الوطن السعودية “تفجر قنبلة”: هذا ما جرى بالضبط في منى وسبب التدافع هنا يكمن
وقالت الصحيفة السعودية في تقرير نشرته تحت عنوان “الخبرة تخذل الماليزية أمام قطار المشاعر”، لم تنجح الشركة الماليزية المشغل الجديد لقطار المشاعر في أول اختبار يوم عرفات، ليتعطل القطار عند السابعة صباحا وبعد ساعة من تشغيله، وأعقب ذلك تعطلات عدة في مساء ذلك اليوم، في نقل الحجاج من منى وإلى مزدلفة، ثم في ساعات الصباح الأولى من اليوم العاشر “يوم النحر” من مزدلفة إلى منى، وهو ما تسبب في تذمر عدد كبير من الحجاج وتدافعهم إلى جسر الجمرات.
واضافت الصحيفة: تلخصت أسباب التعطل يوم عرفات علاوة على ضعف خبرة الشركة المشغلة، في دخول الحجاج غير النظاميين وطول الانتظار في المحطات، ومحاولة فتح البوابات بقوة.
وفي البحث عن الأسباب، اختلفت المصادر في كشف أسباب ذلك التعطل، فهناك من أرجع التعطل إلى توافد عدد كبير من حجاج بيت الله الحرام إلى المحطات، ومحاولة بعضهم فتح أبواب القطار بالقوة، ما أدى إلى توقف القطار تلقائيا، وانتقاد خبرة الشركة الماليزية التي استلمت تشغيل القطار للموسم الأول، وقبل مدة قصيرة من بدء موسم الحج، بعد الشركة الصينية التي كانت تتولى تشغيله.
فيما كشف كاميرات المنصة في المحطة بحسب وزارة الشؤون البلدية والقروية أن سبب التعطل يعود إلى تدافع عدد من الحجاج عند أبواب العربة ومحاولة مجموعات كبيرة منهم الدخول من نفس الباب ومنع إغلاقه وفتحه بالقوة، ما أدى إلى توقف النظام الآلي لإغلاق الأبواب.
أما يوم أمس، وهو أول أيام التشريق، فلم تكن هناك أعطال تذكر في نقل الحجاج من مشعر منى وإلى منشأة الجمرات، ومضى الأمر بكل سهولة بعد أن تدخلت الجهات المعنية، وأسهمت في تنظيم عمليات الدخول والخروج من محطات القطار، ومنع من لا يحملون أساور ركوب القطارات من الوصول إلى المحطات أو دخولها، وكذلك أسهم التشديد ومتابعة عمليات تشغيل القطار في مضي يوم أمس بسلام على رحلات القطار من وإلى جسر الجمرات.
صحيفة الوطن نقلت عن مصادر عاملة في قطار المشاعر، رفضت الكشف عن اسمها، قولها أن أسباب التعطل تعود إلى أن الشركة لم تستلم تشغيل القطار إلا قبل نحو ثلاثة أشهر فقط من موسم حج هذا العام، وأسهم هذا الأمر بالتالي في عدم إلمام الشركة بالتفاصيل التشغيلية الكاملة لموسم الحج، وأسهم كذلك عدم التنسيق بين الشركة السابقة والشركة الحالية وغياب تقارير السنوات الماضية في نقص الخبرة التشغيلية أيضا، وكشف أوجه القصور في عمل القطار لتلافيها في موسم حج هذا العام، فيما بينت الشركة أن هناك مشكلة في عملية تشغيل القطار، إذ يؤدي تعطل أحد القطارات إلى تعطل البقية تلقائيا، ما يسهم في تكدس الحجاج وسطها وتذمرهم، ويؤدي إلى التدافع.
إلى ذلك. أوضح مدير مشروع القطار الدكتور حبيب زين العابدين لـ”الوطن”، أن الشركة الماليزية المشغلة للمطار لها تجاربها السابقة في تشغيل القطارات، لذا تم الاستعانة بها هذا العام عبر عقد يمتد ثلاثة أعوام.
بدوره، كشف أحد المشغلين لقطار المشاعر أن عدد العاملين في محطة القطار بشكل مستمر يصل أعدادهم إلى 500 موظف، في حين يصل عدد الموسمين إلي 5000 موظف، وأن عدد السائقين في القطار 42 سائقا ولكل قطار سائقان، مشيرا إلى أن الشركة السابقة كانت تقوم بعمل تدريبي قبل موسم الحج بثلاثة أشهر وعلى مدار الـ24ساعة، في حين هذه الشركة بدأت قبل الحج بشهر ونصف الشهر، وتحديدا في 25/ 10 /1436.
وأكد أن السبب الرئيس لتعطل القطار، أن هناك بابا للقطار وبابا خارجيا للمحطة ذاتها، وعدم وقوف السائقين بشكل مناسب يجعل الأبواب الداخلية تفتح دون فتح الأبواب الخارجية للمحطة ذاتها، وهو الأمر الذي أدى إلى تعطل حركة القطار.
خبير ألماني: هذا ما جرى بالضبط في مشعر “منى” وبالتفاصيل..
