أكد الأمين العام السابق لحلف شمال الأطلسي الدبلوماسي المخضرم خافيير سولانا ، أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تمثل الدولة الوحيدة المؤهَّلة و الجاهزة لمحاربة تنظيم «داعش» الارهابي ، داعيًا إلي تحالف استراتيجي معها و ذلك خلال مؤتمر أقامه المركز البحثي «المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية» بمشاركة مجموعة من الأكاديميين والسياسيين المعروفين ، ونقلتها صحيفة «السفير» اللبنانية في عددها الصادر اليوم السبت.
و فصّل سولانا مسألة انعدام إمکانیة قیام دول أخری بأدوار حاسمة الآن فی ما یتعلق بمکافحة الإرهاب، قائلاً : فی النهایة ، إذا أردنا أن نکون نزیهین مع أنفسنا ، فسنقول إنَّ إیران هی الوحیدة المستعدة لقتال «داعش» فعلاً .
وشدد هذا السیاسی الإسبانی المخضرم علی أنَّ «داعش» یشکّل وضعاً معقداً یستوجب إستراتیجیة طویلة المدی، کما شدّد علی أنَّ «داعش» موجود لیبقی لذا یجب أن نحسب علی المدی الطویل .
و برأی سولانا ، فان البلد الأکثر انکشافاً علی هذا التهدید هو سوریا ، و لیس العراق ، إذ یعلق : أنا مستعد للقول إنَّ «داعش» لن یسیطر علی العراق، لکنی لست مستعداً للقول إنَّ «داعش» یضع یده علی دمشق .
و لم یکن سولانا الوحید الذی حذَّر من هذا السیناریو ، و بحسب «السفیر» فإن وزیر خارجیة السوید السابق کارل بیلد دعا الحضور إلی تحریک مخیلتهم بتصوّر الکابوس الممکن ، متسائلاً : أی عواقب ستنزل بعموم العالم العربی ، إذا کان «داعش» سیلقی عظاته من المسجد الأموی الکبیر فی دمشق.
أما وزیرة خارجیة إیطالیا السابقة إیما بونینو فکانت أکثر تشاؤماً ، قائلةً ‘إنَّ الإستراتیجیة الأفضل هی مساعدة الأردن ولبنان وتونس، تلک الدول التی لم تشهد هذا الکابوس بعد .
و فی تفاصیل حسابات سولانا، بشأن انعدام الشریک الإستراتیجی فی المعرکة ضدّ الإرهاب ، بیَّن أنَّ السعودیة غیر مستعدة للعب دور حاسم ضد «داعش» ، شارحا تحوّل موقف الریاض، إذ بدأت کعنصر أساسی فی «التحالف الدولی» الذی تقوده الولایات المتحدة ، لکن الوضع انقلب لاحقاً: «القیادة السعودیة الحالیة لیست مهتمة بهزیمة داعش، بل هی مهتمة أکثر بالیمن».
و التهدید الذی یسببه التورط فی حرب الیمن للدور السعودی ، هو أمر توقعه سابقاً المستشار السابق للأمن القومی الأمیرکی زبیغینو بریجنسکی خلال حدیث إلی «السفیر» مؤخراً و قال حینها إنَّ السعودیة نقطة انطلاق لحرکات وهابیة، لا أعتقد أنَّه علینا أن ندعم هذا لأنه سیساهم فی الصراع ، قبل أن یضیف : سیکون أفضل بکثیر لو یصل السعودیون بأنفسهم إلی هذا الاستنتاج ، بأن لا ینخرطوا فی صراعات ستکون مکلفة جداً لهم، وقد تهدد سیادتهم الاقتصادیة، انظر إلی الیمن کیف یتغیّر .
و مصر أیضاً ، برأی سولانا ، غیر مؤهَّلة لمشارکة حاسمة، نظراً إلی انشغالها بأوضاعها الداخلیة. هکذا لم یبق فی الساحة، وفق رؤیته، سوی طهران، خصوصاً أنَّ توقیع اتفاق نووی سیجعل دورها أکثر رسوخاً.
و یقول : فی حال التوصل إلی اتّفاق ، فإنَّ الوضع سیتغیر جذریا ، بالنسبة إلی إیران والمنطقة ککل . لیس فقط بفعل الاتفاق ، بل أیضا لردّ الفعل علیه. أول المنفعلین ستکون الریاض، إذ یؤکد سولانا أنَّ السعودیة ستردّ ردا سیئا جداً علی إنجاز الاتفاق النووی .
و هذا الرد یشمل جانبین وفق قراءته . الجانب السیاسی بدأت مفاعلیه مسبقاً، لأنَّ السعودیة تضغط علی الولایات المتحدة والاتحاد الأوروبی کی لا نترک إیران تصبح لاعباً إقلیمیاً کبیراً ، مشیرا إلی أنَّ ذلک یمثِّل «المعرکة الکبیرة». الرد وارد أیضاً علی الجبهة الاقتصادیة ، إذ یتوقع سولانا أنَّ الریاض ربَّما تغرق الأسواق بالنفط ، لمنع إیران من عائداته بعد رفع العقوبات وتضاعف قدرتها التصدیریة.