العروق أو الأجناس البشرية Human race – Espèce humaine
قبل الحديث عن السلالات البشرية the races of mankind، لابد من التساؤل أولاً كيف نشأت السلالة؟ ومع الإقرار بأن الإنسان وحيد النشأة، بمعنى أنه نشأ من أب واحد، وهذا يعني أنه كان يتصف بصفات جسمانية متماثلة، ومهما كثر عدده في هذه الحال فلايجوز القول إن السلالة قد وجدت.
لأن معنى كلمة السلالة تعني: «مجموعة من الناس متماثلة في صفاتها الجسمانية»، أو متشابهة في هذه الصفات على الأقل، ومن ثم فهي تتميز بهذه الصفات من المجموعات الأخرى من الناس. فكيف ظهرت السلالة إذاً؟
زادت أعداد الإنسان بعد خلقه، فانتشر في جهات كثيرة من العالم، ومادام قد انتشر في بيئات طبيعية مختلفة، فلابد لكل مجموعة تستقر في بيئة من البيئات، أن تكتسب صفات جسمانية تتلاءم معها. لكن تلك المجموعة لم يستقر بها المقام في بيئة واحدة، فحدث نتيجة ذلك أن اختلطت تلك المجموعة ذات الصفات الجسمانية المعينة بمجموعات أخرى ذات صفات أخرى، فصار في المكان الواحد جماعات ذات صفات جسمانية مختلفة.
هذا النوع من الاختلاط هو النوع البسيط الذي لم يتعد إقامة الناس مع بعضهم، ثم حدث بعد هذا اختلاط آخر، وهو الاختلاط بالزواج، فأصبحت الصفات الجسمانية تختلط مع بعضها اختلاطاً كلياً، وتدخل هنا عامل جديد هو عامل الوراثة، فالنسل يحمل عادة صفات الأبوين، ومعنى الأبوين هنا ليس الأبوين المباشرين وحسب، وإنما يحمل صفات من الأجداد، سواء أكانت عن طريق الأب أم عن طريق الأم.
خلاصة هذا، أن عوامل ثلاثة قد تدخلت في إنتاج ما يسمى السلالة أو الجنس أو العرق.
- العامل الأول: الخلق الذي كوَّن السلالة أو الجنس.
- العامل الثاني: الهجرة التي سبّبت الاختلاط البسيط.
- العامل الثالث: الوراثة التي سبّبت اختلاطاً معقداً بالتناسل.
وكان من الممكن أن يظل تمييز الأفراد من بعضهم سهلاً لولا العامل الثالث الشديد التعقيد، والذي لم يتوصل الباحثون إلى فهم أثره إلا بعد دراسات طويلة [ر. الوراثة (علم ـ)].
هذه هي العوامل التي أدت إلى ظهور السلالة أو الجنس، وتعريف السلالة إذاً هو: «مجموعة من الناس تتشابه في صفاتها الجسمانية، وتختلف هذه الصفات عن المجموعات الأخرى».
وتجدر الإشارة إلى أن الصفات الثقافية، كمصنوعات الإنسان ولغته ودينه لاتدخل إطلاقاً في حساب الباحث عند تصنيف الناس إلى سلالات؛ فليس هناك ما يسمى بالسلالة الإنكليزية والسلالة المصرية، وليس هناك ما يسمى بالسلالة الإسلامية والسلالة المسيحية.
فكل هذه الصفات ثقافية عرضية، قد يغيرها الإنسان بين يوم وليلة، أما الصفات الجسمانية التي تُتَخذ مقياساً لتصنيف الناس إلى سلالات، فهي صفات قد تبدو ثابتة، لا تتغير مهما غير الإنسان من بيئات طبيعية، ولكن الطفرات الوراثية[ر] ـ على قلتهاـ يمكن آن تحدث تغيرات مهمة في صفات الناس والمجموعات البشرية.
يتخذ الباحثون عدداً من الصفات مقياساً لتصنيف الناس إلى سلالات أو أجناس، وأغلبها صفات ظاهرة، يمكن مشاهدتها، وإدراكها بنظر الإنسان إليها، ومنها، لون البشرة والعيون وطول القامة وشكل الشعر وملامح الوجه وغيرها.
ومن هذه الصفات ما يحتاج إلى مقاييس، مثل شكل الرأس. وإن كانت لا تصلح صفة واحدة من هذه الصفات لاتخاذها مقياساً، فلو قُسم الناس بمقتضى لون البشرة إلى أبيض وأسود وأصفر، لتبين أنها تشمل طوال القامة وقصارها، عراض الرأس وطوالها. وكذلك إذا أخذ طول القامة مقياساً لوجد أن طوال القامة يضمون فيما بينهم ألواناً مختلفة، وكذلك الحال عند قصار القامة.
يضاف إلى ذلك أن الصفات الجسمانية اختلطت في الوقت الحاضر اختلاطاً كبيراً، حتى أمكن القول إنه من المستحيل رؤية سلالة أو عرق نقي في الوقت الحاضر، ويعبر عن هذا بعض الكتاب بأن كلمة سلالة أو عرق ليس لها في الحقيقة معنى إلا في ذهن الباحث.
أما في الطبيعة فإن هذه الكلمة لا وجود لها، اللهم إلا في أماكن العزلة التي يهيمن عليها أثر الوراثة، لعدم اختلاط الناس بعضهم ببعض، وفي هذه الأماكن فقط تُرى بعض الصفات الجسمانية النقية، وأماكن العزلة هي تلك الأماكن التي يرغب الناس عن سكناها مثل، المناطق الجبلية ومناطق المستنقعات ومناطق الغابات الكثيفة والمناطق الفقيرة (مناطق الجوع).
وفيما يأتي إحدى المحاولات في تصنيف الناس إلى سلالات وفق بعض الصفات الجسمانية، وتبين قيمة كل صفة من هذه الصفات، ومدى اعتماد الباحثين عليها في التصنيف.
