تركيا في الموصل: الحدود المسكونة بالتغيير
اردوغان يتطلع لاستعادة ولاية الموصل، ويصر على ابقاء جيشه .. كل القادة الاتراك يقولون ان شمال العراق جزء من الأراضي التركية، والصحافة التركية تتحدث عن الحقّ التاريخي لتركيا في الموصل ومن ضمنها كركوك.
– عشية حرب الخليج الثانية في العام 1991، كان الرئيس التركي طورغوت اوزال يقول إنه إذا كان صدام حسين يقول إن الكويت محافظة عراقية، فإن العراق كله كان تابعاً لتركيا.ودعا اوزال رئيس حكومته يلديريم آقبولوت ورئيس أركانه نجيب طورومتاي إلى تحضير الجيش التركي لدخول شمال العراق واحتلاله وإقامة فدرالية تركية فيه.
– وفي العام 1994 كان الرئيس التركي سليمان ديميريل يتحدّث عن ضرورة تعديل خط الحدود التركية – العراقية لأسباب أمنية ويشير إلى الموصل على أنها «تابعة لتركيا».
– في العام 2004، كان وزير الخارجية التركية عبد الله غول يتحدث عن أنه «إذا تقسّم العراق، فإن لتركيا حقوقاً تنجم عن ذلك» في إشارة إلى ولاية الموصل.
– وعندما أقرّ النظام الفدرالي في العراق، قال غول: «لقد سلّمنا الموصل إلى عراق مُوحّد». ولسان حاله يقول بما أن العراق لم يعد موحداً، فإن لتركيا الحقّ باستعادة الموصل.
محمد نور الدين/ جريدة السفير
من أهم المواقف، وفي الوقت ذاته أكثرها خطورة في الآونة الأخيرة، تلك التي خرج بها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في 29 أيلول الماضي، أي قبل سبعة أيام فقط، والتي لم تحظ باهتمام في وسائل الإعلام الخارجية، فيما خضّت المشهد التركي الداخلي على مدى أيام.
اعتبر اردوغان معاهدة لوزان في العام 1923، التي رسمت معظم حدود تركيا الحالية، «هزيمةً وليست نصراً» لتركيا. كان بذلك يُريد أن يُغيّر النظرة «المُقدّسة» إلى لوزان، باعتبارها إنقاذاً لتركيا من اتفاقية «سيفر» في العام 1920 التي قسّمتها.
لم يكن هناك أي مناسبة لكي يُعلن اردوغان مثل هذا الموقف. لكنّه أتبعه بالهجوم على اليونان، عندما اعتبر ضمّ الجزر الـ12 في بحر ايجه (القريبة جداً من السواحل التركية) الى اليونان من تركيا، بأنه تفريطٌ بسيادة الدولة والوطن القومي التركي، قائلاً إن «من يصرخ من على الساحل التركي يُسمع صوته في الجزر الـ12».
في اليوم التالي، ردّ عليه رئيس الوزراء اليوناني اليكسيس تسيبراس بالقول إنها تصريحات «خطيرة».
كلام اردوغان عن «لوزان» جاء في لحظة إقليمية و «قومية» تركية بامتياز. للمرة الأولى منذ مئة عام، تدخل تركيا بقواتها إلى سوريا. وللمرة الأولى منذ مئة عام، تدخل تركيا قبل سنتين إلى بعشيقة في العراق وتتمركز هناك.
في لحظة تفتّت المنطقة وتعميم الفوضى ونزيف أنهار الدم وإعداد خرائط التقسيم، ينبري كلُّ طرفٍ إلى استغلال الفرصة، علّ قطعة من قالب جبنة التقسيم والمصالح تكون من نصيبه. وتركيا أحد الأطراف الأكثر علانية في إشهار التطلّع إلى أراضٍ خارج حدودها، لأسباب تاريخية. تتحرّك تركيا وفقاً لموروث تاريخي لا يزال حياً على الرغم من العديد من الاتفاقيات الدولية المُلزمة منذ مئة عام وحتى اليوم.