حلل الخبير الألماني المتخصص في كوارث الجماهير وإدارة الحشود “ديرك هيلبينغ” حادثة التدافع في مشعر منى والتي أدت إلى وفاة أكثر من 750 حاجا وإصابة المئات قائلاً ” إن أي خلل بسيط في حركة الحجاج قد يؤدي إلى وقوع حوادث كارثية، فمثلاً سير بعض المجموعات عكس الاتجاه أو تقاطع عدة مجموعات مع بعضها البعض في مكان واحد قد يؤدي إلى اختناقات وتدافعات مميتة”.
وأضاف هيلبينغ في مقابلة أجرته معه مجلة ” دير شبيجل “الألمانية إن السلطات السعودية أخذت ذلك في الإعتبار وطبقت قبل عدة سنوات نظام الاتجاه الواحد لمنع حدوث التقاطع أو السير عكس الاتجاه لكن يبدو أنه لم يتم الإلتزام بهذا النظام.
وأضاف أنه لا يمكن إطلاقاً السيطرة بشكل كامل على رحلة الحج وذلك لوجود عدة عوامل لا يمكن التنبؤ بها كما أن نصف الحجاج تقريباً غير مسجلين، بالإضافة إلي أن الحجاج لا يلتزمون بالمبيت داخل الخيام مما يؤدي لوجود أعداد أكبر من المتوقع.
كذلك هناك الكثير من المشكلات يمكن أن تحدث نتيجة لانتماء الحجاج لأكثر من 100 دولة ويتحدثون أيضا أكثر من 150 لغة وبعضهم لم يستخدم مصعداً أو سلماً كهربائياً من قبل.
كما أن هناك الكثير من الفروق الحضارية بين الحجاج، وبعضهم يفضل عدم الإنفصال عن المجموعة التابع لها، بينما يفضل آخرون السير ناحية اليمين والبعض الآخر يفضل السير ناحية اليسار. وتحتاج عملية تنظيم هذه المجموعات أن يكون الحجاج مسجلين لدي السلطات لعمل مخطط لتنظيمهم.
حادث تدافع منى من وجهة نظر الخبير الألماني وقع عندما كان على ملايين الحجاج رجم إبليس في يوم واحد، مايؤدي لاختناقات وتدافعات.
ورغم أن السلطات السعودية قامت بعمل مخططات وجداول تحدد من خلالها مواعيد رمي كل مجموعة للجمرات علي أن يكون مشرف المجموعة مسئولاً عن الإنضباط في توقيت الرمي، فإن أحدا لم يلتزم بهذه التوقيتات.
التدافع المميت يقع عند حدوث أي إعاقة لحركة سير الحجاج ويفقد تدفق الحجاج سيولته حيث تبدأ المسافات بين الحجاج في التقلص حتي تتراوح الكثافة ما بين خمسة إلي عشرة أشخاص في المتر المربع الواحد بينما الطبيعي هو شخصان لكل متر مربع واحد.
ومع هذا الاحتكاك الرهيب للأجساد يسقط البعض ويتم دهسهم، فمن يسقط لا يقوي علي النهوض مرة أخري، وبالتالي تحدث الكارثة ويسقط الضحايا لأن أجسام الحجاج تبدأ في السقوط بشكل أوتوماتيكي نتيجة الدفع ويتحول الأمر إلى ما يشبه سقوط قطع الدومينو، وفي هذه الأثناء لا يحصل الحجاج المدهوسون علي الهواء اللازم فتحدث الوفيات.
وألقى الخبير الألماني بالضوء على التغييرات التي أجرتها المملكة فى جسر الجمرات، حيث صار الآن مكوناً من 5 طوابق وزادت مساحة المرمي، وكذلك القدرة الاستيعابية وتم تحديد ممرات ذات إتجاه واحد لمنع تعطيل سيولة تدفق الحجيج.
كذلك تم بناء برج مراقبة، وإنشاء نظام مراقبة بالفيديو ، واستحداث نظام إنذار آلي لإحصاء أعداد الحجاج وإصدار تحذير حال تجاوز الأعداد للكثافة المسموح بها. كما تم تدريب العاملين في تنظيم الحج علي عمليات الطوارئ والإنقاذ السريع ومواجهة المواقف الصعبة.
وعن إلإتهامات المتبادلة على مواقع التواصل الإجتماعى التى تشير إلى أن الحادث مدبر، أوضح الخبير الألماني المتخصص في كوارث الجماهير وإدارة الحشود، والذي عمل لآخر مرة بالسعودية قبل 8 سنوات، أن السلطات السعودية فعلت كل ما بوسعها لتأمين سلامة الحجاج.
لكنه عاد وأكد أن الثقة المفرطة في عدم حدوث كارثة، في ظل عدم حدوث مشكلات لعدة أعوام مضت تعد أمراً خطيراً، لأنها تؤدى إلي عدم التفكير الجدي فى الإستعداد الأمثل لحالات الطوارىء.
وأشار الخبير الألماني إلى عدم إمكانية تقليص أو تحديد عدد الحجاج في العام القادم، فبعد حادثة 2006 لم يقل عدد الزوار عن العام السابق بالرغم من أن جسر الجمرات كان وقتها من طابقين فقط.
المصدر وطن دبور