أبدى عدد من السياسيين والإعلاميين فرحتهم الغامرة بـ”إعلان القاهرة”، الذي توصل إليه السيسي مع ولي ولي العهد السعودي، الخميس، مؤكدين أنه يُعبر عن تطور استراتيجي كبير في العلاقات بين البلدين، وأنه يرد على من يروج أنباء وصفوها بأنها غير حقيقية حول وجود خلافات بينهما.
نص الإعلان
واتفق السيسي والأمير محمد -وفق الإعلان- على حزمة من الآليات التنفيذية في ستة مجالات كالتالي: “تطوير التعاون العسكري، والعمل على إنشاء القوة العربية المشتركة، وتعزيز التعاون المشترك، والاستثمارات في مجالات الطاقة والربط الكهربائي والنقل، وتحقيق التكامل الاقتصادي بين البلدين، والعمل على جعلهما محورا رئيسيا في حركة التجارة العالمية”.
ونص الإعلان أيضا على: “تكثيف الاستثمارات المتبادلة السعودية والمصرية؛ بهدف تدشين مشروعات مشتركة، وتكثيف التعاون السياسي والثقافي والإعلامي بين البلدين لتحقيق الأهداف المرجوة في ضوء المصلحة المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين، ومواجهة التحديات والأخطار التي تفرضها المرحلة الراهنة، وتعيين الحدود البحرية بين البلدين”.
وأكد الجانبان “حرصهما على حماية الأمن القومي العربي، ورفض محاولات التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية”، معربين عن تطلعهما إلى التنفيذ الكامل لما تقدم في إطار من التواصل المستمر، والتنسيق على أعلى المستويات بين البلدين، اللذين يمثلان جناحي الأمة العربية والإسلامية، ويعملان معا من أجل ضمان تحقيق الأمن القومي العربي والإسلامي”.
وكان السيسي استقبل الخميس، ولي ولي عهد السعودية وزير الدفاع، الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، وعقدا جلسة مباحثات ثنائية، تلاها اجتماع موسع بحضور وفدي البلدين، وتلا الاجتماع الإفصاح عن التوصل إلى “إعلان القاهرة”.
تعزيز التعاون الدبلوماسي
على الصعيد الدبلوماسي، أكد وزير الخارجية، سامح شكري، أن صدور “إعلان القاهرة” سيعزز التعاون والتكامل بين مصر والسعودية في مختلف المستويات، باعتبارهما جناحي الأمة العربية والإسلامية، مشددا على أنه “في تضامن البلدين إعلاء لمصلحة الأمة العربية والإسلامية، والحفاظ على أمنهما القومي، والمصير المشترك”، وفق وصفه.
وقال -خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره السعودي، الخميس- إن “المرحلة المقبلة ستشهد تنفيذ كل ما جاء في “إعلان القاهرة” ليحدد المسار خلال الفترة المقبلة، وسيشهد مزيدا من التواصل حتى يتم تحقيق المصالح المشتركة”، وفق قوله.
من جهته، قال وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير محمد العرابي: إن “إعلان القاهرة”، يعدّ تطورا استراتيجيا كبيرا في تاريخ العلاقات بين البلدين، وسيؤدي لمزيد من تفعيل التعاون العربي لمواجهة مشكلات الشرق الأوسط.
وأضاف -في مداخلة هاتفية لقناة فضائية، الخميس- أن زيارة ولي ولي العهد السعودي وحضوره حفل تخريج دفعات جديدة من طلبة الكلية الحربية والفنية العسكرية يعد “رسالة قوية للعالم الخارجي أن أمن الخليج جزء أساسي من الأمن القومي المصري، وأن الدول العربية قادرة بتكاتفها وتوحدها على دحر الإرهاب دون تدخل غربي، كما أنه يقضي على كل الشائعات الخاصة بتوتر العلاقات بين مصر والسعودية”.
وقال مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير حسين هريدي، إن “حضور الأمير محمد بن سلمان حفل تخرج طلاب الكلية الحربية يجب أن يقابل برسائل شكر وتحية للسعودية حكومة وشعبا، على الرغم من كل ما يثار من شائعات عن وجود خلافات وانقسامات في العلاقة الثنائية بين الدولتين”.
وأضاف -في تصريحات صحفية، الخميس- أن “تواجد الأمير محمد بن سلمان في الحفل رسالة قوية تؤكد مدى العمق والتقارب في العلاقات المصرية السعودية، بعد كل ما شهدته من أوضاع سياسية مضطربة في بعض الدول”.