لون البشرة
هي صفة ظاهرة، تسترعي انتباه الإنسان حينما ينظر إلى شخص من الأشخاص، واللون ينشأ من حبيبات صبغية خاصة في أعمق طبقات البشرة، فإذا زادت هذه الحبيبات مال اللون إلى السمرة، وإذا نقصت مال اللون إلى البياض. وهنا يختلف الباحثون في نشأة اللون، فبعضهم يرى أن اللون ينشأ نتيجة البيئة الطبيعة.
فالذي يسكن في البيئات الحارة يكتسب اللون الأسود، والذي يسكن في البيئات الباردة يكتسب اللون الأبيض. وهناك رأي آخر يرى أن اللون ينشأ من تلقاء نفسه، وأنه منذ بداية الأمر وجد فيه أفراد بيض وأفراد سود، ثم تفرق الإنسان في جهات الأرض المختلفة، فسكن أقطاراً متفاوتة في درجة حرارتها، فالمجموعات التي سكنت المناطق ذات البيئات القاسية تعرضت لعامل البقاء للأصلح، فقلَّ وجود بعضها وازداد بعضها الآخر، مثل انتشار آصحاب اللون الأسود في المناطق الحارة.
ويصنف العلماء الإنسان في الوقت الحاضر إلى ثلاثة أصناف من حيث لون البشرة: أصحاب البشرة البيضاء، وأصحاب البشرة الصفراء، وأصحاب البشرة السوداء، وبالنظر إلى خريطة العالم، يتضح أن لون البشرة يتدرج نحو السمرة مع الاتجاه جنوباً، فتزداد المادة الملونة في هذا الاتجاه، فهي أقل ما تكون في شمالي أوربا، حيث البشرة البيضاء، ثم تزداد السمرة في جنوبي أوربا وحوض البحر المتوسط، ثم تأخذ المادة الملونة في الازدياد حتى تبدّى اللون الأسود في المنطقة الاستوائية وتحت الاستوائية.
ومعنى هذا أن توزيع اللون يتواءم مع خطوط العرض، ومن المعروف أن الأقاليم المناخية تتوافق أيضاً مع خطوط العرض، ولعل هذا يشير إلى أن الرأي الذي يربط اللون بالمناخ رأي صحيح إلى حد كبير، وهذا الارتباط بين اللون والمناخ لايتمثل تماماً في نصف الكرة الجنوبي.
كما أنه لايتمثل تماماً في الدنيا الجديدة (أمريكا وأوقيانوسيا). أما أنه لا يتمثل في نصف الكرة الجنوبي أتم التمثيل، فربما كان مرجعه إلى أن معظم المساحة في هذا النصف ماء، وأما أنه لايتمثل عامةً في الدنيا الجديدة، فمرجعه إلى أن معظم سكان الدنيا الجديدة من المهاجرين.
لماذا نجد ثلاثة ألوان في بيئة واحدة؟
وعند دراسة السلالات الجنسية لابد من النظر إلى السكان الأصليين في الأقاليم، وليس إلى الهجرات الحديثة، وفيما عدا هذا، تظهر بعض العيوب في ربط لون البشرة بالمناخ، فهناك جهات في الوقت الحاضر متشابهة من الناحية المناخية، ومثال ذلك المنطقة الاستوائية في كل من أمريكا الجنوبية وإفريقيا وجزر الهند الشرقية، ومع ذلك، فقد لوحظ أن لون البشرة لسكان الأمازون يشبه لون القرفة.
ولون البشرة أسود لدى سكان حوض الكونغو، وأصفر لدى سكان بورنيو، وهذا يعني وجود ثلاثة ألوان في بيئة مناخية واحدة. وللردّ على هذا يجب النظر إلى أصل هؤلاء السكان، هل هم يقطنون في هذه المناطق منذ أزمنة بعيدة، أم أن هجراتهم إليها قد تمت حديثاً.
فسكان حوض الأمازون هم من الهنود الحمر الذين وصلوا إلى هذا الإقليم في وقت متأخر، أي إنهم اكتسبوا ألوانهم في بيئة أخرى تتناسب مع هذا اللون، ثم هاجروا إلى هذا الإقليم بعد أن ثبت عندهم هذا اللون.
أما سكان بورنيو فأصلهم مغول هاجروا إلى جزر الهند الشرقية من الشمال.
وهناك مثال آخر يسوقه بعضهم ضد النظرية القائلة بارتباط المناخ بالبيئة، يجسده السكان الأصليون لأستراليا وتسمانيا؛ إذ يميل لون بشرتهم إلى السواد، على الرغم من أن العروض التي يقيمون فيها عروض متوسطة بين 35 ْـ 42 ْ جنوب خط الاستواء، بل إن تسمانيا تقع على عروض أكثر بعداً عن خط الاستواء من أستراليا وسكانها أكثر سواداً من سكان أستراليا.
يُرد على هذا، بأن سكان تسمانيا وأستراليا هم من أصل واحد، كانوا ينتشرون في تلك المنطقة، حينما كانت تسمانيا ماتزال جزءاً من القارة الأصلية، ثم انفصلت تسمانيا عن أستراليا، وبطبيعة الحال لابد من أن يكون لون التسمانيين هو اللون الأساسي لهذه السلالة الجنسية، لأنها منطقة عزلة، أما لون الأستراليين فقد تأثر بالاختلاط، فأستراليا لم تفقد صلاتها بجنوب شرقي آسيا.
طول القامة
من المسلم به أن بعض الشعوب يتصف بطول القامة، وأن بعضها الآخر يتصف بقصرها، وقد يكون في حالة قزمية. وإذا كان هناك تفاوت في طول القامة في أفراد الشعب الواحد، إلا أنه ليس هناك أقزام في الشعوب الطويلة القامة، إلا إذا كان ذلك حالة مرضية، كذلك ليس هناك طوال القامة بين الأقزام. وقد اصطلح الباحثون على عدة مقاييس لطول القامة، تراوح بين الأقزام والأفراد الفارعي الطول.
