توفى السياسي المخضرم وأحد مؤسسي دولة إسرائيل (شمعون بيريز)عن عمر93 سنة ..وهو أحد أكثر الشخصيات ذكاء، ودهاء و تأثيرا إذا لم يكن أهمهم على الأطلاق في أحداث المنطقة ومايجري فيها في العصر الحديث..خدم دولته إسرائيل وشعبه بكل أخلاص ووطنية وكفاءة ولكنه تسبب لنا بأقصى مايمكن من تدمير وخراب ومآسي..
بينما نحن يتوالى علينا حكام طغاة وأغبياء همهم الأول المحافظة على عروشهم هم وعوائلهم وأحبابهم والمتملقين لهم وغارقين بالفساد والخيانة ولايهم أن تذهب شعوبهم وبلدانهم الى الفقر والجهل والمرض و الجحيم..
من المؤكد أن تكون إسرائيل خسرت اليوم بوفاته ولكن هل سنستفيد نحن…لا أظن
أزاميل/ متابعة: نشر موقع المصدر لقاء مهما مع السياسي الإسرائيلي المخضرم شمعون بيريس تحدث فيه بروحية قد تكون مفاجئة للكثيرين من العرب، لما فيها من دقة ووضوح والأهم ما يبدو فيها من نوايا صادقة لتقديم النصح، وبلغة تمتلئ حكمة ورقيا قلما وجدنا نظيرا له بين حكامنا، عفوا “سلاطيننا” العرب.
الحوار ولنعترف فاجأنا كمحررين في أزاميل، لأنه كشف لنا كم كنا نجهل “أعداءنا” وجعلنا نتساءل ماذا يعرف العرب عن اسرائيل؟..بل ماذا يعرف العرب عن العرب أنفسهم!..قد يشكل هذا الحوار فرصة لسماع آخرين يتحدثون بلغة ولهجة تختلف عن لهجتنا ولغتنا..لالتقاط الأنفاس من حروب لم تنقطع يوما ومن تاريخ طويل لرفض الإنصات إلى أية جهة كانت حولنا، فيما عدا ما نعرفه ونجده “مفيدا” و “ناجعا” !.
مقتطفات:
ليس هناك ربيع عربي، ولا يهودي..الطقس الحار.. حار للجميع
سوريا خطأ استعماري والعِلْم قادر على توحيدها وليس السياسة
إذا كنّا نريد الانتصار على الإرهاب، يجب علينا محاربة أسباب الإرهاب وليس الإرهاب نفسه”.
العِلْم قادر على توحيد سوريا وليس السياسة “
لا ينبغي إلغاء الدين، الدين ليس عائقا. لا ينبغي أن نصنع من الدين فأسًا أو سكينًا”.
في نظري، أبو مازن مظلوم، لأنّه ورث وضعا غير سليم
قلتُ لعرفات إذا كانت لديك أكثر من بندقية، فلن يكون لديك شعب واحد. يجب أن يكون هناك شعب واحد وبندقية واحدة
لا يوجد بديل للسلام
علينا تربية الأطفال على العِلْم وليس الحروب
هناك خبراء في شؤون الماضي وليس المستقبل..لقد ولىّ زمن الماضي، دعوه يموت
ما يميّز الإنسان عن الحيوان التخيل وليس التذكر
أنا مؤمن غير متديّن لأن الدين مؤسسة..وأنا لا أحبّ المؤسسات!
كيف تعرف أنك لا تزال شابّا؟ إذا كان عدد أحلامك أكبر من عدد إنجازاتك!
أنا لا أوصي بإقامة منتجعات الراحة!
وادناه نص ما نشره موقع المصدر مرفقة بسيرة بيريز والحوار بالانكليزية معه فضلا عن بعض الإضافات والعناوين للقاء.
شمعون بيريس، في سنّ 91 عاما، وهو في كامل وعيه، يعرض في مقابلة لموقع “المصدر” رؤيته السياسية والشخصية حول شرق أوسط أفضل، وحياة أكثر سعادة.
