أزاميل/ متابعة: كتبت جريدة الشرق الأوسط:
في استجابة للنداء الذي وجهته الأمم المتحدة لتقديم مساعدات إنسانية في اليمن، أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، مساء أمس، أمرا بتخصيص 274 مليون دولار لأعمال الإغاثة الإنسانية في اليمن، وصدر في وقت متأخر أول من أمس (الجمعة)، عن الديوان الملكي، البيان التالي: «استجابة للاحتياجات الإنسانية للشعب اليمني الشقيق التي تضمنتها مناشدة الأمم المتحدة بتاريخ 17/ 4/ 2015، فقد صدر أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بتخصيص مبلغ 274 مليون دولار لأعمال الإغاثة الإنسانية في اليمن من خلال الأمم المتحدة. وتؤكد السعودية وقوفها التام إلى جانب الشعب اليمني، وتدعو المولى عز وجل أن يعيد الأمن والاستقرار لليمن الشقيق. إنه ولي ذلك والقادر عليه».
ويأتي تقديم تلك المساعدات إلى جوار ما قدمه الصندوق السعودي للتنمية لعدد من القروض لليمن في مختلف المجالات بمبلغ إجمالي قدره 560 مليون دولار (2.1 مليار ريال سعودي)، للمساهمة في تمويل 24 مشروعًا إنمائيًا تتركز في قطاعات الطرق، والصحة، والتعليم المهني، والتدريب الفني، حيث اكتمل تنفيذ كثير من المشروعات التنموية السابقة وتبقى 8 مشروعات تحت التنفيذ.
من جانبه، أعرب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي عن شكره لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، مثمنًا له تخصيصه مبلغ 274 مليون دولار لأعمال الإغاثة الإنسانية في اليمن من خلال الأمم المتحدة ووقوفه إلى جانب أبناء الشعب اليمني ومساندتهم لتجاوز محنتهم الحالية.
وقال الرئيس اليمني في برقية بعث بها أمس إلى الملك سلمان: «إن استجابة خادم الحرمين الشريفين السريعة لمناشدة الأمم المتحدة لتوفير الاحتياجات الإنسانية للشعب اليمني تؤكد حرصه الشخصي وحرص المملكة العربية السعودية ووقوفها التام إلى جانب الشعب اليمني الذي بدأ يعاني من أوضاع إنسانية صعبة وشح في الغذاء والدواء ومستلزمات الحياة اليومية من كهرباء وماء ومشتقات نفطية نتيجة انقلاب الميليشيات الحوثية وعصابة صالح على الشرعية الدستورية». وأضاف الرئيس هادي: «إن الشعب اليمني لن ينسى مواقف خادم الحرمين الشريفين وأياديه البيضاء التي تعمل على الانتصار لإرادة الحياة الحرة والكريمة والعمل على التخفيف من معاناة الشعب اليمني». وأشار إلى أن علاقات الأخوة بين الشعبين اليمني والسعودي «ضاربة في جذور التاريخ»، وأنها علاقات راسخة ارتبطت بوشائج أخوية وتاريخية وجغرافية.
وقال مأمون حسن، مستشار الممثل الإقليمي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربي للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لـ«الشرق الأوسط»، إن تبرع السعودية يأتي استكمالاً للمساعدات الإنسانية التي قدمتها في السابق، لافتًا أنه بمجرد ما أطلقت الأمم المتحدة نداءها الإنساني لتوفير المساعدة الإنسانية العاجلة للشعب اليمني، قدمت السعودية تغطية كل المتطلبات التي تضمنها النداء الإنساني. وأشار مأمون إلى أن الأوضاع الإنسانية في اليمن صعبة للغاية، وأدى استهداف ميليشيا الحوثي للمدنيين لمضاعفة تلك المأساة الإنسانية، لافتًا إلى أن للسعودية دورا وحضورا بارزا في المؤتمر الثالث للمانحين لمساعدة اللاجئين والنازحين السوريين، وقدمت فيه 190 مليون دولار؛ بعد أن قدمت المساعدة الكبيرة للملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز بـ500 مليون دولار مساعدات الشعب العراقي.
وأوضح مأمون حسن أن الأمم المتحدة بمختلف منظماتها الإنسانية، تقدر الدعم الذي قدمته السعودية، وأن تلك المساعدات ستسهم بتغطية المتطلبات الإغاثية التي أعلنتها في مبادرتها الأخيرة لمدة 3 أشهر، ومقابلة احتياجات نحو 7 مليون محتاج.
وذكر أن مفوضية شؤون اللاجئين لها حضور إنساني كبير في اليمن – أخيرًا – فهي مسؤولة عن توفير الحماية والرعاية لـ300 ألف نازح داخلي في اليمن، إضافة إلى 250 لاجئا من الصومال ودول القرن الأفريقي.
وقدر مستشار الممثل الإقليمي للأمم المتحدة عدد النازحين الذين فروا من استهداف ميليشيا الحوثي بنحو 150 ألف نازح داخلي، موضحًا أن الأموال التي قدمتها السعودية ستخصص بشكل عاجل لقطاع الإيواء والمواد الطبية والغذائية، فضلاً عن الحاجة إلى توفير مستلزمات للنقل والمحروقات ومسائل مرتبطة بالاحتياجات التي توقفت وتباطأت عملية توفيرها للمحتاجين، نتيجة لتعقيد الأوضاع.