وثمة تساؤل بعد ذلك عن أسباب اختلاف الناس في طول قامتهم؟
يبدو أن طول القامة مرتبط بعدة أمور، أهمها: المورثات التي يمتلكونها، والمناطق التي يقطنونها، هل هي مكشوفة أم غير مكشوفة؟ ومن أمثلة المكشوفة مناطق السهول والسهوب، ومن المناطق غير المكشوفة مناطق الغابات الكثيفة؛ ففي الأولى الهواء الطلق والضوء، وفي الثانية يسود الظلام وضيق المكان الذي يعيش فيه الناس. ومن الملاحظ أن البيئة المكشوفة تنتج القامة الطويلة، وغير المكشوفة تساعد على انتشار القامة القصيرة.
وقد لوحظ أن إحدى جماعات حوض الكونغو المسماة باتوا Batwa، وهي جماعة قزمية تقطن قرب نهر كاساي Kasai، تركت سكنى الغابة منذ عدة أجيال، ومارست حرفة الزراعة وحياة الاستقرار، فاستطالت قامة هذه الجماعة، وأصبحت فوق مستوى القزم العادي بكثير.
، ولو أنها لم تصل إلى قامة جيرانها البوشنغو Bushongo. وقد علل هذا بأن أشعة الشمس والهواء الطلق والحياة المنظمة كانت العوامل الرئيسة في هذا التغير، ومن الأمثلة على ذلك أيضاً الأسكيمو في الشمال، فإن قسوة البرودة عندهم، واضطرارهم إلى التكدس في مساكنهم معظم أيام السنة، جعلت قامتهم تميل إلى القصر.
أما المثال الثاني، وهو ارتباط طول القامة بالموارد الغذائية فهو ليس بخاف على أحد بأن نمو الجسم يتأثر بمقدار المادة الغذائية التي يتناولها الإنسان، وقد لاحظ علماء الإنسان أن سكان مقاطعة ليموزان Limousin في فرنسا، كانوا يميلون إلى القصر، وهذا يرجع إلى الفقر الشديد الذي كانت تعانيه تلك المقاطعة.
ولوحظ كذلك أن العائلات التي تركت هذه المقاطعة ولجأت إلى مقاطعات أخرى أحسن حالاً، فإن القامة، بعد أجيال عديدة، أخذت في الطول، والخلاصة من هذا أن قصر القامة ليست صفة أصيلة عند سكان تلك المقاطعة، وإنما هي صفة عارضة، سببتها الظروف التي كانت عليها البيئة المحلية.
والعامل الثالث: هو تأخر سن البلوغ، وأوضح الأمثلة عن ذلك، سكان المناطق الباردة والمعتدلة في غربي أوربا، فقامة السكان في تلك البلاد تميل إلى الطول، ومرد ذلك إلى تأخر سن البلوغ عند تلك الجماعات، مما يعطي الجسم فرصة أكبر للنمو، إذ تميل الصفات الجسمية إلى الثبات بعد سن البلوغ.
شكل الرأس
يعد شكل الرأس من الصفات التصنيفية المهمة، لأنها من الصفات التي يمكن ملاحظتها بالمشاهدة إضافة إلى إمكان قياسها بدقة؛ إذ إنها لا تتأثر بالبيئة الطبيعية. فحينما يُنظر إلى الرأس من الأعلى، تظهر بعض الرؤوس عريضة، ويعبر عن هذه العلاقة بين مقدار طول الرأس وبين مقدار عرضها بالنسبة الرأسية، وتقاس أبعاد الرأس بوساطة آلة خاصة شبه الفرجار، وهي من الآلات الشائعة عند علماء الإنسان.
تقسم الرؤوس أو الجماجم إلى المجموعات الثلاث الآتية:
ـ رؤوس أو جماجم طويلة، إذا نقصت النسبة عن 75%.
ـ رؤوس أو جماجم متوسطة، إذا كانت النسبة بين 75 و80%.
ـ رؤوس أو جماجم عريضة، إذا زادت النسبة على 80%.
ويرى الباحثون أن النسبة الرأسية لا تفيد كثيراً في تقسيم النوع البشري إلى سلالات كبرى، لأن السلالات الكبرى الموجودة حالياً، يوجد بينها اختلافات شديدة في شكل الرأس، ولكن شكل الرأس يفيد في دراسة تكوين السلالات الجنسية الصغرى؛ ومثال ذلك أن السلالة القوقازية ليست متماثلة في شكل رأسها، بل فيها الطويل والمتوسط والعريض.
وقد لوحظ أن الإنسان عموماً يسير تدريجياً نحو عرض الرأس، وهذا ما تأكد من مقارنة السلالات الحديثة بالقديمة، فقد كانت الجماجم البليستوسينية تقريباً تمتاز بضيقها، ثم أخذت في العرض في أواخر العصر الجيولوجي.
وهناك صفات أخرى، تجدر الإشارة إليها، يُذكر منها شكل الوجه، الذي يتوافق عادة مع شكل الرأس، وشكل الأنف الذي يقسم عادة إلى عريض ومتوسط وضيق، فكل سلالة من سلالات العالم. تتصف بشكل خاص من أشكال الأنف، فالقوقازيون ضيقو الأنف، والزنوج عراض الأنوف، والمغوليون متوسطو الأنوف.
وكذلك شكل العين، وتقسم العيون عادة إلى عيون عالية أو كبيرة،وعيون متوسطة وعيون منخفضة أو صغيرة، ومن الجماعات ذات العيون العالية الهنود الحمر وسكان جزر جاوة وبولينيزيا، ومن الجماعات ذات العيون المتوسطة الأوربيون بصفة عامة وسكان شمالي إفريقيا وغربي آسيا، ومن الجماعات ذات العيون المنخفضة التسمانيون والأستراليون الأصليون والهوتنتوت والباسك.
وهناك شكل شاذ من أشكال العين، هو الذي يمتاز به الآسيويون الصفر، والشعوب الخليطة المشتقة منهم، وتسمى هذه العيون بالعين المغولية، وفتحة هذه العين تكون مائلة، والزاوية الخارجية أعلى من الزاوية الداخلية، وشكل فتحة العين كمثلث غير متساوي الأضلاع، وهي أضيق من العين العادية، وتسمى أيضاً بالعين المائلة، أضف إلى ذلك ألوان العيون المختلفة وصفات عدة أخرى.
