كثيراً ما يشار إلى النظام الغذائي الصحي، كأهم سبب لطول الأعمار عند بعض الشعوب التي تشهد ارتفاعاً واضحاً بأعداد المعمرين، وعادة ما يتم الربط بين أسلوب الحياة، ومعدلات الأعمار، إلا أن هناك سبباً جديداً لطول العمر، ومن خارج النظام الغذائي، يرجح بأنه من أسباب طول الأعمار، وهو الاستحمام المنتظم في حوض، بحسب خلاصة بحث منشور باللغة الإنجليزية، أواخر شهر سبتمبر الماضي، للدكتور هاياساكا شينيا، في موقع NIPPON الياباني.
وفي تفاصيل تأكيد الدكتور شينيا الذي يدرّس في جامعة طوكيو، عن دور الاستحمام المنتظم في حوض، بطول العمر، فقد تم إجراء دراسة على ثلاثين ألف شخص، على مدى عشرين عاماً، وظهرت نتائجها العام الجاري، تبين فيها أن الذين يستحمون بانتظام عبر نقع أجسامهم في أحواض مياه ساخنة، تفادوا خطر الإصابة بأمراض خطيرة، كالسكتات الدماغية وأمراض القلب، بما نسبته 30% قياساً بالأشخاص الذين لا يستحمون بانتظام، ويقتصر استحمامهم على مرة أو اثنتين في الأسبوع.
إطالة العمر
وعلّق شينيا على نتائج تلك الدراسة، بأنه من المرجّح وعلى نحو متزايد، بأن الاستحمام المنتظم قد يكون أحد الأسباب التي أدت إلى طول عمر اليابانيين، كما قال، مشيراً إلى أنه هو نفسه قد شارك في مشروع بحثي في إحدى الجامعات، عام 2018، تم فيه متابعة ورصد 14 ألف شخص من كبار السن، وعلى مدار ثلاث سنوات، ظهر فيه أن الذين يستحمون بغمر أجسامهم في الماء الساخن، بانتظام، من بين المشمولين بالدراسة، انخفضت لديهم مخاطر الإصابة بأمراض خطيرة، قياساً بالذين يستحمون عددا أقل من المرات، ولا يواظبون على فعل الاستحمام، يوميا.
ويشير في هذا السياق، إلى فوائد مختلفة للاستحمام، مرتبطة مباشرة، بحرارة المياه. ويقول إن رفع حرارة جسم الإنسان، في درجة حرارة لا تقل عن 38 درجة، من خلال الاسترخاء في مغطس من الماء الساخن، يدفع الشرايين للاسترخاء ويسهم بتقوية الدورة الدموية، ويمنح خلايا الجسم الكمية المطلوبة من الأوكسجين، وأن هذا هو سرّ الرضى والانتعاش الذي يشعر به المرء “المنقوع” في ماء ساخن.
40 أقصى درجة لآلام العظام
في المقابل، فإذا كان من فوائد الاستحمام بماء ساخن، التخفيف من آلام العظام التي يعاني منها البعض، خاصة آلام فقرات الظهر، بحسب السابق، ومختلف الأوجاع المزمنة كآلام المفاصل، فإن كلمة “ساخن” ملتبسة، وقد تدفع البعض لرفع درجة حرارة ماء المغطس، أو ماء الاستحمام، ظناً منه أنه بهذا سيكون أفضل حالاً، إلا أن شينيا يحذر من الاستحمام بمياه تزيد حرارتها عن 40 درجة مئوية.
ويؤكد الباحث في هذا الصدد، أن الاستحمام في مياه ساخنة جداً وتزيد حرارتها عن 42 درجة وأعلى، يؤدي إلى تهييج الجهاز العصبي، ويزيد في معدل ضربات القلب، ويرفع ضغط الدم، ويزيد نسبة توتر العضلات في مختلف أنحاء الجسم.
مذكراً بأن القصد من الاستحمام الياباني الذي عادة ما يتم بغسيل الجسم وتنظيفه قبل نقعه في حوض، هو الاسترخاء وحسب، وبأن الاستحمام في مياه ساخنة جداً، يبطل هذا الاسترخاء، ويجعله انقباضاً وتوتراً وارتفاعاً في الضغط وعدد دقّات القلب.
ويكشف عن تأثير الدرجة 40 في حرارة مياه الاستحمام، مؤكداً أنها الدرجة المثلى، على اعتبار أنها بهذا المستوى، تقوم بتحفيز بعض أجزاء الجهاز العصبي التي تمرّ بنوع من الخمول أو عدم الاستجابة في وقت سابق ولأسباب مختلفة، وتهدّئ من توتر وقلق الأشخاص.
المياه الساخنة يحمل الجسم ويخفف وزنه
من جهة أخرى، فإن التأثيرات الإيجابية للمياه الساخنة على الجسم المنقوع في حوض، تتحول بحسب شينيا، إلى قوة رافعة، ويقول إن جسم الإنسان إذا كان عائماً فوق الماء، عبر آلية الطفو، فإنه بذلك يقلّص الوزن الذي كانت تتحمل عبئه العضلات والهيكل العظمي، وفي حالة كان وزن الشخص 60 كيلوغراماً، فإنه سيحمل من وزنه 6 كيلوغرامات فقط، أي ما مقداره 10% من مجمل الوزن، لا أكثر، إذا ما كان قد نقع جسمه في المغطس حتى مستوى الكتفين وأعلى.
ويشار إلى أن خاصية الطفو التي يتسبب بها الماء في استحمام المغاطس، تؤدي لإضافة فائدة أخرى، حسب المصدر السابق، ويؤكد أنه في حال غمر الجسم كله في ماء المغطس، عند الاستحمام، فإن تغيّر مؤشر الضغط على كل أجزاء الجسم، خاصة في الساقين، يساعد على تخفيف التورّم ويحسّن بشكل ملحوظ، في آلية عمل الدورة الدموية.
