أزاميل/ وكالات: بعد مرور ما يقارب الـ 5 سنوات من إصرار المملكة السعودية على رحيل بشار أولاً، كضرورة لحل الأزمة السورية، ووقف “معاناة الشعب السوري المستمرة” بسبب بقاء بشار، ورفضها أي حلول دون ذلك بدأ الموقف الغربي يتغير من “التضامن” مع هذا الإصرار على مضض إلى الإعلان عن خروجها على “النص”، خاصة وأنها بدأت تدفع ثمن موقفها هذا مع اللاجئين السوريين الذين “غزوا” أوروبا هاربين من حمى المعارك التي تصب لصالح هدف السعودية السياسي الكبير بإسقاط الأسد.
فبعد ان “قبضت” هذه البلدان الثمن ببيع صفقات ضخمة من الأسلحة والأعتدة، بدأت تشعر بانها باتت تتحمل وحدها نتائج تضامنها هذا مع اللاجئين الذين لم يختاروا التوجه إلى الدول الخليجية التي دعمتهم بالمال والسلاح من جهة واغلقت ابوابها بوجوههم من جهة اخرى.
وهي حجج ستدفع عاجلا أم آجلا السعودية ودول الخليج لإعادة النظر بتعنتها في هذا الموضوع خاصة وأن “الثعلب” بوتين استغل الفرصة وضاعف دعمه العسكري للأسد، وبشكل يكاد يكون علنيا.
وفي التقرير الخبري أدناه “والمرفق بموقف ألمانيا من الأزمة السورية والقمة الأوروبية” الذي نشرته شؤون خليجية وكتبته ريهام سالم نقرأ موجزا لآخر التطورات السياسية حول بشار الأسد، وهو تقرير يحمل انحيازا واضحا للجانب الخليجي-العربي- السني من الصراع الدائر في المنطقة على مناطق النفوذ.
خففت الدول الغربية، خاصة “فرنسا وبريطانيا وأمريكا”، مواقفها بشأن الأزمة في سوريا، من التمسك بشرط رحيل بشار الأسد إلى التفاوض حول رحيله في مرحلة لاحقة، مبررين ذلك بزيادة خطر تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” على بلادهم، وذلك في الوقت الذي يحظى النظام السوري بدعم “روسي – إيراني” على كافة الأًصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية، ومحاولة العمل على إبقائه بشتى الطرق لأنه الحليف الأهم لهما في المنطقة.
ويأتي الموقف الغربي في مواجهة موقف المملكة السعودية المصرة على رحيل بشار أولاً، كضرورة لحل الأزمة السورية، ووقف معاناة الشعب السوري المستمرة منذ ما يقارب الـ 5 سنوات، وترفض أي حلول دون ذلك. وهو ما أكدته في أكثر من مناسبة على لسان وزير خارجيتها عادل الجبير، بالتأكيد على أنه “لا مساومة على بقاء الأسد”، مشددًا على عدم القبول به كجزء من حل الأزمة.
فرنسا لا تشرط رحيل الأسد للمحادثات
صرح وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، اليوم الثلاثاء، بأن بلاده لن تطالب برحيل رئيس النظام السوري بشار الأسد كشرط مسبق لمحادثات السلام، وسبقتها تصريحات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في 19 سبتمبر الحالي، والتي شدد فيها على ضرورة تنحي الأسد عن السلطة، إلا أن ذلك لا يعني أن عليه الرحيل فورًا، وسبقهما تصريح وزير الخارجية البريطاني في 21 يوليو الماضي، بأن بلاده لا ترغب بسقوط نظام بشار الأسد.
وقال وزير الخارجية الفرنسي في مقابلة أجراها اليوم مع عدة صحف أوروبية: “إذا اشترطنا حتى قبل أن تبدأ المفاوضات أن يتنحى الأسد فلن نحقق الكثير”، فيما يعدّ تخفيفًا في موقف فرنسا تجاه الأسد الذي قتل أكثر من 200 ألف شخص، ليقمع الانتفاضة الشعبية التي طالبت بتنحيته.
وأضاف فابيوس في المقابلة أيضًا، أن فرنسا تعتقد أن الحل الدبلوماسي سيتطلب إنشاء حكومة وحدة وطنية تضم عناصر من حكومة الأسد، “لتجنب تكرار الانهيار الذي حدث في العراق”، بحسب قوله.
وفي معرض تعليقه على المقترح الروسي القاضي بتشكيل تحالف دولي واسع يشارك فيه نظام الأسد ضد تنظيم الدولة، قال فابيوس: “إن موسكو قالت إنها تريد تحالف حسن نوايا، لم لا؟ ولكن كيف يمكن للنوايا الحسنة أن تضم بشار الأسد؟”، مشددًا على أن باريس تعتبر أن الأسد هو المسؤول الأول عن الفوضى الراهنة في بلاده، وأن اعتباره مفتاح الحل هو مجرد وهم”.