المجموعات الكبرى للسلالات
ربما كان تقسيم شعوب العالم إلى سلالات بمقتضى صفة واحدة، كشكل الأنف أو لون البشرة هو أسهل التقسيمات، ولكن مثل هذا التقسيم غير مقبول، لأنه يهمل الصفات الأخرى، ولذلك كان أفضل التقسيمات ما يراعي أكبر عدد ممكن من الصفات، ولاسيما الصفات الرئيسة.
ولا بأس من التجاوز عن بعض الصفات الثانوية، ومع ذلك، فإن هذا التقسيم الأفضل الذي يقوم على أكبر عدد من الصفات ستتخلف عنه جماعات يتعذر إدماجها في أي سلالة من السلالات.
وبناء على ذلك، يمكن تقسيم العالم إلى ثلاث مجموعات جنسية كبرى، هي:
ـ مجموعة القوقازيين. ـ مجموعة الزنوج. ـ مجموعة المغول.
وينضوي تحت هذه المجموعات الثلاث نحو 99% من سكان العالم، أما النسبة الباقية وهي 1%، فيحوم الشك حول نسبتها إلى أي من هذه المجموعات، ولذلك يفضل الباحثون وضعها في مجموعة خاصة تسمى «مجموعة المذبذبين» الذين لا ينتمون إلى أي مجموعة، ومن أمثلة الجماعات التي تدخل تحت هذه المجموعة الأينو Ainu والأستراليون الأصليون والبولينيزيون الذين يبدو أنهم نتيجة اختلاط بين سلالات من المجموعات السابقة.
مجموعة السلالات القوقازية Homo caucasicus
تتكون المجموعة القوقازية من أربعة أجناس، وهي:
- الجنس النوردي.
- ـ الجنس الألبي.
- ـ جنس البحر المتوسط.
- ـ جنس الهندوس.
الأجناس الثلاثة الأولى تشغل ثلاثة نطاقات أفقية، من الغرب إلى الشرق، بالقارة الأوربية، وتزداد فيها سمرة البشرة والعين والشعر وقصر القامة من الشمال إلى الجنوب؛ أي من الجنس النوردي في الشمال إلى جنس البحر المتوسط في الجنوب.
وليس معنى هذا، أن الجنس الذي يحتل النطاق الأوسط، وهو الجنس الألبي، يمثل حالة انتقال بين الجنس النوردي في الشمال وجنس البحر المتوسط في الجنوب، وذلك لأن الجنس الألبي عريض الرأس، وهي صفة لاتوجد في الجنسين الآخرين، فكلا الجنسين النوردي والبحر المتوسط طويل الرأس.
أما الجنس الرابع من المجموعة القوقازية، وهو جنس الهندوس فهو ضيق الرأس شديد سمرة البشرة لا يختلف كثيراً عن جنس البحر المتوسط، وهو يكون أقصى الشعُب الشرقية من مجموعة الأجناس القوقازية.
والصفات العامة للمجموعة القوقازية هي الشعر المموج والبشرة التي تراوح بين البياض والسمرة، أما الرأس ففيها الطويل والمتوسط والعريض، والفك غير بارز، وعظام الخدين غير بارزة، والأنف ضيق والعين مستقيمة والأسنان صغيرة، والقامة تراوح بين المتوسط وفوق المتوسط.
مجموعة الأجناس المغولية: Homo mongolicus
تنقسم مجموعة الأجناس المغولية إلى ثلاث شعب، وهي:
- ـ المغول الأصليون بشرقي آسيا.
- ـ مغول الملايو وجزر الهند الشرقية.
- ـ الهنود الحمر بأمريكا.
والفروق بين هذه الشعب الثلاث طفيفة، وتعد الشعبة الأولى أحدث صورة للجنس المغولي، تتمثل فيها أظهر صفات هذا الجنس، وهي العين المغولية أو العين المائلة، أما الصورة القديمة للجنس المغولي، فهي التي يمثلها اليوم مغول الملايو وهنود أمريكا. ويعد الأسكيمو شعبة من مغول أمريكا.
والصفات العامة للجنس المغولي هي الشعر المستقيم والبشرة الصفراء والرأس العريضة والفك المتوسط البروز وعظام الخدين البارزة والأنف المتوسط العرض والقامة المتوسطة (نحو 160سم).
مجموعة الأجناس الزنجية: Homo aethiopicus
تضم مجموعة الأجناس الزنجية شعبتين رئيسيتين، هما:
ـ الزنوج في إفريقيا وبابوا ونيوغينيا وملانيزيا.
ـ الأقزام.
والصفات العامة لمجموعة الأجناس الزنجية هي الشعر المجعد والبشرة السوداء والرأس بين الطويلة والعريضة والفك البارز وعظام الخدين غير بارزة والأنف شديد العرض والعين واسعة والأسنان كبيرة، تختلف الشعبتان في طول القامة، فالشعبة الأولى ذات قامة فوق المتوسط نحو 175سم والشعبة الثانية لاتتجاوز قامتها 150سم، ويكون الرأس عند الأقزام أميل إلى العرض بصفة عامة منها عند الزنوج.
ومن الملاحظ أن القرابة وثيقة بين زنوج إفريقيا وزنوج بابوا وميلانيزيا مع أن المحيط الهندي يفصل بينهم. ولعل أهم تشابه بين الإفريقي والميلانيزي الأنف المسطح، إلاّ أن شفتي البابواني والميلانيزي أقل غلظة من شفتي الإفريقي الأطول قامة منهما.
أما الشعبة الثانية من مجموعة الأجناس الزنجية، فهي تضم جماعة غربية في إفريقيا الاستوائية، وجماعة شرقية في جزر الفيلبيين وأندامان وشبه جزيرة الملايو ونيو غينيا، ويفصل بين الجماعتين المحيط الهندي أيضاً.
صفوح خير
مما يذكره إليوت سمث أنه كان ذات مرة يفحص عن القحوف البشرية في إنجلترا، وكان أمامه قحف لرأس مصري من عهد الفراعنة فوضعه مصادفة إلى جنب قحف لرأس إنجليزي حديث الوفاة، فما راعه إلا المشابهة بل المطابقة بين الاثنين.
قبطي حديث من الصعيد رسم مدام بهمان.
