سمعتُ امرأةً في قطار الأنفاق تخبر صديقتها أنّ طفلتها تمرّ برأس إصبعها على كل شيءٍ في منزلهم، طاولة القهوة والكتب واللوحات وحتى والدتها، في محاولةٍ منها لإخفائها مثل الصورة في الشاشة التي تعمل باللمس. هذه القصة جعلتني أُفكر في الكثير منّا، وبمعرفتنا بما يجري وراء هذه الشاشات التي ليست أغنى من معرفة طفلٍ صغير. قبل […]
سمعتُ امرأةً في قطار الأنفاق تخبر صديقتها أنّ طفلتها تمرّ برأس إصبعها على كل شيءٍ في منزلهم، طاولة القهوة والكتب واللوحات وحتى والدتها، في محاولةٍ منها لإخفائها مثل الصورة في الشاشة التي تعمل باللمس.
هذه القصة جعلتني أُفكر في الكثير منّا، وبمعرفتنا بما يجري وراء هذه الشاشات التي ليست أغنى من معرفة طفلٍ صغير.
قبل أن أبدأ في البحث عن كيفية عمل شاشات اللمس، كنت أعتقد أن هناك تقنيةً عالميةً واحدة وراء هذه الظاهرة وهي القابلية للّمسSwipable ، لكن تبيّن لي أنّ هناك أكثر من نصف دزينة يتم التوصل إليها كل يوم، ومن أكثر تقنيات شاشات اللمس شيوعاً هي شاشات اللمس بالطاقة وشاشات اللمس المقاوِمة.
وللتبسيط، سنتناول هذين النظامين وننتهي مع آخر ما توصل إليه خبراء تقنية الشاشات التي تعمل باللمس.
شاشات اللمس المقاومة:
هذه الشاشات هي الأبسط و الأكثر شيوعاً، تُستخدم في أجهزة الصرّاف الآليّ والبقالات التي تتطلب توقيعاً إلكترونياً بقلمٍ صغير.
هذه الشاشات مقاومة للّمس حرفيّاً، فإذا ضغطت بما يكفي عليها ستشعر بأن الشاشة تنحني قليلاً، وهذا ما يجعل الشاشات المقاومة تعمل. فهي عبارةٌ عن طبقتين موصلتين بالكهرباء، إذا تمّ الضغط عليها عند نقطة ما فستتلامس كِلا الطبقتين عند نفس النقطة، كما هو الحال في هذه الصورة:
إحدى تلك الطبقات الرقيقة الصفراء مقاومة والأخرى موصّلة، تفصلهما فجوةٌ بواسطة نقاطٍ صغيرةٍ تسمى الفواصل للحفاظ على الطبقتين والحدّ من لمس إحداهما للأخرى. وكذلك توجد طبقةٌ زرقاء رقيقةٌ مقاومةٌ للخدش تعلو الطبقة الصفراء لتُكملها وتشكّل معها طبقةً واحدة.
يمرُّ التيار الكهربائي عبر الطبقات الصفراء في جميع الأوقات، وعندما تضغط بإصبعك على الشاشة يتم الضغط على الطبقتين معاً مما يؤدي إلى حدوث تغيرٍ في التيار الكهربائي عند نقطة الاتصال، عندها يقوم البرنامج بمعرفة التغير الحاصل في التيار عند هذه الإحداثيات ويُنفّذ الوظيفة المطلوبة في تلك البقعة.
شاشات اللمس المقاومة متينةٌ ومتّسقة، لكنها صعبة القراءة؛ لأن الطبقات المتعددة تعكس الإضاءة المحيطة. كما أنها قادرةٌ على التعامل مع لمسةٍ واحدةٍ في وقتٍ واحدٍ فقط، مستبعدة بذلك على سبيل المثال: التكبير بإصبعين كما في جهاز الآيفون iPhone.
ولهذا السبب فإن الأجهزة الراقية هي أكثر استخداماً لشاشات اللمس بالطاقة التي تكشف عن أيّ شيءٍ موصّلٍ للكهرباء.
شاشات اللمس بالطاقة:
خلافاً لشاشات اللمس المقاوِمة، شاشات اللمس بالطاقة لا تعتمد على ضغط إصبعك لتحدث تغييراً في تدفق الكهرباء، بل تعمل مع أيّ شيءٍ يحمل شحنةً كهربائيةً، بما في ذلك جلد الإنسان.
نعم، فنحن نتألف من ذراتٍ ذات شحناتٍ موجبة وسالبة!
هذا النوع من الشاشات مصنوعٌ من مواد مثل: النحاس أو indium tin oxide التي تختزن الشحنات الكهربائية في شبكةٍ من أسلاكٍ دقيقة، كل سلك أصغر من شعرة الإنسان.
هناك نوعان رئيسيان من شاشات اللمس بالطاقة، وهي: السطحي والإسقاطي.
تستخدم شاشات اللمس بالطاقة السطحية أجهزة الاستشعار في زوايا، وتكون على شكل طبقة فيلمٍ رقيقة موزعة بالتساوي على السطح (كما في الصورة أعلاه)، في حين تستخدم الشاشات بالطاقة الإسقاطيّة شبكةً من الصفوف والأعمدة مع شريحةٍ منفصلةٍ للاستشعار عن بعد.
في كلتا الحالتين عندما يلمس الإصبع الشاشة يتم نقل شحنة كهربائية صغيرة من الإصبع لاستكمال الدائرة، وخلق انخفاضٍ في الجهد عند هذه النقطة من الشاشة. وهذا هو السبب في كَون الشاشات بالطاقة لا تعمل عند ارتداء القفازات؛ فالقماش لا يوصل الكهرباء مالم يكن مصنوعاً من خيوطٍ موصّلة. يقوم البرنامج بتنفيذ الوظيفة الموكلة لتلك النقطة التي حدث فيها انخفاض في الجهد.
الخطوة التالية، حجمٌ أكبر.
أحدث تقنيات شاشات اللمس لا زالت قيد التطوير، ولكن تبقى تقنية شاشات اللمس بالطاقة هي المعيار في صناعة شاشات اللمس في الوقت الراهن.
التحدي الأكبر في تطوير شاشات اللمس ذات السطوح الكبيرة هي كثرة التداخل الحاصل في المجال الكهربائي للشاشات الكبيرة مع قدرة الاستشعار.
مهندسي البرمجيات من شركة (Perceptive Pixel)، صمّموا شاشات لمسٍ كبيرةٍ (مثل 82 بوصة) باستخدام تقنيةٍ تدعى “الإحباط الكلي للانعكاس الداخلي FTRI”.
فعندما تلمس شاشة FTRI فإنك تقوم ببعثرة الضوء، والعديد من الكاميرات الموجودة خلف الشاشة سترصد التغير في الضوء، وهو ذاته أساس عمل شاشات اللمس بالطاقة من حيث الكشف عن التغيّر الحاصل في التيار الكهربائي.
المصدر: كيف تعمل شاشات اللمس؟ – الفضائيون