المدنية ليست ضد الريف، فالريف يمتلك مقومات التمدن التي يأتي في مقدمتها الاستقرار الاقتصادي وبعدها تحرر الرجل والمرأة والتكافؤ بينهما، لذا من المؤلم جداً أن يهاجم كثير من العراقيين، أبناء المدن، ريف عراقهم مدعين انه صدر اليهم الجهل والتخلف والانغلاق.
ومن يقترب من ريف العراق ويعرفه جيدا يدرك ان هناك قرى اكثر تحضرا من بعض المدن، فالمرأة تعمل الى جانب الرجل وهي شاعرة ومتحدثة وفريضة وصاحبة مواقف اجتماعية وسياسية مؤثرة ومستقلة اقتصاديا.
كانت المرأة الريفية رياضية جميلة غير متحفظة في ازيائها فالشيلة البلبول تبدي حسن وشم عنقها وأناقة أقراطها، والأزياء القريبة من التحجب في الغالب تفرضها طبيعة عملها وخروجها الى بيئة حارة وشمس حارقة.
وفي الثمانينيّات فوجئت وانا في المدرسة الثانوية حين هربنا من قصف البصرة الى الناصرية ان المدارس هناك مختلطة وان البنات والبنين يتصرفون بشكل طبيعي مع بعضهم يتبادلون الحديث والكتب والأقلام والمعلومات، وكانت بنات الريف الجامعيات اكثر جرأة وحيوية منا نحن (بنات المدينة) اذ هي المرة الاولى التي نختلط فيها مع الشباب في الدراسة.
اما الدراجة النارية وهي اكثر صعوبة وخطورة من الهوائية فقد كانت مركوب الفلاحات في بعض النواحي المحيطة ببغداد ينتقلن فيها بين مزارعهن برشاقة وخبرة وعفوية كونها وسيلة نقل عملية لهن، ولا أنكر اني اندهشت جداً حين شاهدتهن ذات سفر في العراق وادركت اني لا اعرف عن نسائنا الريفيات الكثير.
نعم هناك ظلم كثير في العادات والتقاليد ولكن هناك تمرد تقوده المرأة بذكاء وقوة.
الريف ليس جاهلا، فهو المأوى الرحب الذي حمى مناضلي العراق الذين لجأوا اليها حين كانوا يقاومون الطاغية وجلاوزته، منه استمد النواب اجمل كلمات قصائده، ومن بين نخيله وقصبه صدحت أغاني العراق المليئة بالحب والحياة.
نعم هناك تجهيل متعمد للعراق كله وليس للمدينة او الريف، ولكن وصولية المثقف وأنانيته واعتقاده انه محور الكون، وابتعاده عن لغة أهله أسهم بشكل عميق في تعزيز قوة الجهل وعدم الثقة بوجود بديل مضيء حقيقي يحب العراق..
ومن التعليقات على المادة نقرأ
Wafaa Al Qazwini
Sara Box
Suzy Nadhom Farhan
رائد الصلحاوي
ست دلال كل ماقلتيه صحيح هناك ريف متحضر اكثر من المدينة والمراءه الريفية وكفاحها والصفات الجميلة والأصالة التي تملكها. نعم كان الريف يمثل الاصالة والطيبة والفكر والمعرفة والبحث والجد والصدق والثبات على المبادىء والتمسك بالقيم. لكن ابن الريف اذا حكم المدينة تحل الكوارث مثل مافعل التكارتة وغيرهم والآن يتمنى البعض من أبناء الريف ان يربطو جواميسهم بتمثال السياب. هنا انا لا أعمم علما باني ابن ريف اصيل سكنت المدينة منذ نعومة أظافري وسكنت في الكثير من مدن العالم المتحضر والمتخلف ويبقى حلم حياتي ان ارجع واسكن في الريف مسقط راسي. . لكن لا ننكر طيبة وهدوء ابن المدينة وقبوله للاخر تحياتي للجميع واحترامي