والواقع أننا عندما نجرد الرءوس من اللون لا نكاد نجد فرقًا بين المصري القديم «أو الحديث» وبين بعض السكان في إنجلترا؛ فإن الشعب المصري ينتمي إلى السلالة الميديترانية، هذه السلالة التي تُعْزَى إلى اسم البحر المتوسط «ميديتران» والتي تنتشر الشعوب المنتمية إليها في إيطاليا وإسبانيا وأفريقيا الشمالية ومصر والحبشة وجزيرة العرب والعراق القديم وفرنسا الجنوبية وبعض أنحاء إنجلترا.
وخاصة ويلس، وتمتاز الرءوس في جميع هذه الشعوب بالاستطالة مع بروز القمحدوة من الخلف وبالشعر المتموج والوجه الطويل وقلة الشعر سواء في الجسم أو الوجه ونحافة الجسم وتوسط القامة، وهذه السلالة هي التي سكنت مصر وشرعت في اختراع الحضارة بعد أن علمها النيل مبادئ الزراعة، ومن مصر تفشَّت إلى الأمم الأخرى حول البحر المتوسط.
الوجه المصري في تمثال لإخناتون.
ويرى إليوت سمث أن السلالات البشرية هي الآن سٍتٌّ فقط، وأنها ترجع إلى أصل واحد أو أصلين أو ثلاثة يمكن أن يجد الإنسان فيها ما يذكر بالقردة العليا؛ فإن الشبه مثلًا كبير جدًّا بين المغول وبين القرد أورانج أوتان، وكذلك هناك سمات تربطنا نحن أبناء السلالة الميديترانية بالشمبنزي، كما أن القرابة بين الزنجي والغوريلا واضحة في ملامح وتقاسيم عديدة، ولكن إذا صح هذا الفرض وهو أن للسلالات البشرية عدة أصول؛ فإن هذه الأصول كانت شديدة القرابة بدليل أنه ليس بين البشر الآن «بغال» لأن التلاقح ينجح بين جميع أفراد السلالات الحاضرة.
الوجه المصري في تمثال أمينمهعت الثالث.ولنذكر هذه السلالات الست كما يراها إليوت سمث، وهو هنا يخالف بعض الآراء التي كانت شائعة في القرن الماضي، فهو لا يري معنى للقول بأن هناك سلالة آرية لأنه يرى أن وصف الآرية ينطبق على اللغة دون السلالة، وكذلك لا يرى معنى للكلمة القديمة «السلالة القوقازية».
- (١)وأحط السلالات هي السلالة الأسترالية التي لا يزال عدد قليل من أفرادها باقيًا يعيش في وادي أستراليا، وكان عددهم كبيرًا ولكن البيض المهاجرين ألحُّوا في قتلهم، وهم شعرانيون لا يعرفون الزراعة أو بناء المنزل أو نسج القماش، ولكنهم يعرفون تحنيط الموتى ولهم عقائد تُذَكِّرُ بالمصريين القدماء ممَّا يدل على أن الثقافة القليلة التي يعرفونها قد وصلت إليهم على أيدي أناس أُشْرِبُوا الثقافة المصرية القديمة ثم انْبَتَّتْ هذه الثقافة فلم ترتقِ بل تقهقرت.
- الوجه المصري في تمثال آخر لأخناتونزخرف مصري فرعوني.
- (٢)أما السلالة الثانية فهي الزنوج الذين ينتشرون في أفريقيا الوسطى والجنوبية وآسيا الجنوبية، وهم يمتازون بالشعر المفلفل والجسم الذي يكاد يكون أملط وانفطاس الأنف وغلظ الشفة، وبين الزنوج أطول الناس قامة مثل الشيلوك، وأقصرهم قامة مثل الأقزام في الأقاليم الشرقية من الكونجو، وقد اختلط الزنوج بالسلالة الميديترانية كما ترى في النوبيين وعرب السودان، ولكن الملامح عند هؤلاء لا تزال ميديترانية وليست زنجية.
- الوجه المصري في تمثال من الأسرة الرابعةوفي زنوج البوشمان خاصة لا تُعْرَفُ في السلالات البشرية الأخرى هي وفرة الشحم في الأليتين بحيث تبرزان بروزًا كبيرًا عن استواء القامة، وأقزام الزنوج لا يزالون بدائيين لا يعرفون شيئًا من الحضارة، ولكن معظم الزنوج متوحشون، وتوحشهم قد اكتسبوه بالثقافة القليلة التي تسرَّبت إليهم من مصر ثم لم تطرد في التقدم بل وقفت وأحيانًا تقهقرت.
- (٣)السلالة الثالثة هي الميديترانية التي يعزى إليها الشعب المصري.
- (٤)السلالة الرابعة هي ما يسميه الإتنولوجيون الآن بالسلالة الألبية نسبة إلى جبال الألب حيث يكثر أفرادها، وهم يمتازون باستدارة الرءوس وانتفاء القمحدوة، وشعوب هذه السلالة يملأون أوروبا الوسطى وينتشرون إلى حدود الصين الغربية تقريبًا، ومنهم الأرمن والأتراك والسوريون، وجميع هؤلاء يتشابهون من الخلف إذ ليس لواحد منهم قمحدوة بازرة، وهم كثيرو الشعر، كما هو واضح من السوريين المقيمين بيننا حيث نجد شعرًا غزيرًا على أجسامهم ووجوههم، ومعظم الفرنسيين ألبيون، وكذلك الحال في سويسرا وإيطاليا الشمالية وهنغاريا ومقدونيا.
- وهناك وَهْمٌ سادَ مدة طويلة هو القول بأن الأتراك مغول، والذي بعث هذا الوهم هو أن لغتهم مغولية، ولكن اللغة لا تدل على السلالة؛ فإن وجوههم ألبية مثل السوريين أو الفرنسيين أو الحيثيين القدماء، ومن ميزات هذه السلالة عظم الأنف، فإن المصريين القدماء رسموا أنوف الحيثين كأنوف الأرمن أو الأتراك الآن بارزة قنياء.
