استطاع الحشد الشعبي – وهو ائتلاف تهيمن عليه الميليشيات الشيعية المختلفة – محاربة مجموعات الدولة الإسلامية (داعش) في قريِة ميزاليا ودحرها منها، ولكن نظرًا لأن بعض المجتمعات السنية في أماكن أخرى من العراق والتي تعتبر نفسها مضطهدة من قِبل الحكومة العراقية تدعم داعش، يتم اتهام القرويين في قرية ميزاليا السنية ويشتبه بانتمائهم ودعمهم لداعش من قِبل كتائب الحشد الشعبي التي سيطرت على المدينة حديثًا.
“لا تقبلوا الدعوة لتناول الشاي، فمن الممكن أن يكون مسممًا”، قال لنا مقاتل شيعي خلال زيارتنا لميزاليا، ومن الجهة الأخرى، فإن ذات هؤلاء المدنيين البسطاء يُتهمون من قِبل داعش بأنهم يدعمون العدو الشيعي، وبذلك أصبحت القرية البسيطة التي تتألف من منازل تتسع لـ 300 نسمة فقط، بمن فيهم لاجئين من الموصل، محاصرة بكل ما للكلمة من معنى، وسكان ميزاليا يجدون أنفسهم بين فكي كماشة الاتهامات التي يُطلقها الجانبين وخطوط الجبهة الأمامية.
ضجيج المعركة مازال يُسمع بوضوح في القرية الصغيرة، فعناصر تنظيم الدولة المقاتلين مازالوا يختبئون في التلال القريبة المحيطة بالقرية، وهم يتخذونها مكانًا للعبور عند حلول الليل، أما الميليشيات الشيعية فإنها تأتي خلال النهار، وتوفر الغذاء والماء للسكان، وفقًا لشهادات المواطنين.
قابلنا هذا الرجل المسن من قبيلة ربيعة في قرية ميزاليا، وقال لنا بحسرة “وحّد الله قلوب جميع المسلمين، وأبعد الشيطان عنا”، وتابع مضيفًا “لا أستطيع ترك ممتلكاتي والانتقال إلى مخيم اللاجئين، هنا بيتي ودياري”.
“آمل أن ينتهي القتال قريبًا حتى أستطيع العودة إلى الموصل، هناك حيث أنتمي”، قالت لنا هذه المرأة في مدخل بيتها الطيني الذي تسكنه منذ 10 شهور.
ما ترونه هنا هو علم أبيض، فكل عائلة في ميزاليا ترفع راية بيضاء في فناء منازلها، لإظهار نواياهم المسالمة تجاه جميع أطراف النزاع، ووفقًا للمواطنين، داعش لم تقم بالإساءة لهم، ولكن التنظيم رفع الضرائب عن طريق رفع أسعار المواد الغذائية.
من خلال تجوالنا في هذه القرية الصغيرة، استطعنا أن نلمس المستوى الجديد الذي وصل إليه الصراع السني- الشيعي، فالصورة من مدرسة ضمن القرية، يظهر فيها مقاتل شيعي يحمل صورة من أحد كتب المناهج الدراسية السنية، التي لاتزال تتضمن ترويجًا للرئيس السابق صدام حسين، الذي قمع الشيعة أثناء فترة حكمه.
وحدة سرايا الجهاد الشيعية العضو في تحالف ميليشيا الحشد الشعبي، تزور القرية السنية من وقت لآخر وتوفر لهم الإمدادات والغذاء.
ولكن على الرغم من ذلك تظهر وحدات الحشد الشعبي الشيعية وهي تتواصل مع القرويين في ميزاليا بجو يخيم عليه التوتر والحذر.
الكثير من النازحين إلى القرية الصغيرة قدموا من تكريت أيضًا، فهذه الأمرأة – على يسار الصورة – فقدت الاتصال مع عائلتها أثناء فرارهم من تكريت في يونيو الماضي، وتقول لنا بأن هواتف أقاربها مقطوعة، وكل ما تعلمه هو أنهم في منطقة الحويجة التي يسيطر عليها داعش.
تظهر الصورة الأولى استمرار القتال في المناطق والتلال المحيطة بقرية ميزاليا، وضوضاء الأسلحة الثقيلة مايزال مسموعًا بوضوح من قِبل سكان القرية السنية، وتظهر الصورة الثانية المداهمة التي يقوم بها عناصر ميليشا الحشد الشعبي على منازل القرية، إثر تعرض وحدة تابعه لهم على بعد بعض الكيلومترات من ميزاليا، لهجوم قناص، حيث يُشتبه أن سكان القرية يؤوون أحد قناصي داعش.
تظهر الصورة الضرر الهائل الذي أصيب بها مبنى في قرية مجاورة لميزاليا خلال جولات القتال المستمرة ما بين داعش والحشد الشعبي
ومع ذلك، وحتى الآن لم تتأثر بيوت ميزاليا بالحرب الدائرة بشكل كبير، ربما بفضل الأعلام البيضاء التي ترفرف فوق كل مسكن من منازلها.
المصدر: ميدل إيست آي ترجمة وتحرير نون بوست