إلى المسعى الدائم لإسقاط النظام السوري، والذي لم تُغيّر منه «استدارة» مزعومة وخادعة، وإلى هدف منع قيام «كوريدور» كردي على امتداد حدودها الجنوبية، فإن تركيا تتطلّع إلى «استعادة» شمال سوريا الذي كان ضمن خريطة ميثاقها المللي في العام 1920، وفي القلب منه مدينة حلب. إن لم تنجح مباشرة، فعلى الأقل من خلال إقامة منطقة نفوذ في الشمال السوري أساسها تركماني وسنّي، عبر وكلاء لها مثل ما يُسمى «الجيش السوري الحرّ». ما تعمل له تركيا الآن هو إقامة شريط حدودي مُشابه تماماً لشريط انطوان لحد في جنوب لبنان على قاعدة أن أبناء العمّ يفهمون بعضهم على بعض ويتبادلون الخبرات.
من هنا، فإن تركيا لن تنسحب من هناك، إذا ما انسحبت، إلا بعد أن تنتزع من الحكومة السورية وحلفائها ترتيبات أمنية تُغيّر من هوية المنطقة الوطنية والسيادية. وهو ما يضع «غضّ النظر» الروسي – الإيراني – السوري عن دخول تركيا واحتلالها الشمال السوري خطأ استراتيجياً كبيراً نتيجة رهان على تحوّلات لدى اردوغان، سرعان ما تبيّن أنها أكثر من وهمية، ولا تعكس فهماً للمنظومة الإيديولوجية لحزب «العدالة والتنمية».
أما في الموصل، فإن المسألة أكثر وضوحاً في أهدافها وفي خلفياتها.
1ـ الموروث التاريخي:
جاء كلام اردوغان عن جزر بحر إيجه ليُصوّب الوجهة نحو الموصل. الكلام عن إيجه، لكن العين على الموصل.
يلفت اليوم الحبرُ الكثير الذي يسيل في الصحافة التركية، كما على لسان المسؤولين، عن الحقّ التاريخي لتركيا في الموصل، ومن ضمنها كركوك. يستدلّون على ذلك بالقول إن اتفاقية 1926 بين تركيا وانكلترا والعراق قد جعلت تركيا تتخلّى عن ولاية الموصل في مقابل بقاء العراق دولة واحدة مُوحّدة. وقد نزل إلى الميدان في هذا النقاش مؤرخون لم يتورّعوا عن تأكيد ذلك.
وضع قادة حزب «العدالة والتنمية» التدخّل التركي في الموصل في إطار تاريخي يعكس عمق المطامع التركية في شمال العراق.
أولاً، ليس هناك في اتفاقية 1926 أي عبارة حتى في النصّ التركي تربط بين التخلّي عن الموصل ووحدة العراق. وبالتالي، هذا زعم لا أساس قانونياً له. مع ذلك لم ترف عين الأتراك عن التطلّع إلى الموصل التي باتت عقدة النظام السياسي التركي.
عشية حرب الخليج الثانية في العام 1991، كان الرئيس التركي طورغوت اوزال يقول إنه إذا كان صدام حسين يقول إن الكويت محافظة عراقية، فإن العراق كله كان تابعاً لتركيا. وعشية تلك الحرب، كان اوزال يدعو رئيس حكومته يلديريم آقبولوت ورئيس أركانه نجيب طورومتاي إلى تحضير الجيش التركي لدخول شمال العراق واحتلاله وإقامة فدرالية تركية مع شمال العراق. لكنّهما عارضا الفكرة لأكثر من سبب.
وفي العام 1994 كان الرئيس التركي سليمان ديميريل يتحدّث عن ضرورة تعديل خط الحدود التركية – العراقية لأسباب أمنية ويشير إلى الموصل على أنها «تابعة لتركيا».
وفي العام 2004، كان وزير الخارجية التركية عبد الله غول يتحدث عن أنه «إذا تقسّم العراق، فإن لتركيا حقوقاً تنجم عن ذلك» في إشارة إلى ولاية الموصل.
