوا علي، لأن دودهم لا يموت ونارهم لا تطفأ[49]، ويكونون رذالة لكل ذي جسد). • سفر دانيال (2:12): (وكثيرون من الراقدين في تراب الأرض يستيقظون، هؤلاء إلى الحياة الأبدية، وهؤلاء إلى العار للازدراء الأبدي). • سفر حزقيال (31: 16): (من صوت سقوطه أرجفت الأمم عند إنزالي إياه إلى الهاوية مع الهابطين في الجب، فتتعزى في الأرض السفلى كل أشجار عدن). • سفر حزقيال (32: 18): (يا ابن آدم، ولول على جمهور مصر، وأحدره هو وبنات الأمم العظيمة إلى الأرض السفلى مع الهابطين في الجب). • سفر هوشع (13: 14): (من يد الهاوية أفديهم. من الموت أخلصهم. أين أوباؤك يا موت؟ أين شوكتك يا هاوية؟ تختفي الندامة عن عيني).

وفي الأسفار القانونية الثانية نقرأ: • في سفر يشوع بن سيراخ (12:14): (اذكر أن الموت لا يبطئ. ألم يبلغك عهد الجحيم؟). • وأيضاً في سفر يشوع بن سيراخ (17:14): (قبل وفاتك اصنع البر؛ فإنه لا سبيل إلى التماس الطعام في الجحيم)[50].

هذه هي أبرز تعابير دار العذاب الأخروي التي وردت في العهد القديم بحسب الترجمات العربية المشار إليها آنفاً: الجحيم، الهاوية، النار التي لا تطفأ، الأرض السفلى، أرض الظلام، كومة نار وحطب مشتعلة بنفخة الرب.