21 سبتمبر 2015, 09:5041
ذِكر المناصب التي تولاها السياسي المخضرم، شمعون بيريس، طوال عمله في السياسة الإسرائيلية، سيجعل مقدمة هذه المقالة طويلة جدا. نكتفي بالكتابة أنه تولى يوما منصب رئيس الحكومة، ومنصب رئيس الدولة، وحاز على جائزة نوبل للسلام لجهوده من أجل تحقيق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. أما اليوم، فهو في مكان آخر. فبعد أن انتقل من مقر رئيس الدولة في القدس إلى “مركز بيريس للسلام” في يافا، حيث يقضي معظم أوقاته، يشعر بيريس بالملل من الحديث عن أحداث الساعة والأخبار والسياسة، ويفضّل عرض حكمته، طويلة الأمد، على القرّاء، ولا سيما الشباب منهم، دون التقيد بالأسئلة الموجّهة إليه خلال المقابلة.
ففي لقاء خاص معه في “مركز بيريس للسلام”، راح بيريس يتحدث عن الأفكار الكبرى، بعيدا عن عناوين الساعة. لقد كانت المحادثة معه مفتوحة ومريحة، لكن كلّما سألناه عن القضايا “الساخنة”، أسهب في الحديث عن فلسفته المتفائلة. وتماشيا مع رغبة بيريس في أن تكون المقابلة معه مجموعة من الخواطر التي أراد إيصالها إلى أبناء الجيل الجديد في الشرق الأوسط، قرّرنا أن نعرض عليكم أهم ما ورد من هذه الخواطر، التي غطت قضايا ومسائل عدة، بدءا بالشرق الأوسط وانتهاء بالحديث عن العمل والسعادة.
حول الشرق الأوسط: ضحايا العرب أكثر من اليهود بسبب انقسامهم
“الشرق الأوسط يتفكّك بسبب الفقر، الجهل، والإمبريالية التي غادرت وبنتْ بناءً غير سليم. أي ليس وفقا للعشائرية، ولا وفقا للتقاليد، ولا وفقا للأعراق، وإنما وفقا لراحة الإمبراطوريات”.
“إن أمل الشرق الأوسط هو العلم والسلام. تجد الحكومات صعوبة في تحقيق السلام، بسبب المصالح وبسبب الذاكرة وادعاءات لا نهائية. ولكن الشعوب قادرة على تحقيق السلام لأنّه لا حدود للعلم، ولا أعلام للعِلم، ولا حكّام للعِلْم”.
“هناك ضحايا عرب أكثر من اليهود بسبب الانقسام بين العرب. انظروا إلى اللاجئين، انظروا ماذا يحدث في سوريا، ماذا يحدث في ليبيا، وماذا يحدث في اليمن. ليس لذلك أية علاقة بنا نحن (إسرائيل) إطلاقا… السلام مطلوب بين العرب قبل أي شيء”.
حول شباب الشرق الأوسط: يمكن للشباب أن يُحدِث التغييرفالجيل القديم غارق في حروب السنة والشيعة
“60% من 400 مليون إنسان في العالم العربي هم دون سنّ الخامسة والعشرين. ولقد دخل عشرات الملايين منهم إلى عالم العلوم بواسطة الهواتف الذكية. وأنا أقول إنه في اللحظة التي تدخل فيها إلى عالم العلوم، معنى ذلك أنك تخرج من عالم الحروب”.
“لقد بدأ طريق العلم في الشرق الأوسط – غير أن الشباب ليسوا منظّمين بعد. في أحد الأماكن كانوا منظّمين حقّا وقد نجح ذلك فعلا، والحديث يجري عن تونس”.
“أسمعُ الخبراء لدينا (في إسرائيل) في شؤون العرب يتحدّثون عن السنة والشيعة، يبدو أنهم لم يسمعوا عن جيل الشباب في العالم العربي. لم يسمعوا أن لدى هؤلاء الشبان عشرات الملايين من الهواتف”.