وعندما أقرّ النظام الفدرالي في العراق، قال غول: «لقد سلّمنا الموصل إلى عراق مُوحّد». ولسان حاله الساطعة أنه بما أن العراق لم يعد موحداً، فإن لتركيا الحقّ باستعادة الموصل.
2 ـ راعي السنّة:
النقاش التاريخي حول ذلك أتبعه اردوغان ورئيس الحكومة بن علي يلديريم ونائب رئيس الحكومة نعمان قورتولموش حول ضرورة عدم تغيير هوية الموصل الديموغرافية، سواء العرقية أو المذهبية بالقول علانية إن «الميليشيات» الشيعية يجب ألا تدخل المدينة ويجب أن تبقى سنّية. بالطبع هو خطاب يُناقض نفسه عندما لم يُحرّك الأتراك ساكناً قبل سنتين حين تعرّض تركمان تلعفر لمجزرة من «داعش».
وعلى الرغم من أن الضحايا من التركمان، لكن شيعيتهم حالت دون إبداء تركيا حرصها على أبناء عمومتها من التركمان.
تُصرّ تركيا على إبقاء قوّتها في بعشيقة ليكون لها يد في تحرير الموصل، وبالتالي حصة على طاولة المفاوضات. وفي ظلّ التحالف الأردوغاني مع مسعود البرزاني وأثيل وأسامة النجيفي، فإن العين هي على إقليم سني ترعاه تركيا وتكون حاميته، كون تركيا هي الأنسب لذلك بسبب الحدود الجغرافية المجاورة. وهذا هدف له قواعده البشرية وحاضنوه في العراق وفي المناطق السنية. وإذا تحقّق ذلك، فإن تركيا ستكسب أفضلية وتفوقاً في صراع النفوذ مع إيران ومع السعودية ودول الخليج.
3 ـ الصراع مع حزب «العمال الكردستاني»:
أدخل الدور الكردي في سوريا عاملاً جديداً على المعادلات الإقليمية. فحزب الاتحاد الديموقراطي الكردي بزعامة صالح مسلم يجمعه مع حزب «العمال الكردستاني» مشترك إيديولوجي واحد هو الفكر الأوجلاني. وهذا يدقّ ناقوس الخطر في تركيا بحيث تكون مُحاطة بهذا التيار في الداخل ومن الجنوب في سوريا. وهذا كان من أهم أسباب التدخّل العسكري التركي في سوريا.
أما في العراق، فإن التطوّرات العسكرية عرفت متغيّرات ميدانية حيث بات لحزب «العمال الكردستاني» وفقاً لمصادر إعلامية وجود في جبال سنجار (شينغال) الواقعة على الحدود بين العراق وسوريا. وتركيا لا تُريد أن يكون سنجار «جبل قنديل ثانيا» لها.
مُشاركة تركيا في حرب الموصل ورفضها مشاركة أكراد حزب «العمال الكردستاني» في المعركة يهدف إلى قطع الطريق على تثبيت الحزب وجوده هناك والعمل تالياً على إلغائه وحتى لا يؤسّس الحزب ممراً برياً بين العراق وسوريا لعناصره. وفي هذا المسعى، تجد تركيا في مسعود البرزاني خير نصير لها كونه عدواً أول لدوداً لعبدالله أوجلان.
4 ـ نفط كركوك والموصل:
تلف تركيا عقدة أنها دولة غير نفطية وتتحسّر على إبرام اتفاقية العام 1926 الذي أفقدها نفط الموصل وكركوك. لذا، فإن الحصّة التركية من طاولة المفاوضات لاحقاً تأمل أن تكون من نفط كركوك ومن نفط ولاية الموصل.
يلفت هنا في سياق كل هذه المعمعة التصريحات المتتالية من واشنطن المعارضة لدور تركي في الموصل. فتارة يقول متحدث أميركي إن تركيا ليست جزءاً من قوات «التحالف الدولي» لتحرير الموصل. وتارة، يقول المتحدّث الأميركي باسم مكافحة إرهاب «داعش» إن القوة التركية في بعشيقة لم تأخذ إذناً من حكومة بغداد وبالتالي هي غير شرعية.