- (٥)أما السلالة الخامسة فهي النوردية التي تنتشر في أوروبا الشمالية أي ألمانيا وإنجلترا ودنمركا وأسوج ونروج، وهي تمتاز بطول القامة وخفة اللون مع بروز خفيف في عظم الوجنتين، وهذه السلالة هي التي أغارت على الهند وإيران حوالي سنة ١٣٠٠ أو ١٢٠٠ قبل الميلاد، وفي هذا الوقت نفسه يذكر المصريون غارة الإفريقيين من الغرب أي اللوبيين ويرسمونهم بما يتفق وصفات النورديين.
- (٦)أما السلالة السادسة فهي المغولية التي ينتمي إليها الصينيون والتتار، وهم مستديرو الرءوس ولكنهم يختلفون من الألبيين من حيث إن لهم قماحد أي بروز في خلف الرأس، وشعرهم مستقيم لا يتموَّج أبدًا، وهم قليلو الشعر جدًّا بخلاف الألبيين غزار الشعر.والأنف مفرطح عند المغولي بارز عند الألبي، وشعوب الأمرنديين أي سكان أمريكا القدماء مغول أيضًا، وكذلك الإسكيماويون الذين يقطنون أمريكا الشمالية.
هذه هي سلالات النوع البشري، ولكن يجب ألا يبرح من أذهاننا أن التقاليد اللغوية والدينية والاجتماعية التي تتوارثها إحدى الأمم تنتهي بعد مرور ألف أو ألفين من السنين إلى إيجاد ميزات خاصة للأمة، تجعلها كأنها سلالة قائمة برأسها حتى لنستطيع أن نتبين اليمني من المصري مع أن كليهما ميديتراني الأصل في السلالة، ونميز السوري من السويسري مع أنهما ينتميان إلى السلالة الألبية.
غم عدم وجود ما يمكن تسميته بالنقاء الجنسي لأصول سكان اية كتلة قارية في العالم، الا انه يمكن اعتبار اوربا هي اقرب قارات العالم الى درجة النقاء الجنسي عند دراسة اصول سكانها، فباستثناء اقصى جنوبها الشرقي حيث توجد دول القوقاز (أذربيجان، جورجيا، ارمينيا) وجنوبي روسيا الاتحادية، بالإضافة الى نطاقات من المجر(1)
ينتمي سكان القارة الى السلالة القوقازية (البيضاء) التي يمكن تلخيص اهم صفاتها الجنسية في لون البشرة البيضاء، والشعر الغزير غالبا على الوجه والجسم والذي يتراوح بين المستقيم والمموج، والشفاه الرفيعة، والانف الضيق نسبيا، والجبهة العالية، ويسود افرادها فصيلة الدم a بصورة عامة، ومع ذلك تزداد سيادة فصيلة الدم o بين سكان شمال غربي القارة رغم ميلها الى التناقص الواضح بين السكان بالاتجاه ناحية الشرق حيث يزداد انتشار فصيلة الدم b.
وتبع تباين خصائص البيئات التي يقطنها سكان القارة القوقازيين تباين مماثل في الصفات الجنسية السائدة بينهم بحيث يمكن رصد العديد من الاختلافات – التي يأتي في مقدمتها درجة لون البشرة البيضاء وشكل الراس – والتي يمكن على أساسها تقسيم اوربا الى ثلاثة أقاليم رئيسية.
الأول منها شمالي ويسوده كل من العناصر النوردية ذات الراس الطويل، والبلطيقيون الشرقيون أصحاب الراس المستدير، والثاني يمتد في اقصى جنوبي القارة ويسوده عناصر البحر المتوسط ذات الراس الطويل، اما الإقليم الثالث فيقع في وسط القارة بين الاقليمين السابق الإشارة اليهما وتسوده العناصر الالبية والدينارية والارمنية وكلها تتصف بسيادة صفة الراس العريض.
وفيما يلي دراسة تفصيلية للعناصر السكانية في اوربا وتوزيعها المكاني على مستوى الأقاليم الثلاثة الرئيسية السابق تحديدها : (شكل رقم 1).
1- الإقليم الشمالي : يقطن هذا الإقليم العديد من العناصر السكانية البيضاء التي تنتمي سلاليا الى النورديين والبلطيقيين الشرقيين والكلت واللاب.
أ- النورديون: يتركزون في شمال القارة بصورة أساسية، وهم يتصفون بلون البشرة البيضاء وبالشقرة والعيون الملونة والراس الطويل والوجه الضيق والانف الدقيق الطويل والحواجب الواضحة والعيون الزرقاء والقامة الطويلة.
ويعتقد ان العنصر النورودي اختلط بعناصر سلالية تنتمي للبحر المتوسط خلال احدى مراحل تاريخهم الطويل، لذلك تحمل بعض عناصرها صفة السمرة الخفيفة للبشرة. وتنتشر الصفات الجنسية للنورديين بين سكان نطاقات واسعة من وسط القارة وغربها بما في ذلك نطاقات عديدة من الجزر البريطانية، ومرد ذلك موجات الهجرة لسكان الشمال الذين نزحوا الى النطاقات الوسطى من القارة خلال الالف سنة قبل الميلاد والى غربة القارة بما فيها الجزر البريطانية خلال الفترة الزمنية المحصورة بين القرنين الثالث والتاسع الميلاديين على وجه الخصوص.
ويجدر الإشارة الى ان بعض الشعوب الاوربية المنتمية سلاليا للعنصر النوردي مثل القوت الغربيون والفرنك والفاندال نزحت الى جنوبي وجنوب غربي اوربا خلال الفترة الممتدة بين القرنين الثالث والخامس الميلاديين مما اسهم في انتشار الصفات النوردية بين سكان هذه الجهات الجنوبية من القارة وخاصة شمالي كل منشبه جزيرتي إيطاليا وايبيريا (2).
واسهم التباين النسبي للملامح البيئية في النطاقات الشمالية والشمالية الغربية من القارة حيث تسود العناصر النوردية في وجود بعض الاختلافات السلالية اذ تنتشر صفات القامة الطويلة النحيفة بشكل واضح، والوجه الطويل الضيق، والراس الطويل والانف الرفيع المرتفع في شبه جزيرة اسكندناوه، في حين تنتشر صفات الراس المستدير والانف الكبير وبروز عظام الوجنات بشكل واضح بين العنصر السكاني المعروف باسم (الانجلوسكسون) والمنتشرين في كل من بريطانيا وشمالي المانيا على وجه الخصوص.