“يمكن لجيل الشباب في الشرق الأوسط أن يُحدِث التغيير، لأنّ الجيل القديم غارق في الحروب بين السنة والشيعة”.
“في اللحظة التي يكون لدينا شاب أو فتاة مع هاتف نقال فهو يرى العالم بشكل مختلف، وهو ليس بحاجة إلى أحد”.
“أنتم (الشباب) تقولون إن السياسة ليست شريفة. أنتم أشخاص شرفاء. ادخلوا إلى السياسة واجعلوها شريفة. فمن الذي يعيقكم؟ إذا كنتم تتجنّبون السياسة فأنتم تتركونها قديمة”.
حول التعليم في الشرق الأوسط
“هناك جامعات في الدول العربيّة، ولديها متخرّجون ومتخرّجات، فأين تكمن المشكلة؟ المشكلة أنه ليس لديهم مكان عمل، لأنه لا يوجد تكنولوجيا فائقة (هايتك). ماذا يفعل الشباب في إسرائيل؟ يُنشئ طالبان جامعيان شركة تكنولوجيا فائقة وبعد مدة يصبحان مستقلّان. ثم يحصلان على قرض بمائة ألف دولار ويسدّدانه. يمكن القيام بذلك في الجامعات العربية. يجب علي الطلاب أن يكونوا مبادرين وليس مجرّد طلاب، وأن يصنعوا المستقبل بأنفسهم”.
حول العمل من وراء الكواليس
“هنالك برنامج خاص (برنامج إنقاذ الطفل) بالتعاون مع وزارة الصحة الفلسطينية لمتابعة علاج الأطفال الفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة، والتي استعصى علاجها على وزارة الصحة الفلسطينية لقلة الإمكانيات والمعدات والخبرات، على سبيل المثال مرضى السرطان وزراعة النخاع وعمليات القلب المفتوح، وغيرها من الحالات الصعبة، فقد قمنا بتحويل أكثر من أحد عشر ألف طفل فلسطيني للعلاج في المستشفيات الإسرائيلية المتخصصة، بتمويل من مانحين أوروبيين وخاصة من إيطاليا”.
“كذلك هنالك مشروع لتدريب وتخصصات كوادر أطباء فلسطينيين في مستشفيات إسرائيلية حيث تم، ويتم حتى الآن، تدريب أكثر من 220 طبيبا فلسطينيا”.
حول الشركات العالمية
“أصبحت هناك سلطة للشركات العالمية لا يعلوها أحد، إنها غير خاضعة لأية حكومة وهي أكثر ثراء من الحكومات. ليس لدى هذه الشركات لون وطني”.
“لا تُجري الشركات العالمية انتخابات كل أربع سنوات. إنها تجريها كل صباح، للتصويت فيما إذا كان منتجها جيّدا، أو كانت خدمتها جيّدة. وإذا لم تقم بذلك فلا يشتري أحد منها”.
حول الاستعمار الغربي: أي استعمار؟..لقد مات الاستعمار
“أي استعمار؟ لا يعارض أحد الشركات العالمية، إذا لم تحاول أنت فهي لن تأتي إليك. الشركات العالمية ليست بحاجة إلى أي حسنة. يتم النزاع على مثل هذه الشركات الاقتصادية، لقد مات الاستعمار”.
حول الربيع العربي:ليس هناك ربيع عربي، ولا يهودي..الطقس الحار حار للجميع
“ليس هناك ربيع عربي، فالربيع لا ينتمي لأية قومية. ليس هناك ربيع عربي، ولا ربيع يهودي. عندما يكون الطقس حارّا، يكون حارّا بالنسبة للجميع”.
حول الإرهاب
“إذا كنّا نريد الانتصار على الإرهاب، يجب علينا محاربة أسباب الإرهاب وليس الإرهاب نفسه”.