ومرّة طالب نائب الرئيس الأميركي جو بايدن تركيا بسحب قوتها من بعشيقة. ولعلّ هذه المواقف تعكس الرغبة الأميركية بعدم إعطاء تركيا دوراً مركزياً في العراق في ظلّ قرار تركيا السابق بعدم المشاركة في غزو العراق وبقائها بعيداً عن المشهد العراقي، وهو ما أزعج أميركا حينها كثيراً. كذلك، فإن واشنطن لا تُريد استبعاداً كاملاً لدور مقاتلي حزب «العمال الكردستاني» (وتالياً قوات الحماية الكردية السورية) في معركة الموصل وهم الذين كان لهم دور في تحرير نصف سنجار وردّ الخطر، مع الإيرانيين، عن اربيل. كما لا تُريد لحسابات إيرانية أن يكون لتركيا أي دور مؤثر في العراق. مع ذلك، فإن «غضّ النظر» الأميركي عن معسكر بعشيقة يعكس السياسات الأميركية التي تُحاول الاستفادة من عوامل مُتعدّدة توظّفها في لعبة الضغوط في أكثر من اتجاه.
بعشيقة أولاً
تُراهن أنقرة على أن المتغيّرات الكبرى، ومنها إعادة ترسيم الحدود الجغرافية أو حدود مناطق النفوذ في المنطقة وفي العالم، لا تأتي إلا بعد حروب كبرى وانهيار الدول المركزية. ومنطقة الشرق الأوسط تشهد اليوم، ومنذ سنوات، حالة شبيهة بذلك تفتح على كل الاحتمالات.
مع ذلك، فإن إعادة إسقاط الماضي، كما هو قبل مئة عام، على راهن تغيّرت سجّادته ولاعبوه يُمكن أن يُفضي إلى نتائج عكسية، خصوصاً إذا نجح محور الممانعة والمقاومة في الخروج من خديعة اردوغان في جرابلس والردّ عليه في الموصل.
وهذا ربما من أبرز أسباب «الانتفاضة» الحكومية العراقية المُفاجئة ضدّ مُعسكر بعشيقة وتركيا وفي مجلس الأمن. لقد كان التقاعس الحكومي السابق والمعروفة ظروفه، سبباً لتثبيت ركيزة الوجود العسكري التركي في بعشيقة وغير بعشيقة.
إن أكبر خطأ يرتكبه العراقيون أن يسمحوا لتركيا، تحت أي ظرف من الظروف، بالمشاركة في معركة الموصل، أو أن يسمحوا لها أن تبقى هناك ثانيةً واحدة. بل إن تحرير بعشيقة أولاً قبل الموصل هو الشرط الضروري لتحرير الموصل لاحقاً.
وخلال ذلك، فإن العراق سيكون أمام اتفاقية 1926 بالمقلوب ولات ساعة مندم. وكل التطوّرات التاريخية على امتداد مئة عام وصولاً إلى اليوم عكست أن تركيا لا تحترم الاتفاقيات التي تُوقّعها ولا تعترف بما رُسم من حدود، وهي تنظر إليها على أنها غير ثابتة وغير نهائية وتنتظر الفرص دائماً لتغييرها من سوريا إلى الموصل وصولاً إلى .. بحر إيجه تمهيداً لرمي «لوزان» في سلّة المهملات.
…………………………………….
محمد جمال – إيوان24
عندما دخلت قوات الجيش العراقي والحشد الشعبي الشيعية المتطرفة مدن الفلوجة والرمادي بدعوي تحريرها من تنظيم داعش، جرت أعمال قتل ونهب قامت بها ميليشيات “الحشد الشعبي” الشيعية ضد الأغلبية من السنة، لهذا جاء المبرر التركي برفض مغادرة قواتها لمدينة الموصل قبل تحريرها من داعش، خوفاً من تهجير أهلها السنة وفشل الحكومة العراقية في حمايتهم منطقيا.
