أصدرت مؤسسة “السحاب للإنتاج الإعلامي” التابعة لتنظيم القاعدة كلمة تنشر لأول مرة للدكتور أيمن الظواهري ضمن سلسلة “الربيع الإسلامي”. يعود تاريخ تسجيلها إلى قبل ستة شهور، دعا فيها لمحاربة الجميع تقريبا حتى اقرب الناس إليه آيديولوجيا ومذهبيا وهم جماعة داعش، وطالب بأن يقف “المسلمون والمجاهدون بمواجهةِ الصليبيين في الغرب وروسيا وأفريقيا وآسيا، وعلى رأسِهم أميركا، ودولة إسرائيل، والحكامِ الخونة المرتدين العلمانيين، وإيران الصفوية وأذنابها وسائرِ أعداءِ الإسلام”.
ونصح الظواهري “المجاهدين” بمقاتلة من تثقُ بأنه عدو للإسلامِ ومستحق للقتالِ، والحذرْ من أن يكونَ لأميرِك هدف سياسي أو عداوة مع خصم أو منافسة على سلطة أو نفوذ، فيستخدمَك من أجلِ صراعاتِه”.
كما هاجم “الخليفة” أبي بكر البغدادي، وراح يعدد الحجج الفقهية والشرعية التي تثبت بطلان خلافته، على طريقة الفقهاء القياسية وقال “إذا لم يكنْ مستطيعا قبلَ زعمِه للخلافةِ نصرةَ المسلمين، ولا إيصالَ حقوقِهم إليهم في الأكثرِ الأغلبِ من ديارِ المسلمين، فكيف يطالبهم ببيعتِه ونصرتِه وطاعتِه؟ وإذا لم يتوفرْ لمدعي الخلافةِ ركناها، وهما البيعةُ والتمكنُ من القيامِ بحقوقِها، فأقصى ما يمكنُ أن يدعيه أنه مستول على بعضِ مناطقِ بلادِ المسلمين، وإمارتُه إمارةُ استيلاء عليها”
وقالت المؤسسة إن الكلمة التي نشرت في وقت متأخر من مساء الاثنين هي الحلقة الثالثة من السلسلة، ويعود تاريخ تسجيلها إلى شهر “جمادى الآخرة”، أي قبل ستة شهور من الآن.
وحذّر الظواهري في بداية كلمته من حمل حديثه عن بطلان خلافة أبي بكر البغدادي على معان أخرى، قائلا إن “رؤيتَنا بأن ما أعلنه أبو بكر البغداديُ ليس خلافة على منهاجِ النبوةِ، ولا يلزمُ المسلمين بيعتُها، لا علاقة لها بدعوتنا لجميع المجاهدين بأن يقفوا صفا واحدا في وجهِ الحملةِ الصليبيةِ الصفويةِ النصيرية العلمانيةِ”.
وأضاف: “إننا دعونا وندعو لأن يقف المسلمون والمجاهدون صفا واحدا في مواجهةِ الصليبيين في الغربِ وفي روسيا وفي أفريقيا وآسيا، وعلى رأسِهم أمريكا، وفي مواجهةِ دولة إسرائيلَ، وفي مواجهةِ الحكامِ الخونةِ المرتدين العلمانيين، الذين يتسلطون على أكثرِ بلادِ المسلمين، وفي مواجهةِ إيرانَ الصفويةِ وأذنابِها وسائرِ أعداءِ الإسلامِ”.
وركز الظواهري في كلمته الجديدة على الحديث عن “الخلافة على منهاج النبوة”، مجزئا الكلمة إلى عدة أقسام هي: “بيانُ ما هي الخلافةُ على منهاجِ النبوةِ، ما هي أهمُ خصائصِ الخلافةِ على منهاجِ النبوةِ، ثالثا: ما هي الطريقةُ الشرعيةُ لاختيارِ الخليفةِ؟، ما هي أهمُ صفاتِ الخليفةِ؟، الردُ على بعضِ الشبهاتِ والتساؤلاتِ”.
وقال الظواهري إن “كلُ بيعة عُقدت على منهاجِ بيعاتِ الخلفاءِ الراشدين هي بيعةٌ على خلافة النبوةِ، وكلُ بيعة على خلافِ منهاجِ بيعاتِ الخلفاءِ الراشدين، فهي بيعةٌ على خلافة على غيرِ منهاجِ النبوةِ”.
وتابع: “سمِّها ملكا عضوضا، سمّها إمارةَ استيلاء، سمّها خلافة تفجير وتفخيخ ونسف ومغالبة وغصب، سمّها ما تشاءُ، لكنها ليست خلافة على منهاجِ النبوةِ”، في إشارة إلى كلمة المتحدث باسم تنظيم الدولة “أبو محمد العدناني” الذي قال إنهم أخذوا “الخلافة مغالبة وقهرا”.
الظواهري بين أن “من أهم خصائصِ خلافةِ النبوةِ هو التحاكمُ للشريعةِ، وأن يقولَ من يُدْعَى لها سمعا وطاعة، عمل بقولِ الحقِ سبحانه: إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى الله وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ”.