حول سوريا والأسد:العِلْم قادر على توحيد سوريا وليس السياسة
“سوريا هي خطأ استعماري. لقد أخذوا العلويّين والسنة والشيعة ووضعوا الجميع معًا، وعندما انتهى عهد الإمبراطورية بدأوا بالشجار. لقد تفكّكت سوريا لأنّه قد تمّ تكوينها مسبقًا بشكل غير صحيح”.
“يحزن القلب لكون الرئيس السوري، الأسد، مسؤولا عن مقتل 200 ألف شخص. ولرؤية مليون ونصف مليون لاجئ يركضون”.
“العِلْم قادر على توحيد سوريا وليس السياسة”.
حول المواجهات في الأقصى: الدين ليس عائقا.. لا ينبغي أن نصنع منه فأسًا أو سكينًا
“توصلنا إلى اتفاقات بحسبها نحترم حرية العبادة في الأقصى. فالأقصى بيد المسلمين، وحائط المبكى بيد اليهود… لا ينبغي إلغاء الدين، الدين ليس عائقا. لا ينبغي أن نصنع من الدين فأسًا أو سكينًا”.
حول أبو مازن وعرفات
“في نظري، أبو مازن مظلوم، لأنّه ورث وضعا غير سليم. لقد تفاوضتُ مع عرفات حينذاك، ساعات طويلة، وقلتُ له أنه إذا كانت لديك أكثر من بندقية، فلن يكون لديك شعب واحد. يجب أن يكون هناك شعب واحد وبندقية واحدة، ومع شديد الأسف هو لم يقدر على توحيد الجميع، لذلك الشعب الفلسطيني منقسم، ولديك اليوم من جهة السلطة الفلسطينية، ومن جهة أخرى حماس”.
“أنا أدعم أن يكون الفلسطينيون موحّدين وليس منقسمين. كما وأؤيد أن تكون الضفة الغربية وغزة موحّدتين، لأن الانقسام يؤدي إلى استخدام السكاكين”.
حول دولتَين لشعبَين: يجب أن تكون هناك دولة فلسطينية
“ينبغي فعلا إقامة دولتَين لشعبَين، ولقد اتفقت جميع الأطراف على ذلك، لماذا لا يُطبق هذا الاقتراح؟ ليس هناك بديل. البديل هو الدولة الواحدة، دولة الصراع الدائم. سنتقاتل كل يوم، ونطعن بعضنا البعض بالسكاكين”.
“يجب أن تكون هناك دولة فلسطينية كما وعدنا. لقد اتفقنا فعلا في إحدى المرات على حل الدولتين. يجب تنفيذ ذلك”.
“العالم العربي جاهز للانفتاح، ولكن يجب حلّ المشكلة الفلسطينية، لكونها مشكلة مثيرة للعاطفة. إنها تلامس قلوب كل العالم العربي، لذلك يجب حلّها. حتى من أجلنا (إسرائيل)، وليس فقط من أجل العالم العربي”.
حول السلام: لا يوجد بديل للسلام
“أؤمن إيمانا تاما أن السلام سيحلّ، لأنّه لا بديل له. البديل للسلام هو القتل، واللاجئون، والكراهية، وأن نتقوقع”.
حول أهمية العِلْم: علينا تربية الأطفال على العِلْم وليس الحروب
“الاتجاه التاريخي يذهب نحو العِلْم بدلا من الأرض. بدلا من الذهاب للقتال على الأرض، علينا أن تربي الأطفال على العِلْم دون أن نخوض الحروب”.
“لا يوجد عِلْم إسرائيلي ولا يوجد عِلْم عربي، ولا يوجد عِلْم أمريكي. هناك عِلْم للجميع”.