ب- البلطيقيون الشرقيون:
ينتشر هذا العنصر في شرقي وشمال شرقي القارة الاوربية حيث تسود صفاتهم الجنسية التي تتمثل أساسا في الراس والوجه العريضين والذقن المستديرة نسبيا، والشعر الأشقر، والعيون التي تتراوح الوانها بين الأزرق الفاتح والرمادي، والاجسام الضخمة، وتنتشر هذه الصفات السلالية على نطاق واسع في روسيا الاتحادية وفنلندا ودول البحر البلطي (استونيا، لاتفاي، ليتوانيا) على وجه الخصوص.
ث- الكلتيون:
تقلصت دائرة توزيعهم الجغرافي وأصبحت قاصرة حاليا على نطاقات متناثرة في الجزر البريطانية وخاصة ذات المواقع المتطرفة منها كما في اسكتلندا في اقصى الشمال وويلز وايرندا في اقصى الغرب بعد ان كانوا اكثر انتشارا على مستوى قارة اوربا وخاصة في الغب والجنوب.
وتتمثل صفاتهم الجنسية في البشرة البيضاء والانف الدقيق والعيون الملونة والقامة الطويلة والراس التي تتراوح بين الطويلة والمستديرة.
د- اللاب:
تقطن هذه المجموعة الجنسية الأطراف الشمالية لكل من النرويج والسويد وفنلندا وروسيا الاتحادية حيث يحترف بعضهم الصيد البحري، في حين يحترف البعض الاخر رعى حيوان الرنة، ويرجح بعض الباحثين ان اصولهم الجنسية ترجع الى السلالة القوقازية القديمة التي كانت تمثل خليطا بين السلالتين البيضاء والصفراء (المغولية) في مراحلهما القديمة بحكم القرب النسبي لموطنهم الى اقصى غربي سيبيريا التي تطورت فيها السلالتين القديمتين المشار اليهما، لذلك يتصفون بالبشرة البيضاء والقامة القصيرة (3) والوجه العريض والراس المستديرة والشعر المستقيم الكثيف بني اللون غالبا والانف المتوسط (متوسط العرض) وجبهة المستديرة وعظام الوجنات البارزة نسبيا.
2- الإقليم الأوسط :
يشغل النطاقات الوسطى من قارة اوربا حيث تقطن العديد من العناصر السلالية التي يأتي في مقدمتها الالبيون، الديناريون، ويتصف كلاهما بالراس العريض جدا، وهي من الصفات الجنسية المميزة لقاطني الأقاليم الجبلية والهضبية عالية المنسوب.
أ- الالبيون:
يتوزعون في جنوب وسط اوربا في نطاقا امتداد المرتفعات الالبية السابق دراستها في الفصل الثالث والممتدة من وسط فرنسا غربا الى شرقي رومانيا شرقا عبر أراضي سويسرا، شمالي إيطاليا وجنوبي المانيا، والنمسا، سلوفينيا، التشيك، سلوفاكيا، المجر. (شكل رقم 1).
ويتصف هذا العنصر السلالي بلون البشرة البيضاء المائل الى السمرة الخفيفة والقامة المتوسطة والراس العريض والوجه المستدير والانف المتوسط والشعر الكثيف الذي يتراوح بين المستقيم والمموج ولونه بين البني الداكن والكستنائي والعيون التي يتراوح لونها بين البني والرمادي.
وبحكم الموقع الجغرافي للعنصر الالبي في النطاق الأوسط للقارة الاوربية فقد تاثر جنسيا بالعنصر النوردي في الشمال وبعنصر البحر المتوسط في الجنوب، لذلك يلاحظ تزايد طول القامة وانتشار صفات الشقرة والراس المستدير بالاتجاه صوب الشمال، في حين يميل لون كل من البشرة والعيون والشعر الى السمرة النسبية والراس الى الطول بالاتجاه ناحية الجنوب.
ب- الديناريون:
ينتشر هذا العنصر في النطاق الغربي من شبه جزيرة البلقان في نطاق مرتفعات الالب الدينارية، لذا عرف باسم (الديناريون) الذين ينتشرون أساسا في سلوفينيا، كرواتيا، البوسنة والهرسك، صربيا، البانيا، وتتمثل صفاتهم السلالية في الراس العريض والقامة التي تتراوح بين المتوسطة والطويلة وبنيان الجسم القوي والوجه الطويل والانف المعقوف والحواجب السميكة والشعر المستقيم الكثيف على الوجه والجسم، وبحكم التوزيع الجغرافي للعنصر الديناري فقد تأثر بالعنصر الالبي وخاصة بالنطاقات الشمالية من اوطانهم في كل من سلوفينيا وكرواتيا، في حين تاثروا بعنصر البحر المتوسط في الجنوب وخاصة في البانيا.
3- الإقليم الجنوبي :
يمتد جنوبي قارة اوربا في نطاق عرضي يمتد من اليونان في الشرق الى اسبانيا والبرتغال في الغرب، ويسود هذا الإقليم صفات عنصر البح المتوسط الذي يمكن تقسيمه الى ثلاثة عناصر فرعية هي حسب اتساع دائرة التوزيع الجغرافي: (شكل رقم 1)
– عنصر البحر المتوسط الأصلي
– عنصر البحر المتوسط الأطلسي
– عنصر البحر المتوسط القديم
أ- عنصر البحر المتوسط الأصلي:
تنتشر صفات هذا العنصر الجنسي في إيطاليا، اسبانيا، البرتغال. وتتمثل اهم صفاتهم السلالية في القامة المتوسطة الرشيقة والراس الطويل الوجه الضيق والانف المستقيم الضيق، ولون البشرة البيضاء التي تميل الى السمرة بالاتجاه صوب الجنوب والشعر الأسود الذي يتراوح بين المموج والمستقيم وقليل الكثافة على الجسم.