خبر سار: نزلات البرد القديمة قد توفر مناعة ضد كورونا!
60 الف ياباني تجاوزوا سن المئة!
من جهة أخرى، فإن الفيروس المستجد كورونا، لم يكن بعيداً عن بحث الدكتور المتعلق بفوائد الاستحمام المطيلة للعمر ومنها فوائد الحمام الياباني بصفة خاصة، فيقول إن كورونا تسبب بتوتر وقلق شديدين عند كثير من الأشخاص حول العالم، مطالباً بالتركيز على فوائد الاستحمام المنتظم، في هذه المرحلة العصيبة التي تمر فيها البشرية، للمساعدة على الاسترخاء على المستوين الجسدي والعقلي، وللمحافظة على لياقة وصحة كبار السن.
ويأتي تأكيد الباحث الياباني عن دور الاستحمام المنتظم، بطول أعمار اليابانيين، في الوقت الذي تركز فيه أغلب الدراسات العالمية على دور النظام الغذائي المتبع في ولادة تلك الظاهرة، إذ تشير الدراسات إلى وجود أكثر من ستين ألف شخص في اليابان، أعمارهم تزيد عن المئة عام، مع الإشارة إلى أن آخر إحصائيات متوسط الأعمار، رصدت ارتفاع النسبة في اليابان، إلى أكثر من 80 سنة.
يذكر، ان الاستحمام المنتظم عند اليابانيين والذي يوصف بأنه عادة عميقة الجذور بسبب وجود ينابيع طبيعية ساخنة في البلاد بأكثر من 27 ألف ينبوع، مما يزيد من إمكانية تمتع كثيرين بمزاياها على نطاق أوسع، والذي تحدث عنه المصدر المشار إليه، هو الاستحمام عبر غمر الجسم في الماء الساخن، وليس فقط سكب الماء أو رشّ الجسم بقطرات الماء المنهمرة، على طريقة أغلب المستحمين في العالم.
99% من اليابانيين لا يؤمنون بأي دين..لماذا؟
معمرون أسبان يقدمون نصائحهم
أظهرت بيانات من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وأحدث تعداد للسكان، أن إسبانيا تحتل المرتبة الثانية في العالم من حيث ارتفاع متوسط الأعمار بعد اليابان، إذ يحيا فيها أكثر من 17 ألف شخص تبلغ أعمارهم 100 سنة أو أكثر.
ووفقاً لوكالة “رويترز” فإن مصورتها أندريا كوماس، أجرت على مدى عام مقابلات، والتقطت صوراً لإسبان يبلغون من العمر مئة عام أو أكثر، في أنحاء البلاد.
ووفقاً لأحدث إحصاءات من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، نشرت في 2013، يبلغ متوسط الأعمار في إسبانيا 83.2 عاماً، أي أقل قليلاً من 83.4 عاماً المسجل في اليابان.
وأغلب الرجال والنساء الذين التقتهم كوماس كان لديهم إقبال على الاستمتاع بالحياة، واهتمام بهوايات شغل وقت الفراغ من فن التمثيل إلى عزف البيانو. كما واصل العديد منهم القيام بواجبات يومية؛ من أداء أعمال زراعية إلى رعاية طفل معوق.
ويعزف بيدرو رودريغيز (106 أعوام) على البيانو كل يوم في غرفة المعيشة في شقته في أستورياس، شمالي إسبانيا، حيث يعيش مع زوجته التي تصغره بنحو عشرين عاماً، وتأتي عادة بناتهما لزيارتهما.
وقال بعد أن أدى رقصة فالس إسباني: “الراهبات علمنني كيفية العزف على البيانو وأنا طفل”.
وأغلب هؤلاء المسنين كانوا محاطين بعائلة أو أحباء يترددون عليهم، بما يظهر أن المجتمع في إسبانيا مترابط تحتل فيه الروابط العائلية مرتبة متقدمة.
فرانسيسكو نونيز (112 عاماً) كان أكبر من قابلتهم كوماس سناً، ويعيش مع ابنته الثمانينية في منزله في بطليوس بجنوب غرب إسبانيا. ويقول إنه لا يحب دور رعاية المسنين والمتقاعدين لأنها مليئة بالعجائز.
وتقول ابنته ماريا أنطونيا نونير (81 عاماً): “لم يضطر إلى ترك منزله. أنا عزباء وأعيش هنا معه”.
وبسؤالهم عن أكثر ذكرياتهم قوة، استرجع كثيرون الحرب الأهلية الإسبانية التي دارت بين عامي 1936 و1939، وزرعت العداء حتى بين الجيران، وأسفرت عن مقتل مئات الآلاف، وأعقبها حكم ديكتاتوري لفرانسيسكو فرانكو استمر 36 عاماً.
عانت بيلار فيرنانديز (101 عام) من الجوع والبلاء خلال سنوات الحرب هي وأشقاؤها وشقيقاتها التسع.
تراوحت نصائح التمتع بعمر مديد بين ملعقة عسل يومياً والتناول المنتظم لحساء جازباكو التقليدي الإسباني، وهو حساء بارد مطبوخ من الطماطم والخيار.
يرجع جوميرسيندو كوبو (101 عام) من آبلة، سبب طول عمره لطفولته التي قضاها في منزل في الغابات مع شقيقاته وأشقائه الثمانية، حيث عمل والده حارساً لمتنزه.
وقال: “إنه بسبب استنشاق صمغ الصنوبر في الغابات التي عشت فيها طفلاً”. وأضاف أن والدته كانت تضع جرة وبها تلك المادة الصمغية تحت فراش من يمرض منهم.