دار العقاب الأخروي في الأسفار المسيحية: فيما يلي النصوص التي تتحدث عن دار العقاب الأخروي في الأسفار المسيحية (العهد الجديد): • في إنجيل متى (22:5): (وأما أنا فأقول لكم: إن كل من يغضب على أخيه باطلا يكون مستوجب الحكم، ومن قال لأخيه: رَقَا، يكون مستوجب المجمع، ومن قال: يا أحمق، يكون مستوجب نار جهنم). • في إنجيل متى (5: 29و30): (فإن كانت عينك اليمنى تُعثرك فاقلعها وألقها عنك، لأنه خير لك أن يهلك أحد أعضائك ولا يلقى جسدك كله في جهنم. وإن كانت يدك اليمنى تعثرك فاقطعها وألقها عنك، لأنه خير لك أن يهلك أحد أعضائك ولا يلقى جسدك كله في جهنم). • في انجيل متى (7: 13): (ادخلوا من الباب الضيق، لأنه واسع الباب ورحب الطريق الذي يؤدي إلى الهلاك، وكثيرون هم الذين يدخلون منه). • في إنجيل متى (8: 11و12): (وأقول لكم: إن كثيرين سيأتون من المشارق والمغارب ويتكئون مع إبراهيم وإسحاق ويعقوب في ملكوت السماوات، وأما بنو الملكوت فيطرحون إلى الظلمة الخارجية. هناك يكون البكاء وصرير الأسنان). • في انجيل متى (28:10): (ولا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ولكن النفس لا يقدرون أن يقتلوها، بل خافوا بالحري من الذي يقدر أن يهلك النفس والجسد كليهما في جهنم). • في إنجيل متى (13: 40-42): (فكما يجمع الزوان ويحرق بالنار، هكذا يكون في انقضاء هذا العالم: يرسل ابن الإنسان ملائكته فيجمعون من ملكوته جميع المعاثر وفاعلي الإثم، ويطرحونهم في أتون النار. هناك يكون البكاء وصرير الأسنان). • في إنجيل متى (13: 49و50): (هكذا يكون في انقضاء العالم: يخرج الملائكة ويفرزون الأشرار من بين الأبرار، ويطرحونهم في أتون النار. هناك يكون البكاء وصرير الأسنان). • في إنجيل متى (18:16): (وأنا أقول لك أيضا: أنت بطرس، وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي، وأبواب الجحيم لن تقوى عليها). • في إنجيل متى (18: 8و9): (فإن أعثرتك يدك أو رجلك فاقطعها وألقها عنك. خير لك أن تدخل الحياة أعرج أو أقطع من أن تلقى في النار الأبدية ولك يدان أو رجلان. وإن أعثرتك عينك فاقلعها وألقها عنك. خير لك أن تدخل الحياة أعور من أن تلقى في جهنم النار ولك عينان). • في إنجيل متى (25: 41-46): (ثم يقول أيضا للذين عن اليسار: اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته، لأني جعت فلم تطعموني. عطشت فلم تسقوني. كنت غريبا فلم تأووني. عريانا فلم تكسوني. مريضا ومحبوسا فلم تزوروني. حينئذ يجيبونه هم أيضا قائلين: يا رب، متى رأيناك جائعا أو عطشانا أو غريبا أو عريانا أو مريضا أو محبوسا ولم نخدمك؟ فيجيبهم قائلا: الحق أقول لكم: بما أنكم لم تفعلوه بأحد هؤلاء الأصاغر، فبي لم تفعلوا. فيمضي هؤلاء إلى عذاب أبدي والأبرار إلى حياة أبدية). • في إنجيل مرقس (9: 43-48): (وإن أعثرتك يدك فاقطعها. خير لك أن تدخل الحياة أقطع من أن تكون لك يدان وتمضي إلى جهنم، إلى النار التي لا تطفأ. حيث دودهم لا يموت والنار لا تطفأ. وإن أعثرتك رجلك فاقطعها. خير لك أن تدخل الحياة أعرج من أن تكون لك رجلان وتطرح في جهنم في النار التي لا تطفأ. حيث دودهم لا يموت والنار لا تطفأ. وإن أعثرتك عينك فاقلعها. خير لك أن تدخل ملكوت الله أعور من أن تكون لك عينان وتطرح في جهنم النار. حيث دودهم لا يموت والنار لا تطفأ). • في إنجيل لوقا (5:12): (بل أريكم ممن تخافون: خافوا من الذي بعدما يقتل، له سلطان أن يلقي في جهنم. نعم، أقول لكم: من هذا خافوا)! • في إنجيل لوقا (16: 23-25): (فرفع عينيه في الجحيم وهو في العذاب، ورأى إبراهيم من بعيد ولعازر في حضنه، فنادى وقال: يا أبي إبراهيم، ارحمني، وأرسل لعازر ليبل طرف إصبعه بماء ويبرد لساني، لأني معذب في هذا اللهيب. فقال إبراهيم: يا ابني، اذكر أنك استوفيت خيراتك في حياتك، وكذلك لعازر البلايا. والآن هو يتعزى وأنت تتعذب). • في رسالة بولس الثانية الى اهل تسالونيكي (1: 7و8): (وإياكم الذين تتضايقون راحة معنا، عند استعلان الرب يسوع من السماء مع ملائكة قوته، في نار لهيب، معطيا نقمة للذين لا يعرفون الله، والذين لا يطيعون إنجيل ربنا يسوع المسيح). • في الرسالة الى العبرانيين (10: 26و27): (فإنه إن أخطأنا باختيارنا بعدما أخذنا معرفة الحق، لا تبقى بعد ذبيحة عن الخطايا، بل قبول دينونة مخيف، وغيرة نار عتيدة أن تأكل المضادين). • في الرسالة الى العبرانيين (12: 29): (لأن «إلهنا نار آكلة»)[51]. • رسالة بطرس الثانية (4:2): (لأنه إن كان الله لم يشفق على ملائكة قد أخطأوا، بل في سلاسل الظلام طرحهم في جهنم[52]، وسلمهم محروسين للقضاء). • في رسالة يعقوب (3: 6): (فاللسان نار! عالم الإثم. هكذا جعل في أعضائنا اللسان، الذي يدنس الجسم كله، ويضرم دائرة الكون، ويضرم من جهنم). • في رؤيا يوحنا اللاهوتي (14: 9-11): (ثم تبعهما ملاك ثالث قائلا بصوت عظيم: «إن كان أحد يسجد للوحش ولصورته، ويقبل سمته على جبهته أو على يده، فهو أيضا سيشرب من خمر غضب الله، المصبوب صرفا في كأس غضبه، ويعذب بنار وكبريت أمام الملائكة القديسين وأمام الخروف. ويصعد دخان عذابهم إلى أبد الآبدين. ولا تكون راحة نهارا وليلا للذين يسجدون للوحش ولصورته ولكل من يقبل سمة اسمه). • في رؤيا يوحنا اللاهوتي (19: 20و21): (فقبض على الوحش والنبي الكذاب معه، الصانع قدامه الآيات التي بها أضل الذين قبلوا سمة الوحش والذين سجدوا لصورته. وطرح الاثنان حيين إلى بحيرة النار المتقدة بالكبريت. والباقون قتلوا بسيف الجالس على الفرس الخارج من فمه، وجميع الطيور شبعت من لحومهم). • في رؤيا يوحنا اللاهوتي (20: 10-15): (وإبليس الذي كان يضلهم طرح في بحيرة النار والكبريت، حيث الوحش والنبي الكذاب. وسيعذبون نهارا وليلا إلى أبد الآبدين. ثم رأيت عرشا عظيما أبيض، والجالس عليه، الذي من وجهه هربت الأرض والسماء، ولم يوجد لهما موضع! ورأيت الأموات صغارا وكبارا واقفين أمام الله، وانفتحت أسفار، وانفتح سفر آخر هو سفر الحياة، ودين الأموات مما هو مكتوب في الأسفار بحسب أعمالهم. وسلم البحر الأموات الذين فيه، وسلم الموت والهاوية الأموات الذين فيهما. ودينوا كل واحد بحسب أعماله. وطرح الموت والهاوية في بحيرة النار. هذا هو الموت الثاني. وكل من لم يوجد مكتوبا في سفر الحياة طرح في بحيرة النار). إذن هذه هي تعابير دار العذاب الأخروي التي وردت في الأسفار المسيحية: نار جهنم، جهنم، الجحيم، النار الأبدية، جهنم النار، عذاب أبدي، النار التي لا تطفأ، بحيرة النار والكبريت. والخلاف هو في أصل كلمة (جهنم) كما بيناه آنفاً. والتساؤل هو كيف برزت كلمة (جيهينّا بين تلك الكلمات التي تصف جميعها دار العقاب الأخروي!