ولكن المؤكد أن هناك سبب تركي اخر لعدم ترك الموصل يتعلق بتاريخ مدينة الموصل، وقصة اتفاقية لوزان التي وقعت بين تركيا وبريطانيا عقب الحرب العالمية الأولي، وتم بموجبها ضم البريطانيين للمدينة الي أملاكهم ثم تركها للعراق لاحقا، والتي يعتقد أن تركيا تسعي لإلغائها عمليا بإبقاء قواتها هناك.
فعندما سئل الرئيس التركي اردوغان في حواره مع قناة روتانا خليجية، حول الموصل، وإمكان تحريرها من دون تركيا والسعودية، بسبب أن سكان الموصل يرون فيهما الملاذ الذي يحميهما، أكد أردوغان ضرورة أن تبقى المدينة بعد إخراج داعش منها لأهلها من السنة العرب، والسنة التركمان، والسنة الكرد.
وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم “بغض النظر عما تقوله الحكومة العراقية، الوجود التركي سيبقى لمحاربة داعش وتفادي حدوث تغيير قسري للتركيبة السكانية في منطقة الموصل”.
وقال يلدريم “عندما تكون هناك قوات من 63 بلداً منتشرة في العراق فليس معقولاً أن تركز (الحكومة العراقية) على التواجد التركي”، معتبراً أن موقف بغداد “لا يعكس حسن النية”.
وبدأت العلاقات التركية العراقية تدخل دائرة التوتر بصورة متسارعة بسبب بقاء قوات عسكرية تركية يزيد تعدادها عن الفي جندي وضابط، في الموصل تطالب بغداد بسحبها فورا باعتبارها قوة احتلال، حسب توصيف حيدر العبادي رئيس الوزراء.
وصوت البرلمان العراقي بالإجماع على رفض تواجد هذه القوات التركية على الأراضي العراقية، وطالب بطرد السفير التركي من بغداد، وسحب السفير العراقي من انقرة احتجاجا.
ويرد الاتراك بالقول بأن هناك أكثر من خمسة آلاف جندي امريكي على الأراضي العراقية، وآلاف من قوات الحرس الثوري الإيراني أيضا، فلماذا لا يطالب رئيس الحكومة العراقية وبرلمانه بخروجهم، ولا يعتبر وجودها قوات احتلال اسوة بالقوات التركية؟.
ولكن الرئيس أردوغان رد على انزعاج الحكومة المركزية في بغداد من تركيا، بقوله: «لما قمنا بتأسيس معسكر بعشيقة الي تدرب قوات تركيه فيه البشمركه لم تكن بغداد منزعجة، ونحن مستمرون في برامجنا التدريبية في هذا المعسكر، ولن نترك اخواننا الذين يتطلعون إلى مساعدتنا، وستبقى الموصل لأهل الموصل، وتل عفر هي لأهالي تل عفر، ولا يحق لأحد أن يأتي ويدخل هذه المناطق”.
ويقدر عدد الجنود الأتراك في العراق بنحو 2000 جندي، يوجد نحو 500 منهم في معسكر بعشيقة شمال العراق ويدربون المقاتلين العراقيين الذين يأملون في المشاركة في معركة استعادة الموصل، بحسب الإعلام التركي.
ورفض اردوغان مشاركة قوات الحشد الشعبي العراقية التي تضم اغلبية من المتطوعين من الطائفة الشيعية، وكذلك مشاركة قوات البيشمركة الكردية التابعة لإقليم كردستان العراق، او أي قوات كردية أخرى.
والأراضي العراقية تتلخص في انها، أي القوات التركية، جرى نشرها في إطار مهمة دولية لتدريب وتجهيز القوات العراقية لقتال تنظيم الدولة الإسلامية، وترد الحكومة العراقية بأنها لم تطلب هذه القوات، وتطالب برحيلها فورا لأنها تعتبرها قوات احتلال، مثلما تؤكد رفض أي دور لها في معركة الموصل.