حول الماضي والمستقبل: هناك خبراء في شؤون الماضي وليس المستقبل..لقد ولىّ زمن الماضي
“جميع الخبراء هم خبراء في شؤون الماضي. ليس هناك خبير في شؤون المستقبل. ينظر معظم الناس إلى الماضي بدلا من النظر إلى المستقبل، لقد ولىّ زمن الماضي. دعه يموت، أي وفق المثل العربي “اللي فات مات”. لذلك ينبغي إحداث تحوّل”.
“لا أتحدث عن الماضي الروحي. هناك حكمة وروح كلّما تقدّمنا في السنّ. أنا أتحدث عن الأحداث الجارية”.
عن أهمية الخيال: ما يميّز الإنسان عن الحيوان التخيل وليس التذكر
“يحرص الناس على تذكّر الأمور دائما، ويخافون من التخيّل كثيرا. ما يميّز الإنسان عن الحيوان هو أمر واحد، ألا وهو أنه قادر على التخيّل. فالحيوان يستطيع أن يتذكّر، وأن يبكي، ويمكنه أن يركض مثل الإنسان. ولكن هناك أمر واحد لا يمكنه القيام به، وهو التخيّل والحلم”.
حول الإيمان الشخصي: أنا مؤمن غير متديّن لأن الدين مؤسسة..وأنا لا أحبّ المؤسسات!
“أنا شخص مؤمن، ولكني لست متديّنا. في نظري الدين عبارة عن مؤسسة. لا أحبّ المؤسسة، أكانت دينية أو حكومية. أؤمن أن هناك إله، وأن كل إنسان خُلق على صورة الله. أؤمن أن الله قال لنا: وأحبّ لجارك كما تحبّ لنفسك”.
“من يفسّر الدين باعتباره يعطي الإذن بالقتل، يشوهه. وكذلك، من يفسّر الدين على أنه تمييز ضدّ النساء يضر به. لم ترد في القرآن أية دعوة للتمييز ضدّ النساء”.
كيف تعرف أنك لا تزال شابّا؟ إذا كان عدد أحلامك أكبر من عدد إنجازاتك!
“لدي امتحان بسيط لفحص ذلك – قم بعدّ إنجازاتك في الحياة، وبعد ذلك قم بعدّ أحلامك. إذا كان عدد أحلامك أكبر من عدد الإنجازات، فأنت لا زلتَ شابّا”.
حول الحياة السعيدة: أنا لا أوصي بإقامة منتجعات الراحة!
“يستطيع كل إنسان أن يكون صغيرا مثل “الأنا” الخاص به. “الأنا” هو الشيء الأصغر في العالم. وكل إنسان يمكنه أن يكون كبيرا بحجم عمله الذي يخدم به”.
“أنا لا أعرف ما هو معنى الراحة. أفضل أن أكرس وقتا للعمل أكثر من الراحة. أنا أعمل، وأقرأ، وأتحدث مع كثير من الناس. أسوأ الأشياء في الحياة هو الملل، فالعمل هو الراحة بالنسبة لي، وهو يجعلك حيويا. أنا لا أوصي بإقامة منتجعات الراحة“.
“أوصي بالحرص على أن يكون المرء أكثر اهتماما، وأكثر إثارة للاهتمام، وأن ينظر إلى المستقبل”.
سيرة بيريز وفقا للمصادر الإسرائيلية
وُلد شمعون بيرس وهو موظّف في الخدمة المدنية، عضو في البرلمان الإسرائيلي ورئيس الوزراء الثامن لدولة إسرائيل في بيلوروس في 1923 وهاجر إلى فلسطين مع عائلته عندما كان يبلغ من العمر أحد عشر عامًا. ونشأ بيرس في تل أبيب وتعلّم في المدرسة الثانوية الزراعية في بن شِيمن. وقضى بيرس بضع سنوات في كيبوتس غِيفَاع وكيبوتس ألُوموت، والذي كان من بين مؤسّسيه، وفي 1943 انتُخب سكرتيرًا لحركة الشبيبة التابعة لتيار الصهيونية العُمّالية.