ولفت مأمون حسن أن جميع موظفي الأمم المتحدة جميعهم غادروا نتيجة للوضع الأمني، وأن عمليات الإغاثة تتواصل بوتيرة أقل من الوضع الطبيعي نتيجة للوضع الأمني وعدم توفر وسائل النقل والمحروقات، وأنها ستواصل توصيل المساعدات وسيقوم بها الموظفون المحليون التابعون للمفوضية.
وأكد أن مفوضية شؤون اللاجئين سيستمر في التنسيق مع قوات التحالف بشأن إدخال المساعدات الطبية والإنسانية، موضحًا أن كل العمليات الإغاثية الإنسانية سوف تتطلع بها كافة منظمات الأمم المتحدة.
من جانب آخر، قال مختار الربحي، المستشار الصحافي للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، المساعدات التي أمر خادم الحرمين الشريفين بها ستحقق قفزة في نوعية المساعدات، موضحًا خلال تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، أن موقف السعودية ليس بغريب عنها، إذا ساهمت في دعم اليمن سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا، مضيفًا: «مبادرة السعودية الإنسانية ستنعكس بالارتياح على الشعب اليمني». وأضاف أن ميليشيا الحوثي واتباع الرئيس المخلوع علي صالح ستعمل على قطع تلك المساعدات؛ وذلك ضمن مسلسل خلق المشكلات التي تعمل عليه باستهداف الآمنين.
وأشار الربحي أن تلك المبالغ «ستسهم في توفير الغداء والأمن للمدنيين جراء محاربة ميليشيا الحوثي واتباع صالح للمدنيين عبر حرمانهم من الغذاء ومنع بيع البترول والمشتقات النفطية، وتحويلها للمجهود العسكري»
وذكر مستشار الصحافي للرئيس اليمني أن الأمم المتحدة لديها خبرات لإيصال تلك المساعدات، وأن الرئاسة اليمنية ستعمل على إيصال تلك المساعدات لكل المحافظات اليمنية بلا استثناء، بما في ذلك محافظة عدن المحاصرة.
من جهة أخرى، بلغ إجمالي التمويلات المعتمدة من البنك الإسلامي للتنمية والمؤسسات الأعضاء في مجموعة البنك لصالح اليمن نحو 1.8 مليار دولار أميركي، موزعة كالآتي: من البنك الإسلامي للتنمية 471 مليون دولار، ومن المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة 425 مليون دولار، ومن المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص 144 مليون دولار، بالإضافة إلى عمليات تأمين من المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات بمبلغ إجمالي 149 مليون دولار.
وبحسب آخر تقرير للبنك الإسلامي للتنمية، فإن البنك مول 88 مشروعًا تنمويًا في اليمن بمبلغ إجمالي 471 مليون دولار، حيث تم استكمال 59 مشروعًا منها، في حين يجري حاليا تنفيذ 29 مشروعًا بمبلغ إجمالي 248 مليون دولار، وقد شملت تمويلات البنك الإسلامي للتنمية في اليمن قطاعات عدة، تركز معظمها على وجه الخصوص في قطاعات الزراعة والطاقة والنقل والتعليم، إضافة إلى تعاون البنك الإسلامي مع البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية والاتحاد الأوروبي بإعداد تقرير التقييم الاجتماعي والاقتصادي لليمن، وهي الوثيقة الرئيسية التي تم على أثرها وضع الخطة التمويلية للبرنامج المرحلي للاستقرار والتنمية 2012 – 2014.
من جهة أخرى، يعد الصندوق السعودي للتنمية أبرز الداعمين للتنمية في اليمن، حيث قدم الصندوق عددًا من القروض، وأشرف على عدد من المنح، شملت عدة قطاعات، من أبرزها الصحة، والتعليم، والطرق، والمياه، واستفادت من المشروعات التنموية جميع محافظات الجمهورية اليمنية سواء بشكل مباشر، أو غير مباشر.
واعتمد الصندوق خطوط تمويل وعمليات مباشرة لتمويل الصادرات الوطنية بمبلغ إجمالي 320 مليون دولار (قدره 1.2 مليار ريال)، منها نحو (مليار ريال سعودي) لصالح مؤسسات القطاع العام باليمن في قطاعات متنوعة من أبرزها الماء والكهرباء، ونحو 69.6 مليون دولار (261 مليون ريال) لصالح مؤسسات القطاع الخاص خطوط تمويل بنوك وعمليات مباشرة، إضافة إلى تسهيلات ائتمانية لضمان الصادرات الوطنية بقيمة إجمالية قدرها 8 مليون دولار (30 مليون ريال سعودي).
يشار إلى أن السعودية قدمت عام 2006 منحة بمقدار 453 مليون دولار (1.7 مليار ريال) وذلك خلال مؤتمر المانحين الذي عقد في لندن، وقد خصصت لتنفيذ 27 مشروعًا، وفي عام 2012 أعلنت السعودية عن مساعدات بمقدار 3.2 مليون دولار (12 مليار ريال)، وذلك في مؤتمر المانحين الذي عقد في مدينة الرياض منها، 986 ألف دولار (3.7 مليون ريال) وديعة في البنك المركزي اليمني، وخصصت مبالغ للمساهمة في تمويل 25 مشروعًا في مختلف القطاعات الإنمائية وفي جميع المحافظات، كما تم اعتماد مبلغ 426 مليون دولار (1.6 مليار ريال) للمساهمة في صندوق الرعاية الاجتماعية الذي يهدف لتمويل البرامج الموجهة للحماية الاجتماعية للفئات الفقيرة.