الموصل واتفاقية لوزان
تعتبر “الموصل” العراقية تاريخيًا ذات أهمية استراتيجية بالنسبة لتركيا؛ حيث كانت المدينة العراقية منذ أقل من قرن جزءًا من السلطنة العثمانية، واحتلتها القوات البريطانية بعد توقيع «هدنة مودروس» عام 1918 بين السلطنة العثمانية والحلفاء، التي نصت على توقف الحرب بين القوات البريطانية والعثمانية، ولهذا اعتبرت السلطنة ما حصل يومها خرقا للهدنة، دون أن تنجح باستعادة الموصل بسبب ظروف الحرب العالمية.
ولاحقا، عندما وقعت تركيا «اتفاقية لوزان» عام 1923، التي تعتبر النهاية الرسمية للسلطنة العثمانية والاعتراف بالجمهورية التركية الجديدة وفق الحدود الجديدة المتفق عليها، بقيت قضية الموصل خارج المعاهدة لتبت فيها «عصبة الأمم»، التي أرسلت بدورها لجنة تقصي حقائق أوصت بأن تبقى المدينة تابعة للعراق.
ووافقت تركيا على ذلك ووقعت اتفاقية ترسيم حدود مع العراق عام 1926، وبقيت الموصل تابعة للعراق، الذي غير اسم المحافظة إلى “نينوى”.
ورغم أن نزاع الموصل انتهى من الناحية القانونية بإبرام هذه الاتفاقية، إلا أن الأتراك ظل في ذاكرتهم أن للموصل مستقبل غير الذي وضعته الاتفاقية؛ حيث وعد مؤسس الجمهورية التركية، مصطفى كمال أتاتورك، نواب البرلمان المعترضين على الاتفاقية آنذاك، بالعمل على “استعادة الموصل في الوقت المناسب”، حين يكونوا أقوياء، وخصوصا لدى من يحمل أحلام وآمال تجديد الأمجاد العثمانية السابقة.
وفي ضوء هذه التصريحات والنبذة التاريخية للموصل، يرى مراقبون أن إعادة ضم تركيا للموصل أمر لم تنساه انقره وربما تري أن اللحظة التي تحدث عنها اتاتورك (حين يكونوا أقوياء) حانت بوجود رئيس قوي هو أردوغان، وتجدد أحلام الامبراطورية العثمانية، وإن كان حلم صعب المنال في الظروف الحالية.
وربما يخدم الاهداف التركية قناعة الامريكان بضرورة إقامة إقليم سني في شمال العراق يكون تحت رعاية الأتراك وإقليم آخر للأكراد وثالث للشيعة، خاصة أنه يوجد في الموصل 5 ملايين مسلم سني.
لهذا يخشى السياسيين والبرلمانيين العراقيين، من أن تحرير الموصل بمشاركة تركيا، سيكرس في الحد الأدنى، وصاية تركيه على المدينة وربما أدوارا ومحاصصات طائفية وإقليمية جديدة قد تؤدي إلى تقسيم العراق فعليًا
وسقطت الموصل ذات الغالبية السنية في أيدي تنظيم الدولة الإسلامية في صيف 2014، وتستعد بغداد بدعم من التحالف الدولي المناهض للإرهاب بقيادة واشنطن لاستعادتها.
وظلت المنطقة خاضعة للحكم العثماني لأربعة قرون قبل أن تلحق بالعراق بعد الحرب العالمية الأولى وانهيار السلطنة العثمانية.
الخلاصة أن تركيا ربما تسعي لتحويل مشكلة تحرير الموصل من داعش، إلي فرصة تاريخية لاستعادة الموصل أو ضمان وجود سلطة موالية لها علي الاقل هناك، لا موالية للإيرانيين أو حكومة العراق، فتقضي بذلك عمليا علي اتفاقية لوزان التي اقتطعت منها الموصل، وتعهدت بإعادتها عندنا تتوافر لها القوة، وليس هناك أنسب من الوقت الحالي للقوة التركية.