كانت لشمعون بيرس علاقة وثيقة بتطوير القدرات الدفاعية. وفي أواخر الأربعينات انضم إلى الهغانا وتولّى المسؤولية عن الطاقة البشرية والأسلحة. وخلال حرب الاستقلال وبعدها كان بيرس قائدًا للقوات البحرية ، ثم انضم الى وفد وزارة الدفاع إلى الولايات المتحدة. في 1952 انضمّ بيرس إلى وزارة الدفاع حيث عُيّن بعد ذلك بعام عندما كان يبلغ من العمر 29 عامًا فقط مديرًا عامًا وتولّّى مهام هذا المنصب حتى 1959.
في 1959 انتُخب بيرس عضوًا في الكنيست وظلّ عضوًا فيها منذ ذلك الحين. ومن بين إنجازاته: إقامة الصناعات العسكرية الجوية ودفع العلاقات الإستراتيجية مع فرنسا والتي وصفت ب”صداقة مميّزة” وبلغت ذروتها في تعاون إستراتيجي خلال حملة سيناء في 1956. وكان بيرس مخطّطًا لهذه العملية كما كان مسؤولا عن البرنامج النووي الإسرائيلي.
اكتسب شمعون بيرس شهرته كشخصية سياسية في الحلبة السياسية الداخلية أيضًا. ففي 1965 اعتزل صفوف حزب مباي الحاكم إلى جانب بن غوريون وأصبح سكرتيرًا عامًا لحزب رافي؛ وبعد ذلك بثلاث سنوات كان من بين الشخصيات التي دفعت إلى إعادة توحيد الفصائل العمّالية. في 1969 عُيّن بيرس وزيرًا للاستيعاب، وفي الفترة ما بين 1970 و 1974 أشغل منصب وزير المواصلات والاتصالات، كما كان وزيرًا للاعلام خلال 1974. وعقب حرب يوم الغفران (1973) وخلال ثلاث سنوات، كان بيرس يلعب دورًا مركزيًا في مجال أمن إسرائيل عندما كان وزيرًا للدفاع. وقام بإعادة إحياء جيش الدفاع وتعزيز قوته ولعب دورًا هامًا في مفاوضات فك الارتباط والتي تمخضت عن الاتفاقية الانتقالية مع مصر في 1975. وكان من مخطّطي عملية عَنِْتيبي لإنقاذ الرهائن الإسرائيليين الذين كانوا على متن طائرة إير فرانس التي اختطفها مخرّبون إلى أوغندا. كما كان يقف وراء فكرة “الجدار الطيّب”، التي كانت تسعى إلى تشجيع علاقات حسن الجوار مع مواطني جنوب لبنان.
كان بيرس قائمًا بأعمال رئيس الوزراء لفترة وجيزة بعد استقالة رئيس الوزراء رابين في 1977.
في أعقاب هزيمة حزب العمل في الانتخابات العامة في 1977 بعد بقاء هذا الحزب في دست الحكم خلال ثلاثين عامًا، انتُخب شمعون بيرس رئيسًا للحزب وتولّّى هذا المنصب حتى 1992. كما انتُخب بيرس خلال هذه الفترة نائبًا لرئيس الاشتراكية الدولية.
أشغل شمعون بيرس منصب رئيس الوزراء خلال فترتين غير متتاليتين. كانت أولاهما من 1984 وحتى 1986 في حكومة الوحدة الوطنية والتي تم تشكيلها على أساس التناوب بين بيرس و بين زعيم الليكود يتسحاق شامير. ومن 1986 وحتى 1988، كان بيرس نائبًا لرئيس الوزراء ووزيرًا للخارجية واعتبارًا من تشرين الثاني نوفمبر 1988 وحتى حلّ حكومة الوحدة الوطنية في 1990 كان نائبًا لرئيس الوزراء ووزيرًا للمالية. وكرّس بيرس جلّ وقته للاقتصاد المتردّي وللأوضاع المعقَّدة نتيجة الحرب في لبنان في 1982. وتمكّن بيرس من حشد تأييد الهستدروت لاتخاذ اجراءات صارمة كانت حيوية لكبح جماح التضخم المالي وخفض نسبته السنوية من 400% إلى 16%. كما كان بيرس نشيطًا في سحب القوات الإسرائيلية من لبنان وإقامة المنطقة الأمنية الضيّقة في جنوب لبنان.
