الرئيسية

القاعدة وداعش: من يضحك أولا..وليس أخيرا؟

By nasser

May 05, 2015

أزاميل/ متابعة: عندما اجتاح تنظيم القاعدة مدينة المكلا الساحلية اليمنية الشهر الماضي، وقع قادة التنظيم على الفور اتفاقا لتقاسم السلطة مع رجال القبائل في المنطقة.

لم يرفع التنظيم لافتات أو شعارات جهادية، وإنما أصدر بيانا نفى فيه شائعات تقول إنه حظر الموسيقي في الحفلات أو ارتداء الرجال السراويل القصيرة.

الآن يدير مجلس قبلي محلي المدينة. والحقيقة أن هذا النهج مغاير تماما لمنافسه، تنظيم الدولة الإسلامية الشهير بوحشيته، وهذا هو بيت القصيد، حسبما رأت الأسوشيتد برس في تحليل.

في إطار تنافسه مع تنظيم الدولة الإسلامية (المعروف إعلاميا بداعش) بشأن التجنيد والهيبة في منطقة الشرق الأوسط، سعى تنظيم القاعدة إلى تمييز نفسه عن منافسه الدموي، ليتخذ نهجا ينظر إليه داخل الدوائر الجهادية بأنه براغماتي.

يكمن هذا النهج في بناء تحالفات مع لاعبين محليين أو حتى أعداء قدامى من أجل الاستيلاء على أراض جديدة. وأمر قائد تنظيم القاعدة أيمن الظواهري أتباعه بتجنب الأعمال الوحشية كالتي ينفذها تنظيم الدولة الإسلامية ضد المدنيين، من أجل حشد الدعم بين السكان المحليين.

أثمرت هذه الاستراتيجية عن مكاسب للقاعدة. ففي اليمن، يبدو التنظيم هو الفائز الحقيقي من الحملة الجوية التي يشنها تحالف تقوده المملكة العربية السعودية ضد تنظيم إرهابي منافس، هو جماعة الحوثي الشيعية المدعومة إيرانيا والتي سيطرت على أجزاء كبيرة من البلاد.

ويحذر علي الشريف، وهو ضابط كبير في الاستخبارات اليمنية من أن القاعدة “هي حصان طروادة في المستقبل”.

وعندما تضع الحرب أوزارها وتخلف فراغا أمنية “سيأتي دور القاعدة… وسيملأ التنظيم هذا الفراغ ويسيطر” على مقاليد الأمور.

وبالرغم من أن الولايات المتحدة والغرب يأملون أن تضعف المنافسة بين تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية الاثنين، فإن كلاهما يناور للاستفادة من الاضطرابات في المنطقة.

مكاسب تنظيم الدولة الإسلامية خلال العام الماضي كبيرة. على مدى عقدين من الزمان، ظل تنظيم القاعدة المنظمة الإرهابية الأبرز في العالم بلا منازع. لكن تنظيم الدولة الإسلامية بدأ ينازع القاعدة في هذه المكانة، بل تجاوزها في بعض الأماكن.

وبعيدا عن معاقله في سوريا والعراق، زرع تنظيم الدولة أعلاما في مختلف أنحاء الخريطة. فقد تفوق على تنظيم القاعدة في ليبيا، حيث يسيطر أقوى فروع التنظيم في الخارج على مدن عديده، فضلا عن أن معظم الحلفاء السابقين للقاعدة تحولوا إلى “الدولة الإسلامية” وبايعوها. فقد بايعت التنظيم جماعة ولاية سيناء في مصر وجماعة بوكو حرام الإسلامية المتشددة في نيجيريا- التي كانت مرتبطة سابقا بالقاعدة.

والأهم من ذلك أن تنظيم الدولة الإسلامية يمتلك آلية وحماسة لا يمتلكها تنظيم القاعدة. فإعلان تنظيم الدولة الإسلامية “خلافة” في العراق وسوريا ألهم آلاف المقاتلين الأجانب للانضمام إليه فضلا عن مبايعة مسلحين من مختلف أرجاء المنطقة للتنظيم.

ويشتهر التنظيم بالممارسات الوحشية- كل شيء.. من الذبح إلى استعباد النساء اللاتي ينتمين إلى الأقليات الدينية- وينظر إليه مؤيدوه باعتباره دليلا على النقاء ورفض المساومة فيما يتعلق “بالشريعة الإسلامية”.

ساعد ذلك “الدولة الإسلامية” في تحقيق نجاحات في مناطق ومجالات تفوق منافسيه.

في أفغانستان حيث تهيمن طالبان، الحليف الأبرز للقاعدة، يرى شباب المقاتلين الذين أصابهم الوهن جراء ضعف التقدم في قرابة 14 عاما من التمرد، في الدولة الإسلامية الورقة الرابحة في الحرب. ففي فبراير استبدل قادة طالبان في ولاية زابل جنوب أفغانستان أعلامهم البيضاء بأعلام الدولة الإسلامية السوداء وأعلنوا مسؤوليتهم عن اختطاف 31 شيعيا، بحسب الزعيم الشيعي الأفغاني البارز محمد محقيق.

وقال نادر نادري، مدير وحدة التقييم والأبحاث الأفغانية، وهي مؤسسة بحثية: “هذه بيئة خصبة للغاية للدولة الإسلامية.”