وتابع أنه “من الطبيعي أن تحدث اختلافات وليس خلافات، وكذلك تباين في الرؤى على صعيد أي تعاون قائم بين الدول في العالم كله، وفقا لما يتراءى ويتفق مع مصالحها، إلا أن العلاقة بين مصر والسعودية تأخذ طابعا خاصا، ولها تاريخ مشهود من التكامل والتضامن ضد أي خطر خارجي يهدد الأمن القومي العربي، واستقرار الخليج”، على حد قوله.
وقال: “هناك أهداف أخرى لزيارة وزير الدفاع إلى مصر، أهمها خطاب ضمني للرد على كل من في الداخل والخارج، وبعض الجهات التي تريد تشويه العلاقات بين البلدين وإشاعة الفتن وزعزعة الاستقرار لاختراق الأمن القومي العربي”.
توزيع النفوذ الاقتصادي
وعلى الصعيد الاقتصادي، اعتبر الرئيس السابق للمركز القومي للبحوث، الدكتور هاني الناظر، أن إعلان القاهرة جاء بمثابة صفعة شديدة لقوى الظلام والمشككين، الذين حاولوا في الفترة الماضية نشر شائعات كاذبة عن توتر العلاقات بين مصر والسعودية، وإحداث وقيعة بين البلدين، على حد تعبيره.
وأكد رئيس تيار الاستقلال وحزب السلام الديمقراطي، أحمد الفضالي، أن إعلان القاهرة، خاصة ما جاء فيه من التأكيد على تطوير التعاون العسكري، والعمل على إنشاء القوة العربية المشتركة، وتعزيز التعاون المشترك.. إنما يؤكد عمق العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، كما يؤكد استمرار دعم المملكة لمصر وشعبها”.
ومن جهته، أشاد المحامي والإعلامي، خالد أبو بكر، بزيارة الأمير محمد بن سلمان للقاهرة. ووصف -عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، الخميس- الزيارة بـالمهمة “التي جاءت في توقيتها”، مضيفا: “مصر والسعودية علاقة مصير واحد.. ووجود محمد بن سلمان في القاهرة سيخرس الأصوات الخبيثة”، وفق قوله.
أولوية للاستثمار السعودي
من جانبه، قال أستاذ التمويل والاستثمار في جامعة مصر الدولية، الدكتور مصطفي النشرتي، إن إطلاق الأمير محمد بن سلمان مبادرة “إعلان القاهرة”، في وجود السيسي، يدل علي وجود أولوية للاستثمار العربي في مشروعات محور تنمية قناة السويس.
وأكد أن القاهرة ضغطت على السعودية بعد التلويح بقطع المساعدات، من خلال الانسحاب من عمليات “عاصفة الحزم” باليمن؛ نظرا لإسهام المملكة في دعم جماعة الإخوان في اليمن والسعودية، وهو ما جعلها تعدل عن ذلك الدعم، وفق قوله.
وأعلن أستاذ التخطيط العمراني في جامعة القاهرة، الدكتور رضا حجاج، أن الاتفاقية التي بمقتضاها سيتم تعيين الحدود البحرية بين البلدين، سببها الرئيسي هو الاكتشافات البترولية علي البحر الأحمر، بالإضافة إلى مناطق صيد الأسماك هناك، مؤكدا أنها تعيد الترسيم من خلال التوصل لاتفاق رضائي بين البلدين.
وأشار إلى أن الغرض من الاتفاق هو إعادة توزيع مناطق النفوذ الاقتصادي، وأن تقوم كل دولة بتحديد ما ستتنازل عنه وما تراه في صالحها.
السيسي: رسالة قوية للشعبين
وكان السيسي، أشاد بحضور ولي ولي العهد ووزير الدفاع السعودي، أثناء حفل تخريج طلاب الكلية الحربية، الخميس، قائلا: “هذا الأمر مهم للغاية، في إيصال رسالة قوية لشعب مصر والسعودية، وكذلك دول مجلس التعاون الخليجي بأن مصر والسعودية سوف يظلان يدا واحدة أمام التهديدات والتحديات التي تواجه العرب للتصدي لها”.
وأشارت تقارير إعلامية مصرية إلى أن العلاقات المصرية السعودية لم تختلف كثيرا في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز عن سابقتها في عهد العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله، مع الاعتراف بأن الملك الجديد يبدو أكثر انفتاحا على جميع الأطراف، ومن بينها دول وحركات ذات علاقات متوترة مع مصر