ازاميل/ متابعة: نشرت “شؤون خليجية” تحليلا مهما جدا لمستقبل المنطقة والعلاقة مع إيران، مشيرة إلى أن نجاحها في الاتفاق مع الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى على حل لبرنامجها النووي، وإنهاء فرض العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، معناه فك الارتباط ما بين دول الخليج والولايات المتحدة، واضطرار الأنظمة الخليجية للاعتماد على حلفاء آخرين لحماية أمنها واستقرارها السياسي.
والسؤال المهم هو لماذا لا تريد السعودية التصالح مع إيران والبدء بعصر جديد في المنطقة؟
وإجابة على هذا السؤال قال المحلل السياسي لأزاميل إن “هذا امر صعب جدا على السلطات الحاكمة في السعودية، ليس بسبب الاختلاف المذهبي الديني بين الطرفين والذي يكاد يكون ورقة سياسية وليس مبدئية، بل في طبيعة النظام الملكي السعودي الذي اعتاد على تقرب الآخرين وتوددهم له وليس العكس، وهو الامر الذي لم تفعله طهران (المتعجرفة) أيضا، ليس مع السعودية فحسب بل مع الجميع تقريبا”.
وأضاف “ومعنى هذا أن الصراع على مناطق النفوذ بين الطرفين لا يمكن أن يهدأ يوما، نظرا لحجم البلدين وإمكاناتهما الاقتصادية والسياسية التي تحتم اصطدام كل منهما بالآخر في أي طريق يسيران فيه”، لافتا إلى أن “تفوق إيران الواضح تقنيا على السعودية يشكل هو الآخر عاملا خطيرا جدا، سيسمح للدور الإيراني بالاتساع لحدود لا يمكن السيطرة عليها فيما إذا حصل صلح بين الطرفين في يوم ما”.
وتابع “إلا أن المفاجأة هي ان نظام الملالي في طهران ورغم كل العراقيل الهائلة التي واجهته منذ ظهوره عام 1979، ودعمتها السعودية بقوة، استطاع تجاوز جميع المؤامرات والمكائد وتمكن في النهاية من تحقيق انتصار سياسي هائل وبشهادة اميركية، ولم تعد بإمكانها كبح جماحه، بل على العكس باتت تقويه، وهذه الحقيقة الأخيرة قد تكون هي الأخطر والأكثر إزعاجا من كل حقيقة أخرى”!.
وادناه نص التحليل الذي نشرته شؤون خليجية الأربعاء.
الخيارات الخليجية في مواجهة الاتفاق
إن نجاح إيران في الاتفاق مع الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى على حل لبرنامجها النووي، وإنهاء فرض العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، معناه فك الارتباط ما بين دول الخليج والولايات المتحدة، واضطرار الأنظمة الخليجية للاعتماد على حلفاء آخرين لحماية أمنها واستقرارها السياسي.
فهذا الاتفاق سيجعل الدول العربية الخليجية معرضة لمواجهة خيارات صعبة، فهي إما أن تقبل بالتقارب مع إيران، وإما أن ترفض خيار التقارب، وعندها ستكون مطالبة بامتلاك بدائل وسياسات قادرة على المنافسة والصراع.
وبالتالي، فإن خيار المواجهة والتحدي سيكون له عواقب وخيمة، نظرًا لصعوبة المحافظة على موقف خليجي جماعي متماسك، في ظل ظهور نوايا لدى أربع دول من أعضاء المجلس للتقارب مع إيران، إذ لم يبق غير السعودية والبحرين فقط خارج نطاق هذا التقارب، كما أن هذا الخيار في حاجة إلى منظومة تحالفات جديدة.
وفي هذا الإطار يطرح المراقبون ثلاث قوى إقليمية للتحالف مع الدول الخليجية منفردة أو مجتمعة، في حال تم التوافق مع إيران وأمريكا، وهي تركيا وإسرائيل ومصر، بيد أن كل واحدة منها لها حساباتها الخاصة.
فتركيا حريصة على أن تعيد تقاربها مع إيران، رغم أنها تريد أن تكون حليفًا لما يسمى بـ”الدول السنية” في المنطقة لأسباب اقتصادية وسياسية، فضلاً عن أن علاقتها مع مصر في ظل استمرار انحيازها للمشروع الإخواني متأزمة، مما يعرقل فرص التحالف الخليجي معها.
ثاني الخيارات أمام دول الخليج هو إسرائيل المتلهفة للتحالف مع “محور عربي” لمواجهة التقارب الأمريكي- الإيراني، وفرض صراع عربي– إيراني يحل محل الصراع التاريخي العربي– الإسرائيلي، وتفجير الصراع الطائفي السني– الشيعي لفرض هذه المعادلة الصراعية الجديدة أو البديلة.
وتبقى مصر هي الحليف العربي المرجح لإعادة بناء منظومة جديدة للأمن الإقليمي الخليجي، يربط هذا الأمن بالأمن القومي العربي عبر الدور المصري، ويؤسس لمفهوم جديد للأمن هو “الأمن التعاوني” المرتكز على قاعدة “توازن المصالح” بين العرب وإيران، بدلاً من الأمن الاستراتيجي القائم على قاعدة “توازن القوى”. ويرى أيضًا أن التقارب الأمريكي الإيراني سيدفع دول مجلس التعاون الخليجي إلى إعادة النظر في موقفها من سوريا، وربما تبدأ دول الخليج في تقديم المزيد من الأسلحة المتطورة للمعارضة السورية، لكي تغير توازن القوى على الأرض.
وفي جميع الأحوال من المرجح أن تكون تداعيات الاتفاق النووي ما بين الولايات المتحدة وايران خطيرة ومؤثرة، ليس فقط على مستقبل الأنظمة الخليجية، وإنما كذلك على مستقبل المنطقة، التي ستتحول لمنطقة صراع لمصالح القوى الإقليمية والدولية، التي ستسعى خلال الفترة القادمة لاستكمال مشاريع السيطرة والهيمنة الخاصة بها، وسط حالة من العجز من قبل الأنظمة السياسية الخليجية، التي تفتقد لوجود استراتيجية فعالة لمواجهة تلك التحديات، وتصر على إبقاء شعوبها بعيدًا عن صراعات المصالح، التي باتت تفتك بأواصر المنطقة، وتحولها إلى دويلات صغيرة متناحرة.