الشرق الأوسط شهد أيضا انشقاقات بين دعاة الجهاد البارزين، الذين يسعى المقاتلون إليهم طلبا للنصيحة، وألقى الانقسام بمرارته على وسائل الإعلام الاجتماعية، حيث تبادل الجانبان الاتهامات والتخوين. ابتهج الموالون القاعدة باستعادة القوات العراقية والميليشيات الشيعية مدينة تكريت من قبضة الدولة الإسلامية الشهر الماضي، وتساءل أحدهم على تويتر، يكني نفسه جبل العزة: “بعد كل الدماء التي أريقت لتحقيق وهم الخلافة، هل أدركتم أخيرا أن إعلان دولة وإمارة يضر فقط بالمسلمين والجهاد؟”

في المقابل اتهم مؤيدو الدولة الإسلامية القاعدة بمواجهة الدولة بدلا من أعداء الإسلام، لكن أبو خطاب اليمني، المؤيد للقاعدة على تويتر، نفى أن يكون فرع القاعدة في اليمن قد تحالف مع “الميليشيات المعادية للإسلامية، الذين كانوا ينظر إليهم في السابق باعتبارهم كفار”.

من خلال بناء مثل هذه الشراكات، تراهن القاعدة على أن الدولة الإسلامية ستحرق نفسها وستعاني الوهن بتحمل ردود الفعل العسكرية العربية والغربية ضد خلافتها، في الوقت الذي ستتمكن فيه الشبكة الإرهابية من تحقيق مكاسب على الأرض عبر تحالفاتها.

غير أن نهج القاعدة لا يجعل منها جماعة أكثر اعتدالا، ففي الوثيقة التي صدرت عام 2013 تحت عنوان “توجيهات عامة للعمل الجهادي” أكد زعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري على أن أولوية الجماعة هي ضرب “رؤوس الكفر، الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفائهما من العرب.”

وفي الوقت ذاته، حثت وثيقة القاعدة المسلحين على عدم قتل المدنيين لتعزيز الدعم بين السكان المحليين. وعدم قتل المدنيين الشيعة – على الرغم من اعتبارهم كفارا – أو عائلات خصومهم، أو التعرض للمسيحيين أو قصف المساجد أو مناطق تجمع المدنيين الأخرى.

في سوريا، تحالفت جبهة النصرة الموالية للقاعدة، وأبرز قوة مقاتلة خارج الأراضي التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية، مع فصائل المعارضة الأخرى، بما في ذلك المدعومة من السعودية وتركيا وقطر للسيطرة على مدينة إدلب شمال غرب سوريا ومنطقة في الجنوب – الانتصارات الأضخم خلال سنوات الحرب على قوات الرئيس بشار الأسد.

وفي اليمن، تباهت القاعدة بالقتال ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من القاعدة، الذين اجتاحوا العاصمة صنعاء ومناطق واسعة من الشمال ويقاتلون للسيطرة على الجنوب عقب طرد الرئيس المعترف به دوليا، عبد ربه منصور هادي.

ويقول أداكي أورين، المحلل في موقع (لونج وور جورنال)، الذي يراقب الجماعات الجهادية: “برزت القاعدة كقوة قتالية حقيقية وحيدة تواجه الحوثيين، فقد روجوالأنفسهم باعتبارهم حماة القبائل السنية.”

سيطر المسلحون على المكلا عاصمة محافظة حضرموت، أكبر محافظات اليمن في أوائل أبريل . أدى ذلك إلى تدفق الأسلحة والمال، لكن الجماعة سرعان ما تراجعت إلى الخلف، لتقوم الجماعة المعروفة باسم “أبناء حضرموت” بمهام حفظ النظام في المدينة. وتتألف أبناء حضرموت من المقاتلين القبليين والشباب المحليين ومقاتلي القاعدة.

ويقوم مجلس محلي بإدارة المؤسسات الحكومية في المدينة، بل إنه حصل على دعم محافظ حضرموت، الموالي للرئيس هادي، بحسب ما ذكره المتحدث باسم المجلس، لطفي بن سعدون، للأسوشيتد برس.

وعندما انتشرت شائعات بأن القاعدة تفرض الشريعة الإسلامية في المدينة، بما في ذلك منع الموسيقى في الأعراس ومنع استخدام القات أصدرت الجماعة بيانا نفت فيه التقارير قائلة إن هذه البيانات يروجها المعارضون لتعاون القبائل مع القاعدة.

وقالت الجماعة إنها تحاشت الاستيلاء على المناطق لتديرها هي لأن ذلك سيصرف انتباهها عن قتال الحوثيين وعن هدفها الأبرز باستهداف الولايات المتحدة – وربما تتعرض لغارات الطائرات الأمريكية بدون طيار، والتي قتلت عددا من قادتها. بيد أن نفوذ القاعدة بين المقاتلين المحليين يثير قلق بعض اليمنيين. ففي الجنوب تحالفت القاعدة مع المقاتلين المحليين لتشكل دعما للمقاتلين المناوئين للحوثيين. يقول عدنان عجم، الناشط الجنوبي: “الخلايا النائمة للقاعدة تستيقظ الآن، بفضل الحوثيين. تحول الجنوب إلى أفغانستان جديدة… لن تسيطر القاعدة على مدينة واحدة أو اثنتين بل على الجنوب بأكمله”.