وكان محكّمو جائزة أوسنا بروك للسلام -التي تحمل اسم الأديب الألماني الراحل إيريك ماريا ريمارك المعروف برواياته حول السلام وتجسيم فظائع الحروب والديكتاتوريات- قد قرروا منح هذه الجائزة التي تبلغ قيمتها 25 ألف يورو (نحو 28 ألف دولار) هذه السنة لعلي أحمد سعيد المعروف “بأدونيس”؛ “تقديرا لإسهاماته بفصل الدين عن الدولة ومساواة النساء في العالم العربي وتنوير المجتمعات العربية”.
وفي أول رد على هذا الإعلان، عبّر الباحث الألماني -ذي الأصل الإيراني- نافيد كرماني عن رفضه حصول أدونيس على الجائزة.
وكشف كرماني -الحاصل هذا العام على جائزة اتحاد الناشرين الألمان التي تعد أرفع جائزة ثقافية ألمانية- أنه رفض طلبا للجنة تحكيم الجائزة بإلقاء كلمة تكريم لأدونيس عند تسليمه الجائزة في نوفمبر/تشرين الثاني القادم.
وبرر كرماني -الذي يتمتع بتقدير واسع في الأوساط الثقافية والفكرية الألمانية- في تصريحات لصحيفة “كولنر شتات أنتسيغر” رفضه منح جائزة مدينة أوسنابروك للسلام للشاعر السوري المثير للجدل، ورأى أن أدونيس لم ينأ بنفسه عن القمع الدموي الذي يمارسه النظام السوري منذ سنوات ضد شعبه.
وبدوره، انتقد مترجم أعمال أدونيس للألمانية شتيفان فايدنر منح الجائزة الألمانية للشاعر السوري المثير للجدل، وقال فايدنر في تصريحات للصحيفة نفسها التي تحدث إليها كرماني إنه يتفهم حصول أدونيس على جائزة ثقافية، لكنه لا يراه يرقى لمستوى الحصول على جائزة سلام لأن مواقفه معروفة بإثارة الصدامات.
في السياق نفسه، عبر الصحفي والكاتب السوري أحمد حسو عن صدمته من منح جائزة سلام ألمانية لأدونيس، وأضاف أن هذه الجائزة الممنوحة للشاعر السوري ليست جائزة ثقافية، بل جائزة سلام ذهبت لشخص خطأ ليست له علاقة بالسلام.
يوم أسود
وأوضح حسو في تصريح للجزيرة نت أن حصول أدونيس على جائزة أوسنابروك للسلام يعد “يوما أسود وإهانة شديدة للشعب السوري وضحاياه الذين قتلهم قمع نظام بشار الأسد الذي يرى فيه أدونيس رئيسا شرعيا”.
وقال الصحفي السوري إن منح جائزة مدينة ألمانية للسلام إلى شخص أهان اللاجئين السوريين بمقابلة سابقة مع صحيفة “السفير” اللبنانية يمثل أيضا إهانة كبيرة لهؤلاء اللاجئين، في وقت يسلط فيه العالم أضواءه على مأساتهم الإنسانية المتفاقمة، مشيرا إلى أن هذه الإهانة جاءت في وقت فتحت فيه ألمانيا أبوابها بكل أريحية لاستقبال اللاجئين السوريين.
وتوقع حسو أن يكون لمنح أدونيس الجائزة تداعيات سلبية، وأشار إلى أن لجنة التحكيم التي منحته هذه الجائزة لم يكن فيها اسم لواحد من المستشرقين الألمان المعروفين، أو الخبراء المتخصصين في قضايا العالمين العربي والإسلامي والأوضاع في سوريا.
من جانبه، دافع رئيس لجنة تحكيم الجائزة ورئيس جامعة أوسنابروك فولفعانغ لوكه عن قرار منح الجائزة لأدونيس.
وأوضح لوكه في تصريحات لوكالة الأنباء البروتستانتية أن ما يجري في سوريا ناشئ عن لعبة تشارك فيها القوى الكبرى، وأشار لوكه -وهو خبير زراعي- إلى أن الانتقادات التي أثارها منح الشاعر السوري الجائزة كانت متوقعة.