واسهم انتشار الحضارات الاوربية في جنوبي القارة واستمرار الاتصال ونشاط حركة تبادل كل من التجارة والمعارف فيما بينها وأيضا بينها وبين الحضارات العربية في شمالي افريقيا وجنوبي غرب اسيا في تثبيت الصفات السلالية بين سكان هذا الجزء من القارة وان ظهرت بينهم بعض الاختلافات وخاصة فيما يتعلق بطول القامة ولون البشرة والشعر وشكل الانف.
ب- عنصر البحر المتوسط الأطلسي:
تتركز صفات هذا العنصر السلالي أساسا في بعض أقاليم الجزر البريطانية وجنوبي فرنسا وبعض جهات اسبانيا ونطاقات من شرقي شبه جزيرة البلقان وخاصة في اليونان.
وتتمثل الصفات الجنسية لهذا العنصر في القامة الطويلة ولون البشرة البيضاء والراس الطويل والوجه العريض والشعر الأسود والانف المستقيم الطويل، كما تسود صفة العيون الفاتحة في نطاقات عديدة.
ج- عنصر البحر المتوسط القديم:
تتركز صفات هذا العنصر في نطاق مرتفعات البرانس الفاصلة بين فرنسا واسبانيا حيث تقطن جماعات الباسك، واسهم الموقع الجبلي لموطن هذا العنصر الذي استقر في هذا الموقع منذ ما قبل التاريخ المكتوب وحتى الان في الحفاظ على نقائه الجنسي لعدم اختلاطه بالعناصر السلالية الأخرى، وتتمثل اهم الصفات الجنسية لهذا العنصر في البشرة البيضاء والقامة المتوسطة والراس التي تتراوح بين العريض والطويل والوجه الضيق والحواجب البارزة والانف البارز والانف البارز الضيق، كما تسود بينهم صفة الشقرة بصورة تفوق مثيلتها في كل من عنصر البحر المتوسط الأصلي وعنصر البحر المتوسط الأطلسي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) يتركز في هذه النطاقات من اوربا العناصر السكانية ذات الاصول غير الاوربية مثل المجيار والقوزاق والهون ذات الاصول المغولية النازحة من اسيا.
(2) نجحت جماعات الفاندال – نوردية الأصل – في عبور مضيق جبل طارق والانتشار في شمال غربي افريقيا خلال هذه الفترة التاريخية مما اسهم في انتشار بعض الصفات الجنسية النوردية بين بعض فئات السكان في هذا الجزء من افريقيا.
(3) تتصف جماعات اللاب بعدم تناسق الأعضاء الرئيسية للجسم حيث تسود بينهم صفات الاذرع الطويلة، وكفوف الايدي والاقدام الصغيرة والسيقان القصيرة بالنسبة الى الجذع الطويل الى حد ما.
أغرب سلالات البشر على الإطلاق!
كل منطقة في العالم يتميَّز ساكنوها بصفة وسمة جينية معيَّنة تجعلهم مختلفين عن غيرهم، كالعيون الملونة والشعر الأشقر لسكان أوروبا والبشرة السمراء الداكنة والشعر المجعَّد لسكان بعض الدول الإفريقية.
لكن شعبًا يسكن في أحد جُزر المحيط الهادئ تُعرف بجزيرة ميلانيزيا، هم أغرب السلالات البشرية على الإطلاق حسب اتفاق العلماء. فهم يمتلكون بشرة سمراء داكنة وشعرًا أشقرًا ذهبيًا على عكس المألوف!
جُزر سُليمان في ميلانيزيا الواقعة إلى الشمال الشرقي لأستراليا يتميز ساكنوها بصفات شَكلية غير مألوفة على الإطلاق. فأكثر من 10% من سُكان الجزيرة يتمتعون بالشعر الأصفر الذهبي الطبيعي دون اللجوء إلى طرق صناعية.
العديد من الفرضيات وُضعت عن أساس هذا الشعر وهذه السمة. منها ما قيل أن الشمس الحارة والمياه المالحة هي السبب، البعض الآخر أعزى الأسباب إلى النظام الغذائي القائم على الأسماك، ورأي ثالث رأى أن الطفرة نتجت عن اختلاط بين الشعوب الأوروبية أو الأمريكية مع سكان الجزيرة في فترة الاستكشافات.
لكن ما أكّده العلماء أن الطفرة التي تسببت بهذا المنظر المميز لسكان الجزيرة خاصة بهم وغير مستمدة من أي مصدر مذكور. فقد اكتشف العلماء جينًا يُسمى “TYRP1” هو المسؤول عن لون الشعر، والمثير أن هذا الجين غير متواجد لدى سكان أوروبا المتميزين بشعرهم الأشقر.
كما توَّصل علماء خلال دراسة أجرتها جامعة تكساس إلى نوعٍ من الجينات غير المعروفة لدى الشعب الميلانيزي. وذكر الباحث الأمريكي “ريان بوليندر” أن الجينات لدى شعب ميلانيزيا لا تُشبه بأي حال جينات الإنسان النيادرتال والدينيسوفان، والإنسان المعاصر.
وكان الباحث شون مايلز قد بحث عن المخطط الوراثي الكامن لهذا الشعب مع زملائه عبر جمع اللعاب وعينات شعر من عدد من سكان الجزيرة. وقارنوا التركيب الجيني بين 43 شخصاً ذا شعر أشقر و42 شخصاً ذا شعر أسود، حيث وجدوا أن هناك طفرة جينية هي السبب في وجود الشعر الأشقر لدى سكان جزر سليمان، وأن هناك نسختين من هذا الجين الطفرة الموجود في 26% من سكان الجزر. إلا أن الباحثين لم يعثروا على الطفرة ذاتها في عينات من الحمض النووي لدى 941 شخصاً من 52 شعباً آخر في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك البلدان الأوروبية.
وحتى أن يكتشف العلماء الأصل في جينات شعب جزيرة ميلانيزيا، يبقى هذا الشعب من أجمل الشعوب على الإطلاق بما وهبه الله من شكلٍ وصفات فريدة لا تتواجد بأي شعبٍ آخر على وجه الأرض!