بريطانيا لا ترغب بإسقاط الأسد وأميركا تخفف لهجتها ضده
وأمام البرلمان البريطاني، تطرق وزير الخارجية “هاموند” إلى أهمية التغلب على تنظيم داعش في سوريا والعراق، موضحًا أن بلاده تريد تغييرًا سياسيًا في النظام السوري، من خلال حكومة شرعية تحظى بدعم كل المجموعات المعتدلة، للسلطة في البلاد وتقوم بمحاربة “داعش”، وشدد على ضرورة عدم تكرار الأخطاء في سوريا والعراق.
وأضاف: “لن نحصل على النتائج المرجوة إذا انهارت مؤسسات نظام الأسد، فالنتيجة المطلوبة هي حصول تغيير سياسي في النظام، والحفاظ على البنية التحتية الأساسية للدولة، وتشكيل شرعية سياسية من قبل مجموعات معتدلة”، وتابع: “نريد أن تكون في سوريا مرحلة انتقالية سياسية ديمقراطية، ونرجح تلك المرحلة أكثر من سقوط نظام الأسد”.
أمريكا تخفف خطابها تجاه الأسد
ورغم تأكيد أمريكا على أن الأسد ارتكب جرائم حرب، وحديثها الدائم عن رؤيتها بأن لا مستقبل للأسد في سوريا، إلا أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري خفف من حدة خطابه تجاه الأسد، قائلًا: إن رحيله ليس بالضرورة أن يكون فوريًا، وأنه بإمكان روسيا وإيران إقناع الأسد بالجلوس على مائدة التفاوض.
وأضاف: “أعتقد أنه من الضروري للغاية أن نتحرك بسرعة جدًا، لأن (الأزمة السورية) كارثة إنسانية، وتحديًا أخلاقيًا للجميع فيما يتعلق بكيفية التعامل مع الناس، ولكنك لا تستطيع التعامل مع هذا الأمر فقط من خلال قبول اللاجئين عندك، يجب أن تعالج الأمر من جذوره”.
(داعش) وراء تغيير الموقف الغربي
ووسط وجهات النظر الغربية المتقاربة تجاه الأسد، تحججت الدول الثلاث الكبرى “أعضاء دائمين بمجلس الأمن” على أن ترجيحهم الإبقاء على الأسد ولو مؤقتًا، هو من دافع القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، وذلك في الوقت الذي تزيد روسيا دعمها للأسد بتعزيز حشدها العسكري هناك لمواجهة داعش.
وقال وزير الخارجية الفرنسي في ورده على سؤال عن الطلعات الاستطلاعية التي باشرت مقاتلات فرنسية القيام بها في الأجواء السورية، تمهيدًا لشن غارات محتملة على تنظيم الدولة، بعدما كانت باريس ترفض المشاركة في شن هذه الغارات، خشية أن تصب في خانة تعزيز قوات الأسد، أكد فابيوس أن الموقف الفرنسي المستجد نابع من مبدأ “الدفاع المشروع عن النفس”.
وأضاف: “لقد وردتنا معلومات دقيقة مفادها أن عناصر من داعش في سوريا يحضرون لشن اعتداءات ضد فرنسا ودول أخرى”، دون مزيد من الإيضاحات.
وأضاف: “إزاء هذا التهديد قررنا القيام بطلعات استطلاعية لكي يكون بإمكاننا أن نشن غارات إذا ما تطلب الأمر ذلك، هذا دفاع مشروع عن النفس، ليس هناك أي تناقض، لقد كيفنا موقفنا في مواجهة تهديد ثابت ومتعاظم”.
ووسعت فرنسا في الثامن من سبتمبر، عملياتها الجوية التي كانت تنفذها في العراق ضد تنظيم الدولة، بحيث باتت تشمل سوريا، وذلك انطلاقًا من قاعدة الظفرة الجوية في الإمارات.
غير أن العمليات في سوريا تقتصر إلى الآن على طلعات استطلاعية تهدف إلى تحديد مواقع تنظيم الدولة، التي يمكن أن تستخدم قاعدة خلفية لأعمال إرهابية في أوروبا.
فيما يرى وزير خارجية أمريكا أن هزيمة “داعش” تمثل أيضًا عنصرًا أساسيا في التعامل مع أزمة اللاجئين المستمرة، قائلًا: “لا بد من تدميرها، وإيقافها تمامًا، من الواضح أنها اللاعب الأكثر أهمية في أزمة المهاجرين الضخمة التي تجتاح أوروبا. أعتقد بالطبع أن الأسد جزء أساسي من ذلك، لأنه مغناطيس يجذب الكثير من الناس لقتاله في المنطقة”.
كما اعتبر وزير خارجية بريطانيا الغارات الجوية التي تنفذها بلاده ضد مواقع داعش، غير كافية بمفردها للقضاء على التنظيم، مضيفًا: “إن تلك الضربات أضعفت القدرة العسكرية للتنظيم”.