بعد عودة حزب العمل لتولّي الحكم في أعقاب الانتخابات في 1992، عُيّن بيرس مجددًا وزيرًا للخارجية. وبادر إلى الشروع في المفاوضات التي تمخضت عن توقيع إعلان المبادئ مع منظمة التحرير الفلسطينية في أيلول سبتمبر 1993 وكان بيرس يدير دفّة هذه المفاوضات عن الجانب الإسرائيلي. وفي أعقاب هذه المفاوضات فاز بيرس بجائزة نوبيل للسلام إلى جانبيتسحاق رابين وعرفات. وأدت المفاوضات التي جرت لاحقًا مع الفلسطينيين إلى انسحاب إسرائيلي من غزة وأجزاء من يهودا والسامرة وإقامة حكم ذاتي فلسطيني محدود بناء على الاتفاقية الانتقالية. وفي تشرين الأول أكتوبر 1994 تم توقيع معاهدة السلام مع الأردن. وكان بيرس يسعى لاحقًا إلى دفع العلاقات مع دول عربية أخرى في شمال إفريقيا والخليج في إطار رؤيته حول”الشرق الأوسط الجديد”.
تولّى بيرس رئاسة الوزراء ثانية غداة اغتيال يتسحاق رابين في 4 من تشرين الثاني نوفمبر 1995. وانتخب حزب العمل بيرس خلفًا لرابين وصادقت الكنيست على ذلك من خلال التصويت لإبداء الثقة بتأييد أعضاء الكنيست من الائتلاف الحكومي والمعارضة على حد سواء. وأشغل بيرس منصب رئيس الوزراء خلال سبعة أشهر، حتى الانتخابات العامة التي جرت في أيار مايو 1996. وخلال فترة التجربة هذه كان بيرس يعمل على الحفاظ على الزخم في عملية السلام، رغم موجة الاعتداءات الإرهابية التي ارتكبها مخربون منتحرون فلسطينيون ضد مدنيين إسرائيليين.
واصل شمعون بيرس أداء منصب رئيس حزب العمل لمدّة عام بعد هزيمة الحزب في الانتخابات. وفي حزيران يونيو 1997 انتُخب رئيس الأركان سابقًا وعضو الكنيست عن حزب العمل إهود براك رئيسًا لحزب العمل.
في تشرين الأول أكتوبر 1997 أسّس شمعون بيرس مركز بيرس للسلام بهدف دفع مشاريع عربية إسرائيلية مشتركة.
أشغل بيرس منصب وزير التعاون الإقليمي من تموز يوليو 1999 وحتى آذار مارس 2001، حيث عُيّن وزيرُا للخارجية ونائبًا لرئيس الوزراء في حكومة الوحدة الوطنية برئاسة أريئل شارون. وتولّى هذا المنصب حتى تشرين الأول أكتوبر 2002 حيث استقال مع باقي وزراء حزب العمل.
في كانون الثاني يناير 2005 عُيّن بيرس في منصب النائب الأول لرئيس الوزراء.
قبل الانتخابات للكنيست ال-17 ترك شمعون بيرس حزب العمل لينضم إلى حزب كاديما الذي أسسه شارون. في شهر مايو 2006 عين شمعون بيرس في منصب نائب رئيس الوزراء والوزير المسؤول عن تطوير منطقتي النقب والجليل.
وفي 13.6.2007 انتخبت الكنيست شمعون بيرس في منصب الرئيس التاسع لدولة إسرائيل وتولى الرئاسة فعلًا يوم 15.7.2007.