وفي إشارة أخرى إلى تنظيم الدولة، قال الظواهري: “فأما من يشهدُ عليه العلماءُ الأثباتُ بالتهربِ من التحاكمِ للشريعةِ إذا دُعي لها فليس على منهجِ النبوةِ، بل لا يصلحُ أصلا لأن يُبايعَ”.
وتابع: “وقد ذكر الإمامُ الماورديُ -رحمه اللهُ- أن واجباتِ الخليفةِ عشرةٌ، ملخصُها: حفظُ العقيدةِ، والفصلُ في المنازعاتِ، ونشرُ الأمنِ، وإقامةُ الحدودِ، وتحصينُ الثغورِ، وجهادُ الأعداءِ، وجبايةُ الفيءِ والصدقاتِ، وتقديرُ العطايا وصرفُها، وتوليةُ الأمناءِ، ومباشرةُ الأمورِ”.
وأكمل: “فإذا لم يكنْ من يدعي الخلافةَ متمكنا من إقامةِ هذه الواجباتِ كلِها في المناطقِ التي يزعمُ استيلاءَه عليها، وهي الأقلُ القليلُ من بلادِ المسلمين، فلا يستطيعُ فيها كلِها حفظَ الأمنِ ولا جمعَ الزكاةِ، ولا إيصالَها لمستحقيها، ولا تحريرَها من الأعداءِ، وإنما سلطانُه فيها في قوة وضعف على أجزاءَ تزيدُ وتنقصُ كلَّ يوم، فكيف يزعمُ أنه خليفة على سائرِ بلادِ المسلمين؟”.
وأضاف: “وإذا كانتِ العديدُ من بلادِ المسلمين -حتى التي يزعمُ استيلاءَه عليها- فيها سلطانٌ لجماعات وإمارات مجاهدة أخرى، تقومُ بالعديدِ من الفرائضِ الشرعيةِ كالحكمِ بالشريعةِ والأمرِ بالمعروفِ والنهيِ عن المنكرِ والجهادِ، وليس له في مناطقِهم سلطانٌ، ولم يبايعوه، فكيف يزعمُ أنه أحقُ منهم بالولايةِ، ولم يعلنْ نفسَه خليفة إلا بمبايعةِ نفرٌ ممن حولَه؟”.
وفي هجوم واضح على البغدادي، قال الظواهري: “إذا لم يكنْ مستطيعا قبلَ زعمِه للخلافةِ نصرةَ المسلمين، ولا إيصالَ حقوقِهم إليهم في الأكثرِ الأغلبِ من ديارِ المسلمين، فكيف يطالبهم ببيعتِه ونصرتِه وطاعتِه؟ وإذا لم يتوفرْ لمدعي الخلافةِ ركناها، وهما البيعةُ والتمكنُ من القيامِ بحقوقِها، فأقصى ما يمكنُ أن يدعيه أنه مستول على بعضِ مناطقِ بلادِ المسلمين، وإمارتُه إمارةُ استيلاء عليها”.
وأكد الظواهري أنه لا يجوز لأحد -في إشارة إلى البغدادي- ادعاءُ تولي منصب لم يستوفِ شرطَه الأولَ وهو البيعةُ، ولا هو قادر على القيامِ بأعباءِ شرطِه الثاني وهو التمكنُ من القيامِ بحقوقِ الخلافةِ، وفق قوله.
وقال: “الاعتبارَ في الشرعِ للحقائقِ وليس للأسماءِ، وهنا يأتي السؤالُ الهامُ: لماذا التسابقُ على ادعاءِ أوصاف وألقاب لم تتوفرْ حقائقُها؟ لماذا لا نعترفُ بالحقيقةِ كما هي؛ وهي أننا في مرحلةِ دفع للعدوِ الصائلِ على المسلمين، وأن المجاهدين تحقق لهم في بعضِ البقاعِ نوعُ تمكن لا يرقى للخلافةِ، التي نسعى لإقامتِها بعونِ اللهِ”.
ووجه الظواهري رسالة إلى جنود تنظيم الدولة، قال فيها إنه “بدلا من التسابقِ على ادعاءِ ألقاب وأوصاف لا حقيقةَ لها، علينا أن نقويَ ونمكنَ للكياناتِ الجهاديةِ الإسلاميةِ الموجودةِ بالفعلِ، وعلى رأسِها الإمارةُ الإسلاميةُ في أفغانستانَ بقيادةِ أميرِ المؤمنين الملا محمد عمرَ مجاهد حفظه اللهُ، بدلا من التمردِ عليها ونكثِ بيعتِها والتعالي عليها ونكرانِ جميلِها والتنكرِ لسبقِها، بل ومطالبةِ جنودِها بنقضِ عهودِها بدعاوى لا حقيقةَ لها ولا برهانَ عليها”.
يشار إلى أن كلمة الظواهري مسجلة قبل إعلان حركة “طالبان” عن وفاة “الملا محمد عمر”.