_________________ الهوامش:

حسب ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

القبور في وادي هنوم وادي هنوم أو وادي أبناء هنوم أو جيهينا (من جهنم أو جحيم) (باليونانية: γέεννα)‏، (بالعبرية: גהנום أو גהנם)، (باليديشية: Gehinnam) هو مكان كان يقع بالقرب من مدينة أورشليم في الكتاب المقدس وكانت تقدم فيه ذبائح بشرية من الأطفال دون 3 سنوات من قبل الكنعانيين للآلهة الكنعانية مثل بعل ومولوخ وقد شبه هذا المكان بجهنم الموجودة في المعتقدات اليهودية والمسيحية والإسلامية لأن الكنعانيين كانوا يقدمون أطفالهم كقربان للآلهة على طبق من النار الملتهبة وقد وصفه الله في التوراة بأنها أبشع الخطايا أو الجرائم التي كان يقترفها الكنعانيين والتي بسببها حكم الله على الشعوب السبعة التي كانت متواجدة في أرض كنعان بالفناء. وبعد مجئ بني إسرائيل إلى أرضهم الموعودة مارس بعض منهم هذه الطقوس ومنهم الملك منسى ملك يهوذا وبسبب هذا حكم الله على شعب يهوذا بالسبي إلى بابل حسب ما ذكرت التوراة.

أصل الكلمة ذكر اسم جهنم لأول مرة في وصف قبائل يهودا وبنيامين وهو اسم وادٍ عميق في الحد الغربي من مدينة القدس القديمة.

وجدير بالذكر أن جي هنوم، بمعناها المألوف بأيامنا لم تظهر في التوراة بتاتاً، إنما ظهرت لاحقا، وكان اليهود سكان القدس بأيام الملكية في إسرائيل يتخذون من هذا الوادي منابرا لعبادة وثنية، وهي عبادة الإله الكنعاني مالوخ، وكانوا يضحون بأولادهم حديثي العهد ويحرقونهم بالنار، حتى أن بعض ملوك اليهود مارسوا هذه العادة، مما أغضب الأنبياء والملوك الآخرين فأطلقوا الاسم على المكان الذي سينتهي به هؤلاء الأشرار.

أما مصدر الكلمة هانوم فهو غريب عن العبرية والعربية، وجهنم גיהנום بالتوراة وردت في بسفر يشوع بصيغتي (جي-هنم) و(جي – بن هنم). كما وردت بالتوراة صيغة: (جيأ هنم). ولفظ (جي) بالعبرية يعني الوادي (الجواء)، و لفظ (هنوم) رجلاً نُسِبَ إليه الوادي، كما بصيغ: (جي بن هنم) ، (جيأ بن هنم). (جي بني هنم).

يتطابق العهد القديم والعهد الجديد للكتاب المقدس في وصف جهنم بما يلي:

جنهم كلمة عبرية لاسم وادي هنوم أو(جي هنوم) يقع شرقي اورشليم وخارج اسوار المدينة القديمة، وكان يطلق عليه قديما اسم وادي الموت حيث كان اليهود يلقون فيه النفايات وجثث الموتى من المجرمين وكذلك محرقة للاطفال الذين يقدمون كقرابين للاله مولوخ في ايام ملوك إسرائيل القدماء.

كانت جي هنوم أو(جهنم) بالعربية ذات رائحة نتنة يتصاعد منها ضباب ودخان الحرائق باستمرار، وهي موضع للنجاسة والقاذورات والجثث ونارها لهيب لاتنطفئ.

ثم استعمل أهل الكتاب لفظة جهنّم لعذاب ما بعد الموت، وذلك عندما اراد المسيح ان يصف قوة النار قال انها نار مثل تلك النار الرهيبة التي ترونها في وادي هنوم “جهنم” فذكر جهنم كان لتقريب الصورة لافراد رأوا الحدث ورأوا قوة النار؛ وثم ذكرت بالقرآن كما هي جهنم وهي أسم مركب كما في كلمة جبريل.