واستذكر الظواهري خطبة للصحابي عمر بن الخطاب رضي الله عنه، نوّه فيها إلى أن من يبايع رجلا دون مشورةِ المسلمين فقد اغتصب من المسلمين حقَهم، وأن من يفعل هذا فيجبُ تحذيرُ الأمةِ منه، ولا بيعةَ له ولا بيعةَ لمن بايعه، ويجبُ ألا يتابعَ على ما فعل.
وتابع: “نوه ابن الخطاب على أن أمرَ الحَلِ والعقدِ هو لأهلِ الفقهِ والعلمِ وأشرافِ الناسِ، وأهلِ شوكةِ الإسلامِ من صحابةِ رسولِ اللهِ -صلى الله ُعليه وسلم- بالمدينةِ، وليس للمجاهيلِ الذين لا يُعرفُ لهم اسمٌ ولا كنيةٌ، ولا عددٌ، ويستأثرون بالأمرِ دون المسلمين”.
وبعد سرده للعديد من الوقائع التي حدثت مع الخلفاء الراشدين، والتي تخالف ما أقدم عليه البغدادي في إعلان خلافته، قال الظواهري: “لا يكفي أن يكونَ الشخصُ أهلا للخلافةِ مستوفيا لشروطِ المنصبِ ليكونَ خليفة، وإنما لا يكونُ كذلك إلا باختيارِ المسلمين، الذين من حقِهم أن يختاروا من بين المؤهلين لهذا المنصبِ، فإن الستةَ الذين اختارهم عمرُ -رضي الله ُعنهم- كانوا أهلا للخلافةِ، ثم اختاروا من بينهم اثنين: عليا وعثمانَ رضي الله ُعنهم، وسيدُنا علي كان أهلا للخلافةِ بلا خلافَ، ولكن رأى جمهور المسلمين ألا يختاروه، واختاروا غيرَه ممن يصلحُ للخلافةِ أيضا”.
وتابع: “أقولُ لمن يزعمُ أن خلافة النبوةِ تكونُ ببيعة سرية من عدد قليل من المجاهيلِ لشخصٍ لم تخترْه الأمةُ، وافتأتوا على المسلمين وأهلِ الجهادِ والعلمِ والفضلِ والرئاسةِ والزعامةِ فيهم، أقولُ لهم: هذا الذي تزعمونه هو عينُ ما زعمه الرافضيُ المطهرُ الحِليُ أن الصحابةَ -رضوانُ اللهِ عليهم- قد فعلوه في بيعةِ سيدِنا أبي بكر الصديقِ رضي الله ُعنه، بأنه صار خليفة ببيعةِ عدد قليل من الصحابةِ”.
وأضاف: “من يزعمُ أن بيعةَ القلةِ المجاهيلِ لشخص لم ترضَه الأمةُ طريقة شرعية، فهو يوفرُ لأمثالِ المطهرِ الحِليِ الرافضيِ الحجةَ. فانظرْ في أي ورطة سقطوا؟ يقولون إنهم يعادون الرافضةَ، بينما هم بمزاعمِهم يوفرون لهم الحججَ على شبهاتِهم الكاذبةِ!!”.
وفي تكذيب صريح لمزاعم البغدادي والعدناني حول عدم وجود بيعة في رقبتهم لطالبان، قال الظواهري: “من أمثلةِ البيعاتِ المشروطةِ ما اشترطه الشيخُ أبو حمزةَ المهاجرُ على الشيخِ أبي عمرَ البغداديِ رحمهما اللهُ، إذ اشترط عليه عند مبايعتِه أن يكونَ الشيخُ أبو عمرَ تابعا للشيخِ أسامةَ رحمه اللهُ، وعن طريقِه يكونُ مبايعا للملا محمدِ عمرَ، فأقر الشيخُ أبو عمرَ -رحمه اللهُ- بذلك، وأرسل لنا الشيخُ أبو حمزةَ -رحمه اللهُ- بهذا، وهو الأمرُ الذي أكده خلفاؤه من بعدِه”.
ووجه الظواهري نصيحة إلى “المجاهدين” في جميع الفصائل، قائلا: “لا تقاتلْ إلا من تثقُ بأنه عدو للإسلامِ ومستحق للقتالِ، واعلم أن أميرَك لن يغنيَ عنك يومَ القيامةِ شيئا، واحذرْ من أن يكونَ لأميرِك هدف سياسي أو عداوة مع خصم أو منافسة على سلطة أو نفوذ، فيستخدمَك من أجلِ صراعاتِه”.
وختم: “ولا تكفرْ إلا من تأكدت من كفرِه، ولا تكنْ إمعة، فأنت ستحاسب وحدك يومَ القيامةِ، وأميرُك لن يغنيَ عنك يومَ القيامةِ شيئا، بل هو محتاج لمن يُنجيه من الحسابِ، وتذكرْ قولَ الحقِ سبحانه وتعالى: وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنا مُّتَعَمِّدا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدا فِيهَا وَغَضِبَ الله عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابا عَظِيما”.
المصدر بتصرف :عربي 21